عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ ، وَيُلْقَى الشُّحُّ ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَيُّمَ هُوَ ؟ قَالَ : الْقَتْلُ الْقَتْلُ . رواه البخاري (1036 ، 7121) .
واختلف أهل العلم في معنى " تقارب الزمان " في الحديث على أقوال :
1 - أن المراد قرب يوم القيامة ، وحكاه القرطبي في التذكرة ( ص 645 ) ، والنووي في المنهاج (16/221) . وضعف هذا القول الكرماني فقال : " هذا كلام مهمل لا طائل تحته " .
قال الحافظ ابن حجر في الرد على الكرماني في الفتح (13/16) : ليس كما قال ، بل معناه قرب الزمان العام من الزمان الخاص وهو يوم القيامة , وعند قربه يقع ما ذكر من الأمور المنكرة .ا.هـ.
2 - أن المراد تقارب أحوال الناس في الشر والفساد والجهل ، وهو اختيار الطحاوي ، ذكره القرطبي والحافظ ابن حجر ، وجنح الحافظ أنه لا يناسب ما ذُكر معه من الحديث .
3 - أن المراد استلذاذ العيش عند خروج المهدي ، ذكره الخطابي في غريب الحديث (1/94) .
4 - أن الحديث محمول على ظاهره ويقع ذلك عند طلوع الشمس من مغربها ، ذكره مرعي بن يوسف نقلا عن أهل الحديث .
5 - أن المراد ما هو حاصل من تقارب ، وقطع المسافات البعيدة في الزمن القصير برا وبحرا وجوا . وهو قول محمد رشيد رضا في تفسير المنار (9/485) ، ووصفه بأنه أظهر من كل ما قالوه ، وأليق بكونه إخبارا عن غيب لا مجال فيه للرأي ، ووهم الأقوال الأخرى .
وذهب إليه الشيخ حمود التويجري - رحمه الله - في " إتحاف الجماعة " (1/497 - 498) .
والقطع من الشيخ محمد رشيد رضا أن رأيه هو الرأي الصحيح فيه نظر .
ولا مانع من أن يكون مراد النبي جميع الأقوال السابقة . والله أعلم .
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان