اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين
القول الأول : -
أن أَكْلُ لُحُومِ الْإِبِلِ نِيئَةً وَمَطْبُوخَةً أَوْ مَشْوِيَّةً عَمْدًا وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهُ لَحْمُ جَمَلٍ أَوْ نَاقَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ . [1]
من قال بذلك
وَبِهَذَا قال الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [2]، وهو قول ابن حزم أيضا [3]، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ ، وهو قوله القديم . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : ذَهَبَ إلَى هَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ [4].
وَقَدْ أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى تَرْجِيحِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَالذَّبِّ عَنْهُ , وكذلك رجحه النووي في المجموع [5].
وَاخْتَارَهُ مِنْ الشافعية أيضا غير الخطابي والبيهقي ، والنووي ، أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ [6].
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ – يعني الشافعي - : إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ قُلْت بِهِ .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : قَدْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ : حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ . قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ [7].
قلت : وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام النووي في الفتح وسكت عنه كالمقر له ، وكذلك في التلخيص كما سيأتي .
وهو ما رجحه ابن تيمية ، وابن القيم ، الشوكاني ، والصنعاني ، رحمة الله على الجميع .
دليلهم
*الدليل الأول :
ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ قَالَ أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ قَالَ أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ قال لا ] [8].
القول الثاني :-
أن الوضوء لا ينتقض بأكل لحم الإبل ولا غيره . [11]
من قال بذلك
َهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى [12]، وبه قال الإمام مَالِكٌ [13]، وَالشَّافِعِيُّ في الْجَدِيدُ الْمَشْهُورُ وهو الصحيح عنه [14].
دليلهم
*الدليل الأول :
ما رواه أبو داود والنسائي واللفظ له عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله , قَالَ : [ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ ] [15] "فَإِذَا كَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ هُوَ الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ , وَفِي ذَلِكَ لُحُومُ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا , كَانَ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ " [16] ، فيكون منسوخا كما نُسخ ، أو يكون الأمر به للاستحباب ، أو يكون المراد بالوضوء غسل اليد [17].
قال ابن القيم ، بعد نقله لكلام شيخه :-
فَالْقِيَاسُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ مِنْ أَبْطَلْ الْقِيَاسِ وَأَفْسَدِهِ [35]. ثم قال نحو ما قال ابن تيمية .