منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com/)
-   أعلام وعلماء وقادة (http://forum.islamstory.com/f37.html)
-   -   علي بن أبي طالب المفترى عليه (http://forum.islamstory.com/106386-%DA%E1%ED-%C8%E4-%C3%C8%ED-%D8%C7%E1%C8-%C7%E1%E3%DD%CA%D1%EC-%DA%E1%ED%E5.html)

نبيل القيسي 26-10-2016 04:48 AM

علي بن أبي طالب المفترى عليه
 
علي بن أبي طالب، العالم.. الفقيه.. الشجاع.. التقي.. النقي.. الورع.. ربيب بيت النبوة والتلميذ النجيب الناجح المتخرج من بيت النبوة.. نموذج كريم تربى في أحضان المدرسة المحمدية.. أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيراً.. يذكر له التاريخ بكل فخر السبق في الإسلام؛ فهو أول فتى يدخل في الإسلام، ويؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فاستحق أن يكون أحد العشرة المبشرين بالجنة.. ومثل علي في ذلك أخوة له.. على الدرب نفسه، سبقوه في شيء.. وسبقهم في شيء.. والعظمة حظوظ.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. فكانت السلسلة الذهبية بعد نور النبوة العظيم.. أبو بكر وعمر وعثمان.. ثم جاء علي فختمت به الحلقة..

لكن عليًّا رضي الله عنه شأنه شأن عثمان.. امتطى اسمه الكريم ناس مغرضون ذوو مآرب.. على رأسهم إمام الباطنية عبد الله بن سبأ.. الذي خلف من بعده مدرسة ضالة.. شوهت جمال التاريخ الإسلامي.. وأضاعت الصلاة واتبعت الشهوات.. وجعلت عليًّا - حاشاه - وكأنه مكمل للنبوة.. فكأن النبوة لم تكتمل قبله، وكأن الله لم ينزل في كتابه الكريم ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾[1].. بل إن بعضهم لتلمح في كتاباته وكأنه يوقر عليًّا ويجله ويشعر بالهيبة أمام اسمه.. فتحس وكأنه يفضله على إمام الإنسانية محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام، فضلاً عن تصريحهم وإفكهم في التقليل من شأن الراشدين الذين سبقوه.

وليس عليٌّ بدعاً في التاريخ.. في هذا الشأن.. فكم من جماعة تاجرت بإنسان.. ورفعته بعد موته.. بينما كانت حال حياته سبب بلائه ونكبته.. وإلا فمن أسلم الحسين للقتل؟ [2].

لكن عليًّا ملك للإسلام وللتاريخ الإسلامي وأبناؤه جميعاً وكل المسلمين الصادقين إنما هم شيعة للقرآن والسنة.. بالدرجة الأولى.. ثم لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بهذا الترتيب، وليس ثمة مسلم صادق يستطيع أن يتنكر ليد علي في الإسلام.. ولمناقبه.. أو لجهاده.. أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وبعده..

والمسلمون - كل المسلمين - بالرغم من اختلافهم في رؤية دور بني أمية أو في تقدير شخص معاوية ويزيد بخاصة يكنون تقديراً خاصًّا.. ولوناً من الحب لشخصية علي ولأبنائه.. وليس مبعث ذلك الشعور أنه وقع عليهم نوع من الظلم في قضية توليتهم الخلافة.. فأمر ذلك للمسلمين جميعاً.. وليست الشعوب والأمم ميراثاً تنقل ملكيته.. ثم إن الذين تولوها سواء أبو بكر أو عمر أو عثمان.. أو معاوية.. هم مسلمون لهم حق الترشيح لهذا المنصب وتتوافر فيهم كل شروطه.. وما يؤخذ على معاوية لا يؤخذ عليه من هذا الجانب..

إنما الحب الذي انساب في دماء المسلمين لأسرة علي.. هو جزء من الحب المنساب في الأمة لرسولها الكريم - بالدرجة الأولى - ثم هو حب أذكته الطريقة التي استشهد بها بعض أبناء البيت النبوي، وكانت طريقة مأساوية جرحت العاطفة الإسلامية.. مهما اختلف البعض في الأسباب وفي قضية الخلاف الأساسي!..

فلماذا إذن يا ترى.. يريد بعض المغرضين تقسيم الأمة الإسلامية.. على أساس أن هناك شيعة لعلي وشيعة لغيره.. مع أن كل السلف وجميع المنتمين إلى مذهب أهل السنة والجماعة إنما هم شيعة لهذا الجيل كله.. والقرآن والسنة.. وهل جاء علي بشيء تكملة أو إضافة للإسلام.. فيتحيز له البعض ويقال للآخرين: لستم شيعة؟ ويا ترى.. لماذا لا تكون هناك شيعة لأبي بكر.. ولعمر.. ولأبي ذر.. وللشافعي.. ومالك.. وللحسن البصري.. وهكذا ينقسم المسلمون شيعاً وأحزاباً؟؟

وقد أسفنا كل الأسف لكاتب كتب كتاباً ملأه قيحاً وصديداً من عفن فكره.. حيث قسم الإسلام نفسه.. إلى قسمين: إسلام شيعي.. وإسلام لا شيعي، ثم أجهد نفسه ليثبت أن الإسلام الشيعي آصل وآكد وأقدم..

ونحن نسأل هذا الكاتب وأمثاله: ترى أي إسلام نزل على محمد صلى الله عليه وسلم؟ أي إسلام جاء في القرآن ووضحته السنة القولية والفعلية والتقريرية؟

إننا - مخلصين - نريد هذا الإسلام وكفى، والذي قال فيه ربنا عز وجل: ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ﴾.
إن عليًّا رضي الله عنه له موقعه العظيم من فكرنا ونفوسنا.. وفي داخلنا.. وفي تاريخنا.. وهو بموقعه ذلك في غنى عن أن تلفق له الأخبار.. وتحشد لتاريخه وعلى لسانه - حاشاه - الأكاذيب بل والتنبؤات التي لا يعلمها إلا الله..

إنه أول من أسلم من الصبيان.. وقد تربى في حضن الرسول صلى الله عليه وسلم.. وشهد المشاهد كلها - عدا تبوك - وقضى على صناديد الشرك، وتميز بشجاعة فائقة.. وكان زاهداً عالماً.. وكان خاتم الراشدين الأربعة.. واستأهل أن يتزوج بفاطمة.. وأن يؤاخيه الرسول صلى الله عليه وسلم.. فهل يحتاج إلى مجد يُنْتحل له؟
رضي الله عن علي.. وحرس تاريخه من أصدقائه قبل أعدائه..

(والله من وراء القصد)

. د. عبدالحليم عويس


الساعة الآن 12:24 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام