الشورى بركة ، فما شقى قط عبدٌ بمشورة ، وما سعد باستغناء رأى ، وما خاب من استخار ولا ندم من استشار ، والمرأة تستشار ، وقد أشارت السيدة أم سلمة على النبى (صلى الله عليه وسلم فى صلح الحديبية ، وأهم ما تستشار فيه المرأة أمر زواجها ، فالبكر تستأمر والثيب تشاور ، ولا يجوز أن يولى على المسلمين والٍ أو يستخلف خليفة بغير مشورة ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يدع المشاورة فى أمره كله ، وكان يكثر أن يقول "أشيروا علىّ أيها الناس"
واستشار أصحابه فى بدر قبل القتال ، وشاورهم فى مصير الأسرى ، واستشارهم قبل الخروج فى غزوة الخندق ، وشاور علياً وأسامة فى حادثة الإفك ، ولو تتبعنا حوادث الشورى فى عصره لطال بنا المقام.
وقد اتسع مجال العمل بالشورى فى عهد الخلفاء الراشدين ، وذلك لظهور حوادث لم تكن تعرف على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وكذلك لجأ الراشدون إلى أسلوب المشاورة فى استنباط الأحكام الشرعية والاجتهاد فى الأقضية ، فكان أبو بكر (رضي الله عنه) ، إذا ورد عليه الخصم ، نظر فى كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يقضى به قضى بينهم ، وإن كان فمن سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وإن لم يعلم ، خرج فسأل المسلمين عن السنة ، فإن أعياه ذلك ، دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم ، وهكذا...
قبل أن اكمل البحث
هناك بعض الملاحظات التي أود قولها
فقبل أن يقرر الإنسان طبع كتاب
فليسأل نفسه أولا
لماذا أفعل ذلك؟
هل لسبب مادي ، أو أكاديمي ، أو كليهما؟
أنا لست بعالم
ولا فقيه
لكني طالب علم
وهذا ينطبق على كثيرين..
يحزنني ما وصل إليه حال الأمة الإسلامية
وأدهشني ما كان فيه حالها عصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
أو عصر الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)
أو حتى ذهبية الأندلس
فبدأت أبحث عن مواطن الخلل في مجتمعاتنا العربية
وهي لا تعد ولا تحصى
ولا يمكن تزيين قمة الهرم
إذا كان الأساس منخورا
وقصتي مع هذا البحث
تحولت إلى معضلة
فدور النشر في العراق ، ليس لهم حقوق طبع
ودور النشر في سوريا صعبة في الوقت الحالي
ودور النشر في لبنان ممتلئة لسنوات
ودور النشر في مصر ، تحتاج لقراءة الكتاب أولا
ثم تقرر فيما بعد ، فأين حقوق المؤلف
ودور النشر في الإمارات ، تحتاج موافقة رسمية
ودور النشر في السعودية ، تحتاج أكثر من موافقة رسمية
أما معظم دور النشر ، فلا يرد على الإيميل
(وتلك احدى مشاكلنا الإنسانية)
فيشعر الباحث وكأنه يستجدي الفكر
مع أنه يُثريه
إضافة إلى أن نشر بحث من هذا النوع
لن يرضي أصحاب القرار
ثم أن السبب الذي دفعني لكتابة البحث
هو أن يبدأ العرب بالعمل فورا
لا أن ينتظروا موافقة دور النشر
والعمل لا يمكن له أن يتم ، دون القراءة
وللأسف ، كنا أمة (إقرأ) ، أصبحنا أمة (سنقرأ)
ولكي نكون كذلك
علينا أن نعدّ أنفسنا لذلك
فهذا البحث ، عبارة عن سرد حقيقي لمواطن الضعف لدينا
فليمسك كل منكم بورقة
ويسجل:
ما هي العيوب في المجتمع التي يعيش به؟
وكيف يمكن التخلص منها؟
ومن هم الأشخاص الذي يظن أنهم أهل لإصلاح تلك العيوب؟
ولا يهم إن كانوا من بلدته ، أو من دول أخرى
بل أن من يعيش في دولة أجنبية
عليه أن ينقل لنا ما وجده هناك من المحاسن
فلا بأس أن نأخذ منها إن كان ما فيها صالح المسلمين
وأخيرا
فلنسأل أنفسنا سؤالا منصفا
ماذا نريد؟
هل نريد الحرب؟
لا ، فالحرب ليست ضرورة
الحرب استثناء ، والسلام هو الضرورة
ولا يمكن أن يعم ذلك دون العلم
ودون أن يتهيأ كل منا
(((كل ضمن إختصاصه)))
الحاكم المسلم يقتدي برسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فعليه التدبر في دستور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المدينة
ومعاهدته مع نصارى نجران
ومع يهود المدينة
ومن ثم الإستفادة من كل عناصر الخيرية والمنعة في تلك الوثائق
لكي يتحقق الأمن والاستقرار في المجتمع الإسلامي:
مثلا ، في دستور المدينة
"بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله)
بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب
ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم
إنهم أمة واحدة من دون الناس (تدبر في هذا جيدا)
المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو الحارث (الخزرج) على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين
وأن المؤمنين لايتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل
وأن لايحالف مؤمن مولى مؤمن دونه
وأن المؤمنين المتقين (أيديهم) على (كل) من بغى بينهم
أو إبتغى دسيعة ظلم أو إثما أو عدوانا أو فسادا بين المؤمنين
وأن أيديهم عليه جميعا
ولو كان ولد أحدهم
ولايقتل مؤمن مؤمنا في كافر
ولاينصر كافرا على مؤمن
وأن ذمة الله واحدة يجبر عليهم أدناهم
وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس
وأنه من تبعنا من يهود فأن له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم
وأن سلم المؤمنين واحدة
لايسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم
وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا
وأن المؤمنين يبيء بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله
وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه
وأنه لايجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا
ولايحول دونه على مؤمن
وأنه من أعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به
إلا أن يرضى ولي المقتول (بالعقل)
وأن المؤمنين عليه كافة ولايحل لهم إلا قيام عليه
وأنه لايحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة آمن بالله واليوم الآخر
أن ينصر محدثا أو يؤويه
وأن من نصره ، أو آواه ، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة
ولايؤخذ منه صرف ولا عدل
وأنكم مهما أختلفتم فيه من شيء فإن مرده الله والى محمد
وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين (فتدبر)
وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين
لليهود دينهم وللمسلمين دينهم (تدبر)
مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم
فإنه لايوتغ إلا نفسه وأهل بيته
وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف
وأن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف
وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف
وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف
وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف
وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف
إلا من ظلم وأثم ، فإنه لايوتغ إلا نفسه.
وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم.
وأن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف
وأن البر دون الإثم
وأن موالي ثعلبة كأنفسهم
وأن بطانة يهود كأنفسهم
وأنه لايخرج منهم أحد إلا بإذن محمد
وأنه لاينحجز على ثأر جرح
وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته إلا من ظلم وأن الله على أبر هذا
وأن على اليهود نفقتهم
وعلى المسلمين نفقتهم
وأن بينهم النصر على من حارب اهل هذه الصحيفة
وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم
وأنه لايأثم أمرء بحليفه
وأن النصر للمظلوم
وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين
وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة
وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم
وأنه لاتُجار حرمة إلا بإذن أهلها
وأنه ماكان بين أهل هذه الصحيفة من حدث
أو إشتجار يُخاف فساده
فإن مرده الى الله والى محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وأن الله على أتقى مافي هذه الصحيفة وأبرّه
وأنه لاتُجار قريش ولا من نصرها
وأن بينهم النصر على من دهم يثرب
وإذا دعوا الى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه
وأنهم إذا دعوا الى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين
على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قِبلهم
وأن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل الصحيفة
وأن البر دون الإثم لايكسب كاسب إلا على نفسه
وأن الله على أصدق على مافي هذه الصحيفة وأبرّه
وأنه لايحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم
وأنه من خرج آمن
ومن قعد آمن بالمدينة
إلا من ظلم وأثم
وأن الله جار لمن برّ وأتقى
ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)" .
المصدر كتاب (مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة) ، محمد حميد الله ، دار النفائس ، ص 67
"بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما كتب محمد النبي رسول الله لأهل نجران
إذا كان عليهم حُكمة في كل ثمرة وفي كل صفراء وبيضاء ورقيق
فأفضل ذلك عليهم وترك ذلك كله لهم
على ألفي حلة من حلل الأواقي
في كل رجب ألف حلة
وفي كل صفر ألف حلة
كل حلة أوقية من الفضة
فما زادت على الخراج او نقصت عن الأواقي فبالحساب
وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض أخذ منهم بالحساب
وعلى نجران مؤنة رسلي ومتعتهم
ما بين عشرين يوما فما دون ذلك
ولا تُحبس رسلي فوق شهر (تدبّر)
وعليهم عارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا
إذا كان كيد باليمن ومعرّة
وما هلك مما أعاروا رسلي من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض
فهو ضمين على رسلي حتى يؤدوه إليهم
ولنجران وحاشيتها جوار الله
وذمة محمد النبي رسول الله
على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم
وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير
لا يغير أسقف من أسقفيته
ولا راهب من رهبانيته
ولا كاهن من كهانته
وليس عليهم رُبيّة
و لادم جاهلية
ولا يُحشرون
ولا يُعشرون
ولا يطأ أرضهم جيش
ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين
ومن أكل ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة
ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر
وعلى ما في هذا الكتاب جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله
حتى يأتي الله بأمره
ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم غيرمثقلين بظلم
شهد أبو سفيان بن حرب
وغيلان بن عمرو
ومالك بن عفوف من بني النصر
والأقراع بن حابس الحنضلي
والمغيرة بن شعبة
وكتب لهم هذا الكتاب عبد الله بن أبي بكر (وقال يحيى بن آدم : وكتب علي بن أبو طالب)