عندما درسنا كلمات القرآن إحصائياً وجدنا أن كل كلمة قد تم تخصيصها لأهداف محددة! وهذه الميزة لا يمكن لأي مؤلف أن يقلدها أو يأتي بمثلها. فلا يوجد مؤلف في العالم يستطيع أن يقول إنه سيستخدم مجموعة كلمات في تأليف كتاب وأنه سوف يستخدم هذه الكلمة لهدف محدد طيلة الكتاب ومهما تكررت.. وأنه سوف يستخدم تلك الكلمة استخداماً محدداً في كل الكتاب وكل المناسبات.. هذا شيء مستحيل تحقيقه حتى لو استعملنا الكمبيوتر.
ولذلك دعونا نتأمل كلمة: (أكثرهم) عبر آيات القرآن.. والتي من الطبيعي أن نجدها قد استخدمت في مناسبات متنوعة: مع المؤمنين، مع الكافرين، ولكن العجيب أنها استخدمت فقط مع الكافرين.. إذاً سوف نكتشف أن هذه الكلمة دائماً تستخدم لهدف محدد على الرغم من أنها تكررت 45 مرة. لنكتب هذه الآيات ونتأمل كيف وردت هذه الكلمة جيداً:
ماذا تلاحظون الآن؟ لقد تم استخدام كلمة (أكثرهم) دائماً مع غير العاقلين، غير المؤمنين، الفاسقين، المشركين، الكاذبين، الكافرين، الذين لا يعلمون، لا يعقلون.. أي كلها صفات لغير المؤمنين.. وعندما استخدمت مع فئة من المؤمنين كانوا من الذين لا يعقلون.. الذين كانوا يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي وينادونه من وراء الحجرات.. وهذا العمل كاد أن يؤدي بهم إلى الكفر وضياع أعمالهم.. ولكن الله حذرهم فانتهوا.
وهكذا نجد أن هذه الكلمة استخدمت استخداماً محدداً مع فئة من الناس: لا يعقلون، لا يؤمنون، مشركون، لا يعلمون.. وهذه دقة عجيبة لا يمكن أن يتمتيز لها أي كتاب آخر.
ولو درسنا جميع كلمات القرآن سوف نجد هذه الظاهرة تتكرر، وأن كل كلمة قد تم تخصيصها لهدف محدد أو استعمال محدد وذلك في كامل القرآن..
مثلاً كلمة (أكثركم) أيضاً تم استخدامها مع الكافرين وقد وردت في آيتين فقط وهما:
وهنا نجد أن كلمة (أكثركم) استخدمت مع غير المؤمنين... وهذه دقة عجيبة تشهد على عظمة القرآن.
وهكذا فإن كل كلمة من كلمات القرآن تم استعمالها في مجالات محددة من أول القرآن وحتى آخره، وهذا ليس بمقدور البشر أن يأتوا بمثله.. وصدق الله القائل: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88].