ــ الشطح ، أحدثه بعض الصوفية وقسمه الغزالي إلى قسمين:
أحدهما: الدعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى ، والوصال المغني عن الأعمال الظاهرة ، حتى ينتهي قوم إلى دعوى الإتحاد وارتفاع الحجاب والمشاهدة بالروؤية والمشافهة بالخطاب ، فيقولون : قيل لنا كذا وقلنا كذا ، ويستشهدون فيه بالحسين بن منصور الحلاج الذي صلب لأجل إطلاقه كلمات من هذا الجنس ، ويستشهدون بقوله : "أنا الحق" ، وبما حكي عن أبي يزيد البسطامي أنه قال: "سبحاني سبحاني" . وهذا فن من الكلام عظيم ضرره في العوام حتى ترك جماعة من أهل الفلاحة فلاحتهم وأظهروا مثل هذه الدعاوى .......(1)
وثانيهما : من الشطح كلمات غير مفهومة ، لها ظواهر رائقة وفيها عبارات هائلة وليس وراءها طائل ، وذلك إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها بل يصدرها من خلط في عقله وتشويش في خياله لقلة إحاطته بمعنى كلام قرع سمعة وهذا هو الأكثر ، وإما أن تكون مفهومة له ولكنه لا يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره لقلة ممارسة العلم وعدم تعلمه طريق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة ، ولا فائدة لهذا الجنس من الكلام، إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول ويحير الأذهان ، أو يحمل على أن يفهم منها معاني ما أريدت بها ، ويكون فهم كل واحد على مقتضى هواه وطبعه. (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ــ الإمام الغزالي "إحياء علوم الدين" ، ج 1 ، ص 36
(2) ــ الإمام الغزالي "المصدر السابق" ، ج 1 ، ص 36 ـــ 37