قول ما شاء الله وشئت،
ولولا الله وأنت،
ونحو ذلك من أنواع الشرك الأصغر.
تمهيد:
من الشرك في الألفاظ:
قول الرجل:
ما شاء الله وشئت،
ولولا الله وأنت،
وما لي إلا الله وأنت،
وأنا متوكل على الله وعليك،
وحسبي الله وأنت،
ونحو ذلك من الألفاظ التي تجري على ألسنة الناس،
وفيها تسوية
بين الخالق والمخلوق.
أولا: حكمه :
هذا الأمر لا يجوز استعماله،
ولا التهاون في النطق فيه؛
لأنه نوع من أنوع الشرك الأصغر؛
إذ حرف الواو يقتضي التشريك؛
فحين تقول:
جاء أحمد وعلي تكون قد سويت
بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم
-وهو المجيء؛
لأن الواو وضعت لمطلق الجمع،
وهي لا تفيد ترتيبا ولا تعقيبا،
ووجودها فيه تسوية بين الخالق والمخلوق.
ومعلوم أن التسوية بين الخالق والمخلوق شرك،
والله عز وجل ذكر أن من أسباب ضلال المشركين كونهم يسوون الأنداد برب العالمين،
قد دلت الأدلة الكثيرة على تحريم هذا النوع،
وعلى أنه من الشرك، ومن تلك:
1- قول الله عز وجل:
{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
[البقرة: من الآية22] .
فسرها حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس
-رضي الله عنهما- بقوله:
الأنداد هو الشرك،
أخفى من دبيب النمل على صفا سوداء
في ظلمة الليل.
وهوأن تقول:
والله، وحياتك يا فلان، وحياتي،
وتقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص،
ولولا القط في الدار لأتى اللصوص،
وقول الرجل:
ما شاء الله وشئت،
وقول الرجل:
لولا الله وفلان،
هذا كله شرك"( 1 ).
2- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء وشئت. قال: "أجعلتني لله ندًا، بل ما شاء الله وحده" ( 2 ).
3- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت؛
ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت" ( 3 ).
4- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان؛
ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان" ( 4 ).
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله معلقا على هذا الحديث:
هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة كقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيم}
[التكوير: 28] ؛
فكيف بمن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض.
فوازن بين هذه الألفاظ وبين قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش!
يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي صلى الله عليه وسلم لقائل تلك الكلمة،
وأنه إذا كان قد جعل لله ندا بها؛ فهذا قد جعل من لا يداني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من الأشياء -بل لعله أن يكون له من أعدائه- ندًا لرب العالمين " ( 5 ).
````````````````````` 1 - رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس بإسناد جيد.
"انظر فتح القدير للشوكاني 1/ 52.
وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان ص587.
2 - أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 214،
وقال أحمد شاكر رحمه الله 3/ 253: إسناده صحيح.
3 - أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب الكفارات،
باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت.
وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه 1/ 362.
4 - أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 384، 394، 398.
وأبو داود في السنن، كتاب الأدب، باب لا يقال خبثت نفسي
وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/ 940.
5 - الجواب الكافي لابن القيم ص239-240.
وانظر الدين الخالص لصديق حسن خان 1/ 312.
أفضل سبيل للوقاية من هذا الشرك، وعدم الوقوع فيه، هو التزام ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم من استبدال الواو بـ "ثم"؛ فنعدل عن الواو التي تقتضي تسوية المخلوق بالخالق، إلى"ثم" التي تقتضي الترتيب والتراخي؛
فمثلا: إذا قلنا: ما شاء وشئت -وعطفنا بالواو، اقتضى ذلك التسوية بين مشيئة الله ومشيئة المخلوق.
أما إذا قلنا: ما شاء الله ثم شئت -وعطفنا بـ "ثم"- فإنه يقتضي تقديم مشيئة الله عز وجل، وأنها فوق مشيئة المخلوق ( 1 ).
فإذا عطفنا مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق عز وجل بـ "ثم"، فرّقنا بين المشيئتين، وقدمنا مشيئة الخالق سبحانه وتعالى على مشيئة خلقه.
كذا الحوادث: نسندها إلى الله عز وجل أولا، ثم إلى المخلوق؛
فمثلا إذا أردنا أن نقول: لولا وجود فلان لحصل كذا
نقول: لولا الله، ثم وجود فلان لحصل كذا،
مع الاعتقاد بأن الأسباب ليست مستقلة بذاتها في التأثير؛ وإنما يكون تأثيرها بقدرة الله ومشيئته ( 2 ).
```````````````````` 1- انظر دعوة التوحيد للشيخ محمد خليل هراس ص65،
وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ ص595.
الرقى لغة جمع رقية، وهي العوذة. أو ما يعرف عند العامة بـ "العزيمة"، أو "التعويذة" التي يرقى بها صاحب الآفة -كالحمى والصرع، وتقرأ على المريض أو اللديغ أملاً في شفائه ( 1 ).
ولا يبعد المعنى الشرعي للرقية عن المعنى اللغوي كثيرا؛
فالرقية شرعا: ما يقرأ على المريض من الآيات القرآنية، أو الأدعية المشروعة، أو غيرها من الأدعية المباحة المجربة ( 2 ).
```````````````````` 1-انظر من كتب اللغة: المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده 6/ 309.
ولسان العرب لابن منظور 13/ 332.
وتاج العروس للزبيدي 10/ 154.
2 - انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 1/ 182، 328، 10/ 195.