ثانيا: أحاديث تنهى عن الصلاة إلى القبور، أو اتخاذها عيدا: ومنها:
الأحاديث التي تقدمت بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد، دليل واضح في النهي عن الصلاة إليها؛ لأن من قصد القبور للصلاة عندها، أو إليها، فقد اتخذها مساجد وأعيادا، وارتكب ما نهى الله ورسوله عنه، ووقع في وسيلة من وسائل الشرك الأكبر ( 1 ).
وقد دلت أحاديث كثيرة
على تحريم الصلاة إلى القبور،
أو اتخاذها عيدا،
ومن ذلك:
1- ما رواه أبو مرثد الغنوي رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" لا تصلوا إلى القبور،
ولا تجلسوا إليها" ( 2 )؛
ففيه تصريح بالنهي
عن الصلاة إلى قبر.
قال الشافعي رحـمه الله:
وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا
مخافة الفتنة عليه
وعلى من بعده من الناس ( 3 ).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله معلقا على هذا الحديث:
فلا يجوز أن يصلي إلى شيء من القبور؛ لا قبور الأنبياء ولا غيرهم، لهذا الحديث الصحيح،
ولا خلاف بين المسلمين أنه لا يُشرع أن يقصد الصلاة إلى القبر، بل هذا من البدع المحدثة،
وكذلك قصد شيء من القبور لا سيما قبور الأنبياء والصالحين عند الدعاء.
وإذا لم يجز قصد استقباله عند الدعاء لله تعالى، فدعاء الميت نفسه أولى أن لا يجوز،
كما أنه لا يجوز أن يصلي مستقبله، فلأن لا يجوز الصلاة له بطريق الأولى ( 4 ).
`````````````````` 1 - انظر الإرشاد إلى توحيد رب العباد
للشيخ عبد الرحمن بن حماد آل عمر ص97.
2 - صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه.
3- شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 38.
4 - قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص294-295.
2- ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"لا تجعلوا بيوتكم قبورا،
ولا تجعلوا قبري عيدا،
وصلوا علي،
فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" ( 1 ).
فإذا كان هذا في حق قبره صلى الله عليه وسلم
الذي هو أفضل قبر على وجه الأرض،
فكيف بقبر غيره من البشر.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله
معلقا على هذا الحديث:
"ووجه الدلالة:
أن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أفضل قبر على وجه الأرض.
وقد نهى عن اتخاذه عيدا.
فقبر غيره أولى بالنهي
كائنا من كان،
ثم إنه قرن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:
"ولا تتخذوا بيوتكم قبورا":
أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة،
فتكون بمنزلة القبور.
فأمر بتحري العبادة في البيوت،
ونهى عن تحريها عند القبور ( 2 ).
`````````````````` 1 - أخرجه الإمام أحـمد في المسند 2/ 367.
وأبو داود في السنن، كتاب المناسك، باب زيارة القبور.
رد: من مهمات التوحيد عند الشيخ الدكتور عبد القادر صوفي
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د. عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء http://shamela.ws/index.php/author/1987
`````````````````````````````` ````````````````
[ 72 ]
ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله
أن من أعظم المحدثات وأسباب الشرك بالقبور:
الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها.
وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه ( 1 ).
ولصحة هذه النصوص وتواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتنوع الوعيد الوارد فيها، أجـمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من سلف هذه الأمة وجـميــع من سار على نهجهم على تحريم اتخاذ المساجد على القبور، أو البناء عليها، أو الصلاة إليها.
ومن غربة الإسلام أن هذا الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعليه تحذيرا لأمته أن يفعلوه معه صلى الله عليه وسلم ومع الصالحين من أمته،
قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة، واعتقدوه قربة من القربات، وهو من أعظم السيئات والمنكرات، وما شعروا أن ذلك محادَّة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ( 2 ).
`````````````````` 1 - انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص313. 2- انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص315.
المطلب الثالث:
الغلو في الأنبياء والصالحين،
والتبرك بآثارهم
من الوسائل المفضية إلى الشرك
تمهيد:
أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي الأمة الوسط،
وهي الأمة المجانبة للغلو والإجحاف،
فلا إفراط عندها
ولا تفريط.
وقد نُهيت هذه الأمة عن الغلو
على لسان رسولها صلى الله عليه وسلم،
في قوله:
"إياكم والغلو في الدين؛
فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" ( 1 ).
والنهي عن الغلو
نهي عن الشرك؛
لأن الغلو مطية الشرك بالله عز وجل،
والشرك بالله أعظم ذنب
عُصي الله عز وجل به.
لذلك يجب على أبناء هذه الأمة الحذر منه،
لئلا يهلكوا كما هلك من كان قبلهم،
فيخسروا دنياهم،
ويوبقوا أُخراهم.
`````````````````````` 1- أخرجه النسائي في السنن، كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى.
وابن ماجه في السنن، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي.
وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/ 176-177.