فـ "أول ما حدثت الأصنام
على عهد نوح عليه السلام،
وكانت الأبناء تبرُّ الآباء،
فمات رجل منهم،
فجزع عليه، فجعل لا يصبر عنه؛
فاتخذ مثالا على صورته،
فكلما اشتاق إليه نظره،
ثم مات ففعل به كما فعل،
حتى تتابعوا على ذلك.
فمات الآباء،
فقال الأبناء:
ما اتخذ آباؤنا هذه
إلا أنها كانت آلهتهم.
فعبدوها ( 1 ).
فكان تساهلهم في تصوير هؤلاء الصالحين
وتعليق صورهم في مجالسهم،
من أسباب عبادة ذريتهم لهذه التماثيل
من دون الله عز وجل.
يقول الإمام القرطبي رحمه الله:
"إنما فعل ذلك أوائلهم ليأتنسوا برؤية تلك الصور،
ويتذكروا بها أحوالهم الصالحة،
فيجتهدون كاجتهادهم،
ويعبدون الله تعالى
عند قبورهم؛
فمضت لهم بذلك أزمان.
ثم إنه خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم،
ووسوس لهم الشيطان
أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعبدون
هذه الصور ويعظمونها.
فعبدوها.
فحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من مثل ذلك، وشدَّد النكير والوعيد على فعل ذلك، وسدَّ الذرائع المؤدية إلى ذلك" ( 2 ).
````````````````````` 1 - فتح الباري لابن حجر 8/ 669.
2 - المفهم شرح صحيح مسلم للقرطبي 2/ 931-932.
وانظر: الجامع لأحكام القرآن له 18/ 198-199.
والمجموع الثمين للشيخ ابن عثيمين 2/ 249.
قد دلت الأحاديث الكثيرة على
تحريم التصوير،
خشية أن يؤدي تعليقها،
والافتتان بها إلى عبادتها من دون الله عز وجل،
ومن هذه الأحاديث:
1- ما تقدم عن أبي الهياج الأسدي،
من قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه له:
ألا أبعثك على ما بعثني عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ،
ولا قبرا مشرفا إلا سوّيته " ( 1 ).
2- قوله صلى الله عليه وسلم:
"إن أشد الناس عذابا
يوم القيامة المصورون" ( 2 )،
وفيه حرمة تصوير الحيوان.
قال النووي:
قال العلماء:
تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم،
وهو من الكبائر؛
لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد،
وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره،
فصنعه حرام ( 3 ).
````````````````````` 1 - تقدم تخريجه ص159 من هذا الكتاب.
2 - صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة.
وصحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان،
وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه.