ثالثا: الفرق بين الرياء والسمعة وبين إرادة الإنسان بعمله الدنيا
العامل بهذه الأنواع يعمل العمل الصالح مما يبتغي به وجه الله؛ ولكن المرائي أو المسمّع يريد رؤية الناس أو سماعهم، ويقصد من ذلك أن يمدحوه ويعظموه، ويطمع أن ينال الجلالة في أعينهم.
أما من كان يريد بعمله الدنيا فهو يعمل لأجل الدراهم، أو لشيء من متاع الدنيا،
فهو أعقل من الأول، وإن كان كلاهما خاسرا - والعياذ بالله ( 1 ).
```````````````````` 1 - انظر: تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص534-535.
وبعض أنواع الشرك الأصغر للدكتور المعتق ص31.
1- قسم يريدون بأعمالهم الدنيا فقط،
ولا إرادة لديهم لله،
ولا همَّ لهم لله،
ولا طلب للآخرة.
وهذا رياء محض،
وهو شرك أكبر يقع فيه المنافقون ( 1 ).
2- قسم يريدون بأعمالهم الله عز وجل، ولكن يخالط إرادتهم ونيتهم شيئا آخر؛ كإرادة الناس -مثل يسير الرياء والسمعة، أو إرادة المال، أو المتاع مثل من يعمل العمل أمام ولي المرأة ليوافق على زواجه منها، أو يحفظ القرآن من أجل أن يعين إماما في المسجد.
وهذا من الشرك الأصغر ( 2 )، وفاعله قد صار بإرادته لهذه الأشياء عبدا لها،
وينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة ( 3 )، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض" ( 4 ).
3- قسم يعمل بطاعة الله مخلصا له في ذلك؛ ولكنه على عمل يكفره كفرا يُخرجه من الإسلام ( 5 ).
```````````````````` 1 - تقدمت الإشارة إلى هذا النوع ص120 من هذا الكتاب.
2 -وهو هذا النوع الذي بين أيدينا.
3 - القطيفة هي الخميلة، وهي ثوب له خمل من أي شيء كان.
والخميصة هي ثوب خز أو صوف معلم.
"انظر: فتح الباري لابن حجر 11/ 254.
وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان ص539".
4 - صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال.
5 - انظر هذا القسم مع بقية الأقسام في:
تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص536-538.
وفتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص540-541.
وبعض أنواع الشرك الأصغر للمعتق ص34.
رابعا: الاستسقاء بالأنواء "النجوم" من أنواع الشرك الأصغر
أولا: المراد بالاستسقاء بالأنواء:
الاستسقاء: طلب السقيا، والمراد نسبة مجيء المطر إلى الأنواء.
والأنواء: جمع، مفرده نوء. والأنواء هي منازل النجوم، وهي ثمان وعشرون منزلة، ينزل كل ثلاث عشرة ليلة منزلة منها. وسمي نوءا -من ناء ينوء نوءا، إذا نهض وطلع- لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب - مع طلوع الفجر - ناء -نهض وطلع- أخرى في مقابلها في المشرق، فتنقضي جميعا مع انقضاء السنة؛ "28×13=364" ( 1 ) .
وقد كانت العرب في الجاهلية تزعم أنه مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبون نزوله إليها، فيقولون: مطرنا بنوء كذا ( 2 ).
```````````````````` 1 - انظر: الدين الخالص لصديق حسن خان 2/ 129.
وفتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن ص452.
وتيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله ص451.
ما روي عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛
فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحـمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب،
وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" ( 2 ).
```````````````````` 1 - أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح، كتاب التفسير، باب: ومن سورة الواقعة، وقال: حسن غريب صحيح. وأحمد في المسند 1/ 108، 131.
2 - صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة،
باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم.
وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من يقول مطرنا بالنوء.