منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com/)
-   معًـا نبني خير أمة (http://forum.islamstory.com/f100.html)
-   -   لا تذكر عيوب الناس (خطبة) (http://forum.islamstory.com/122418-%E1%C7-%CA%D0%DF%D1-%DA%ED%E6%C8-%C7%E1%E4%C7%D3-%CE%D8%C8%C9.html)

امانى يسرى محمد 26-03-2020 08:49 PM

لا تذكر عيوب الناس (خطبة)
 

الحمد لله عالم السر والخفيات، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أما بعد:
أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل في علاه، فاتقوا ربكم في السر والعلن، وتضرعوا بالتقوى في الشدة والرخاء والسراء والضراء، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

عباد الله، إن من الأمراض التي قد تفسد على العبد دنياه وأخراه، وتجعله في الدنيا ذليلًا وفي الآخرة خاسرًا مغبونًا - هو أن يتتبع زلات الآخرين، ويرى عيوبهم وينسى عيوب نفسه، وكم هو مؤسف والله أن يتعامى الواحد منا عن عيوب نفسه، ثم ينظر في عيوب المسلمين، وكأنه ما خُلق إلا من أجل هذا!
عجبت لمن يبكي على موت غيره https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
دموعًا ولا يبكي على موته دما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وأعجب من ذا أن يرى عيب غيره https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عظيمًا وفي عينيه عن عيبه عمى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وأصدق من ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال: ((يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه))، قال بكر بن عبدالله: "إذا رأيتم الرجل موكلًا بعيوب الناس، ناسيًا لعيبه، فاعلموا أنه قد مُكر به".

عباد الله، مَن بيننا اليوم مَن ليس له همٌّ إلا تتبع عورات الآخرين؟ فمرةً يشمت بأحوالهم وأشكالهم، ومرةً بأنسابهم وأحسابهم، بل قد يصل الأمر والعياذ بالله أن يفرح بما حلَّ بهم من مصائب وأحزان، ومن كان هذا طبعه، فليعلم أن فيه صفةً من أبرز صفات المنافقين الذين يكنون العداوة والبغضاء للمؤمنين، وقد أخبر عنهم عز وجل في كتابه؛ فقال سبحانه: ﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾ [آل عمران: 120].

لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فيهتك الله سترًا عن مساويكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


عباد الله، احذروا من تتبع عورات الآخرين ورصد أخطائهم، وإياكم والشماتة بأحوالهم، واقتدوا بنبيكم عليه الصلاة والسلام؛ فقد كان يتعوذ من الشماتة؛ كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)).

وكان عليه الصلاة والسلام ينهى أصحابه عن تتبع عورات الآخرين؛ فعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر مَن آمن بلسانه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه في جوف بيته)).

أيها العقلاء، احذروا تتبع عورات المسلمين، ورصد عيوبهم، واحذروا كل الحذر من الشماتة بأحوالهم، فإن من شمت بالمسلمين أو استهزأ بأحوالهم وأخلاقهم، أو تربيتهم لذرياتهم - فإنه على خطر عظيم، ويُخشى عليه أن يقع فيما وقعوا فيه من الأخطاء، سواء كان يشمت بذنوبهم، أو بعقوق أبنائهم، أو بسوء أخلاقهم؛ قال أحد العباد: "عبت شخصًا قد ذهب بعض أسنانه؛ فذهبت أسناني"، وقال ابن سيرين: "عيرت رجلًا بالإفلاس؛ فأفلست"، ومثل ذلك كثير، وفي الحديث الذي في سنده مقال عن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك)).

إذا ما الدهر جرَّ على أناس https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كلاكله أناخ بآخرينا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فقل للشامتين بنا أفيقوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سيلقى الشامتون كما لقينا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


روي عن بعض السلف: "أدركت قومًا لم يكن لهم عيوب، فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبًا، وأدركت قومًا كانت لهم عيوب، فكفوا عن عيوب الناس، فنُسيت عيوبهم".

وقال الأعمش: سمعت إبراهيم يقول: "إني لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكلم فيه إلا مخافة أن يبتليني الله به".
عباد الله، من هذا اليوم اتركوا تتبع العثرات، وحصر الزلات، واحذروا من الشماتة بالآخرين، واسألوا الله السلامة والعافية مما ترون وتعلمون من الأخطاء والتقصير بحق الآخرين؛ فكلنا ذوو أخطاء وتقصير وعيوب.

ومن كان صادقًا حريصًا على الآخرين، فليدعُ لهم بالهداية والتوفيق، وليقدم لهم النصح ما استطاع لذلك سبيلًا، وليستر ما علم من حالهم، ورأى من عيوبهم؛ وفي الحديث الصحيح: ((ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة)).

إذا رمتَ أن تحيا سليمًا من الأذى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ودينك موفور وعرضك صينُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لسانك لا تذكر به عورة امرئ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فكلك عورات وللناس ألسنُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعيناك إن أبدت إليك معايبًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فدعها وقل: يا عين للناس أعينُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ودافع ولكن بالتي هي أحسنُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أسأل الله العظيم أن يعاملني وإياكم بفضله ورحمته، وأن يستر عيوبنا في الدنيا والآخرة، قلتُ ما قلتُ إن صوابًا فمن الله وحده، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
عباد الله، اتقوا الله تعالى حق تقواه، وقوموا بما فرض الله عليكم من الحقوق والواجبات، وانتهوا عما نهاكم عنه من المعاصي والسيئات، ثم اعلموا رحمكم الله أن من تتبع عورات الناس وشمت بأحوالهم، وعدَّد سيئاتهم، فهو على خطر عظيم، ويخشى أن يكون حاله يوم القيامة كحال "الرجل المفلس"؛ الذي أخبر عنه الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه حينما قال: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار)).

وختامًا عباد الله:
حري بنا أن نهتم بأنفسنا وإصلاحها، وأن ننشغل بعيوبنا عن عيوب الناس، وأن نترك محاسبة الخلق للخالق، ثم صلوا وسلموا على خير المتقين، ومن أمر بستر المسلمين، كما أمركم بذلك رب العالمين؛ فقال عز من قائل عليم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليَّ واحدةً صلى الله عليه بها عشرًا)).

شبكة الالوكة
خالد سعد الشهري


الساعة الآن 09:33 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام