من منكم لم يسمع بذاك البيت الذي صدح فيه الشاعر بتلك المعاني الرقيقة في وصفه الرائع لتلك العيون الجميلة وكيف شبه تلك المناظر الخلابة التي أمامه بكلمات قربت الوصف وأدنت المعنى ليستريح إليها كظلال أوراق في ربيعها وزهوة مروجها وكأنها إطلالة حبست أنفاس الناظر بين جداولها ورياضها.
ذاكم الشاعر هو علي بن الجهم
أبو الحسن، من بني سامة.من لؤي بن غالب.
شاعر، رقيق الشعر، أديب، من أهل بغداد كان معاصراً لأبي تمام، وخص بالمتوكل العباسي، ثم غضب عليه فنفاه إلى خراسان، فأقام مدة، وانتقل إلى حلب، ثم خرج منها بجماعة يريد الغزو، فاعترضه فرسان بني كلب، فقاتلهم وجرح ومات.
ولديه قصة تستحق القراءة:
فقد قدم من البادية من خلف ابله وكلابه وصحراءه اللاهبة فاراد ان يمدح الخليفة المتوكل
ولم يكن يملك من ادوات الحس الأدبي ما يقدمه كهدية سوى تعابير رآها حسنة فافتتح مديحه في وجه الوالي:
أنت كالكلب فــي حفاظك للود.......وكالتيس فـي قِراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عدمناك دلواً.......من كبار الدلا كثير الذنوب
فوجه الخليفة أعوانه فأقاموا له قصرا جميلا ثم طلبه بعد فترة من الزمن.وقد رقت طباعه و حسن لفظه.فقال له في مطلع قصيدته:
جميلة أليست كذلك.
لكن قد ينقلب جمالها تعجبا.وكأنك تقرأ قصة لم تحدث. إذا تابعت القراءة.
مما أوردته حسب ما نقل عنها"المجلة العربية"
يقول النقاد يا سادة:
بأن علي بن الهجم صاحب الابيات المنسوبة إليه هو من مواليد بغداد وممن سكن خراسان ولا ينفي ذلك أن يكون عربيا.وفي طبقات الشعراء لابن المعتز ما يدل على انه حضري ولا صلة له بالبادية.ويقال بأن علي بن الجهم مدح الواثق بعد أن ولي الخلافة ، وهذا يدلّ على صلته بالخلفاء قبل المتوكل وهذا يدل على قدرته على التواصل بما يتناسب والمقامات في الخطاب
والعرب كانت قادرة على الوصف أيما قدرة.لذلك ورد في تصاويرها وضروب التشبيه لديها:القمر والليل والخيل والنجوم وسواها من الصور الحسنة.
ولذلك عزا بعض الادباء هذه القصة الى الخيال.وخاصة أن من أوردها من القصّاص قالها بصيغة المجهول"حكى بعض الادباء"وقال الناقد: بأن أثر الوضع عليها ظاهر للعيان