فلما انصرفوا تأخَّر هو، فقال له بعض أصحابه: يا أمير المؤمنين:
جنازة أنت وليُّها تأخرت عنها وتركتها ؟ قال: نعم. ناداني القبر من خلفي: يا عمر بن عبد العزيز، ألا تسألني ما صنعت بالأحبة ؟ قلت: بلى. قال: خرقت الأكفان، ومزقت الأبدان، ومصصت الدم، وأكلت اللحم،
قال: ألا تسألني ما صنعت بالأوصال ؟ قلت: بلى. قال: نزعت الكتفين من الذراعين،
والذراعين من العضدين، والعضدين من الكتفين، والوركين من الفخذين، والفخذين من الركبتين، والركبتين من الساقين، والساقين من القدمين، ثم بكى. وقال: ألا إن الدنيا بقاؤها قليل،
وعزيزها ذليل، وغنيها فقير، وشابّها يهرم، وحيّها يموت، فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها، فالمغرور من اغتر بها
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (فاطر:5)
[glint]فيا ساكن القبر غداً... ما الذي غرَّك من الدنيا ؟![/glint]