و مِنَ الأَلْفَاظِ الَّتِيْ ينبغي الحذر منها، تلك الألفاظ التي يُرَدِّدُهَا بَعْضُ المُتَعَصِّبِيْنَ لِفِرقهِم الرِيَاضِيَّةِ؛ وَهِيَ مِنَ الخُطُورَةِ على عقيدته، ودينه بِمَكَانٍ. ومن ذلك:
1- أنه إِذَا رَأَى مَنْ يُوَافِقُهُ المُيُولَ، يقول له: "وَافَقَت الفِطْرَةُ". - نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِهِ وَسَخَطِهِ؛ فَالْفِطْرَةُ هي التَّوحِيْدُ. - بَلْ - وَرَبِّي – إِنَّ الإِنْتِمَاءَ وَالتَّشْجِيْع إِنْ لَمْ يُخَالِفُ الفِطْرة؛ فَقَطْعَاً لَيْسَ هِيَ الفِطْرَة، فَكَيْفَ يَجْعَلهُ الفِطْرَة الصَّحِيْحَة؟ وهل من خالفه في الميول على غير فطرة الإسلام؟ قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ 2- وَكَذَلِكَ قَوْلُ بَعْضهمْ إِذَا رَأَى مَنْ يَتْرُكَ تَشْجِيْع نَادٍ مُنَافِسٍ، وَيَنْتَقِلُ إِلَى نَادِيْهِ: "الحَمْدِ للهِ عَلَى الهِدَايَةِ " أَو: " الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْحَقِّ" أَوْ ما شَابَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَلْفَاظِ، التي تدل على استخفافه بالدين. - وَهَذَا كَلَامٌ فِيْ مُنْتَهَى الضَّلَالُ؛ فَالهِدَايَةُ تَكُونُ لِلإِسْلَامِ؛ وَلَيْسَت لِتَشْجِيْعِ نَادٍ رِيَاضِيٍّ؛ أَلَا فَلْنَتَّقِ اللهَ فِيْ أَلْفَاظِنَا، قَالَ تَعَالَىمَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). 3- وَمِنَ الأَلْفَاظِ الَّتِي يَقُولُهَا بَعْضُ الجُهَّالِ إِذَا رَأَى رَجُلاً يُشَجِّعُ ناديًا غَيْرَ نَادِيْهِ: (إنك لا تهدي من أحببت). - فَإِنْ لَمْ يَكُن هَذَا القَوْلُ مِنَ الضَّلَالِ؛ فَمَا هو الضلال؟ فَالْهِدَايَةُ لا تَكُونُ إِلَّا لِلإِسْلَامِ وَالخَيْرِ، لا بِتَشْجِيْعِ نَادٍ وَتَرْكِ نَادٍ. - إِنَّ هَذِهِ الأَلْفَاظُ قَدْ لَا يُلْقِيْ لَهَا أَصْحَابُهَا بَالاً، وَيُخْشَى عَلَيْهُمْ مِنْهَا. - وَقَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ هَذِهِ الأَلْفَاظُ قَدْ تَكُونُ مَقَاصِدُ قَائِلِيهَا حَسَنَةٌ. - قُلت: وأي حُسنً في وصف، من وافقك في الميول بأنه على الفطرة، ومن خالفك فقد خالف الفطرة، وعلى غير هُدىً من الله. - ومع ذلك فَيُقَالُ: حَسَنُ القَصْدِ، لا يُصَحِّحُ قُبْحُ القَوْلِ، قال تعالى: ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ - وَلِذَا حَذَّرَ النَّبِيُّ، صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَنْ يَشُقُّ أَحَدُنَا عَلَى نَفْسِهِ فِيْ الصَّلَاةِ؛ فَيَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ، مَعْ أَنَّهُ يُرِيْدُ الدُّعَاءُ لَهَا. - فَعَنْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا نعَسَ الرَّجلُ، وَهوَ في الصَّلاةِ، فليَنصرِفْ، لعلَّهُ يدعو علَى نَفسِهِ، وَهوَ لا يَدري» رَوَاهُ النِّسَائِيُّ بْسَند صَحِيحٍ. 4- ومن ذلك أيضًا: أنك ترى بعض المنتمين للرياضة، يدعو على مخالفيه، أدعية لا يمكن أن تصدر، من عاقل، فضلًا عن مُسلم عاقل، فقد تجاوزت كل أوجه الاعتداء، في الدعاء، بل؛ هي مردودة عليه، يستحق عليها العقاب، والعذاب من ربه. - بل؛ والله، إن في بعض هذه الأدعية، لا يجرأ ان يدعو بها على مسلم، ظلمه في عرضه، أو ماله. - قال ﷺ: (لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ). رواه مسلم. - فهل هناك إثم أعظم، من إثم دعاءً على مخالف في الميول الرياضية؟ وهذه قطيعة رحم، لا شك في ذلك.