نـُطالب في كل ِ عام ٍ كمسلمين أن نـُصلي صلاة الإستسقاء ، لإجداب أراضينا وقلة المطر ، فهلا تدبرنا السبب وشخصنا الداء ، لنصفَ لهُ الدواء الناجع ، أو فعلنا كما يفعل الطبيب الفاشل عندما تأتيه ِ حالة ألم في البطن من زائدة أو تلبك أمعاء ، فيُشيرُ علينا ببتر القدم أو الساق كعلاج لها ... !! نعم صلاة الإستسقاء مسُنونة ومشروعة ، ولكن يجب علينا معرفة أسباب منع وحجب المطر عنا . قال عبدالله بن عباس وابن مسعود (رضي الله عنهما) : أن كمية المطر التي تنزل على الأرض هيَ هيَ ، نفس الكمية ، ولكن تنزل إلى أرض دون أرض ، وإذا كان الناس لا يستحقونها بذنوبهم وبمنعهم للزكاة ، ألقيت في البحر .
فالنـُسلط الضوء على الداء ونصفُ لهُ الدواء من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم ) :
فهذه خمسة ُ أمور إذا فعلتها أمة ُ الإسلام عوقبت بنظائرها ، فمنعُ الزكاة المفروضة يستوجب منع المطر ، وحتى لو صلينا صلاة الإستسقاء ، لآ نـُمطر إلا بفضل الله ومنه ِ وكرمه ِ ، ولولا البهائم التي تشتكي من ذنوب ومعاصي بني آدم لحرمانها الماء والكلأ لما مُطرنا ..... * وعنأ بي هريرة(رضي الله عنه) قال : قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) :( انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ، فهوأجدرأن لا تزدروا نعمة الله عليكم( متفق عليه .
*يا لها من وصية نافعة ، وكلمة شافية وافية ، فهذا يدل على الحث على شكر الله بالاعتراف بنعمه ، والتحدث بها ، والاستعانة بها على طاعة المنعم ، وفعل جميع الأسباب المعينة على الشكر . فإن الشكر لله هو رأس العبادة ، وأصل الخير ، وأوجبه على العباد ، فما بالعباد من نعمة ظاهرة ولا باطنة ، خاصة أو عامة إلا من الله . وهو الذي يأتي بالخير والحسنات ، ويدفع السوء والسيئات . فيستحق أن يبذل له العباد من الشكر ما تصل إليه قواهم ، وعلى العبد أن يسعى بكل وسيلة توصله وتـُعينه على الشكر .
* وقد أرشد النبي (صلى الله عليه وسلم) إ لى هذا الدواء العجيب ، والسبب القوي لشكر نعم الله . وهو أن يلحظ العبد في كل وقت من هو دونه في العقل والنسب والمال وأصناف النعم . فمتى استدام هذا النظر اضطره إلى كثرة شكر ربه والثناء عليه ، فإنه لا يزال يرى خلقا كثيرا دونه بدرجات في هذه الأوصاف ، ويتمنى كثير منهم أن يصل إلى قريب مما أوتيه من عافية ومال ورزق ، وُخلق وخلق ، فيحمد الله على ذلك حمدا كثيرا ، ويقول : الحمد لله الذي أنعم علي وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً .
وأذكرُ قصة بها عبرة وحكمة بالغة للحض ِ على شكر نعم الله علينا : كانت إمرأة أرملة وطفلها الذي لم يتجاوز السابعة يسكنون على سطح بناية بلا مُعيلَ وبلا مأوى وبلا سقف ، وفي يوم نزل المطر مُنهمراً وبلل كلَ شيء ولم تجد المرأة ملجأ ً من المطر على السطح لتـُؤوي به طفلها ، فسترتهُ بردائها فابتل ، وبحثت في المكان فوجدت باباً قديماً في أحد الأركان ، فجلبته ُ وأسندتهُ على الجدار ليحجب المطر عن طفلها ، وبقيت هي بالخارج تحت المطر ، فبادرها الطفل قائلاً : هل يوجد يا أمي عند جميع الناس مثل هذا الباب ليقيهم شدة المطر ؟؟ ، وماذا يفعل الذين لا يجدونَ مثل هذا الباب ... ؟؟
الله الله ... فاليسمع أصحاب الملايين والمليارات والعمارات والبورصات والسيارات ، بل الطائرات الخاصة من أبناء المسلمين هذه التساؤلات .... وليسمع من أ ُتخموا بأصناف وأنواع ما لذ وطاب من أجاويد الطعام هذه التساؤلات ....
فلو طالبناهم بتفقد أحوال الفقراء والمُحتاجين ، مما افترضَ الله عليهم في أموالهم بقوله ِ جلَ وعلا :
لقالوا الحقوق كثيرة والتجارة كاسدة ، ونحن أحقٍُ بالمعونة ، ولقطعوا أيديهم وشحدوا عليها .... !!
وليسمع الذين أغلقوا أبوابهم دون حاجات الناس هذه التساؤلات ....
فقد جاء في تفسير ابن كثير وغيره َِ رحمهم الله عند الآية ( ثمّ لتـُسئلن يومئذ ٍ عن النعيم ) قال : ثلاثة ٌ لا تـُسئلون عنها يوم القيامة : 1 ـ خرقة تستر عورتك المُغلظة ( القبل والدبر) . 2 ـ شربة ماء ولقيمات لسد الجوع حتى لا تهلك . 3 ـ مغارة تقيك برد الشتاء وحرّ الشمس .
وما فوق ذلك ستسأل عنهُ يا عبد الله يوم القيامة .
فماذا ستـُجيبُ ربك َ عز وجل .... ؟؟
قال تعالى : ( وقفُوهُم إنهم مسئُلُون ) الصافات 24 .
هو في سنن الترمذي وليس عند الإمام مسلم في الصحيح ..والله أعلم
توقيع : الأرقم
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان