الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (ولتكن لك بصمة) والتي نسعى من خلالها إلى كيفية ترك بصمة خير في هذه الدنيا مع الحصول على الأجر من الله تبارك وتعالى.
إخواني الكرام...
يقول الله تعالى في آيتين عظيمتين من آيات القرآن الكريم – وكل آيات القرآن عظيمة – "وبشّر الصابرين" وفي الآية الأخرى " إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب".
أحببت هذه المرة أن أبدأ بكلام الله عز وجل ومن ثم أنطلق إلى المعنى الهام والذي تبين من خلال الآيتين العظيمتين، ألا وهو معنى الصبر. تفكروا معي في هاتين الآتين وسنجد الأجر العظيم من وراء الاتصاف بهذه الصفة، بالله عليكم ما الذي تحمله جملة "بغير حساب"؟ الصفقات التجارية في الدنيا تتكلم عن المليارات والمليارات ولكن الصفقات الأخروية تتحدث عن أرقام مهولة لا نستطيع حتى أن نتخيلها. أليس هذا دافعا لنا لكي نصبر؟
لماذا نتحدث عن الصبر؟ لأن الذي يريد أن يضع بصمة خير سيواجه بلا شك عقبات وعوائق في طريقه لأن هذه هي سنة الحياة، لابد من صاحب الرسالة السامية أن يواجه من يحاول عرقلته بشتى الوسائل، وبالتالي إن لم يتحلى بهذه الصفة لن يستطيع تأدية رسالته وسيتوقف عن مواصلة هذا الطريق.
ألم يتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لعقبات في طريقه؟ ألم يتعرض الصحابة والصالحون من بعدهم لمشقات وعوائق؟ هل وقفوا أمامه؟ لا، بل زادهم ذلك قوة وصلابة ودفعهم صبرهم إلى تحمل هذه العقبات، وبذلوا جهدهم في سبيل نشر رسالتهم وتركوا بعد ذلك بصمة في هذه الحياة.
هذه الصفة هامة جدا لكل من أراد ترك بصمة خير في هذه الدنيا، نسأل الله أن يوفقنا للتخلق بها وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والحمد لله رب العالمين.