إن الإنسان في طريقه إلى الله محتاج إلى زاد يتقوى به فالتقوى زاد والإيمان زاد و....و...
كذلك فإن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم زادنا إلى الله وشفاء قلوبنا وسعادة أفئدتنا
ولكن ما حقيقة المحبة :
يتصور البعض أنه بمجرد الإقتناع بوجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم فقد حصل له الحب ولا عليه بعد ذلك إن ذكر أمامه النبي صلى الله عليه وسلم فلم تتحرك مشاعره ولم يلتهب الشوق في قلبه نحو الحبيب والبعض يظن أنه بمجرد القيام ببعض السنن أو حتى إتباع السنة كاملة يكون قد حقق الحب الكامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكن حقيقة المحبة كما يبينها علماؤنا الأفاضل هي :
أن الحب عمل قلبي تتفاعل فيه الأحاسيس وتستجيب به المشاعر وتتفجر معه الأشواق وتظهر إنفعالات الحب مع ذكر المحبوب فيهتز القلب وتدمع العين ويزداد الطلب والشوق لرؤية المحبوب والجلوس بين يديه لتكتحل العين برؤيته وتأنس النفس بالحديث معه ويتقطع القلب شوقاً ويتحرق ألماً عندما لا يتمكن من رؤيته ويطول الفراق والبعاد فلا يبق الا الحديث والإخبار دون الرؤية واللقاء
فالمحبة ليست قناعة عقلية وفقط بل هي مزيج دموع وأشواق ومشاعر وأنفعالات وحركة نفسانية قلبية أما الإقتناع بعظمة المحبوب وشدة إتباعه فقط دون ما ذكرنا من معاني فهذا عمل سطحي يحتاج إلى روح تبعثه من مواته وروح تحركه من سباته
لذلك لابد من مراقبة النفس عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مراقبة :
-حال القلب من الشوق والإنفعال أشد من شوق الإنسان إلى ولده وزوجه وكل حبيب لديه
-بدمع عينيه أشد ما يكون من مفارقة أحب المحبوبين إلى نفسه
-عمله وأقتدائه وإمتثاله أشد ما يكون طاعة وإنقياداً لأحب الناس إليه
ولكن لماذا محبة النبي صلى الله عليه وسلم :
1-أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي الطريق لتذوق حلاوة الإيمان ففي الحديث "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وأولها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما "
2-أن الإيمان لا يتحقق مطلقاً في قلب المؤمن إلا بمحبته صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين "
3-أن الإتباع العملي من غير رابطة قلبية برسول الله صلى الله عليه وسلم عبارة عن شبح بلا روح فلا يكمل العمل إلا بالمحبة
4-أن المحبة القلبية هي وقود الإستمرار العملي والثبات عليه والإجتهاد فيه
5- أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي روح الحياة وزاد الأرواح ومصدر السعادة ومبعث الحب للأخرين لا تستريح النفس إلا بها ولا تسكن الأفئدة إلا بتحقيقها
والمهم كيف الطريق إلى هذه القمة السامقة والمقصد العظيم وهو محبة النبي صلى الله عليه وسلم :
يذكر علماؤنا الإفاضل أن الطريق إلى هذه المحبة لابد لها من خطوات منها العملية وأخرى علمية :
أولاً : الخطوات العملية ومنها :
-كثرة الصلاة عليه في كل وقت وحين
-مجالسة محبيه صلى الله عليه وسلم وهذا سر يلقيه الله تعالى في قلوب المخلصين من عباده والأصفياء من خلقه قد ينالها الزوج دون زوجته والعبد دون سيده والغني دون الفقير والصغير دون الكبير وما أكثر المحبين المشتاقين الذين يودون لو رأوهصلى الله عليه وسلم وبذلوا لذلك مهجهم وأموالهم
-الإطلاع على أحوال محبيه
- الإتباع العملي لكافة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إتباعاً كاملاً بإخلاص تام وممزوج بحب كامل وإعتزاز وفخر بإتباع أشرف الخلق
- زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم فتلك عبادة مستقلة مندوب إليها بها يشعر الزائر بالقرب من حبيبه صلى الله عليه وسلم فتتفجر من قلبه أحاسيس المحبة والشوق وتسيل عيونه بدمع المحبة فتفيض على قلبه أنوار من أنوار النبوة المباركة ببركة المكان والعمل
- الأكثار من الحديث عنه صلى الله عليه وسلم في المجالس فكل مجلس لا يذكر فيه الحبيب فهو نقص على الجلساء ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره
ثانياً : الخطوات العلمية ومنها :
-الإطلاع والمعايشة للسيرة النبوية
-الإطلاع والمعايشة للشمائل المحمدية
-الأطلاع والعايشة للخصائص المحمدية
-معرفة حقوقه صلى الله عليه وسلم
-معرفة طرف من أقواله النيرة المربية
إن الإطلاع على هذه الجوانب "السيرة -والشمائل -والخصائص -ومعرفة الحقوق -والإطلاع على الأقوال والأحاديث " ليهيئ قلب المؤمن للتعرف على أعظم نبي بل أعظم إنسان على الإطلاق فالمعرفة هي الخطوة الأولى ولكن بتلك الجوانب المتاكملة التي أشرنا إليها
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرزقنا حبه وحب من أحبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم
ونرجو من الجميع التفاعل مع هذا الموضوع وخاصة الخطوات العلمية "السيرة -الخصائص -الشمائل - معرفة الحقوق - والإطلاع على الأقوال والأحاديث "
أختي الفاضله أم عمار جزاكي الله كل خير على موضوعك القيم و الهام وجعله في ميزان حسناتك
أختي الفاضله ان رفعة منزلته صلى الله عليه و سلم لم تقلل من تواضعه وبساطته، وقف أمامه ذات مرة أحد الأعراب، فاستشعر عظمته ووقاره وتواضعه، فارتجف واضطرب هيبة من الرسول الحبيب فهدّأ من روعه قائلا له: هوّن عليك، فما أنا بملك ولا سلطان، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد!. أختي الفاضله كان صلوات ربي عليه و سلامه ينام على الحصير حتى ترك له بصمات على جنبيه. فعن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله، لو اتخذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال: ما لي وللدنيا؟! ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها كان حبيبنا نبيا في وحيه، رسولا في تبليغ رسالته، وإنسانا في بيته ومع زوجه وأحفاده. كان يجعل ظهره مطية للحسن والحسين، حتى في أثناء الصلاة، فأطال على الناس ذات مرة السجود، فظنوا به الظنون. فلما فرغ سألوه عن سبب إطالته، فقال إن ابني ارتحلني (ركبني) فكرهت أن أعجله. ويسابق زوجه، فتسبقه مرة ويسبقها مرة؛ فيقول لها مداعبا: هذه بتلك. ياأختي كان صلى الله عليه وسلم ملازما أمته وهمومها، يعيش فرحها ويعيش أزماتها. لما كان الناس يحفرون الخندق حول المدينة اتقاء من هجوم قريش وحلفائها، كان الرسول معهم بفأسه. وكان الناس في ضنك شديد، فالتقى عليهم الجوع والعطش والتعب والنصب لقلة ذات اليد ولدقة الموقف، فكان الناس يضعون حجرا على بطونهم حتى تلتصق بأجسادهم فلا توجعهم ولا تمزق أحشاءهم، واشتكى القوم من هول الموقف ومن الجوع المضني ورفعوا عن بطونهم ليُرُوا رسولهم الأحجار التي وضعوها.
ورفع النبي عن بطنه الشريفة فكان حجران! لا لوم، لا اعتذار، وإنما قدوة ونموذج، وصبر وتواضع وصحبة. وتوقف الزمن، وجثا التاريخ على ركبتيه يبحث عن رفيق!. وقد كان الحبيب قوّاما صوّاما، يقوم ليله عابدا مسبحا متضرعا باكيا حتى تتفطر قدماه الشريفتان وتبتل لحيته، فتتعجب زوجه وتقول له وكلها شفقة عليه: " أتصنع هذا وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ".. وكأن لسان حالها يقول: فلماذا هذا الإبحار في القيام والذكر والتذلل؟ فيجيبها بكل براءة المحب العاشق لربه والصادق مع نفسه: "يا عائشة، أفلا أكون عبدا شكورا؟"أللهم أحشرنا معه و شرفنا بلقاءه يا رب أللهم أمين