اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد3
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
قوله تعالى :
( وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً )
لم يصرِّح جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة ببيان الشيء الذي أمرها أن تأكل منه ،
والشيء الذي أمرها أن تشرب منه ، ولكنَّه أشار إلى أن الذي أمرها أن تأكل منه هو : " الرطَب الجني "
المذكور ، والذي أمرها أن تشرب منه هو النهر المذكور المعبر عنه
بـ " السري " ،
كما تقدم ، هذا هو الظاهر .
وقال بعض العلماء : إن جذع النخلة الذي أمرها أن تهز به :
كان جذعاً يابساً ؛ فلما هزته جعله الله نخلة ذات رطب جني .
وقال بعض العلماء :
كان الجذع جذع نخلة نابتة ، إلا أنها غير مثمرة ، فلما هزته أنبت الله فيه الثمر ، وجعله رطباً جنيّاً .
وقال بعض العلماء : كانت النخلة مثمرة ، وقد أمرها الله بهزها ليتساقط لها الرطب الذي كان موجوداً .
والذي يُفهم من سياق القرآن :
أن الله أنبت لها ذلك الرطب على سبيل خرق العادة ، وأجرى لها ذلك النهر على سبيل خرق العادة ، ولم يكن الرطَب ، والنهر ، موجودين قبل ذلك ، سواء قلنا إن الجذع كان يابساً ،
أو نخلة غير مثمرة ، إلا أن الله أنبت فيه الثمر ، وجعله رطباً جَنيّاً ، ووجه دلالة السياق على ذلك :
أن قوله تعالى :
( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً )
يدل على أن عينها إنما تقر في ذلك الوقت بالأمور الخارقة للعادة ؛
لأنها هي التي تبين براءتها مما اتهموها به ،
فوجود هذه الخوارق ، من تفجير النهر ، وإنبات الرطب ، وكلام المولود : تطمئن إليه نفسها ،
وتزول به عنها الربية ، وبذلك يكون قرة عين لها ؛
لأن مجرد الأكل والشرب مع بقاء التهمة التي تمنت بسببها أن تكون
قد ماتت من قبل وكانت نسياً منسيّاً :
لم يكن قرة لعينها في ذلك الوقت ، كما هو ظاهر ،
وخرق الله لها العادة بتفجير الماء ، وإنبات الرطب ،
وكلام المولود : لا غرابة فيه ، وقد نص الله جل وعلا في
" آل عمران " على خرقه لها العادة في قوله
( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) .
قال العلماء : كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف ، وإجراء النهر ، وإنبات الرطب : ليس أغرب من هذا المذكور في سورة " آل عمران " .