لقد ذكر الله تعالى عبارة (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) في سورة المائدة ثلاث مرات، وجاءت هذه العبارة ضمن آيات تتدرج في معناها اللغوي، فالأولى تتحدث عن اليهود فجاءت العبارة على الشكل التالي: (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، أما الآية الثانية فتحدثت عن النصارى وهم أكثر إيماناً من اليهود فجاءت العبارة على الشكل التالي: (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا)، أما الآية الثالثة تحدثت عن كل من صدَّق بالقرآن فجاءت الصياغة كما يلي: (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)، وهذا التدرج لا يمكن أن يأتي هكذا بالمصادفة، بل هو من تنزيل العزيز الحكيم.
وهذا التدرج يذكرنا بحديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أخبرنا أن اليهود قد عملوا جزءاً مما كلفهم الله به ثم توقفوا وعصوا الله، فأخذوا جزءاً من الأجر، ثم جاء بعدهم النصارى فأكملوا جزءاً من العمل الذي كلفهم الله به ولكنهم توقفوا أيضاً، فأخذوا قسماً من الأجر، ثم جاء بعد ذلك المسلمون فأكملوا هذا العمل حتى النهاية فأخذوا الأجر كاملاً.
كذلك عندما درسنا أرقام الآيات الثلاث وجدنا تناسقاً مع العدد سبعة الذي هو أساس النظام العددي للقرآن، وعندما درسنا عدد كلمات هذه العبارات الثلاث رأينا تناسقاً مع الرقم سبعة، وكذلك عندما درسنا عدد حروف هذه العبارات الثلاث بقي التناسق السباعي قائماً بشكل لا يمكن أن تكون جميع هذه التناسقات بالمصادفة!
والذي أريد أن أقوله إن كل كلمة في كتاب الله إذا ما تأملناها رأينا فيها تناسقاً وإحكاماً وإعجازاً، وهذا غيض من فيض إعجاز القرآن الكريم الذي وصفه الله تعالى بقوله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
g'hzt gy,dm lk s,vm hglhz]m >>>>>>>>>>> gû,dé g~ç, çglç,dé E,Ré