٩/ التفكير الإبداعي: الذي هو خارج الصندوق ،يتجاوز النمطي يقول رالف ايميرسون( دائماً ما تجد العبقرية نفسها سابقة أوانها بقرن ). ولذلك يعرفه بعضهم ( عملية ذهنية يتم فيها توليد الأفكار وتعديل الأفكار من خبرة معرفية سابقة تنتج وتعالج وتفيد..) وقيل( إنه القدرة على التخيل أو اختراع أشياء جديدة عن طريق التوليف بين الأفكار وتعديلها أو تغييرها) بحيث يصدق عليها عقلا إبداعيا . فالمكررة لا مقام لها هنا، ولو تأملنا صنيعة سليمان عليه السلام في نزاع المرأتين على الطفل، حينما عدا الذئب على طفل إحداهما، قضى والده للكبرى، وهو فكّر بشكل آخر، وهو أن طلب السكين ليشقه بينهما فقالت الصغرى: لا تشقه رحمك الله هو ولدها، فقضى به للصغرى، حيث تحركت عندها عاطفة الأمومة، والقصة في الصحيحين وبوب لها النسائي رحمه الله في السنن(باب السَّعة للحاكم أن يقول للشيء الذي يفعله: افعل ليستبين الحق). وصنائع الإمام البخاري في تراجم صحيحه نوع من التفكير الإبداعي، والذي يجعل المرء يعجب من طريقته وحسن إيراده، حتى اشتهر قولهم( فقه البخاري في تراجمه )، وقال القسطلاني: "وهذا الموضع هو معظم ما يشكل من تراجم البخاري ولذا اشتهر من قول جمع من الفضلاء: (فقه البخاري في تراجه). وقال أيضا: ( وبالجملة فتراجمه حيرت الأفكار وأدهشت العقول والأبصار، ولقد أجاد القائل: أعيا فحولَ العلم حلُّ رموز... ما أبداه في الأبواب من أسرارِ ) ولذلك يكرر الأحاديث ليستخرج منها فرائد عجيبة، وغوامض مهمة، ويثير الأفهام، ويحرك البصائر، فلقد كرر (حديث عائشة مع بَريرة) نحو عشرين مرة..! ١٠/التجدد اليومي: لا تجعل اليوم كغبن الأمس، أو تقصير الساعة الفائتة ، حاول دائماً امتطاء صهوة التجديد(( { إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} )) [سورة الرعد ] . وقال علي رضي الله عنه فيما يروى عنه ولا يصح مرفوعا من استوى يوماه فهو مغبون ) وهي تربية على التجدد وحسن العمل وتنويع النشاط والفاعلية، في أعمال الدنيا والآخرة، لأن العاقل لايفوت وقته، ولا يفرط بساعاته...! لا سيما والزمان يتقلب وله وجوه شتى، فمن الوعي والحكمة تغير المرء للأحسن....وكما قيل: وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى --- وحالُكَ واحدٌ فـي كلّ حالِ قال الحسن البصري رحمه الله ( ما من يوم ينشق فيه فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد ، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود ). ووعي هذا المعنى يحقق الغاية من حكمة الوجود والخلق ويدفع نظرية عبثية الحياة التي يشيعها الإعلام المنحط(( {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} )) [سورة المؤمنون] . وفي حكمة عالمية (ليس المهم أن تعيش بل أن تعيش جيدا). وثمرات ذلك : • شرح الصدر • تقوية النفس • التفاعل الآني • الطموح المتصاعد .. ومن التجديد اليومي : التفاعل الذاتي: باستعمال ما أعطاك الله من مواهب وقدرات، وفي ذلك من العمل والخدمة والتعود ما لا يخفى... ومحاذيرها : • طول العزلة • كثرة الاعتذارات • الحفاوة بالسلبية • التواكل كقولهم : غيري كفاني، ليرفع عن نفسه تبعة العمل والإبداع الدعوي والذاتي... وليعلم أن للنفوس همة ونشاطا إن لم يستثمر في حينه ضاع وتبدد، وكما قيل: • إذا هبت رياحُك فاغتنمها// فإن لكل خافقةٍ سكونا !! • وإذا أحس المرء بأهمية التجديد اليومي، كما يجدد ملابسه ويتعاهد نظافته وصحته، فإن جدته أيضا تكمن وتكمل في افعاله الضافية، ومكتسباته الرائعة، والتي تعكس أثره في الذات والحياة الاجتماعية، وهي قيمة الانسان الحقيقية، وجوهريته الوجودية ... • فلستَ الثياب التي ترتدي//ولست الأسامي التي تحملُ ولست البلاد التي أنبتتك//ولكنما أنت ما تفعلُ نماذج وصور من العبقريات الإسلامية: • عبقرية عمر في الحكم والقيادة • عبقرية علي في القضاء والفروسية، وكان عمر العبقري يستعيذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن..! • عبقرية خالد في الفروسية(( ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح عليهم )) • عبقرية عمرو بن العاص في القيادة والعسكرية والخطط. • عبقرية البخاري في الصحيح، ومكث فيه ١٦ سنة يحرره ويراجعه وضمنه الفقه الفريد اللذيذ. • عبقرية الخليل في العَروض والنحو جراء خياله وتدقيقه العجيب. • عبقرية الدارقطني في العلل، وقد أملاه من حفظه. • عبقرية مسلم في ترتيب صحيحه وحسن سياقته وكتب فيها د/ المليباري( عبقرية مسلم) في صحيحه . • عبقرية الشافعي في الرسالة، وهو أول مصنف في أصول الفقه والحديث . • عبقرية ابن تيمية في التأليف والرد العلمي والمناظرات. • عبقرية الشاطبي في المقاصد، وكتابه الموافقات. • عبقرية الغزالي في الإحياء، ونقد الفلاسفة حينما تاب منها. • عبقرية النووي في جودة التصنيف وغزارته، وصغر سنه في ذلك. • عبقرية ابن القيم في التدقيق والاستنباط النادر، وكتبه شاهدة بذلك. • عبقرية الحافظ في الفتح وتخريجه ومروياته. • عبقرية ابن رشد في الفقه وجودة التصنيف. • عبقرية السيوطي في الكتابة والجمع المذهل. • عبقرية الجاحظ في البيان. • عبقرية إياس المزني في القضاء والفطنة . • ومن المعاصرين: • عبقرية ابن عاشور في التحرير والتنوير. • عبقرية ابن باديس في الدعوة ومقاومة المستعمر . • عبقرية أحمد شاكر في الحديث والتحقيق العلمي. • عبقرية سيد سابق في فقه السنة. • عبقرية الرافعي والعقاد في في اللغة والبيان. • عبقرية ابن باز في الفتوى والسخاء العلمي. • عبقرية أبو زهرة في التأليف وحسن التقرير . • عبقرية المعلمي في النقد الحديثي . • عبقرية بكر أبو زيد في التصنيف الدقيق. • عبقرية ابن عثيمين في التفنن والتشقيق العلمي. • عبقرية الألباني في العمل الحديثي. • عبقرية محمود شاكر في التحقيق والدفاع عن الهوية الثقافية . • وهذه مجرد أمثلة وإلا فالحصر صعب، المنال لكثرة العباقرة في كل مجال، ولأن أمتنا ولادة متقدة بالإنتاج والإبهاج، والله الموفق. حمزة بن فايع الفتحي رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير
l,g~]hj hgufrvdm hgafhfdm: hglrhg hgehge çglçg çgëçgë çgôèçèdé