منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com/)
-   الخلافة الراشدة (http://forum.islamstory.com/f56.html)
-   -   خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه (http://forum.islamstory.com/27947-%CE%E1%C7%DD%C9-%C7%E1%CD%D3%E4-%C8%E4-%DA%E1%ED-%D1%D6%ED-%C7%E1%E1%E5-%DA%E4%E5.html)

محمد فراج عبد النعيم 26-09-2011 09:03 PM

خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه
 
لما استشهد الخليفة الرابع: علي رضي الله عنه بقتل أحد الخوارج له وهو عبدالرحمن بن عمرو المرادي في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه سنة أربعين للهجرة النبوية
بويع بالخلافة بعده ابنه الحسن رضي الله عنه واستمر خليفة على الحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك نحو سبعة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل ستة أشهر وكانت خلافته هذه المدة خلافة راشدة حقه لأن تلك المدة كانت مكملة لمدة الخلافة الراشدة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدتها ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً.
فقد روى الترمذي بإسناده إلى سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك)) .
وعند الإمام أحمد من حديث سفينة أيضاً بلفظ: ((الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملك)) .
وعند أبي داود بلفظ: ((خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء أو ملكه من يشاء)) .
ولم يكن في الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن وقد قرر جمع من أهل العلم عند شرحهم لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الخلافة في أمتي ثلاثون سنة)) أن الأشهر التي تولى فيها الحسن بن علي بعد موت أبيه كانت داخلة في خلافة النبوة ومكملة لها.
فقد قال أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: (فنفذ الوعد الصادق في قوله- صلى الله عليه وسلم-...: ((الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم تعود ملكاً)) فكانت لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وللحسن منها ثمانية أشهر لا تزيد ولا تنقص يوماً فسبحان المحيط لا رب غيره) .
وقال القاضي عياض: (لم يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة والأشهر التي بويع فيها الحسن بن علي... والمراد من حديث ((الخلافة ثلاثون سنة)) خلافة النبوة وقد جاء مفسراً في بعض الروايات ((خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً)) .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: (والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين الحديث الذي أوردناه في (دلائل النبوة) من طريق سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً)) وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي) .
وقال شارح الطحاوية: (وكانت خلافة أبي بكر الصديق سنتين وثلاثة أشهر، وخلافة عمر عشر سنين ونصفاً، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر، وخلافة الحسن ستة أشهر) .
وقال المناوي بعد ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) قال: (وكان ذلك فلما بويع له بعد أبيه وصار هو الإمام الحق مدة ستة أشهر تكملة للثلاثين سنة التي أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم إنها مدة الخلافة وبعدها يكون ملكاً عضوضاً) .
ولما كان رضي الله عنه هو المبايع بالخلافة بعد أبيه وأنه الإمام الحق تلك المدة التي كانت مكملة لخلافة النبوة رأى أنه لابد من أن يكون أمره نافذاً على بلاد الشام التي كان الأمر فيها حينئذ لمعاوية رضي الله عنه فتوجه نحو بلاد الشام بكتائب كأمثال الجبال وبايعه منهم أربعون ألفاً على الموت فلما ترائى الجمعان علم أنه لا يغلب أحدهما حتى يقتل بعضها بعضاً واشترط على معاوية رضي الله عنه شروطاً التزمها، ووفى بها وعلى وفقها جرى الصلح بينهما وقد روى قصة الصلح بينهما الإمام البخاري رحمه الله تعالى في (صحيحه).
فقد روى بإسناده إلى الحسن البصري حيث قال: (استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها فقال له معاوية – وكان والله خير الرجلين -: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم، من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس – عبد الرحمن ابن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز – فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك قال: فمن لي بهذا؟ قالا نحن لك به فما سألهما شيئاً إلا قالا: نحن لك به فصالحه فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: ((إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) .
وبقبوله الصلح مع معاوية حصل مصداق قوله صلى الله عليه وسلم فيه: (فكان كما قال: أصلح الله تعالى به بين أهل الشام وأهل العراق بعد الحروب الطويلة والواقعات المهولة) .
وهذا الإصلاح الذي حصل بين فريقي الحسن بن علي ومعاوية رضي الله عنهما مما يحبه الرب -جل وعلا – ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو من أكبر مناقب الحسن رضي الله عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وهذا الحديث يبين أن الإصلاح بين الطائفتين كان ممدوحاً يحبه الله ورسوله، وأن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى بها عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان القتال واجباً أو مستحباً لم يثن النبي صلى الله عليه وسلم بترك واجب أو مستحب) .
وقد ذكر ابن العربي أسباباً هيأت الحسن لقبول الصلح مع معاوية رضي الله عنه حيث قال: (وعمل الحسن بمقتضى حاله فإنه صالح حين استشرى الأمر عليه وكان ذلك بأسباب سماوية ومقادير أزلية ومواعيد من الصادق صادقة منها: ما رأى من تشتت آراء من معه.
ومنها: أنه طعن حين خرج إلى معاوية فسقط عن فرسه وداوى جرحه حتى برأ فعلم من ينافق عليه ولا يأمنه على نفسه.
ومنها: أنه رأى الخوارج أحاطوا بأطرافه، وعلم أنه إن اشتغل بحرب معاوية استولى الخوارج على البلاد، وإن اشتغل بالخوارج استولى عليه معاوية.
ومنها: أنه تذكر وعد جده الصادق عند كل أحد صلى الله عليه وسلم في قوله: ((إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) وإنه لما سار الحسن إلى معاوية بالكتائب في أربعين ألفاً وقدم قيس بن سعد بعشرة آلاف قال عمرو بن العاص لمعاوية: إني أرى كتيبة لا تولي أولاها حتى تدبر أخراها فقال معاوية لعمرو: من لي بذراري المسلمين فقال أنا: فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة: تلقاه فتقول له: الصلح فصالحه فنفذ الوعد الصادق في قوله: ((إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) . ).
وكان ذلك الصلح المبارك الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون علي يد سبطه الحسن بن علي عام واحد وأربعين هجرية (فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه توفى في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة وهذا من دلائل – نبوته – صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليماً، وقد مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صنيعه هذا وهو تركه الدنيا الفانية ورغبته في الآخرة الباقية، وحقنه دماء هذه الأمة فنزل عن الخلافة وجعل الملك بيد معاوية حتى تجتمع الكلمة على أمير واحد) وتسليم الحسن الأمر لمعاوية يعتبر عقد بيعة منه له بالخلافة وكان ذلك في موضع يقال له: (مسكن) ولما نزل الحسن عن الخلافة لمعاوية بايعه (الأمراء من الجيشين واستقل بأعباء الأمة فسمي ذلك العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على رجل واحد) ولاجتماع المسلمين بعد الفرقة وتفرغهم للحروب الخارجية والفتوح، ونشر دعوة الإسلام بعد أن عطل قتلة عثمان سيوف المسلمين عن هذه المهمة نحو خمس سنوات. (ولما تسلم معاوية البلاد ودخل الكوفة وخطب بها واجتمعت عليه الكلمة في سائر الأقاليم والآفاق وحصل على بيعته عامئذ الإجماع والاتفاق – رحل الحسن بن علي ومعه أخوه الحسين وبقية إخوتهم، وابن عمهم عبد الله بن جعفر من أرض العراق إلى أرض المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وجعل كلما مر بحي من شيعتهم يبكتونه على ما صنع من نزوله عن الأمر لمعاوية وهو في ذلك – هو البار الراشد الممدوح، وليس يجد في صدره حرجاً ولا تلوماً ولا ندماً، بل هو راض بذلك مستبشر به وإن كان قد ساء هذا خلقاً من ذويه وأهله وشيعتهم ولاسيما بعد ذلك بمدد، وهلم جراً والحق في ذلك اتباع السنة ومدحه فيما حقن به دماء الأمة، كما مدحه على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الحديث الصحيح ولله الحمد والمنة) .
والحاصل مما تقدم أن أهل السنة والجماعة يعتقدون أن خلافة الحسن بن علي كانت خلافة حقة وأنها جزء مكمل لخلافة النبوة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مدتها ستكون ثلاثين سنة وكذلك كانت كما أخبر عليه الصلاة والسلام.


الساعة الآن 01:16 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام