منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com/)
-   معًـا نبني خير أمة (http://forum.islamstory.com/f100.html)
-   -   فقه الدعوة الي الله (http://forum.islamstory.com/27968-%DD%DE%E5-%C7%E1%CF%DA%E6%C9-%C7%E1%ED-%C7%E1%E1%E5.html)

محمد فراج عبد النعيم 26-09-2011 11:05 PM

فقه الدعوة الي الله
 

إن للدعوة إلى الله أهداف يجب العمل من أجل تحقيقها، وقد لخصها ربعي بن عامر القائد المسلم الذي فقه الإسلام على حقيقته الناصعة، لما سأله قائد الفرس "رستم" عن سبب مجيء المسلمين إلى أرضهم لفتحها قال: [إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة] فهذا بالقول المجمل، وتفصيله ما يلي:

أولا
: بناء الفرد المسلم
على الداعي إلى الله أن يضع نصب عينيه تكوين الفرد المسلم الذي هو الأساس، وهذا الفرد ينبغي أن يكون:
أ. سليما في عقيدته: مؤمنا بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر وبالقضاء والقدر إيمانا كاملا لا يشوبه شك.
ب. صحيحا في عبادته: يعبد الله تعالى كما أمره، ولا يتسنى له هذا إلا بمعرفة الحد الأدنى من العلم في الدين، فيؤدي عباداته كما ينبغي وعلى قدر استطاعته لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ...﴾ [سورة آل عمران، الآية 102]، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ...﴾ [سورة التغابن، الآية 16].
ج. قويا في أخلاقه: فلا معنى لعبادة لا تثمر أخلاقا، وقد بين الله وظيفة الأنبياء عامة والرسول صلى الله عليه وسلم خاصة بقوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ... ﴾ [سورة البقرة، الآية 129]، فالتزكية هي التربية التي تنمي الأخلاق وتتعهدها.
د. خادما لرسالته: المدرك لسر وجوده وهو كما يقول المولى عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي﴾ [سورة الذاريات، الآية 56]، فوظيفة الإنسان الأولى التي يجب أن يسخر لها وقته وقدراته هي عبادة الله حق العبادة.
إذا كان الفرد بهذه السمات صار صانعا من صناع الحياة على حد تعبير الشيخ محمد أحمد الراشد، فيكون لبنة صالحة في صرح المجتمع.

ثانيا
: بناء الأسرة المسلمة

بعد تكوين الفرد المسلم لابد له من الزواج لبناء أسرة فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولقد رغب النبي عليه الصلاة والسلام الشباب فيه فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج...) [رواه الجماعة عن ابن مسعود].
وهذه الأسرة ينبغي أن تكون:
أ. مربية للأجيال:فالأسرة هي المحضن الطبيعي الذي ينشأ فيه النشء، فتعده للغد فيكون ذخرا لأمته وعدة لها، ويكون أول ما تربيهم عليه هو الإيمان بالله وتوحيده.
ب. حامية للقيم والمبادئ:فالأسرة وهي تربي أبناءها تغرس فيهم القيم السامية والمبادئ الرفيعة التي دعا إليها ديننا الحنيف، فيتشبع بها ويجسدها في حياته مع كل الخلق.

ثالثا
: بناء المجتمع المسلم

وهو مسؤولية الجميع لا تختص بالدعاة فقط تحقيقا لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا...﴾ [سورة البقرة، الآية 143]، فالشهادة مقام رفيع اختص به الله تعالى أمة الإسلام، فعلى كل فرد أن يستشعر قدر مسؤوليته فيقيم الحجة على الناس ويبرئ ذمته أمام الله، وهذا المجتمع المراد بناؤه يجب أن يكون:
أ- منضبطا بالشرع في معاملاته:بمعنى أن يكون حريصا على تحكيم الشريعة الإسلامية في جميع أموره وعلاقاته الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والسياسية.
ب- مجسدا للأخلاق الإسلامية في علاقاته: لابد من تجسيد الأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام دون تمييز لإحداها على الأخرى فكلها مطلوبة، وبالتالي يتميز المجتمع المسلم عن سائر المجتمعات الأخرى.

رابعا
: تبني مشكلات الأمة وحمل همومها

انطلاقا من حديثين للرسول صلى الله عليه وسلم وهما: (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم)، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [رواه مسلم].
يتجلى ضرورة تبني مشكلات الأمة الإسلامية، ومن أهمها ما يلي:
أ- مشكلة الفهم القاصر للإسلام: ومن مظاهر هذه المشكلة:
1- الجمود والتقليد: بمعنى البقاء على الموروث الفقهي القديم و التقيد به دون بحث أو تمحيص، فإذا كان علماء السلف أطباء عصرهم لابد أن يكون علماء اليوم أطباء هذا العصر.
2- التجزئة للإسلام: الإسلام كل لا يتجزأ، عقيدة وعبادة وأخلاق وشريعة وفكر وسلوك وثقافة واجتماع... مع ذلك نجد في الأمة مَن ينظر إلى الإسلام نظرة تجزيئية تراعي جانبا منه وتهمل الجوانب الأخرى مما ينتج عنه ألوان من الشلل تصيب الأمة في كيانها المادي والمعنوي، ﴿...أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ...﴾ [سورة البقرة، الآية 85].

ب- مشكلة التمزق:
تعيش أمتنا مظاهر عديدة للتمزق على جميع المستويات مما أضعف قدراتها وإمكاناتها ومكن المتربصين بها من النيل من عقيدتها وشريعتها وقيمها.
ج- مشكلة التخلف: على جميع المستويات: الفكرية، الاقتصادية، السياسية، التربوية والتكنولوجية...
د- مشكلة الغزو الثقافي:وهو يشكل خطرا خارجيا على كيان الأمة ويزداد خطره مع ضعف مناعة الأمة، مستخدما في ذلك عدة وسائل منها:
- التنصير.
- التغريب.
- الإستشراق.
- العلمانية.
- مشكلة الانحلال الأخلاقي: لقد عمل أعداء الإسلام على فرض هيمنتهم على العالم الإسلامي بشتى الطرق، أقواها تأثيرا إشاعة الانحلال الخلقي باستخدام وسائل الدعاية والإعلام المختلفة.

خامسا
: الإسهام في تقديم حلول لمشكلات البشرية

إن الدعوة إلى الله من خصائصها العالمية، فهي غير محددة زمانا ولا مكانا ولا إنسانا، لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [سورة الأنبياء، الآية 107].
فتبني مشكلات البشرية التي تقف على حافة الهاوية، لتعيدها إلى ظل ربها وفق المنهاج الإسلامي واجب يقع على كاهل مؤسسات الدعوة.

أ-في الجانب الروحي: تعيش البشرية فراغا روحيا قاتلا بسبب بعدها عن هدي السماء، فطغت المادية على حياتها بشكل ينذر بالخطر، هذا الذي خلق أمراضا نفسية وعقلية كثيرة، ومن أخطرها انتشار ظاهرة الانتحار.
فإهمال الروح أحدث خللا في حياة البشرية لذلك فالدعوة اهتمت بهذه الروح ورسمت لها معالم تقودها إلى ربها العارف بها والخبير بخفاياها... فأجابت عن الأسئلة التي حيرت الإنسان مثل الأزل: مولده، وأصله وغايته ومصيره...
والعقيدة هي أكبر غذاء للروح فهي تعيد الرابطة بين الإنسان وربه، فتشحنها بقوة معنوية، حتى أن جميع الرسل والأنبياء قدموا العقيدة كحل لمشكلات قائمة، وبطريقة منهجية وبشكل يبعث على الحياة، فغرسوا عقيدة التوحيد في أنفسهم قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِي [سورة الأنبياء، الآية 25].

ب- في الجانب التربوي والأخلاقي:
لم تعد للأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية مكانة في ظل الحضارة الغربية، فعاث الناس فسادا في الأرض بلا ضوابط تسير علاقاتهم ومن مظاهر هذا الفساد: الإدمان على المسكرات والمخدرات والشذوذ الجنسي، الأولاد غير الشرعيين وتفكك أواصر القرابة....
فرسالة الإسلام تصحيح المسار التربوي والخلقي للإنسان وإشاعة الأخلاق الفاضلة والقيم السامية التي تضبط حركة الناس في هذه الحياة.
ومن أبرز وظائف الأنبياء والرسل التربية التي تجلت في دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ... [سورة البقرة، الآية 129].
فالتعليم ينصرف إلى الرؤوس والتزكية تنصرف إلى النفوس.

ج- في الجانب الثقافي والعلمي
: ثمن الإسلام العلم ودعا إليه، حتى أن أول كلمة أوحاها الله إلى نبيه عليه الصلاة والسلام هي "اقرأ" فالقراءة هي مفتاح العلم، لكن العلم المطلوب هو العلم الذي يترعرع في ظل الإيمان، فالعلم يكون عمارا إذا اتصل بالإيمان، ويصير دمارا إذا انفصل عنه.

- في الجانب الاجتماعي: تعاني المجتمعات البشرية من غياب القيم والأخلاق كالرحمة والتعاون والأخوة... وحلت محلها قيم وعادات دخيلة ساهمت في تفكك الأواصر والأسر.
أما الإسلام فقد طرح البديل من أجل بناء مجتمع سليم متكون من أسر متماسكة قائمة على مبادئ وقيم تحفظها من التمزق والتفسخ.

و- في الجانب الاقتصادي:
قرّر الإسلام جملة من التشريعات الكفيلة ببناء نظام اقتصادي عادل يرعى الإنسان ويحفظ المال.
- شرع نظام الزكاة كعبادة مالية واجتماعية، تستوعب الأوعية المالية المختلفة، وتصرف لفائدة المجتمع.
- أباح الملكية الفردية ونظمها بأحكام مختلفة بدءا من اكتسابها وانتهاء بتحديد مآلاتها ووظائفها.
- منع الربا باعتباره سببا في خراب الاقتصاد وفي امتصاص مقدرات الضعفاء.

ز- في الجانب التشريعي:
إن التشريع الإسلامي بلغ مستوى رفيعا لم ترق إليه التشريعات الوضعية: شمولا وكمالا وعدلا، لذلك يجب العمل على إبراز كنوز الشريعة ضمانا لمنظومة تشريعية شاملة تضبط علاقات الناس وتحفظ حقوقهم


الساعة الآن 02:55 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام