هذه بعض نقاط هامة وردت في كتاب جدد حياتك من فصل عيش في حدود يومك
يقول الشيخ الغزالي:
ولقد ساق ديل كارنيجي عددا من التجارب التي خاضها رجال ناجحون رجال لم يتعلقوا بالغد المرتقب بل انغمسوا إلى الأذقان في حاضرهم وحده يواجهون مطالبه ويعالجون مشكلاته فأمنوا بهذا المسلك الراشد يومهم وغدهم جميعا ثم أهدوا لنا خلاصات تجاربهم في هذه الكلمات
(ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتا من بعد وإنما علينا أن ننجز مابين أيدينا من عمل واضح بين)....وهي نصيحة للأديب الإنجليزي توماس كارليل.
ويزد عليها دكتور اوسلر فيأمر طلبته في جامعة ييل أن يبدأوا يومهم بالدعاء المأثور عن السيد المسيح (خبزنا كفافنا أعطنا اليوم)
وذكرهم بأن هذا الدعاء كان من أجل خبز اليوم فحسب
إنه لم يحزن على الخبز الردئ الذي حصل عليه أمس ولم يصح:إلهي لقد عم الجفاف ونخشى ألا نجد القوت في الخريف القادم.
والعيش في حدود اليوم وفق هذه الوصايا يتسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم((من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) إنك تملك العالم كله يوم تجمع هذه العناصر كلها في يديك فاحذر أن تحقرها.......
والحق
أن استعجال الضوائق التي لم يحن موعدها حمق كبير وغالبا ما يكون ذلك تجسيدا لأوهام خلقها التشاؤم ولو كان المرء مصيبا فيما يتوقع فإن إفساد الحاضر بشؤون المستقبل خطأ صرف والواجب أن يستفتح الإنسان يومه وكأن اليوم عالم مستقل بما يحويه من زمان ومكان. كان الخليل إبراهيم عليه السلام إذا طلع عليه الصباح يدعو (( اللهم هذا خلق جديد فافتحه علي بطاعتك واختمه لي بمغفرتك ورضوانك وارزقني فيه حسنة تقبلها مني وزكها وضعفها لي وما عملت من سيئة فاغفره لي إنك غفور رحيم ودود كريم)).......
واسمع قول أبي حازم
( إنما بيني وبين الملوك يوم واحد!!
أما أمس فلا يجدون لذته
وأنا وهم من غد على وجل
وإنما هو اليوم فما عساي أن يكون اليوم؟! )
هذا الفقير الصالح يتحدى الملوك إن لذائذ الماضي تفنى مع أمس الذاهب ما يستطيع أحد إمساك بعضها.
والغد في ضمير الغيب يستوي السادة والصعاليك في ترقبه.
فلم يبق إلا اليوم الذي يعيش العقلاء في حدوده وحدها. وفي نطاق اليوم يتحول إلى ملك من يملك نفسهويبصر قصده. فما وجه الهوان؟ وما مكان التفاوت؟
وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به بين الاستعداد له والاستغراق فيه بين التيقظ في استغلال اليوم الحاضر وبين التوجس المربك المحير مما قد يفعله به الغد.
إن الدين في حظره للإسراف وحبه للاقتصاد إنما يؤمن الإنسان على مستقبله بالأخذ من صحته لمرضه ومن شبابه لهرمه ومن سلمه لحربه.
أتدري كيف يسرق عمر المرء منه ؟ يذهل عن يومه في إرتقاب غده ولا يزال كذلك حتى ينقضي أجله ويده صفر من أي خير .
كتب ستيفن ليكوك يقول ( ما أعجب الحياة
يقول الطفل : عندما أشب فأصبح غلاما
ويقول الغلام:عندما أترعرع فأصبح شابا
ويقول الشاب: عندما أتزوج
فإذا تزوج قال :عندما أصبح رجلا متفرغا فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التي قطعها من عمره فإذا هي تلوح وكأن ريحا باردة إكتسحتها إكتساحا .. إننا نتعلم بعد فوات الأوان أن قيمة الحياة في أن نحياها ، نحيا كل يوم منها وكل ساعة)
في هؤلاء الذين ضيعوا أعمارهم سدى وتركوا الأيام تفلت من أيديهم يقول الله تعالى ( يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون مالبثوا غير ساعة)
ويقول (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها)
لتحميل كتاب جدد حياتك وكتب أخرى للشيخ الغزالي وأخرين من كبار العلماء