(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ), قفزت هذه الآية إلى ذهني وألح معناها على عقلي وأنا أسمع وأشاهد نفرا ممن فقدوا حياءهم بعد أن فقدوا حبهم لنبيهم وهم يسخرون من جموع المسلمين الثائرين لإهانة أراد بعض السفهاء إلحاقها بنبينا فهبوا دفاعا عنه صلى الله عليه وسلم, لم يكتف هؤلاء الساخرون بصمتهم المطبق وكأنهم من أمة أخرى غير أمة محمد, بل اندفعوا في عمىً وجهالة يلمزون جموع المسلمين الغاضبة التي ترجمت غضبها في مظاهرات عارمة ودعوة للمقاطعة الاقتصادية ناجحة. · بل لم يفعل هؤلاء الساخرون كما فعل بعض الأقباط الذين كانت ردود أفعالهم مختلفة تماما عن هؤلاء الساخرين فقد قام أحد الأقباط بمصر فأعاد نشر كتابه للرد على من نال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر فيه فضله صلى الله عليه وسلم ومناقبه ورد على كل من شكك فيه أو حاول النيل منه. · وإنما فعلوا مثلما فعل أسلافهم من قبل الذين سخروا ممن يتصدق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا جاء أحد أغنياء الصحابة بصدقة كبيرة قالوا: إنما فعل ذلك رياءً, وإن جاء أحد فقراء الصحابة بصدقة يسيرة قالوا: ما أغنى الله تعالى عن صدقته.. وهكذا لم يسلم أحد من ألسنتهم فنزل القرآن يبكتهم ويعدهم بجزاء من جنس عملهم: (فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ), وجزاء أخر: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ), ثم نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لهم فقال تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ). · وبينما جرؤ فريق صغير من هؤلاء الساخرين على إظهار معارضته علنا لثورة جموع المسلمين متهكم دون حياء على دعوات المقاطعة وغيرها من صور الغضب الشعبي الرائع والمشروع, فقد تخفى فريق الساخرين الأكبر خلف مبررات واهية يتكئون عليها في رفضهم لثورة الثائرين, وقبل أن نشرع في كشف زيف مبرراتهم هذه نقول أننا لم نعجب لأن فريقا من أمتنا ممن يتكلمون بألسنتنا كاره لثورة الغاضبين, بل كاره لغضبهم أصلا, سواء صاحبته مظاهرات احتجاج ودعوات مقاطعة أم لا, نعم لم نعجب لسبب بسيط هو أن هؤلاء أنفسهم كانوا في الوقت الماضي وإلى زمن قريب هم أنفسهم في عداد الساخرين من الدين ومن الله ومن رسوله ناهيك عن سخريتهم الدائمة الدائبة من المؤمنين, فمن أعضاء ذاك الفريق الذين ألف مؤلفا سماه (مسافة عي عقل رجل) سخر فيه من الأنبياء ومن معجزاتهم وقد حكم عليه وقتئذ بالسجن سبع سنوات وفُصل من وظيفته, ففوجئنا ببقية أعضاء فريق الساخرين يثورون يطالبون بإلغاء حكم المحكمة, ويناشدون رئيس الدولة المصرية التدخل لإطلاق سراح هذا العابث الماجن تحت دعوة حرية التعبير والإبداع - وهي بالمناسبة نفس الحجة التي يحتج بها مهووس الغرب لتبرير وتمرير العيب في نبينا صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام - وقد رفض رئيس الدولة وقتها طلبهم ولم يستجيب لضغوطهم في موقف حمدناه وقتها له.. لكن هذا الموقف لم يتكرر يوم نشر كتاب (وليمة لأعشاب البحر), وهو مؤلف بذيء جمع في ثناياه بين الفحش في القول والطعن في الدين, وقد ثارت يومها ثورة طلاب الأزهر وغيرهم مطالبين بسحب هذه الرواية ومحاكمة من سمح بنشرها في مصر ولم يستجب لهم وقتها أحد, وبعدها صدرت ثلاث روايات دفعة واحدة.. تسير على هذا الدرب والتي تجمع ما بين الفحش والاستخفاف, وقد أبدت وزارة الثقافة يومئذ غضبها وحاسبت من سمح لها بالنشر وقامت بمصادرتها وثارت ثائرة ذاك النفر من العلمانيين للمصادرة, بل إن بعض الصحف والمجلات المعروفة بتبعيتها الحكومية والتي يقال إنها مملوكة للشعب ما فتئت تصرح على لسان رؤساء تحريرها أنها تهدف إلى تحطيم (التابوه) واختراق المناطق الثلاثة المحرمة (الدين/السياسة/الجنس) وبينما نجدهم عاجزين عن اختراق (تابوه السياسة) إذ تجئ مقالاتهم دائما متماشية مع أصحاب النفوذ.. ومصالحهم فإنها تجرأت ولا زالت تتجرأ على الدين وتروج الجنس فتمتلئ صفحاتها الكئيبة بدعاوى الفحش القبيح الذي يصل إلى حد تسويغ الشذوذ الجنسي بصورة مباشرة أو غير مباشرة, كما تمتلئ بالطعن في الدين والسخرية من رجالاته ودعاته الملتزمين بأوامره, حتى إنك تجد صفحاتها مشحونة بالاستهزاء بالكلمة و الرسم الكاريكاتيري من الشباب المسلم الملتزم والفتيات الطاهرات العفيفات فإذا علمنا أن جرم هؤلاء الوحيد أنهم ممتثلون لأوامر الله سبحانه وتعالى مهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم مستنون بسنته, حريصون على إظهار شعائر الدين وإقامة شرائعه.. علما أن سهام السخرية التي تطلق نحو هذه الشخصيات لا يراد بها ذواتهم وإنما يراد بها النفوذ من صدورهم إلى ما يمثلونه من دين وإيمان وسنة.. بدليل أن هذا الشباب بعينه لو انقلب على عقبيه - أعاذه الله من ذلك - وصار إلى ما ينغمس فيه غيره من معاص - لانقلب موقف هؤلاء منه وكيف لا وهم الذين دافعوا من قبل عن عبدة الشيطان.. لا عجب إذن أن يكون بيننا فريق يسخر من الثورة العامة.
· شبهات الساخرين: والحجج التي يتكئ عليها هؤلاء الساخرون تافهة واهية.. فهم إما مشككون في جدوى هذه الاحتجاجات والمقاطعات وإما يزعمون أنهم خائفون من أن تنطبع صورة المسلم في الغرب أنه غوغائي يرفض حرية التعبير ولا يرحب بالحوار وإما زاعمون بأن المقاطعة تضر بالشعوب الغربية فتستجلب عداوتها للإسلام بينما هي لم تجرم أصلا في حق الإسلام ونبيه وإما لابسوا ثوب حكمة مزيف وقائلون بأن هذه الاحتجاجات قد جعلت الغرب يتعاطف مع الرسام الكاريكاتوري فأعيد نشر رسومه مما يزيد من حدة الأزمة.
· جدوى الاحتجاجات: أما تشكيكهم في جدوى الاحتجاجات وتأثير المقاطعات الاقتصادية فقد تكفلت الأرقام والمؤشرات المعلنة والمتداولة بالرد عليه بل لقد تأكدنا جميعا من جدواها حينما اضطرت الصحيفة التي نشر فيها ذلك الرسم البذيء إلى الاعتذار بل واضطر رئيس الوزراء الدنمركي الذي رفض في أول الأمر مجرد لقاء مع سفراء الدول الإسلامية اضطر لإعلان ترحيبه باعتذار الجريدة وإن كان حتى وقت كتابة هذه الصفحات لم يعلن اعتذارا رسميا باسم الحكومة الدنمركية, وكذا تتابعت اعتذارات كثيرة من المؤسسات الدينية في أوروبا والهيئات المدنية والحكومية. إذن لقد أثمرت الاحتجاجات والمقاطعات, حتى إن بعض الدوائر والشخصيات الحكومية أو غير الحكومية عندما حاولت التمادي بتأييد أصحاب الرسوم الوقحة تصدت لها حكومات الغرب ذاتها بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تعداها لبلد الحرية المطلقة زعيمة الحملة الصليبية الأخيرة أمريكا التي تحفظت الاستجابة لتلك الرسوم واعتبرت أن حرية التعبير لابد أن يكون هناك خطوط حمراء لا تتعداها, وسنسوق على ذلك شاهدين فقط من جملة عدة شواهد: أولاهما: عندما أعلن ثلة من اليمينيين الدانمركيين عن اعتزامهم التجمع لحرق أكبر عدد من المصاحف فقد هددتهم الشرطة الدنمركية وأجبرتهم على التراجع بعد أن انطلق تهديد جديد من بعض الهيئات الإسلامية أنه إذا حرق المصحف فستندلع الحرائق في كل مكان ليصير العالم محرقة كبيرة. ثانيهما: عندما أعلن وزير إيطالي أنه سيرتدي قميص طبعت عليهالرسوم المسيئة البذيئة فقد طالبه رئيس الوزراء الإيطالي بالاستقالة وبالفعل قدم استقالته بعدما خرجت مظاهرات عارمة في ليبيا وتم خلالها إحراق القنصلية الإيطالية على رغم أنف وزير الداخلية الليبي الذي حاول قمع الاحتجاجات العنيفة مما أدى إلى مقتل عشرة أو يزيد وانتهى الأمر بإقالة الوزير الليبي, ليس هذا فحسب بل إن بعض الدول العربية قامت بمصادرة الصحف التي قامت بنشر تلك الصور البذيئة وقدمت الصحفيين الذين قاموا بالنشر للمحاكمة, فمن الواضح لكل ذي عينين أن الاحتجاجات قد أثمرت ونجحت فلماذا إذن التشكيك ولماذا يسخر أحدهم من سلاح المقاطعة بقوله العدو من خلفكم والجبن الدنمركي أمامكم. الحق أقول لكم: إن هذا الطعن والتشكيك له سبب واحد ألا وهو الخوف الذي تملك هؤلاء من أن تؤدي هذه الاحتجاجات إلى إيقاظ الأمة ودفعها للالتفات حول هدى رسولها وسنته ونصرة نبيها بالاستمساك بشرعته ومنهجه عوضاً عما يقع فيه الآن من تقليد أعمى للغرب والسير على سنة أهله.. هذا هو الهاجس المرعب الذي يتملك الساخرين في بلادنا.
· نحن وحرية التعبير: أما قولهم أنهم خائفون من ازدياد صورة الإسلام وأهله قتامة لدى الغرب إذا ما تم تصوير المسلمين على أنهم ضد حرية التعبير فهذه حجة واهية وعذر قبيح, فإنه ليس مطلوبا منا أن نرضخ للمفهوم الغربي لحرية التعبير أو للحريات عموما خاصة وهو مصادم بشدة للمفهوم الإسلامي الصحيح للحريات.. فإن الحرية كقيمة إسلامية قد تم إرساء مبادئها وتحديد صورتها عبر مصدرين خالدين لا شك في مصداقية أي منهما (كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة), بينما المفهوم الغربي للحرية محصلة فكر بشري قاصر بقصور البشر أنفسهم, ظالم منحرف بقدر انحراف منظريه وظلمهم وفسادهم, فالأوربيون أنفسهم لا يزعمون أنهم استمدوا مفهومهم للحرية من كتبهم التي يزعمونها مقدسة, رغم اعتقادنا الجازم أنها تعرضت للتحريف والتبديل, بل هم يفخرون بأن هذه الحرية من صنع أيديهم, فكيف يقال لنا إياكم ومعارضة هذا المفهوم؟ وهل هذه إلا انهزامية رهيبة, بل الصواب أن نقول لابد أن يفهم الغرب جيدا أننا ضد هذا المفهوم الساقط للحرية, بسبب منبعه القاصر وبسبب إفرازاته القذرة والتي تتجلى في صورة عنصرية فجة عندما تجعل الهولوكوست وهي شيء حادث لا علاقة لها بنبي ولا رسالة ولا رسول تجعلها شيئا مقدسا وتسن القوانين لحبس وتجريم من يشكك في صدقها, في الوقت الذي ترفض إعطاء أي حصانة للأنبياء والرسالات بل تجعلهم هدفا لسهام الطاعنين, فإذا كان هذا هو أحد تجليات الحرية الغربية فكم هو حري بنا أن نبحث عن أقرب مقلب زبالة لنعلن على رؤوس الأشهاد أننا نلقي بالمفهوم الغربي للحرية فيه.
· جريمة الشعوب الغربية: أما زعمهم بأن هذه الاحتجاجات وخاصة في صورة المقاطعات الاقتصادية تضر بالشعوب الغربية التي لم تجرم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ولا هي معادية لأمتنا, فهذا الزعم يتضمن مغالطة واضحة.. إذ أن الحكومات الغربية على خلاف ما هو حاصل في كثير من بلاد المسلمين والعرب هي صدى مباشر لرغبات الشعوب وتوجهاتها ثم إن القوانين والنظم والأعراف الحاكمة لهذه المجتمعات ليست إلا من صنع هذه الشعوب, وما راسم الكاريكاتير البذيء إلا صورة لشريحة عريضة من المجتمع الغربي. فالشعوب هنا مسئولة بصورة أو بأخرى عما نالنا من إساءة.. وذلك من وجهين:- الأول: أن هذا العمل القبيح ليس إلا انعكاسا لثقافات هذه الشعوب ومبادئها. والثاني: أن هذه الشعوب تملك – لو أرادت- كف هذه البذاءات بتشريعات تجرم مثل هذا الفعل القبيح كما جرمت التشكيك في الهولوكست.. ومن عجب أنه في خضم سخرية الساخرين من مظاهرات الشعوب المسلمة تم الحكم بالسجن ثلاثة أعوام على كاتب بريطاني طعن في الهولوكست فخرس الساخرون في بلادنا ولم يعترضوا على أسيادهم الأوروبيون في تناقضاتهم الصارخة هذه.. وكما أن الشعب الأسباني أسقط حكومته اليمينية التي شاركت في حرب العراق حفاظا على أمنه الداخلي, فإنه بمقدور هذه الشعوب الحفاظ على مصالحها الاقتصادية بالأخذ على أيدي سفهائهم ممن يعتدون على ديننا وعقيدتنا. إذن هناك مسئولية تضامنية بين أعضاء هذه المجتمعات تجاه ما يصدر من بعضهم تجاه الأمم الأخرى ولا يعفى من هذه المسئولية سوى من يتبرأ من التجاوزات التي قد تصدر من هذا البعض. ومن ثم نقول أنه من الإنصاف أن نستثني من حملات المقاطعة تلكم الشركات التي تتبرأ صراحة من أولئك المستهزئين برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ومن أفعالهم.
· الحوار: أما حجتهم الرابعة فهي قولهم أن الاحتجاجات والمقاطعات تتنافى مع الحوار الذي نأمل في إجراءه مع الغرب عامة ومع تلكم الدول التي صدرت منها الإساءات خاصة, ويتصور أصحاب هذا الرأي أو يصورون لنا أن هذا الحوار هو الأمل الحقيقي لوقف تجاوزات الغرب ضد أمتنا وعقيدتنا, وقد تأثر بدعوتهم هذه على ما يبدو بعض المنتسبين للدعوة, فراح ينادي بوقف الاحتجاجات حتى لا تضيع فرصة الحوار هذه. ونحن مثلنا مثل كثيرين من أهل الدين نتوجس شرا من دعوات الحوار هذه التي تنطلق بين الفينة والفينة, تارة تحت مسمى الحوار بين الأديان, وتارة بين الحضارات, وتارة بين الشعوب.. ونحن كغيرنا من أهل الدين متشككون في الأهداف الحقيقية لمثل هذه الحوارات التي يعمد أصحابها إلى يومنا هذا إلى إخفاء المعلومات المتعلقة بها.. فإذا كان المقصود بهذه الحوارات هو التقريب بين الأديان.. كما صرح بذلك بعضهم، فهذا شيء لا يستحق منا الموافقة عليه فضلا عن الترحيب.. فما بالك بمن يصور لنا مثل هذا الحوار على أنه غاية المنى ونهاية المطاف الذي يجب أن يوقف كل شيء من أجل الوصول إليه. فلسنا ندري كيف يتم التقريب - مثلا - بين من يؤمن بقوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ),وبين من يقول بالأب والابن والروح القدس ثلاثة في واحد.. تعالى الله عما يقولون, وإن كان يراد بالحوار هو دعوتهم إلى دين الحق ومناظرتهم عليه حتى وإن صاحب ذلك محاولتهم دعوتنا لدينهم ومناظرتنا في ذلك فلا حرج في أن تخوض فيه وقد ناظر رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وكافة رسل الله تعالى الكفار من أقوامهم ليدحضوا باطلهم كما قال الله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ), وعلى كل حال فليس لمثل هذا الحوارات في حال إتمامها دور ملموس في حل المشكلة القائمة ولا في ضمان عدم تكرارها فكيف يقال أوقفوا الاحتجاجات وقد كان لها من الآثار الإيجابية الكثير كي نبدأ حوارات لا علاقة لها بالموضوع أصلا..
· زلة قدم: ولنستغفر هنا لبعض الدعاة ممن قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصفح عمن آذاه في شخصه ويهتم بدعوته فكانت دعوته مقدمة على شخصه يشير بذلك إلى أن الواجب علينا هو تقديم دعوة هؤلاء الكفار الجهال على الاستمرار في الغضب والانتصار بسبب الإهانة التي لحقت بنبينا.. وقد فاته يغفر الله له أن الرسول بالنسبة لنا ليس مجرد شخص بل هو أحد أركان الإيمان بل هو باب الدين الأوحد فعن طريقه وصل القرءان وعلى يديه عرفنا التوحيد وشرائع الإسلام ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يعفو كما له أن ينتصف وينتصر ممن آذاه لأن ذلك حق شخصي له.. فإن عفا فهي مكرمة أما نحن فلا يجوز لنا العفو ممن آذاه - ولا المسامحة فإن ذلك مسبة لنا ومعرة ونقيصة تلحق بنا ونقص في إيماننا.. وإذا كان الرجل العظيم إذا ناله بعض السفهاء برديء القول فسامحه وتجاوز عنه مع قدرته على الانتصاف منه عددنا ذلك من محاسنه فإن ابن هذا الرجل لا يليق أن يرى أباه يسب أو يهان في موقف آخر ثم يقف مكتوف اليدين ويقول قد عفوت أنا الآخر عمن أساء إلى أبي, فإن فعل ذلك فهو حقيق باللوم حري بأن يذم بل ويؤدب على تقصيره, لأن هذا التقصير يدل بوضوح على قلة توقيره واحترامه لأبيه, فهكذا في المسألة التي نحن بصددها. بقى أن يقال أن الحوار المقصود حوار من نوع خاص يتعلق بالمسألة المثارة تحديدا وهدفه محاولة إقناع الغرب وشعوبه بأن لدينا مقدسات لا نسمح بالمساس بها وأن الحرية يجب أن تتوقف قبل أن تصل إلى المنطقة المحرمة عندنا والتي تشمل كل مقدساتنا.. لكن من قال إن الغرب يجهل أن هناك مقدسات وأن النبي صلى الله عليه وسلم مكانة دينية عند المسلمين لا يدانيها مكانة أخرى.. هذا أمر بدهي لا يحتاج إلى حوار أصلا.. ومع ذلك فنحن لا نعارض قيام حوار مع الغرب أو الشرق لإيضاح هذا الأمر وحث الأمم الأخرى المختلفة على عدم الاعتداء على مقدساتنا لكن لا ينبغي أن نخيل لأنفسنا أن هذا الحوار سينجح لا محالة.. بل إن احتمالات فشله قائمة ربما بدرجة مساوية إن لم تكن أكبر من احتمالا نجاحه. فلماذا يقال للشعوب كفوا عن الاحتجاجات كي لا تضيع فرصة حوار لا يضمن أحد نجاحه أصلا بينما قد رأينا وسمعنا وشاهدنا ولمسنا بأيدينا ما حققته الاحتجاجات الجماهيرية العاتية من إجبار المعتدين على التراجع والاعتذار؟!
الحرية في المفهوم الإسلامي.. مقارنة بالمفهوم الغربي..
حين اندلعت أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم حاول كثيرون تصوير الأزمة على أنها مجرد خلاف في ترتيب أولويات وقيم بين مجتمعين وكأن تظاهر بعض دول الغرب وتناصرها هو مجرد حماس لنمط حياتي يقدسه الغرب ولا يفهمه الشرق فهل الأزمة فعلا مجرد وجهات نظر تباينت وطبائع اختلفت أم أنها خلفيات عدائية تستتر وراء أقنعة متحضرة؟ وهل يقف الإسلام في وجه حرية التعبير أو يجهل كنهها؟ وهل الغرب يمارس هذه الحرية ضد كل الأفكار وهل لهذه الأزمة صلة بحالة من الاحتقان تسود العلاقة بين الشرق والغرب منذ مطلع القرن الحادي والعشرين؟ إنها أسئلة تتفرع وتتشعب لترسم أبعاد أوسع وتأثيرات أعمق لأزمة لم تكتمل بعد كل فصولها ولا تزال نشرات الأخبار تظهر أصداءها.
· الحرية في الإسلام: يستطيع أي باحث منصف أن يقرر بوضوح وصراحة كاملين أن الإسلام وحده قد امتلك رؤية واضحة للحرية كقيمة ينبغي احترامها وصونها وأنه امتلك بجوار ذلك رؤية واضحة لحدود هذه القيمة ووضعها في موضعها الحقيقي ضمن كوكبة نبيلة أرسى دعائمها منذ قرون مما يجعل التعارض بين قيمة وأخرى ضربا من ضروب المحال.
· الإسلام إعلان عالمي لتحرير البشرية: (إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب السماء ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام, ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة), عبارة نطق بها صحابي جليل لا يكاد التاريخ يذكره بغيرها لكنها - إن أنصف التاريخ - تجاوز في قيمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فالإسلام لا يحرر الإنسان من الرق المادي فحسب حيث كانوا الملوك يعدون رعاياهم بمثابة العبيد لإحسانهم بل هو فوق ذلك يحرر القلوب من قيد عبادة الحجر والشجر إلى الله الواحد الأحد, وهذه هي الحرية الحقيقية وهي المدخل الصحيح لاختيار البشر لعقيدتهم التي يرتضونها بلا إكراه فالإسلام يأبى أن يجبر أحدا على اعتناقه إذ يقرر: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ), وقد جاءت التشريعات الإسلامية بما يضمن له نعيمه الأخروي ونفعه الدنيوي.
· تحرير القلوب: في القلب الإنساني ضعف وعوز مما يجعل صاحبه يتعلق به ويستند إليه ويعتمد عليه وقد جاء الإسلام وقلوب الخلق قد تعلقت بكل شيء وأي شيء إلا بخالقها, فجاء الإسلام ليطلقها من ذل العبودية لغير الله ولينقلها باختيارها الحر عبر رحلة إقناع للعقل وتصير النفس بالإسلام أكثر أمنا وأطهر سريرة, فالمسلم هو الكائن المتحرر ومن عداه مستعبد أسير، فهو يعرف ما أوجبه الله عليه فعلا وتركا وليس في الخلق رقيب ولا وسيط، إلا بما يملكه هو على غيره، فلا كهنوت في الإسلام لتتواصل أعماله في طاعة ربه وليقول كما أمره ربه: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
· القيم الإسلامية تتكامل ولا تتعارض: فالإيمان بالله هو الطريق الحر المطلق من كل ما يستعبد القلوب, وبقدر ما يرتكز الإيمان يتصاغر أثر الهوى والشيطان فلا يجرجره هواه ولا يضله شيطانه فيكون تحرره حافزا على إنصافه وعدله وتجرده فلا تطغى نوازع نفسه على دواعي إيمانه فيما يقول له ربه: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى), وتتناسق شمائل المؤمن من منطلق إيمانه وتتمازج, فبعثته صلى الله عليه وسلم تتمة لمكارم الأخلاق.
· حرية الحاكم والمحكوم: ولم يأذن الإسلام للحاكم أن يسلب المحكوم مالا أو حقا إلا بما شرّعته وحدّدته شرائع الإسلام وليس للحاكم سوى التنفيذ إذا وجب في ماله حق لله أو للعباد, وأما استنباط الأحكام فهي للعلماء لا للحكام وأما الفصل في الخصومات فهي للقضاة وليس ثمة تداخل بين عمل الحاكم والقاضي والعالم سوى أن يكون القاضي أو الحاكم من أهل الاجتهاد في الدين... والإسلام لم يدع للحاكم قدسية ولا جعله ظلا لله في أرضه ولم يسبغ عليه عظمة مثلما عرف الغرب الدولة الثيوقراطية ولم يجعل للحاكم سوى سياسة أمور الدولة... كما لم يجعل للعالم سلطة التحليل والتحريم بل هو كاشف للحكم بقواعد وأدلة معروفة محددة. وليس الحاكم ولا القاضي ولا العالم من مصادر التشريع وقد شرع أن يكون الكتاب والسنة هما المصدرين الأساسين للمصادر, وبيّن للخلائق أن طاعة غير الله من عالم أو عظيم أو هوى نفس تنال من عبوديتهم لله إلا أن يكون تبعا لما أمر الله به ورسوله فإن كان نزاع فالأمر ههنا: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ), وتظل السلطة المطلقة العليا لله تعالى ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم ويظل المسلم ولو كان فردا ضعيفا حرا مجردا لا سلطان لأحد على قلبه ونفسه إلا لخالقه سبحانه وكل واجب أو محرم يلزم العامة والعلماء والعظماء الكف عنه فإن خفي الحكم إخفاء دلالة النصوص بحيث تحتاج إلى نظرة العالم والعالم كاشف لحكمة الشرع لا شرع من عنديات نفسه وإن امتنعت فئة عن طاعة أمر الله وجب على الحاكم إلزامها به, ثم ما كان وراء ذلك مما لم يأت به نص بأمر أو نهي يبقى على الإباحة الأصلية فلا يملك عالم أو سلطان منع الناس أو تقييد حريتهم فيه, ولا تحل طاعة مخلوق في تحليل محرم أو تحريم مباح, وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنما الطاعة في المعروف), (ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق), (اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي).
· وماذا عن الغرب؟! فإذا نظرنا إلى الحرية عند الغرب لوجدناها معيبة سطحية, فهي حرية الملذات والشهوات في أن تفعل ما تتشهاه وتترك ما عداه مما لا ترغبه ولو ترتب على ذلك الرذائل والفواحش, وتكون النتيجة المنطقية لممارسة الحرية بهذه الكيفية المعيبة أن يستعبد الإنسان لشهواته وهواه وشيطانه, فتراه عبدا لامرأة أو لكأس أو لرفقة سوء, لا يملك فكاكا ولا يقدر على مقاومة.
· خلفية تاريخية. والسبب الكامن وراء هذه الشهوات المعربدة بما فيها من بهيمية أنهم تعرضوا لأبشع اضطهاد عبر تاريخهم, تارة على أيدي القساوسة باسم الدين, أو على أيدي الأمراء أو الملوك الذين حكموا بالحق الإلهي في شعوبهم, وقد كانت فضيحة صكوك الغفران خير شاهد على هذه العبودية حيث لا تقبل توبة المذنب إلا باعترافه أمام قسيس ولا في احتضار الميت إلا بحضرة القسيس لاعترافاته حتى كانت صكوك الغفران تباع بالمال وعندما ثار الفرنسيون وكانت صيحتهم الشهيرة (اشنقوا أخر إقطاعي بأمعاء أخر قسيس), وحطموا كل ما كان يقيد حريتهم, ولم يجدوا مرجعية تظلمهم وقد تنادوا بالحرية والمساواة فكانت فكرة العقد الاجتماعي حيث يتنازلون بمحض إرادتهم عن قدر من حرياتهم الشخصية مقابل حماية مكاسبهم بيد الطبقة الحاكمة التي تضطلع بهذا الدور التزاما بالعقد ووفق ضوابط معينة وبقيت حرياتهم في الاعتقاد والتعبير على إطلاقها رهينة بأقوال الفلاسفة عن الحرية والمتعة والمنفعة وغيرها من الصيحات ورأينا فيهم انتشار الزنا والشذوذ وإدمان الكحوليات والمخدرات وكلها باسم المتعة والحرية.
· جون ستيوارت ميل والحرية الفردية: يعتبر جون ستيوارت ميل من رواد الليبرالية في أوروبا (1806/1872م), وقد ركز على كرامة الفرد والدفاع عن مكاسبه ضد أي قيود, حيث تتوقف الرفاهية على المقابلة بين الأراء المتعارضة في مناقشات مستمرة وأن الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحقيقة هي السماح لك ذي رأي أن يعبر عن نفسه, وهو يرى أن الحرية لأكبر عدد من الناس لا يجب أن تطيح بحرية رجل واحد ولا يجب أن يطغى الصالح العام على صالح الفرد, ولا يحق للمجتمع أن يتدخل في شئون الفرد ما لم يضر بالآخرين.
· الحرية وقوانين الغرب: صدر قانون الصحافة في فرنسا عام 1881م, ليشرع حرية الرأي ويرسخ الديمقراطية, ولقد لحقت به تعديلات متتابعة في اتجاهات تبين القيد المفروض على حرياتهم هذه لنرى الأيدي الخفية ما تريده: ففي عام 1972: صدر في فرنسا قانون بليفيين الذي يدين التحريض على الكراهية والتمييز والذم والإهانة العنصرية. وفي سنة 1990م: صدر قانون جيسو ليعاقب بالسجن والغرامة على العنصرية ومعاداة السامية في النشر وبه عوقب الفيلسوف الفرنسي المسلم رجاء جارودي لمجرد تشكيكه في رواية اليهود عن محرقة الهولوكوست. وتعديلات في عام 2004: لتحديد وصف جرائم النشر تلك التي تدعو إلى التمييز العنصري والكراهية والعنف ضد أشخاص بسبب أصلهم أو جنسهم وهو يشمل العموم ولا يخصص السامية. وفي الدستور الأمريكي: نصوص تؤكد عدم السماحية بالتضييق على أية عقيدة أو استصدار قوانين من الكونجرس لحظر مباشرة طائفة ما لشعائر دينها ولا أن ينال القانون من حرية القول أو الاجتماع. والإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ينص على أن: 1.لكل إنسان حق في حرية الرأي والوجدان والفكر والدين وحرية إظهار شعائره وممارستها وتعليمها بمفرده أو مع جماعة. 2.لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في التدين أو اختيار معتقده. 3.لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه إلا للقيود التي يفرضها القانون لحماية النظام العام أو السلامة العامة وحقوق الآخرين. 4.لكل إنسان حق في اعتناق أراء دون مضايقة... ولكل إنسان حق في حرية التعبير وتلمس المعلومات ونقلها.
· واقع الحريات العملي في الغرب: وبحسب هذه النصوص فإن حرية التعبير المطلقة لا يقيدها سوى المساس بحرية الآخرين أو بالنظام العام أو السلامة العامة, وقد رأينا الحماية التي تصل للسجن أو الغرامة في المساس بالسامية ورغم عمومية النصوص إلا أننا نستعرض بعض الشواهد التي تدل على نطاق التطبيق لهذه المواد: 1.يوجد حاليا في كاتدرائية سان بيتر دينو في بولونيا الإيطالية رسم يرجع تاريخه لعام 1415م, للرسام جيوفاني دامورينا وفيه أيضا إساءة بالغة لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقد رفضت طلبات كثيرة للمسلمين في إيطاليا بإزالة هذا الرسم أو تغطيته. 2.وصف فولتير (1694/1778م) النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى مسرحياته بأنه (رجل فظ وحشي عديم الضمير وأنه دجال).. 3.واتهم المسلمون بالهمجية والتخلف والخمول. 4.وفي أوروبا أكثر من 350 رواية شعبية تسخر من المسلمين وتصفهم بالوحشية والإرهاب والشهوانية.
ومن كل ما تقدم نستطيع أن نفرق بوضوح بين الحرية في مفهوم الغرب والحرية في مفهوم الإسلام ونلمس أين تنتشر وتستقوي حرية التعبير عندهم وأين تنكمش وتجبن هذه الحرية, وكما قيل على لسان أحد المسلمين في الدنمرك (ثمة مقدس عند الفريقين.. محمد صلى الله عليه وسلم عند المسلمين وحرية التعبير عند الغرب, وقد رأينا كيف انكمشت حرية الرأي في الجريدة نفسها حينما عرض أحد الصحفيين نشر ما يرسمه الإيرانيون من كاريكاتير عن محرقة الهولوكوست ليبين الفارق بين تقديس النبي صلى الله عليه وسلم وتقديس حرية التعبير عند الغرب)....
رد: سلسلة ... " هو النبي لا كذب " 9 الساخرون من الثائرين
عجبا لقوم يدعون انتمائهم إلى الاسلام وإلى رسول الاسلام والإسلام ورسوله منهم بريئان . عجبا لمن يعتبر الحد الأدنى من غضبتنا لسيد ولد آدم محمد - صلى الله عليهم وسلم - أمرا تافها ، والله لهم التفهاء ، ووالله ما عرفوا من هو محمد - صلى الله عليه وسلم - وإلا لكان الغضب يمزق أحشائهم على ما حدث ولظلت الدموع تنهمر من أعينهم شعورا بالضعف عن الانتصار لأشرف من وطأ الأرض بقدميه .
ووالله لن ينتهى غضبنا على هؤلاء الكلاب والخنازير الذين شاركوا فى التعرض له صلى الله عليه وسلم حتى يقضى الله أمره ، وليموتوا بغيظهم جميعا
توقيع : فاروق ابوعيانه
اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى ، وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .