الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى أله الأطهار االأكرمين وعلى صحبه الأبرارالميامين من أعز الله بهم الدين وجعلهم نبراساً لكل المسلمين وكل من تبعهم بإحسانالى يوم الدين
وبعدأحبتي المكرمين :
لطالماراودتني مشاعرالإعجاب والمحبة والإجلال لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واله وصحبه أجمعين من مهاجرين وأنصارممن لولا فضلهم وفتوحاتهم لم ينعم احدمنابرحمانيةهذاالدين وهديهالقويم من تركواالغالي والنفيس في سبيل نصرة الحق ونبيه الأمين فعذبوا في الله وتركواالمال والعيال بل وغالي الأحمال وهاجروافي الله وتكبدوا المشاق والصعاب وذادوا عن الحياض حتى تمت كلمةالله صدقاٌ وعدلاً فنشروا الرسالة السمحة لدين الإسلام بتفتح الألباب لا على أسنة الحراب وبنشرالأمان والسلام لابالتدميروالخراب وبنور الحكمةوفصل الخطاب لا بتكسيرالحصون والأبواب وبنشرالعدل بين الناس فذلت دونهم الصعاب فكانوا بحق هداة مهديين بعد أن كانواعرباً جاهليين في مهاب الصحراء تائهين ليس لهم وازع من دين.
ولعل من أبرز أولئك العظماء الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعوةنبي الحق محمدصلى الله عليه وسلم من أعز الله به الإسلام فكان ثورة على الشرك والطغيان وهو من أوائل من أسلم فكان إسلامه كما وصفه عبد الله بن مسعود فتحاًوخلافته رحمة فجهر المسلمون بدينهم بعد طول إختفاء فأصبح المسلمون يصلون عندالكعبة الشريفة علناً بعد أن أقتصروا على ذلك في بيوتهم وهاجرمع من هاجر الى المدينة المنورةليدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان نعم الصاحب له المتعلم منه من نوابغ المسلمين لا يسبقه في الفضل الا الصديق أبو بكر رضوان الله عليه الذي كان نعم المعين له بعد رسول الله وفي خلافته كانت الفتوحات العظيمة والدروس الجليلة وكأن العدالة تجلت في إنسان.
>> لكل من يبحث عن الإمام العادل ذاك هو الفاروق .. <<
نعم أيها الأحبة ففي زمان قل فيه العدل وكثرت فيه المظالم بين العباد فلانصرة للظالم بدفعه عن ظلمه ولا نصرة للمظلوم برد الظلم عنه !
زمن كثر فيه الهرج حتى أصبح المقتول لا يدري فيما قتل ولا القاتل فيم قتل!!
زمن بعدنا فيه عن قيم ديننا الحق وتناسينا فيه الصدق !!ّ!
زمن إغترفيه الكثير منا بدنياهم فاشغلتهم عن أخرتهم .... مع أن الأخرة خيروأبقى !!!
أحببت أن أستعيد وإياكم مشاهدمشرقة من سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه لا تكاد تفارق الذاكرة وستبقى منارة خالدةالى أن يرث الله الأرض ومن عليها علنا نستلهم منها العبرونجني مافيها من الدررلخير كل البشر ونجد من خلالها المعبر لدارالمستقرفليس أدل على عالمية شخصه و مبادئه من استنباط الغرب لأفكاره ووقوفهم بإجلال أمام ذكراه الخالدة.
أولاً-لنبدأ بمشاهد من حياته رضي الله عنه قبل الإسلام
المشهد الأول :
في العام الثالث عشر بعد عام الفيل يولد عمر للخطاب ابن أنفيل (وقد كان فظاً غليظاً)ممن ينسبون لكعب بن لؤي من قريش وهنا يلتقي بقرابة النسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من القبائل المسؤولة عن السفارة في الجاهلية من زوجه حنتمة بنت هاشم وابن أخوها عمرو بن هشام(أبو جهل) وابن عمتها الوليد بن المغيرة الا أنه لم يعمل بالسفارة بل كان يرعى الأغنام فشب الغلام وترعرع على ذلك في أطراف مكة وكأغلب القرشيين في جاهليتهم رغم شرفه ونسبه حيث كانوا يعبدون الأوثان ويشربون الخمور ويأدون البنات وتأخذهم حميةالجاهليةالأولى في ذلك الظلام المغرق جهلاًوعمية.
كان ابن الخطاب بائن الطول جهوري الصوت مفتول العضلات حسن الوجه ضخم الشارب أبيض مشرئب بحمرة مشيه كالراكب وقد كان شديداً مهاباً من أقرانه فكيف لا وقد أتقن المصارعةوالفروسية والرمي إتقاناً مميزاً بينهم.
فيإ حدى ليالي الجاهلية يصنع الخطاب(ذلك القوي الشديد) ألهة من التمر فيتعبدها الى أن ينال منه الجوع فيأكلها ثم يندم على ذلك (وهل يأكل الرجل الهته)؟ ويعيد الكرةفيصنع غيرها وهكذا يعيد الكرة مراراً ؟
وبعدسنوات طوال بعد إسلامه يسأله فتىً من شباب المسلمين ياامير المؤمنين أكنت ممن يفعلون ذلك؟؟
هل كنت حقاً ممن يعبدون الأصنام ؟؟ ألم يكن عندكم عقولاً؟؟ فأجابه الفاروق رضي الله عنه بلى يا بني كانت عندنا عقولاً الا أننا كنا نفتقد للهداية !!!
المشهد الثاني :
يكبرابن الخطاب ويتزوج فيرزق بطفلة جميلة من زوجه ولكن كعادة الجاهلية بدل أن يكرمهاويشكر الخالق على نعمته تراه يسارع فيحفر لها في التراب ويحملها وهي تداعب بيديهاالصغيرتين الناعمتين وجهه الخشن المغبر بالتراب وتنظر اليه بعينين بريئتين لامعتين فلاتأخذه فيها أدنى شفقة ليدسها في التراب حيةخشيةعارها
ونراه بعد سنين من إسلامه يقول رضي الله عنه لم أكن لأنسى ذلك المنظر المهيب لطفلتي البريئة كيف
قمت بقسوة قلب جاهل بدسها حية تحت التراب وهي تداعب لحيتي وتنظر الي ببراءة ؟؟ أسأل الله أن يغفر لي ذلك
المشهد الثالث :
يظهر الدين الجديدفي مكة ببعثة أشرف الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ويبدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته للدين الجديد فتؤمن له زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها ومن الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومن الغلمان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ونفر من ضعفاء مكة إلا كبارالوجهاء في مكةأخذوايعرضون عنه بل يبدؤون بإيذاء اتباع هذاالدين ويقلد ابن الخطاب قومه في ذلك فهاهو يعذب جاريةله أسلمت مااستطاع الى ذلك سبيلاً الى أن يمل فيدعها أخر النهارالا أنه رغم هذه الشدة والقسوة كانت تقبع رحمة خفية في أعماق ابن الخطاب ساعد على إظهارها ثبات أهل الحق على دينهم وإسلام عملاق جديد هو حمزة بن عبد المطلب فهاهي زوجة عامر بن ربيعة رضي الله عنهما تبرز هذا الجانب الخفي في شخصية الفاروق وهي تحكي مشاهد هجرتهم الأولى للحبشة حين تراها تقول لزوجها أرأيت ما كان من عمر حين رأني أعد العدة للهجرة؟..
لما كنا نرتحل مهاجرين إلى الحبشة أقبل عمر حتى وقف عليّ، وكنا نلقي من البلاء والأذى قبل إسلامه فقال لي: إنه الانطلاق يا أم عبدالله؟ قالت: نعم، والله لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنافرجًا، فقال عمر: صحبكم الله، ورأيت منه رقة لم أرها قط
واذ بزوجها يجيب بلغة الواثق لما يعلمه عن قسوة عمر يائساً من هدايته متسائلاً : أطمعت في إسلامه؟؟
فقالت نعم!فيجيبها والله لا يسلم الذي رأيته حتى يسلم حمار الخطاب!!
ثانياً-اسلام عمرومشاهدمن حياته بعدالإسلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحول الكبير في شخصية عملاق الأسلام
المشهد الرابع :
أخذ الدين الجديد بالإنتشار في مكة وبدأت معه كبراء قريش بالإمعان في إيذاء المؤمنين خوفاَ على مصالحهم ظلماًوعلوا لاسيما وقد مضت أكثر من خمس سنين على بعثة النبي وكواحد من شباب القرشيين القساة لم يجد الخطاببداَ من تخليص قريش من تلك الثورة التي أحدثت خللاً في مفاهيمهم الجاهلية البالية فلربما ينال بذلك مجداَ وعلواً في قومه فيقضي على مسببها وهو في ريعان الشباب وقمة الطموح فعمره لم يتجاوزالسادسة والعشرين بعد .
في هذه الأثناء كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يجمع الناس على ضعفهم ومعاناتهم( مما يلقونه من كبراءالقوم) في دار أبي الأرقم يعلمهم الكتاب والحكمة ويشرح لهم تعاليم دينهم الجديدوهوالذي ما انفك يدعوا الله جل وعلا (( اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين)) وقد كان ابن الخطاب أحب العمرين اليه!
في هذه الأثناء ومع إهانة سيدالشهداء حمزة عم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأبي جهل حزم ابن الخطاب أمره وقررالرد بأن يخلص قريشاً من رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فكيف لا وهوالصنديد الشديد الذي تهابه الرجال وتخشى لقائه الشجعان فخرج متوشحاً سيفه باحثاًعن النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله فلقيه ابن قبيلته نعيم بن عبد الله في الطريق وكان ممن أخفوا إسلامهم فرأى الشر يتطاير من نظراته فأوقفه سائلاً الى أين العزم يا عمر فأجاب بصراحته وحدته المعهودة أريد ذلك الصابيء الذي فرق أمر قريش وسفه ألهتهالأقتله! فوقع في قلب نعيم ما وقع من الهلع والخشية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدونما ابطاء قررحرف مقصد ابن الخطاب عن بغيته بأن كشف له سراً خطيراً الا وهو إسلام أخته فاطمة بنت الخطاب مع زوجها سعيدبن زيد ريثما يتاح له أن يحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له محذراً:
والله لقدغرتك نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً؟؟
أفلا ترجع الى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ وهنا يتوجه اهتمام عمر ابن الخطاب سائلاً وأي أهل بيتي؟
فيجيبه نعيم ابن عمك سعيد ابن زيد وأختك فاطمة فقد أسلما واتبعا محمداً وأصبحا على دينه !!
وهنا يجن جنون ابن الخطاب متحولاً بثورته عن النبي صلى الله عليه وسلم ويهرع مسرعاً الى بيت أخته
حيث كان هناك يجلس الخباب بن الأرت بتوجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم معلماً للزوجين المسلمين القرأن الكريم في هذه الأثناء يصل ابن الخطاب فيطرق الباب بعنف منادياً بحدةليفتحوا فأسرع الخباب بالأختفاء فيفتح الباب ليدخل ذلك البركان الغاضب متسائلاًعما سمع فينكر الزوجان المؤمنان ذلك فيلقي بجسده الضخم على سعيد ليبطش به فتتدخل أخته دفاعاً عن زوجها فما يكون منه الا أن يلطمها بقوة على وجهها ممايتسبب في إدمائها فيقف سعيد متحدياً اذ لم يعد هناك ما يخفى نعم لقد أسلمنا وأمنابالله ورسوله فاصنع ما بدا لك وفي تحد أخر تؤكد فاطمة بنت الخطاب الأمر قائلة نعم و رغم أنفك يا عمر وهنا يقزم ذلك المارد أمام صوت الحق ليشعر ربما للمرة الأولى بالضعف أمام إمرأة حتى ولو كانت أخته!
وهنا يصف عمر ابن الخطاب الموقف فيقول( لقد استحييت من رؤية الدماءفي وجوههم)
فيطلب عمرابن الخطاب أن يقرؤوه ما معهم من كتب فيكون الرد صاعقاً من أخته انك نجس لأنك عل الشرك وهذا الكتاب لا يمسه إلا المطهرون !!
بلحظات يحدث التحول الكبير فقد أن لهذا المارد أن يروض؟ فيستجيب الخطاب وها هو يقوم ليغتسل شغفاً لقراءة الأيات الكريمات فتدفع اخته اليه الصحيفة فيقرأ :بسم الله الرحمن الرحيم فيقول وقد تفتحت شغاف القلب أسماء طيبة طاهرة!ثم يكمل قرائته ({طه *مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى *إِلاَّتَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى *تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلاَ *الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّوَأَخْفَى *اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[طه: 1- 8].
وهنا ينجلي ذلك الصدأ الراني عن قلبه المتحجر ليلين وتتفتح مكامن الخير في نفسه قائلاً ما أحسن هذا الكلام ماأجمله؟؟
لقد حصلت المعجزة فقد تحول عبد الحجارة والأصنام لتوحيد الواحدالديان وبدأت صناعة الأسطورة !! هنا يخرج خباب بن الأرت من مخبئه قائلاً والله اني لأرجو الله أن يكون قد اختصك بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني قد سمعته يقول ((اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب)) فالله الله ياعمر؟ فتعجب عمر سائلاً فأين رسول الله؟؟ فيجيب الخباب : إنه في دار الأرقم!
وهنا يقوم ابن الخطاب ليتوشح سيفه ثانية متوجهاً الى دار الأرقم لكن بقلب سعيد ومقصد جديد فقد استجاب الله دعوة رسوله صلى الله عليه واله وسلم أصبح ابن الخطاب عزاً جديداً لدينه ليصبح سيفه درعاً يذود عن حياض الدين فيما بعد !
يصل ابن الخطاب دار الأرقم حيث كان فيه ما يناهز الأربعين صحابياً فيطرق الباب فيقف أحد الرجال من الصحابة ناظراًمن طرف الباب ليعود فزعاً ويخبرهم بأنه عمر ابن الخطاب قد أتى متوشحاً سيفه.
هنا يبرز حمزة عم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم متأهباً للتصدي له فيقول في ثبات الرجال إئذن له
فإن جاء يريد خيراً بذلناه له وإن جاءيريد شراً قتلناه بسيفه!! أي ثبات هذا ولم يمض على إسلام حمزة إلا أيام معدودات؟؟
هنا يتدخل رسول الله متيقنا من إستجابة الله لدعائه قائلاً إئذنوا له فيفتح الباب ليدخل الفاروق الى غرفة فيه لمقابلة الرسول الكريم والذي يأخذ بمجمع ردائه ويجذبه بشدة سأئلاًمالذي جاءبك يابن الخطاب؟ فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة؟فيجيب ابن الخطاب بترفق: جئتك يا رسول الله مؤمناً بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله! فيفرح به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه مكبراً الله أكبر الله أكبر
وهنا يعلم أهل الدار بإسلام الفاروق عمر فيدخلوا عليه مهنئين مباركين فقد تحول المارد من عدو للإسلام والمسلمين الى فارس مقدام يدافع عن حوزة الدين ويذود عن حياض المسلمين؟
وفي نفس المقام يتوجه عمر إلى رسول الله متسائلاً أولسنا على الحق فيجيبه النبي الكريم بلى والله إننا على الحق فيسأل عمر ثانية ففيم التخفي؟؟ يارسول الله
وهنا يلفت نظر الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه الى أن الدعوة سراً كان لها مسوغاتها خوفاً على الضعفاء من المسلمين أما الأن وقد أسلم أسد الإسلام حمزة والصنديد القوي عمر فقد أن الأوان للجهربالدعوة والتصريح بالعبادة فيوافق الرسول الكريم على ذلك لقد حزم أمره لا سرية بعد اليوم وستتم الدعوة الى الله جهراً كما ستقام الصلوات على الملأ جهاراً نهاراُ فيخرج المؤمنين من دار أبي الأرقم على صفين منتظمين
يرأس الأول أسد الإسلام حمزة ويترأس الأخر العملاق عمر بن الخطاب تحت أمرة رسول الله
وهنا يلقبه النبي بالفاروق فانت الفاروق يا عمر يفرق الله بك بين الحق و الباطل!!!
المشهد الخامس:
لقد أسلم الفاروق أخيراً ولكن إسلام صنديد مثله ليس كإسلام أي شخص أخر فهو القوي الشديد الذي تهابه الرجال فكيف وقدمال قلبه للحق ونصرة المستضعفين لا بد لهذا الخبرأن يشيع وهوفي شوق ولهفة عارمة لأن يعلم ألد أعداءالإسلام خبر إسلامه، نظر عمر بن الخطاب في المسجد الحرام فلم يجد أبا جهل، حينهاقرر أن يذهب إليه في عقر داره ويخبره بنفسه عن أمر إسلامه.
يقول عمر: فأتيت حتى ضربت عليه بابه،فخرج إليّ وقال: مرحبًا وأهلاً يابن أختي، ما جاء بك؟!
وفي تحدٍّ واضح، قال عمر: جئتُ لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد، وصدقت بما جاء به.
قال عمر: فضرب الباب في وجهي، وقال:قبحك الله وقبح ما جئت به.
فرح عمر فرحًا شديدًا؛ كونه اغاظ أباجهل. لكن لا زال في نفسه بقية من تحد وهل هذ ا يكفي لا والله فإنه إسلام البطل عمرإبن الخطاب الذي أراد أن ينشره بين القوم بأسرهم لذا بحث عن أكثر الناس بمكة نميمة و نشراً للأخبار فوجده واسمه الجميل بن معمر فذهب إليه و هو رجل لا يكتم سرا فقال له يا جميل أأكتمك خبرا ولا تحدث به أحدقال نعم ...فقال إني أشهد أن لا إله إلآ الله وأن محمد رسول الله فانطلق الجميل يجرى و يردد صبءعمرصبء عمر وعمرخلفه يقول كذب بل أسلم عمر لا صبء عمر فاجتمع القوم عليه يضربوه و يضربهم من الفجر حتى الضحى حتى تعب عمر فأخذ واحداً منهم ووضعه على الأرض و وضع أصبعيه فى عينيه يقول له أفقأ عينيك إن لم تبعدهم عني فلما كان منه ذلك تركوه وشأنه وخلواعنه فقال لهم:افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو كنا ثلاثمائةرجل، لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا. وسبحان الله! كان هذا هو عدد المسلمين يوم بدر.
ولكن لا بد للخير أن يعم أهله أيضاً فيرجع الى بيته ويجمع أولاده و يقول إعلموا أني أشهد أنلا إله إلآ الله و أن محمد رسول الله وإنى أمركم أن تؤمنوا بالله وحده وبينماهو هكذاأجابه إبنه الأكبر عبد الله بن عمر وقال له يا أبت انا مسلم منذ دهرفاستشاط عمر منه غضباوقال وتترك أباك يدخل الناروالله لاوجعنك ضربا و هكذا تمضي الأيام على عمر و إبنه فكان كلما تذكرها نغزه نغزةعليها .
وكانت له ثلاث زوجات فى الجاهليه وعندما نزل قول الله عزوجل "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" عرض على زوجاته الإسلام فرفضوا فطلق الثلاثة فى حينها وذلك لحرصه على تنفيذ أوامر الله
وهاهو عمر يصلي بالكعبة جهاراً نهاراً ويقلده المسلمون بعد أن بقوالفترة ليست بالقصيرة يتخفون في صلاتهم حقاً لقد أعز الله بك الإسلام ياعمر
وهاهو ابن مسعود يشهد على ذلك إذ يقول مازلنا أذله حتى أسلم عمروما كنا نستطيع أن نصلى عند الكعبه حتى أسلم عمر فلما أسلم نزل قول الله تعالى" يا أيها النبى حسبك الله و من إتبعك من المؤمنين "
وها هوصهيب الرومي يقول: لما أسلم عمر ظهر الإسلام،ودُعِي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقًا، وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به.
كما يروى عن الحسن البصرى قوله : كأنما يأتى الأسلام يوم القيامه مجسدا يتصفح وجوه الناس يقول يارب هذا نصرنى يارب هذا خذلنى و يأتى إلى عمر بن الخطاب فيأخذ بيده و يقول يا رب كنت غريبا حتى أسلم هذا الرجل
المشهد السادس :
ازدادت الشدة على المسلمين في مكة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه بالهجرة للحبشةومن ثم وبعد أن هيأ الله لنبيه المهد الجديد لدينه القويم بعد بيعتي العقبة بدأالأذن للمؤمنين بالهجرة خوفاً على دينهم فأخذو يغادرون مكة أحب الأرض لرسول الله وأطهرها عند الله تباعاَ فرادى وجماعات سراً وجهراً وهاهودور الفاروق بالهجرة قدحان لكن أيهاجر متخفياً وهوالذي أعز الله به دينه كيف ذاك وقد لقبه النبي صلوات الله وسلامه عليه بالفاروق.
هاهوالفاروق عمر ينتشل سيفه ويحمل عصاه وقد أزفت ساعة الرحيل الى يثرب موئل الدين الجديد فتراه يتحين تلك الساعة الأكثر إزدحاماً حول البيت العتيق فيبدأ بالطواف سبعاً من الأشواط حول الكعبة متذللاً لله وحده ثم يصلي مطمئناً خلف مقام إبراهيم ركعتين بعدها يطوف بخيلاء الأعزاء الأقوياء على حلقات قريش
وتجمعاتهم قائلاً شاهت الوجوه أرغم الله هذه المعاطس وينظر اليهم بكبرياء الواثق الذي وقرالأيمان في قلبه ويقول متحدياً : من أراد أن ييتم ولده وتثكل أمه وترمل زوجه فليلقاني خلف هذا المقام فإني والله قد عزمت على الهجرة الى يثرب غداً فما نطق منهم أحد فهاجر وهاجر معه مجموعة من ضعفاء المسلمين يحتمون به
المشهد السابع:
أخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وكان نصيب عمرعتبان بن مالك وقيل معد بن عفراء لقد بدأت ملامح جديدة من شخصية الفاروق ومواهبه تتجسد وأصبح له دور بارز في هذه المرحلة الهامة من بناء الأمة فأخذ يرشف من منبع العلم الأصيل مستنيرأ بهدي الحبيب المصطفى صلىيه الله عليه وسلم ناهلاُ من علمه الفياض فيشارك في الأموربسديدرأيه كيف لا وقد وافقت أرائه كتاب الله في ثلاث مواضع فحق له أن نسميه بالملهم لا سيما وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل الحق على لسان عُمَرَ وقَلْبِه . رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وابن حبان وغيرهم .
ومن ذلك أن عمر رضي الله عنه وافَقَ ربه في ثلاث .
قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : فقلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِإِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) ، وآية الحجاب قلت : يا رسول الله لو أمَرْتَ نساءك أن يحتجبن ، فإنه يُكلّمهن البر والفاجر ، فَنَزَلَتْ آية الحجاب ، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن : (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنّ َأَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) ، فَنَزَلَتْ هذه الآية . رواه لبخاري من حديث أنس ، ومسلم من حديث ابن عمر .
وهذا من الإلهام الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
قد كان في الأمم قبلكم مُحَدَّثُون ، فإن يكن في أمتي منهم أحدفإن عمر بن الخطاب منهم . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن وهب : تفسير مُحَدَّثُون مُلْهَمُون .
وعمر رضي الله عنه هو الْمُحَدَّث الْمُلْهَم .
وهو المؤمن الذي شهِد له النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان .
قال رسول الله : بينما رجل راكب على بقرة الْتَفَتَتْ إليه فقالت : لم أُخْلَق لهذا ، خُلِقْتُ للحِراثة .قال : آمنت به أنا وأبو بكر وعمر . وأخذ الذئب شاة فتبعها الراعي فقال : الذئب من لها يوم السبع ، يوم لا راعي لها غيري ؟ قال : آمنت به أنا وأبو بكر وعمر . قال أبو سلمة : وما هما يومئذ في القوم . رواه البخاري ومسلم .
وشِهد له رسول الله بِقوّة الدِّين .
قال عليه الصلاة والسلام : بينا أنا نائم رأيت الناس يُعْرَضُون عليّ وعليهم قُمُص ، منها ما يبلغ الثُّدِيّ ، ومنها ما دون ذلك ،وعُرِضَ عليّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يَجُرّه . قالوا : فما أوّلت ذلك يا رسول الله ؟ قال : الدِّين . رواه البخاري ومسلم .
وشهِد له النبي صلى الله عليه وسلم بالعِلم .
قال رسول الله بينا أنا نائم أُتِيتُ بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الريّ يَخْرُج في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب . قالوا : فما أوّلته يا رسول الله ؟ قال: العِلم . رواه البخاري .
وشهِد له بصواب الرأي .
صلى رسول الله العصر ، فقام رجل يُصلي فرآه عمر ، فقال له :اجلس فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فَصْل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحسن ابن الخطاب . رواه الإمام أحمد
وفي رواية عند الطبراني أنه عليه الصلاة والسلام قال : أصاب الله بك يا ابن الخطاب .
وصدّق رسول الله قول عمر رضي الله عنه .
روى الإمام أحمد عن ابن عباس أن رجلا أتى عمر ، فقال : امرأةجاءت تبايعه فأدخلتها الدولج ، فأصبتُ منها ما دون الجماع ، فقال : ويحك لعلهامُغيّب في سبيل الله . قال : أجل . قال : فائتِ أبا بكر فسأله . قال : فأتاه فسأله، فقال : لعلها مُغيب في سبيل الله . قال : فقال مثل قول عمر ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له مثل ذلك . قال : فلعلها مُغيب في سبيل الله ونزل القرآن: ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات) إلى آخرالآية ، فقال : يا رسول الله إليّ خاصة أم للناس عامة فضرب عمر صدره بيده فقال :لا ولا نامت عين بل للناس عامة ، فقال رسول الله صَدَقَ عمر .
وشهِد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة.
عن عبد الرحمن بن الأخنس أنه كان في المسجد ، فَذَكَرَ رجلٌ علياً عليه السلام ، فقام سعيد بن زيد فقال : أشهد على رسول الله أني سمعته وهو يقول : عشرة في الجنة : النبي في الجنة ، وأبوبكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة ، وسعد بن مالك في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف فيالجنة ، ولو شئت لسمّيت العاشر . قال : فقالوا : من هو ؟ فَسَكَتْ . قال : فقالوا: من هو ؟ فقال : هو سعيد بن زيد . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
وفي الصحيحين عن أبي موسى أن النبي دَخَلَ حائطاً وأمَرَنِي بِحِفْظِ الباب ، فجاء رجل يستأذن ،فقال : ائذن له وبشّره بالجنة . فإذا أبو بكر ، ثم جاء عمر ، فقال : ائذن له وبشّره بالجنة ، ثم جاء عثمان ، فقال : ائذن له وبشّره بالجنة .
ورأى له النبي قصراً في الجنة .
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال : بينا أنا نائم إذ رأيتني في الجنةفإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا : لِعُمَرَ بن الخطاب ،فذكرت غيرة عمر فولّيت مُدبِرا . قال أبو هريرة : فبكى عمر ونحن جميعا في ذلكالمجلس مع رسول الله ، ثم قال عمر :بأبي أنت يا رسول الله أعليك أغار ؟
وعُمر رضي الله عنه هو العبقري القويّ في حياته وفي خلافته :
قال رسول الله : أُرِيتُ في المنام أني أنزع بِدَلْوٍ بكرة على قليب ، فجاء أبو بكر فَنَزَعَ ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا ،والله يغفر له ، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا ، فلم أر عبقريا يَفْرِيفَرْيِهُ حتى رَوي الناس ، وضربوا بِعَطَن . رواه البخاري ومسلم .
والرسول يبشره بالشهادة :
فها هو النبي يصعد أحداً ذات مرة برفقة الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم فإذا بالجبل يرتجف من تحتهم فيقول بعد ضربه للجبل برجله أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان(برواية أنس بن مالك عنه )والشهيدان هما عمر وعثمان من ماتا مغدورين بأيدي أعداء الأمة ومنافقيها.
كما رُويَ عن الرسـول صلى الله عليه وسلم العديدمن الأحاديث قيما يخص عمر منها :
مافي السماء ملك إلا وهو يوقّر عمر ، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر
إن الله سبحانـه جعل الحق على لسان عمر وقلبه
الحق بعدي مع عمـر حيث كان
المشهد الثامن:
لقد كانتصناديد الرجال تخشى الفاروق عمر فكيف بالنساء وها هو يدخل ذات مرة على رسول الله وعنده نساء من قريش يعلمهن الدين وأثناء تجاذب الحديث علت أصواتهن على صوت النبى فاستأذن عمربالباب وما أن سمعوا صوته حتىأسرعن يغطين أنفسهن ويختبئن فضحك النبى و دخل عمر فقالله يا عمرهؤلاء النسوة كن عندى يتحدثن و يرفعن أصواتهن و ما أن أتيت حتى هبنك وذهبن يخبئن أنفسهن فقال عمرو الله أنت لأحق ان يهبنك يا رسول الله ثم وجه كلامهللنساء و قال يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله فردت النساء إنك لأغلظ وأفظ من الرسول ... فضحك النبى و قال يا عمرو الله لورأك الشيطان فى فج لخافمنك وسلك طريقا أخر
وهذا يؤكده ما صح عن رسول الله قوله صلى الله عليه وسلم لعمر :
(والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قط إلا سلك فجاً غير فجك) رواه البخاريومسلم .
وذلك لقوة دينه رضي الله عنه فلا سبيل للشيطان عليه
تزوج عمر بعد الأسلام عده زوجات و من أشهر زوجاته بعدما صار أميرا للمؤمنين (أم كلثوم)بنت على أبن أبى طالب حفيده الرسول الكريم و بنت فاطمه و أخت الحسن و الحسين ..أرسل عمر لعلى و قال له زوجنى أم كلثوم فقال على أنها صغيره فقال له بالله عليك زوجنى أياهم فلا أحد من المسلمين يعرف قدرهاغيري و لن يكرمها احد كماسأكرمها فقال على أرسلها أليك تنظر إليها فإن أعجبتك فتزوجها .. فنظر إليها وتزوجها و خرج على الناس فى المسجد و قال تقولوا تزوج صغيره أليس كذلك .. والله ماتزوجتها إلا لحديث لرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " كل سبب و كل نسب وصهر يوضع يوم القيامه إلا سببى و نسبى و صهرى " و أنا لى مع رسول الله إثنين من هما لى معه السبب أنى صاحبته و لى معه النسب أن أبنتى حفصه زوجته فأردت أن أجمع لهما الصهر ليرفع يوم القيامه سبب و نسبى و صهرى
المشهد التاسع :
بعد أن ترك المسلمون متاعهم وأموالهم بل وأهليهم ورائهم في مكة وهاجروا نجاة بدينهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة بدأ عديد المسلمين يزداد كما بدأت قوتهم تتنامى بعزيمة لا تلين وهاهو الخبر يرشح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن قافلة لقريش مثقلة بالبضائع بقيادة أبو سفيان تتوجه الى مكة قادمة من الشام وهنا اتخذ القرار باعتراضها في الطريق كيف لا وقد سلبت قريش أموالهم وشردتهم من ديارهم وحرمتهم من أهليهم فكانت المواجهة الأولى للمسلمين مع المشركين عند بئر بدر وأخذ الأبطال يثخنون صناديد قريش تقتيلاً وكان الفاروق من بين هؤلاء الأشاوس لقد كان مميزاً
كان عمر لا يحاربأى شخص بل كان يتصيد و يتحين الفرسان و خاصه من أقاربه فقط لآجل إرضاء الله حتىيصدق الله و يثبت انه لا مكان فى قلبه الآ للأسلام و رسول الله صلى الله عليه وسلمفكان ينظر أقاربه فيقاتلهم فى سبيل الله ... فوجد خاله فى جيش الكفار العاصى بنهشام فقتله ..و بعد الغزوه و نصر المسلمين .
فى بدر كان سهيلأبن عمرو لا يزال على كفره و قد وقع فى الأسر فوقف عمر بن الخطاب و قال يا رسول الله دعنى أنزع أسنان سهيل بن عمر حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم ..فقال النبى لا يا عمر لا أمثل بأحد فيمثل الله بى ولو كنت نبيا و من يدريك يا عمر لعل سهيل يقف فى يوم من الأيام موقفا تفرح به و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعد موت النبى صلى الله عليه وسلم وقف سهيل خطيباً و هو يقول يا معشر قريش كنتم أخر من أسلم فلاتكونوا اول من أرتد و ثبت أهل قريش كلهم فبكى عمر و قال صدقت يا رسول الله
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل بدر(وعمر منهم) : لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد وَجَبَتْ لكم الجنة . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ماشئتم فقد غَفَرْتُ لكم .
المشهد العاشر:
لم تنم قريش على وقع خسارتها وبدأت تجهز للثأر ويقترب الموعد ويكون اللقاء الثاني للمسلمين مع المشركين عند جبل أحد والمشركين بقيادة المحنك خالد بن الوليد وتبدأ المعركة وتبدو كفة القوة راجحة لطرف المسلمين فيتقهقر الأعداء وينسحبون وتلوح في الأفق بوادر النصر فيتعجل الرماة جمع الغنائم ويخالفون تعاليم القائد وتوجيهاته فيلتف عليهم الماكر بكوكبة من المشركين ويستغل الفرصة السانحة فيتحول نصرهم الى هزيمة ويعود المشركين الى تبجحهم ويلتف الصحابةحول رسول الله صلى اللع عليه وسلم بعد أن كسرت رباعيته الشريفة وهو يقاتل بصمود الأبطال ويستشهد من المؤمنين العديد و تنجلي المعركة
و بعد تفرق الجيشين يقف أبا سفيان على فرسه و يكلم المسلمين على الجبل فيقول أفيكم محمد فيقول النبى لا تجيبوه فيقول أبو سفيان أفيكم أبو بكر فيقول النبى صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه فيقول أفيكم عمر فيقول صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه فيقول ابو سفيان أعلوا هبل فيقول النبى صلى الله عليه وسلم أفلا تجيبوه فيقولوا و بم يا رسول الله فيقول قولوا الله أعلى و أجل فوجد ابوسفيان الجبل يردد الله اعلى و أجل فيقول لنا العزى ولا عزى لكم فيجيبوا الله مولانا ولا مولى لكم فيقول ابو سفيان يوم بيوم بدر فيقول النبى صلى الله عليه وسلم افلا تجيبوه فيقولوا بماذا يا رسول الله فيقول قتلانا فى الجنه و قتلاكم فى النار.. فأيقن أبو سفيان أن الثلاثه أحياء فلا يخرج هذا الكلام الا من محمد و أصحابه وهنا لا يتمالك عمر نفسه بما عرف عنه من إيجابيته و قوته و سرعة غضبه فيقول بصوت عال أخزاك الله يا عدو الله و الله إن الثلاثه لأحياء فيقول له ابو سفيان والله ياعمر انت أصدق عندى من أبن قمئه ( هو من أخبره بموت النبى يوم أحد ) هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقهم و أخلاقهم تهتزمن قوة كلماتهم الأرض وهي تصدح بالحق و تجد مكاناً لها حتى عند أعدائهم
االمشهد الحادي عشر:
مرت الأيام والمسلمون يزدادون شوقاً لكعبتهم ولأداء مناسكهم عند بيت الله في هذه المرحلة لم تتهيأالظروف بعد للحسم ولم يكن من بد أمام رسول الله من قبول الصلح مع المشركين فكان صلح الحديبيه ووافق النبى على كل مطالب قريش مقابل عشر سنين هدنه ومن ضمن الشروط أن من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده , ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه, وأن القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين تعتبر جزءًا منه, فأي عدوان عليها هو عدوان على من دخلت في عهده وعقده ودخلت خزاعة في عهد النبي , ودخلت بنو بكر في عهد قريش, وقد كانت الحروب والعداوات بينهمامنذ غابر الأزمان, فأضحت كل واحدة في مأمن من الأخرى فيستشيط غضب عمر لقد كانت شروطهم جدقاسيه على نفسه و كان كما لو ان الدم يغلى في عروقه من الغيظ فيذهب للنبى و يقول يا رسول الله ألسنا على الحق و هم على الباطل فيجيبه نعم فبقول عمر لما نعطى الدنية فى ديننا فيجيبه وما تريد يا عمر فيقول له ما فى نفسه و انه يتوق لحربهم و أخذ الحق منهم فيهديء رسول الله من روعه قائلاً يا عمر اني لرسول الله ولا أتحرك الآ بأمر من الله وأن الله لن يضيعني .. و لكن الفاروق خالط نفسه شيء من عدم الرضا من قول رسول الله فيذهب إلى أبى بكر و يردد نفس الكلام فيجيبه ابو بكر يا عمر انه رسول الله و لن يضيعه الله فألزم غرسه و هكذا رضى بالهدنه مغصوبا مكرها و مرت سنواتها عليه طوالاً غير أنه خلال فترةالصلح تضاعفت أعداد المسلمين أضعافًا كثيره فيقول عمر فعرفت أنه الفتح فو الله انى لاكثر من الصلاه و الصيام و الذكر و الدعاء و الصدقه حتى يكفر الله عني ما حدث منى فى صلح الحديبيه .
االمشهد الثاني عشر:
لقد مضى عامان على الصلح وهنايحصل غدر من بنيبكر, إذيخرج نوفل بن معاوية في جماعة معه في شهر شعبان للسنة الثامنة من الهجرة فيغيرواعلى خزاعة ليلاً, وهم على ماء يقال له الوتير, فيصيبوا منهم رجالاً, حيث تناوشوا واقتتلوا, وأعانت قريش بني بكربالسلاح, بل وقاتل رجال منهم مع بني بكر مستغلين ظلمة الليل, حتى حازوا خزاعة إلىالحرم فقالت بنو بكر: يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم: إلهك إلهك. فقال: لا إله اليوميا بني بكر أصيبوا ثأركم, فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم, أفلا تصيبون ثأركم فيه
وانطلق عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله في المدينة مستغيثًا ومستنجدًا فقال له عليه الصلاةو السلام: ((نصرت يا عمرو بن سالم)) ثم عرضت له سحابة من السماء فقال: ((إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب)).... و جاء يوم فتح مكه و ذهب أبو سفيان للمدينه بعد ان نقضواصلح الحديبيه و اراد ان يذهب إلى رسول الله ليطيل الهدنه فتقف دونه ابنته زوج الرسول فيذهب ألى أبو بكر فيجيب ابو بكر جوارى فى جوار رسول الله و عثمان كذلك فراح لعمر بن الخطاب حتى يشفع له عند رسول الله فأستشاط عمر غضبا و قال أماوجدت غيرى أتترك الناس و تأتينى انــا والله لو لم أجد الا الذر لقاتلتكم به أما والله انى لادعو الله ليل نهار حتى تنقضوا العهد فأتى و أقاتلكم .. هكذا كانت غيرته على الأسلام رضي الله عنه
ثم جاءعليًا فقال: إنك أمس القوم بي رحمًا, وإني قد جئت في حاجة, فلا أرجعن كما جئتخائبًا, اشفع لي إلى محمد, فقال: ويحك يا أبا سفيان, لقد عزم رسول الله على أمرما نستطيع أن نكلمه فيه, حينها أظلمت الدنيا في عيني أبي سفيان, فعاد أدراجه إلى مكة لم يصب مطلوبه, وبعد ذلك تجهز النبي وأمرالصحابة بالجهاز, وأعلمهم أنه سائر إلى مكة, وقال(اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها))
ويقصد الرسول الكريم مكة وبمعيته جميع المسلمين ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويسلمله أبو سفيان ويدخل الفاتحون مكة بعد طول إنتظار بشوق ولهفة كبيرين فتدين لهالمدينة عن بكرة أبيها بفتح أبيض لم يشهد له التاريخ مثيلاً فبينشر السلام تحقيقاًلقوله الخالد من دخل المسجد فهو امن ومن دخل بيته فهو أمن ومن دخل دارأبي سفيان فهو أمن وبأبعد مايكون عن الإنتفام من خصومه ممن أذوه وحاربوه وأخرجوه بعد أن مكنه الله منهم فدخل الرسول الكعبة، وطهرها من الأصنام بعدأن كانت من قبل مليئة بها، مردداً أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وهدَّم الرسول والمسلمون ثلاثمائة وستين صنمًا كانت حولها،والرسول ( يقرأ قوله تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا)[الإسراء: 81]، (وقل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) [سبأ: 49].وانطلق صوت بلال بن رباح يدوي في الآفاق ويؤذن للصلاة فوق البيت العتيق الله أكبر، فاطمأن الناس على أنفسهم وبدأوا يخرجون من بيوتهم،ويقبلون على رسول الله (، فوقف على باب الكعبة، وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده،ونصرعبده،وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده".ثم قال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟" قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم. فنظر إليهم الرسول ( نظرة يملؤها عفو ورحمة، وقال:"لا أقول لكم إلا كما قال يوسف لإخوته: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين). اذهبوا فأنتم الطلقاء
ونزلت سورة النصر على الرسول الكريم
فبكى بعض الصحابة رضوان الله عليهم نعم انهى تدل علىقرب نعي رسول الله
{ إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (النصر) .
قال ابن عباس رضي الله عنه هي نعي للرسول صلى الله عليه وسلم .فكل هذه الإشارات كانت تعنى دنو أجله صلى الله عليه وسلم .
جلس رسول الله على الصفا واجتمع الناس حوله للبيعة على الإسلام فأخذ عليهم العهد بالسمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، ولما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة زوج أبى سفيان متنقبة متنكرة لما كان من صنيعها بحمزة عم النبي فقال رسول الله لهن:بايعنني على ألا تشركن بالله شيئا.
فقالت هند: والله إنك لتأخذ علينا أمرا لا تأخذه على الرجال وسنؤتيكه
فقال النبي: ولا تسرقن
فقالت:والله إني كنت أصبت من مال أبى سفيان الهنة وما كنت أدري أكان حلا لي أم لا؟
فقالأبو سفيان وكان شاهدا لما تقول: أما ما أصبت فيمامضى فأنت منه في حل
فقال رسول الله : وإنك لهند بنت عتبة؟
قالت:نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك
ثم قال: ولا تزنين
فقالت:يارسول الله وهل تزني الحرة
ولماقال: ولا تقتلن أولادكن
قالت:ربيناهم صغاراوقتلتهم يوم بدر كبارا فأنت وهم أعلم
فضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى استغرب أي بالغ فى الضحك
فقال الرسول : ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن
قالت:والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل
ثم قال: ولا تعصينني في معروف
قالت:ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد نعصيك فى معروف
فقال رسول الله : لا يصافح النساء ولا يمس امرأة ولاتسمه إلا امرأة أحلها الله له أو ذات محرم منه
وأقام الرسول بمكة بضعةعشرة يوما ينظم شئونها ويفقه أهلها فى الدين وفى هذه الأثناء بعث السرايا للدعوة إلى الإسلام لا للقتال ولتحطيم الأصنام من غير سفك الدماءفوجه خالد بن الوليد لهدم صنم (العزى) أكبر أصنام قريش وأرسل عمرو بن العاص لهدم (سواع) وهو أكبرأصنام هذيل وبعث سعد بن زيد الاشهلي لهدم (مناة) وقد عادت كل هذه السرايا مكللة بالنجاح وذهبت هيبة الأوثان من النفوس وزال سلطانها وبعد أن أستقرت ودانت له الأمو ر عاد النبي الى المدينة فأقام فيهاالى ماقبيل موسم الحج .
المشهد الثالث عشر :
بعد أن فُتحت مكة ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، فرض الله الحج على الناس وذلك في أواخر السنة التاسعة من الهجرةفعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحج فوصل الخبر الى مسامع الناس فقدم على المدينة خلق كثير كل يريد الحج مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فقصد الجميع مكة مع سيد المرسلين وفيهم من فيهم من الصحابة ومن بينهم عمر رضوان الله عليهم اجعين فوصلوها وطاف النبي بالبيت وسعى بين الصفى والمروة وأخذ يعلم الناس مناسكهم قائلاَ خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ثم توجهو الى منى ومن ثم الى عرفات هناك حيث خطب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة جامعة مانعة شرح لهم فيها تعاليم الدين وأسس التعامل فبمابينهم
وفي هذه الأثناء نزلت الأية الكريمة
. { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ( المائدة 3) .
فاستشعرالصحابة الكرام بأنه قد أتم النبي صلوات الله وسلامه عليه إبلاغ الرسالة ،والأية تبينانتتهاء الرسالة وقرب الفراق لأحب الخلق فأخذو بالبكاء . وهكذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجه ، بعد أن بين للمسلمين مناسكهم ، وأعلمهم ما فرض الله عليهم في حجهم، وما حرم عليهم ، فكانت حجة البلاغ ، وحجة الإسلام ، وحجة الوداع ، ولم يمكث بعدها أشهرا ًحتى وافاه الأجل ، فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين وفي هذه اللحظات العصيبات يبلغ الخبر عمر فيأتي مشدوهاً الى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه لم يصدق الخبر وكيف يصدقه إنه الحبيب المصطفى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من دله على الخير وأخذ بيده الى طريق الهدى والنور وأنقذه من الناروبشره بالجنة لا لا يمكن أن يموت فهو حي في أعماقه بل في أعماق الجميع .
كيف لا وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعةضلالة وكل ضلالة في النار . رواهالإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم .
كما قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي :أبي بكر وعمر . رواه أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح
ويلتفت عمر الى الناس قائلاً من فرط حبه وشدة تعلقه بالحبيب صلوات الله وسلامه عليه وهولم يفق من هول الصدمة بعد
من قال بأن محمداً قد مات لأقتلنه بهذا السيف لقدذهب النبي للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه. وسوف يعود
هنايتدخل صوت العقل والأيمان ليهديء من روعه إنه سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه
قيدخل على الرسول صلى الله عليه وسلم ويقبَّله ثم يخرج، فيخطب بالصحابة قائلاً: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم يتلو الأيات الكريمات،:
{ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرالله شيئا وسيجزي الله الشاكرين } (آل عمران:144)، فيعودالناس إلى صوابهم، وتستيقن أنفسهم لأمر الله
ثالثاً -مشاهد للفاروق وزيراً للصديق رضي الله عنهم
االمشهد الرابع عشر:
أمررسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أبابكر بأن يصلي بالناس
ففي الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت:
لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ
قلت إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَة
قال : مُروا أَبابكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ: صَواحبُيوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلى
وهتا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟ وكان لذلك أبلغ الأثر بعد وفات النبي صلى الله عليه وسلم
فهوبذلك جمع في الله القلوب على مبايعة أبي بكر يوم اختلف الصحابة في سقيفة بني ساعدة ، وكان إلهاما موفقا من الله أن بادر عمر إلى مبايعةأبي بكر، فبادر الأنصار والمهاجرون بعد ذلك إلى البيعة . ولقد كان أبو بكر أجدرالصحابة بملء هذا المكان الخطير ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل لقد علم الصحابة جميعا ، أن الرسول حين استخلف أبا بكر على الصلاة إنما أشار بذلك إلى أهليته للخلافة العامة ، ولكن فضل عمر في مبايعة أبي بكر ، إنما كان في حسم مادةالخلاف الذي كاد يودي بوحدة المسلمين ، ويقضي على دولة الإسلام الناشئة .
وكانت شدة عمر في حياة النبي عليهالسلام ، هي هي في حياة أبي بكر ... فأبو بكر كان رجلا حليماً تملأ الرحمة برديه ،ويغلب الوقار والعفو على صفاته كلها ، فكان لا بد من رجل قوي الشكيمة كعمر ، يمزج حلم أبي بكر بقوة الدولة ، وهيبة السلطان ... فكان عمر هو الذي قام هذا المقام ،واحتل تلك المنزلة ، ولذلك كان أبو بكر يأخذ برأيه ، ويعمل بقوله . أمر أبو بكريوما بأمر فلم ينفذه عمر، فجاءوا يقولون لأبي بكر : والله ما ندري : الخليفة أنت أمعمر ؟ فقال أبو بكر : هو إن شاء ! …
وتلك لعمري نفحة من نفحات العظمةالإسلامية التي أرادها الله بشير خير للمسلمين وللعالم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم … عمر يقول لأبي بكر يوم السقيفة : أنت أفضل مني ، وأبو بكر يجيبه بقوله : ولكنك أقوى مني . . فيقول عمر لأبي بكر : إن قوتي مع فضلك .. وبذلك تعاونت العظمتان في بناء صرح الدولة الإسلامية الخالد ... فضل أبي بكر وحلمه وعقله وحزمه ،مع قوة عمر وباسه وشدته وهيبته فكان عمر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وزير صدق
رابعاً - مشاهد من حياةالفاروق رصي الله عنه كخليفة للمسلمين ،
االمشهد الخامس عشر:
بعد وفاة الصديق ابا بكر رضي الله عنه بايع المسلمون عمر بن الخطاب والقوا عليه لقب أمير المؤمنين وكان سيدنا علي ابن أبي طالب من أوائل المبايعين وقد كان من شهير أقواله رحم الله أبا بكر لقد أتعب من يلي أمر المؤمنين بعده أكمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مسيرة الصديق الظافرة وقد اتسمت خلافته بالعدل المطلق بكل ما كانت تعنيه هذه الكلمة من معنى
نعم وكيف لا فهو في عام الرمادة يصَعَدَ ليتكلم إلى الناس، فقرقرت أمعاؤه، فقال لبطنه:قرقِر أو لا تُقرقر، فوالله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين
نعم فقد كان يداوي إبل الصدقات بيديه المتواضعتين ويمشي في السوق وحده ومن يفعلها الأن؟؟
خاف الناس من عمربن الخطاب وما أن صار خليفه حتى كان الرجال تتجنبه فى الطرقات خوفا منه و تهرب الناس من أمامه لما عرفوا عنه فى فتره خلافه ابو بكر و فى وجود الرسول صلى الله عليه و سلم من غلظه و قوه فحزن عمر لذلك حزنا كثيرا فجمع عمر الناس للصلاه قائلاالصلاه جامعه و وقف فيهم خطيبا فقال أيها الناس بلغنى انكم تخافوننى فأسمعوامقالتى: أيها الناس كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكنت عبده و خادمه و كان رسول الله ألين الناس وأرق الناس فقلت أضع شدتى إلى لينه فأكون سيفا مسلولا بين يديه فأن شاء أغمدنى وأن شاء تركنى فأمضى الى ما يريد فلم أزل معه و نيتى كذلك حتى توفاه الله وهو راضى عنى... ثم ولى أبو بكر فكنت خادمه و عونه وكان أبو بكر ليناً كرسول الله فقلت أمزج شديتى بلينه و قد تعمدت ذلك فأكون سيفا مسلولا بين يديه فأن شاء أستلنى وأن شاء تركنى فأمضى الى ما يريد فلم أزل معه و نيتى كذلك حتى توفاه الله وهو راضى عنى..اما الان وقد صرت انا الذى وليت امركم فأعلموا ان هذه الشده قدأضعفت الآ على أهل التعدى و الظلم و لن أقبل أن أجعل لاهل الظلم على أهل الضعف سبيلا فاصعيف منكم عندي قوي حتى ينال حقه والقوي فيكم عندي صعيف حتى يذعن للحق ووالله لو أعتدى واحد من أهل الظلم على أهل العدل و اهل الدين لاضعن خده على التراب ثم اضع قدمى على خده حتى أخذ الحق منه ...ثم بعدذلك أضع خدى على التراب لآهل العفاف و الدين حتى يضعوا اقدامهم على خدى رحمة بهم و رأفة بهم ... فبكى كل من فى المسجد فما عهدوه كذلك و لم يخطر لاشد المتفائلين منهم أن يكون الفاروق على هذه الصورة وقال أيضا سيكون لي عليكم عهداً أشترطها عليكم ..أولها الآ اخذ منكم أموالكم أبدا .. أنمى لكم أموالكم.. وألا أبالغ فى أرسالكم فى البعوث وأذا أرسلتكم فأنا أبو العيال ... ولكم علىيكم عهدأن تأمرونى بالمعروف و تنهونى عن المنكرو تنصحونى وإلآ فأشكونكم يوم القيامه لله عز و جل ... فكبر كل من فى المسجد شاكرين الله تعالى
هاهويتولى الخلافة ، وهي أشد ماتكون حاجة إلى رجل مثله ، المسلمون يشتبكون في حروب طاحنة مع فارس والروم ، أعظم دولتين في ذلك الزمان والبلادالإسلامية التي فتحت تحتاج إلى ولاة أتقياء أذكياء ، يسيرون في الرعية سيرة عمر في حزمه وعفته وعبقريته في التشريع والإدارة ، والعرب الفاتحون قد أقبلت عليهم الدنيافهم منها على خطر عظيم ، أن يركنوا إليها ، ويملوا حياة الجهاد والكفاح ، و يعبوامن لذائذها وزينتها وترفها ...
أتم ما بدأ به أبو بكر من حرب فارس والروم ، فانتهت باستيلاء المسلمين على مصر والشام والعراق ومملكة فارس
لم لا وعمر الخليفة قد وعَى قولَ النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الله مع الحاكم ما لم يجر فإن جار وكله الله إلى نفسه ". لمّا علِم ذلك عاشَ وتفانى في التزامِهِ، لم يهتم بشخصه ولكن بالمهمة الكبرى التي هيأه الله لها، هي التي يجبُ أن تظلَّ مرفوعَةَ الجانبِ؛ ليظلَ أمرُ الأُمَّة سَليمًا ما سلِمَت فيه الأوضاع التي لا يقوم صلاح الناسِ إلا عليها
وها هو رسول كسرى عظيم الفرس يرسل رسولاً اليه من شدة ما كان يجد من رجاله فيسأل عن أمير المؤمنين عمر فيرشدونه الى مكانه و بعد طول يحث يتعجب الرجل لم ير قصوراً منيفة ولا ساحات مكسوة بالديباج أو زاخرة بالفرسان الأشداء و لا وجود للحرس ولا حتى للحجاب ممن ينظمون دخول المراجعين على قائد الأمة لقد راعته المفاجئة وصدم لهول المشهد هل يعقل أن يكون هذا الرجل البسيط في ملبسه المغرق في تواضعه النائم تحت ظل أحد أشجار المدينة هو أمير المؤمنين من كانت ترتعد فرائص الجبابرة لمجرد ذكر أسمه فيقول قولته الشهيرة :
عدلت.. فأمنت ..فنمت ........... لله درك يا عمر
المشهد السادس عشر :
يروي ابن كثير عن طلحة بن عبيد الله أن عمر خرج يوماً فتيعه فَدخل بيتًا فيه عجوزٌ عمياء حسيرة،فلما خرج دخل طلحة فقال للمرأة: من أنتِ يا أمةَ الله؟ قالت: أنا عجوزٌ عمياءحسيرة في هذا البيت. فقال: من هذا الذي يأتيكِ؟ فقالت: لالأدري انه بأتيني كل يوم فيكنسُ بيتي، ويحلبُ شاتي،ويغسلُ ثوبي، ويَضعُ الفطور لي. فبكى طلحة حتى جلس وقال: أتعبت الخلفاء من بعدك ياعمر
كان يتفقد احوال المسلمين ذات ليله وسمع امرأه تتضرع و تشكوا اليالله فقال لها
..ما يبكيك ياامرأه,,قالت عندي اولاد ينا مون بدون طعام فاني اشتكي الله من عمر , وكانت لاتعرفه
فذهب الي بيت المال واحضر من الدقيق والارز والطعام مايقدر على حمله... فقال له أحدالمسلمين عنك يا امير المؤمنين قال عمر ... ثكلتك امك اتحمل عني يوم القيامه ...... رضي الله عنك يا عمر
كان يسيرمرة فى طرقات المدينه كعادته ليلا فيسمع صوت طفل صغير يبكى فيقترب .. و يسأل أمه ما بال الصغير بالله عليك لم لا ينام ثم يذهب ليكمل جولته الليليه و حين يعود ثانية يمر عليهم فيقول بالله عليك نومى الصبى فقالت المرأه نعم و هكذا مره أخرى فبات بجوار البيت.... يا لك من أم سوء ما بال الصبي فقالت دعنى فإن عمر بن الخطاب لايصرف الآ لمن فطم فأنا اعلل الصبى وأريد أن أفطمه لان عمر لا يصرف الا لمن فطم من أبناء المسلمين ...فبكى عمر و كان وقت صلاه الصبح فلم يفهم المسلمين بماذا يصلى من كثره بكائه .. وبعد صلاته وقف و قال ويلك يا عمر يوم القيامه ..كم قتلت من أبناءالمسلمين ..وقال أيها الناس بالله عليكم من اليوم لا تتعجلوا على أولادكم فى الفطام فأنى سأصرف جعلاً لهم لكل مولود يولد فى الآسلام حتى لا أسأل عنهم يوم القيامه .
رأى ذات مرة ناراً فى الصحراء تلوح من بعيدا فأذا بأمرأه و اطفالها يبكون وأمامها قدر يغلى به ماء فقرب و قال يا أصحاب الضوء أأقترب ؟...فقالت المرأه نعم ..فقال لها لم يبكى أطفالك ..فقالت والله ما عندنا طعام وأننا على سفر فقال وما بال القدر فقالت ما به إلا الماء أعللهم به ليسكتوا فقالولم ..قالت لو كان أمير المؤمنين يعلم بنا ما كان هذا حالنا ...فقال أنتظرينى هنايا أمراه فقال لتابعه يرفأ أتبعنى لبيت مال المسلمين و صار يجرى و يرفأ يحاول متابعته و أخذ القمح و الشعير ووضعته على كتفته فقال له يرفأ عنك يا أمير المؤمنين..فقال ومن يحمله عنى يوم القيامه تنحى عنى يا يرفأ انا اخدمهم بنفسي فصار ينضج لهم الطعام و يطعمهم بنفسه و عندما أنتهت قال للمرأه أذا أتى الصباح أأتينى الىبيت أمير المؤمنين لعلك تجدينى هناك ...فقالت المرأه والله أنت أخير من عمر والله لو كان لى الآمر لوليتك على المسلمين
هاهوالفاروق ذات مرة في داره مع زوجته واذ بأحد الرجال يقصد بيت أمير المؤمنين ليشكوا له سوء خلق زوجته وتعاليها عليه بصوتها وبينما هوكذلك يهم بطرق الباب فيترامى الى سمعه صوت زوج الفاروق يعلو صياحاً فإذا به يعود أدراجه محدثاً نفسه ان حال أمير المؤمنين هي مثل حالي فيحس الفاروق به فيفتح الباب ويسأله لم تطرق الباب ثمتعود ادراجك ؟ ما خطبك ؟فيروي الرجل للفاروق قصته ويبلغه إستغرابه من عدم رده عليها وهو أمير المؤمنين؟والمعروف بشدته من تهابه الرجال فيهديءالفاروق من روعه قائلاً إنهن عوان عندنا وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهن خيراً ((رفقاً بالقوارير)) نعم يا أخي انها تخبز خبزي وتكنس بيتي وترعى أطفالي وتغسل ملابسي دون أجر اومقابل افلا أحتمل غضبتها؟؟ رضي الله عنك أيها الفاروق فقد كنت نعم الزوج !!
المشهد السابع عشر :
يمشي عمر كعادته في المدينة متفقداً أحوال الرعية فإذا به يرى رجلاَ مسناً ضريراَ يتسول في المدينة ولم يرق له أن يجد أحداً من رعيته يتسول فيسأله أمير المؤمنيين مابال الرجل يسأل بأبواب الناس ومن أي أهل الكتاب أنت فقال: يهودي. قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟! قال: أسأل الجزيةوالحاجة والسّنَّ.
فأخذ عمر -رضي الله عنه- بيده، وذهب به إلى منزله؛ فدفع له بشيء مما في منزله، ثم أرسل إلى خازن بيت المال، فقال: انظر هذا وضرباءه،فوالله ما أنصفناه، أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرَم؛ }إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ{ [التوبة: 60]. والفقراء: هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب، فوضع عنه، وعن ضُرَبائِه الجزية وأمر له بنفقة
ومرة غبرها يردسماع أمير المؤمنين شكوىً من أحد أقباط مصر بعد أن فتحها المسلمون بقيادة عمر بن العاص رضي الله عنه وولاه أمير المؤمنين والياً عليها إذ حدث أن تسابق القبطي مع ولد عمر بن العاص فسبقت فرس القبطي فرسه فراعه
ذلك فما كان منه إلا أن صفعه على وجهه قائلاً خذها مني وأنا إبن الأكرمين فيغضب أمير المؤمنين لذلك فيستدعي الخصوم ليستمع للشكوى ويكون حكمه للقبطي أن ردها عليه ويتوجه لعمر بن العاص والي مصر حينها قائلأ قولته المشهورة :
((متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ))
ولعل هذا القول بحق ما يصلح لأن يكون المبد أ الأول من مباديْ حقوق الأنسان ولعل هذا ما يمكننا من القول أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يلهم الثورة الفرنسية بعد اكثر من عشرة قرون على رحيله
فبعد أن تحررت فرنسا من الظلم الذي خيم عليها عبر الحكومات التي كانت تضرب الشعب بالسياط والحديد والنار ، قامت الإحتفالات والأفراح بنجاح الثورة ،وعندما وضع قادة فرنسا بيانا لثورتهم1789م ، تفاجأ خطيب الثورة الفرنسية لافاييت، بل صُدم عند قراءته البيان الأول للثورة وقرأ (يولد الرجل حرا ولا يجوز استعباده )
فيرفع لافاييت رأسه قائلاً::
"أيها الملك العربي العظيم عمر بن الخطاب، أنت الذي حققت العدالة كما هي".
أليس هذا بيانا للتعايش الحقيقي وإعلانا لحقوق الإنسان واحترام آدميته وإقرار مبدأ العدل والمساواة؟.
رضي الله عنك ياأمير المؤمنين لقد كنت بحق ملهماٍ حتى لغير نا من الأمم فجزاك عنا حير الجزاء
لقدكان أمير المؤمنين يقتص من عماله، فإذا شكا إليه عامل له جمع بينه وبين من شكاه فإن صح عليه أمر يجب أَخْذه به أَخَذه به.
وروى الطبري أن الفاروق خطب الناس فقال: أيها الناس، إني والله ما أرسل عمالاً ليضربواأبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكني أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعلبه شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفس عمر بيده لأقتصن منه، فوثب عمرو بن العاص،فقال: يا أمير المؤمنين أرأيتك إن كان رجل من أمراء المسلمين على رعيته فأدب بعضرعيته، إنك لتقصه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده إذًا لأقتصن منه، وقد رأيت رسول الله يقتص من نفسه.
وكان إذااستعمل عاملاً كتب له عهدًا وأشهد عليه رهطًا من المهاجرين والأنصار، واشترط عليهألا يركب برذوانًا، ولا يأكل نقيًا، ولا يلبس رقيقًا، ولا يتخذ بابًا دون حاجات الناس
ولعل من أروع ما روي عن رحمته بالعباد بل بالحيوان ما كان يرسله من توجيهات لعماله على الأمصار بتأمين الطرق وضفاف النهر فقد روي فيماإشتهر عنه لعامله على العراق بأن يعبد المسالك ويمهد الطرقات ويهيئ المشارب للأنعام على صفاف الأنهارفوالله لو أن شاة نفقت في نهر دجلة لخشيت الله أن يسألني عتها يوم القيامة لم لم أهيئ لها الطريق
المشهد الثامن عشر :
وقف أميرالمؤمنين خطيباً بالقوم فحمد الله واثنى عليه بما هو اهله وأثناء خطبته سألهم قائلاً ماذا أنتم فاعلون إن وجدتموني أعوججت عن السبيل ؟؟ فوقف رجل أعرابي من أخرالمسجد يستل سيفه قائلاً لو أنحرفت عن الصراط لقومناك بحد السيف فشكر الله قائلاً الحمد لله الذي جعل في أمة محمد من يقوم أمير المؤمنين عمر .
دخل عينية بن حصن على عمر فقال
هيه،يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل.
فغضب عمر حتى همّ أن يقع به.
فقال ابن أخ عينيةالحرُّ بن القيس: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:
وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوز عمر حين تلاها عليه. وكان وقافًا عند كتاب الله تعالى.
أهدى أبو مُوسى الأشعري لعاتِكة زوج عمر حُلةً، فردها إلى أبي موسى بعد أنْ ضربها بها على رأسِها، وعنّفَ أبا موسى تعنيفًا شديدًا؛ لأن الهدايا إلى الحُكّامِ ما لها من سبيلٍ في عالمِ يحكمه العادل عمر
المشهد التاسع عشر :
روى قيس بن حجاج قال:
لما فُتحت مصر، أتى أهلها (عمرو بن العاص) و كان أميرا بها، فقالوا:أيها الأمير، إن لنيلنا هذا سُنة لا يجري إلا بها، قال: و ما ذاك؟قالوا: إذا كانت ثنتا عشرة ليلة خلت من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها، فأرضينا أبويها و جعلنا عليهامن الحلي و الثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل، فقال لهم عمرو:إن هذا لا يكون في الإسلام، إن الإسلام يهدم ما كان قبله،فأقاموا و النيل لا يجري حتى هموا بالجلاء،فكتب (عمرو) إلى (عمر بن الخطاب) بذلك، فكتب إليه عمر:
أما وإنك قد أصبت بالذي فعلت،فقد بعثتُ إليك ببطاقة داخل كتابي هذا، فألقِها في النيل،فلما قدِم كتابه، أخذ عمرو البطاقة ففتحها، فإذا فيها:
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد:فإنك إن كنت إنما تجري من قِبلك فلا تجرِ، و إن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك،
قال فألقى البطاقة في النيل، فأصبحوا يوم السبت و قد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة،و قد قطع الله تلك السُنة عن أهل مصر إلى اليوم.
رواه الحافظ أبو القاسم الالكائي في كتاب السنة.
المشهد العشرون :
هاهو أمير المؤمنين يخطب بالمؤمنين للجمعة وجيشه بقيادة أسامة بن زيد في تخوم فارس ينشر الدين الحق ليحول العباد من عبادة النار الى عبادة الواحد القهار .
وإذا بالأمير الخطيب يتحول عن موضوع خطبته ليقول يا سارية الجبل الجبل؟؟فاستغرب الناس وهو يكرره
أجل لقد كشف الله على بصيرةالخليفة الملهم وأراه المعركة الدائرة عل بعد ألاف الأميال من المدينة عاصمةالخلافة فأراد توجيه سرايا الجيش الفاتح والتي كانت بأمرة سارية بن نائل والتي كادت تتعرض لشر مطبق الى ضرورة لزوم الجبل لتحمي ظهرها وتواجه العدو من وجهة واحدة فيسمع المقاتلون توجيهات القائد الأعلى ويلزمون الجبل مما يفتح به الله عليهم ويرزقهم النصر وما النصر إلا من عند الله الذي الهم الفاروق للأخذ بأحدأسبابه!!
المشهد الحادي والعشرين :
هاهي المعركةالتالية على الأبواب ولعل حسن اختيار القيادة من أهم أسباب النصر وهاذا الذي كان من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقد كانت المعركة الثانية بين المسلمين والروم حول دمشق، لقد أحاط المسلمون بالمدينة، وتحصن الروم بها، وأغلقوا أبوابها، خالد بجنوده على الباب الشرقى، وأبو عبيدة على باب الجابية ، وعمرو بن العاص على باب توما، وشرحبيل بن حسنة على باب الفراديس، ويزيدبن أبى سفيان على الباب الصغير، كانت دمشق ممتنعة غاية الامتناع، وطال بها الحصار،واشتدت الحال على الجميع، وكان أهل المدينة يرسلون إلى ملكهم هرقل يطلبون مددًافلا يصل إليهم لقوة حصار المسلمين لها، وهنا فشل أهلها وضعُفوا وقَوِىَ المسلمون،وقدّر الله أن وُلِد لبطريق دمشق مولود فى إحدى الليالى، فصنع للناس طعامًا،وسقاهم شرابًا، وباتوا عنده فى وليمته قد أكلوا وشربوا وتعبوا، فناموا عن مواقعهم واشتغلوا عنها، وفطن لذلك خالد وهو على الباب الشرقى، فقد كان قائدًا يقظًا لاتفوته فائتة، فأعد سلالم من حبال، وجاء هو وأصحابه من الصناديد الأبطال مثل:القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عدى وغيرهما، وقد أحضر جيشه عند الباب، وقال لهم: إذاسمعتم تكبيرنا عند السور فاصعدوا إلينا. وقام هو وأصحابه فقطعوا الخندق سباحة، وفى أعناقهم جعبة النبال، فنصبوا السلالم وصعدوا فيها ولما استندوا على السور رفعواأصواتهم بالتكبير، وجاء المسلمون، فصعدوا فى تلك السلالم، وانحدر خالد وأصحابه الشجعان إلى البوابين، فقتلوهم وفتحوا الأبواب، فدخلت جيوش المسلمين، والتكبيريبشر بالفتح العظيم لقد دانت يلاد الشام بالإسلام ودخلها الفاتحون بعد طول إستعصاء
المشهد الثاني والعشرين :
الوجهة الأن صوب بيت المقدس وهاهي جيوش المسلمين تستعد للفتح الجديد وجه عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) لفتح بيت المقدس وكان معسكراً في الجابية، ولما وصله رسول عمرقام أبو عبيدة بتوجيه خالد بن الوليد في خمسة آلاف فارس نحو بيت المقدس، ثم أتبعه بخمسة آلاف فارس آخرين بقيادة يزيد بنأبي سفيان، ثم بخمسة آلاف بقيادة شرحبيل بن حسنة، واجتمعت الجيوش كلها ولحق بها أبو عبيدة بن الجراح(رضي الله عنه) وضربواالحصار حول المدينة المقدسة في أيام برد شديد، حتى استيأس أهل المقدس بعدمرور أربعة أشهر، فطلبوا تسليم المدينة ليضمنوا العهد والأمان من أمير المسلمين بشخصه فأجابهم أبو عبيدة وأرسل طالبا إلى الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أن يحضر ليتسلم المدينة، وجاء وفد أبي عبيدة إلى المدينة المنورة وبصحبتهم وفد من النصارى، فسألوا عن أمير المؤمنين ليبلغوه طلب رؤسائهم، فاشتد عجبهم عندما رأوا قائد دولة المسلمين مفترشاً الأرض ينام تحت ظل شجرة يحتمي بها من الحر,وأجابهم عمر بن الخطاب، وخرج قاصداً بيت المقدس..ووصلها في شهر رجب في السنة السادسة عشر ة من الهجرة، في شهر الإسراء والمعراج،ليحرر مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الروم، ودخل عمر بن الخطاب المدينةعن طريق جبل (المكبر) الذي سمي بهذا الاسم لأن عمر بن الخطاب لما أشرف على المدينةالمقدسة من فوق الجبل كبر وكبر معه المسلمون.. ، فيلقاه عمرو بن العاص قائلاً: يا أمير المؤمنين،ما كان لك أن تأتي بمثل هذا الزيّ. فقال: لو غيرك قالها!نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العِزة بغير ه أذلنا الله .وصل عمر بن الخطاب إلى القدس ممتطياً بعيراً أحمر، كان يتبادل مع غلامه الركوب عليه، فعندما بلغ الخليفة سور المدينة كان دور الركوب للغلام، فنزل عمر وركب الغلام وعمر بن الخطاب يمسك بلجام البعير وبثوبه المرقع بثلاث عشر من الرقع ،فلما رآه البطريرك أكبره، وبكى بطريرك النصارى نعم إنها أوصاف أمير المؤمنين كما سردها كتابنا المقدس يأتي أمير المؤمنين من المدينة لإستلام مفتاح بيت المقدس يجر راحلته وعليها غلامه وفي ثوبه ثلاث عشر رقعة وقال: إن دولتكم باقية على الدهر، فدولة الظلم ساعة، ودولة العدل إلى قيام الساعة. ثم طلب عمر بن الخطاب من البطريرك أن يدله على مكان (مسجد داود).. فمضى بهم إلى مكان مسجد بيت المقدس حتى وصلوا إليه فقال (رضي الله عنه) الله أكبر، هذا والذي نفسي بيده مسجد داود (عليه السلام) الذي أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه أسري به إليه فمضى عمرنحو مكان المحراب فصلى فيه وقرأ سورة ص، وسجد شكراً لله..
ويتم بذلك فتح عظيم أخر لعظيم من عمالقة الأمةانه الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه ولعل أبلغ ما يصف هذا الفتح ماكتبه المستشرقون عنه :
يقول المؤرخالأمريكي ( ول ديوارت ) واصفاً مجيء عمر إلى بيت المقدس:
"وجاء الخليفة نفسه للتصديق على شروط التسليم ، جاء من المدينة في بساطة أفخر من الفخامة " [قصة الحضارة 13 / 76
وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هذا هو الذي وصف جوستاف لوبون دخوله القدس، وتسامحه مع النصارى فقال: "ويُثبت لنا سلوك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في مدينةالقدس ، مقدار الرفق العظيم الذي كان يُعامل به العربُ الفاتحون الأمم المغلوبة–والذي ناقضه الصليبيون ما اقترفوه في القدس بعد بضعة قرون مناقضةً تامَّة- فلم يُرِد عمر أن يُدخِل مدينة القدس ومعه غير عددٍ قليلٍ من أصحابه، وطلب من البطريرك صفرونيوس أن يُرافقه في زيارته لجميع الأماكن المقدسة، وأعطى الأهلين الأمان، وقطع لهم عهدًاباحترام كنائسهم وأموالهم، وبتحريم العبادة على المسلمين في بِيَعِهِم
رضي الله عنك سيديى يابن الخطاب لقد كنت خير ممثل لخيرأمة حتى وضعك الخصوم في مصاف العظماء
المشهد الثالث والعشرين :
لقد انقضت سنين الخلافة وابن الخطاب له عمر يناهز الثالثة والستين وهاهي الشهر السادسة بعد العام العاشر من الخلافة كان لأمير المؤمنين فيها اروع الفتوحات وأعظم الإنجازات ولكن لكل اجل كتاب وكيف لمن بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وفال فيما قال فيه :
نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر
بل و ذات مره دخل النبى المسجدو نادى أين ابو بكر تعالى بجوارى .. أين عمر تعالى بجواري فمسك الرسول يديهما وقال هكذا نبعث يوم القيامه
هذا الذي كان جل دعائه اللهم ارزقني شهادة في سبيلك وموتة في بلد نبيك
ففي أربع خلين من ذي الحجة يوم الأربعاء للعام السادس عشر للهجرة يؤم الخليفة العادل المسلمين بصلاة الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويباغته أبو لؤلؤة فيروز المجوسي بطعنات غادرة من خنجره فيغرق العملاق مضمخاً بدمه الطاهر وينقل الى بيته ليغمى عليه ومن ثم يستفيق ليذكر بالصلاة و يسأل عن قاتله فيعلم به فيحمد الله انه لم يكن من أهل الإيمان ولم يسجد لله قط في حياته
ويأتي سيدنا عبد الله بن عباس فيقول: يا أمير المؤمنين ، أسلمت حين كفر الناس ، و جاهدت مع رسول الله حين خذله الناس و قتلت شهيدا و لم يختلف عليك اثنان، و توفي رسول الله وهو عنك راض . فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه ، فقال :المغرور من غررتموه و الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .
و قال سيدنا عبد الله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه . فقال : ضع رأسي على الأرض .
فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟! فقال :لا أم لك ، ضعه على الأرض .
فقال الصحابي عبد الله : فوضعته على الأرض . فقال : ليت أم عمر لم تلد عمرويلي إن لم يرحمني ربي عز و جل
ويسمو الفاروق شهيداً بعد أن عاش حميداً و في حكمه رشيداً وعلى الأعداء شديداً ولصرح الإسلام مشيداً
ويدخل عليه الصحابة الكرام وجثمانه الطاهر مسجىً فيثنون عليه بما هو أهل له ويشهدون له بالأمانة والعدل.
فعن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنيلواقف في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب ، وقد وُضِعَ على سريره ، إذا رجل من خلفيقد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله ، إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك ،لأني كثيرا مما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كنت وأبو بكر وعمر ،وفعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت وأبو بكر وعمر ، فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما. فَالْتَفَتُّ فإذا هو علي بن أبي طالب . رواه البخاري
رضي الله عنك سيدي يابن الخطاب طبت وطاب مثواك بجوار خير البشروصاحبه في الغار ابا بكر
حمى الله بكم دعوته وأعز دينه ونشر رسالته فكنتم خير خلف لخير سلف
جزاكم الله عنا خير الجزاء والهم على دربكم الأتقياء
أوليات عمر ( ملحق)
اول من سمى بأمير المؤمنين من الخلفاء .
اول من وضع تأريخا للمسلمين و أتخذ التاريخ من هجره رسول الله صلى الله عليه و سلم.
اول من عسس فى الليل بنفسه ولم يفعلها حاكم قبل عمر ولا تعلم أحد عملها بأنتظام بعد عمر .
اول من عقد مؤتمرات سنويه للقاده و الولاه و محاسبتهم وذلك فى موسم الحج حتى يكونوا فى أعلى حالتهم الأيمانيه فيطمن على عبادتهم وأخبارهم
.أول من أتخذ الدره ( عصا صغيره ) و أدب بها .. حتى أن قال الصحابه و الله لدره عمر أعظم من أسيافكم و أشد هيبه فى قلوب الناس وهواول من مصرالأمصار واول من مهد الطرق .
من أولياته فى العباده
أول من جمع الناس على صلاه التراويح وهو أول من جعل الخلافه شورى بين عدد محدد وهو اول من وسع المسجد النبوى و اول من اعطى جوائرلحفظت القرأن الكريم واول من أخر مقام أبراهيم واول من جمع الناس على أربعه تكبيرات فى صلاه الجنازه
فى العلاقات العامه
أجلى اليهود عن الجزيره العربيه أسقط الجزيه عن الفقراءوالعجزه من أهل الكتاب و تؤخذ الجزيه من أهل الكتاب على حسب المستوى المعيشى كما أعطى فقراء أهل الكتاب من بيت مال المسلمين و منع هدم كنائس النصارى
فى مجال الحرب
أقام المعسكرات الحربيه الدائمه فى دمشق و فلسطين والأردن و اول من أمر بالتجنيد الأجبارى للشباب و القادرين
واول من حرس الحدود بالجند واول من حدد مده غياب الجنودعن زوجاتهم 4 أشهر واول من أقام قوات أحتياطيه نظاميه ( جمع لها ثلاثون ألف فرس) واولمن أمر قواده بموافاته بتقارير مفصله مكتوبه بأحوال الرعيه من الجيش وأول من دون ديوان للجند لتسجيل أسمائهم و رواتبهم واول من خصص أطباء و المترجمين و القضاه والمرشدين لمرافقه الجيش واول من أنشأ مخازن للأغذيه للجيش
فى مجال السياسه
هوأول من دون الدواوين وأول من أتخذ دار الدقيق (التموين) وأول من أوقف فى الأسلام ( الأوقاف) وأول من أحصى أموال عماله و قواده وولاته وطالبهم بكشف حساب أموالهم ( من أين لك هذا) وأول من أتخذ بيتا لاموال المسلمين وأول من ضرب الدراهم و قدر وزنها وأول من أخذ زكاه الخيل وأول من جعل نفقه اللقيط من بيت المال واول من مسح الأراضى وحدد مساحاتها وأول من أتخذ دارللضيافه وأول من أقرض الفائض من بيت المال للتجاره وأول من حمى الحمى
فتوحاتــــــــه
فتح العراق فتح الشام فتح القدس وأستلم المسجد الأقصى فتح مصر. فتح أذربيجان
المصادر
أخبار عمر أ/على الطنطاوى
مناقب عمر بن الخطاب ابن الجوزى
الفاروق عمر بن الخطاب أ/محمد رضا
شهيد المحراب أ/عمر التلمسانى
عبقريه عمر/ العقــــــــــاد
رجال حول الرسول/...
أوليات الفاروق السياسيه د/غالب عبد الكافى القرشى
مقالات/للدكتور راغب السرجاني..
الفاروق عمر طارق سويدان
أرجو من الله القبول ولي ولكل من قرأه الى جنات الرضوان الوصول