تكلمنا في اللقاءات السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
ثم تدعيم التخصص لدى الشباب.
ثم التكامل بين جميع التخصصات .
ثم تحدثنا عن أهمية تشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات .
ونتناول اليوم بعون الله تعالى أهمية الزراعة
الفصل الخامس : الإهتمام بالزراعة ودعمها.
يجب أن يدرك الإنسان أهمية العناصر الأساسية في الثروات الحقيقية التي بها تستمر الحياة على وجه الأرض في عزة وكرامة..
إن الإنسان مثله مثل أي كائن حي يفتقر إلى الهواء والماء والغذاء كأهم ضرورات الحياة التي يجب أن يحافظ عليها.
ومن رحمة الله بالإنسان أن جعل الهواء مشاع لجميع الكائنات الحية يتناولونه دون مكابدة ولا طلب من إنسان وذلك للحاجة الضرورية لذلك العنصر الهام الذي يحمل الأكسوجين للجسم وطرد ثاني أكسيد الكربون .
وفي المقابل يقوم النبات بسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء وإخراج الأكسوجين اللازم لحياة الكائنات والإنسان...فسبحان الله أحسن الخالقين.
ومن هنا ندرك مدى أهمية النبات في المحافظة على التوازن البيئي في الهواء وخاصة في هذا الكم الهائل من عادم السيارات الملوث للبيئة والهواء..
الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية - الغذاء - حيث يعتمد الغذاء بشكل كلي على الإنتاج الزراعي , سواء بشكل مباشر عن طريق تناول الخضر والفاكهة أو بغير مباشر عن طريق تناول الأطعمة المطبوخة من اللحوم أو الأسماك .. فكلها تعتمد على النبات في الأساس .. حيث أن الأنعام تعتبر مصانع للحوم , تأكل النبات وتحوله إلى لحوم , وكذلك الأسماك تأكل النباتات البحرية وتحولها إلى لحوم.
وهذا من أعظم منن الله تعالى العظيمة ، التي يضطر إليها الخلق ، من الآدميين وغيرهم ، وهو أنه أنزل من السماء ماء متتابعا وقت حاجة الناس إليه ،
فأنبت الله به كل شيء ، مما يأكل الناس والأنعام ...
فزال عنهم الجدب واليأس والقحط ، ففرحت القلوب ، وأسفرت الوجوه ، وحصل للعباد من رحمة الرحمن الرحيم ، ما به يتمتعون وبه يرتعون ، مما يوجب لهم ، أن يبذلوا جهدهم في شكر من أسدى النعم ، وعبادته والإنابة إليه ، والمحبة له.
*********
مثالا للعمل الجاد في الزراعة
لإنقاذ البلاد من المجاعة سنوات القحط.
لما أراد الله تعالى أن يخرج يوسف من السجن، أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة، الذي تأويلها يتناول جميع الأمة، ليكون تأويلها على يد يوسف، فيظهر من فضله، ويبين من علمه ما يكون له رفعة في الدارين، ومن التقادير المناسبة أن الملك الذي ترجع إليه أمور الرعية هو الذي رآها، لارتباط مصالحها به.
والشاهد في موضوعنا هو تفسير الرؤيا.
عبر يوسف عليه السلام ، السبع البقرات السمان والسبع السنبلات الخضر، بأنهن سبع سنين مخصبات ، والسبع البقرات العجاف ، والسبع السنبلات اليابسات ، بأنهن سنين مجدبات .
فقال : ﴿ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ﴾ أي : متتابعات بجهد كبير في الزراعة.
﴿ فَمَا حَصَدْتُمْ ﴾ من تلك الزروع ﴿ فَذَرُوهُ ﴾ أي : اتركوه ﴿ فِي سُنْبُلِهِ ﴾ للتخزين لأنه أبقى له دون تلف..
﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴾ أي : دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة ، وليكن قليلا ، ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه.
﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾ أي : بعد تلك السنين السبع المخصبات. ﴿ سَبْعٌ شِدَادٌ ﴾ أي : مجدبات جدا ﴿ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ﴾ أي : يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا. ﴿ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ﴾ أي : تمنعونه من التقديم لهن.
﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾ أي : بعد السبع الشداد ﴿ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ أي : فيه تكثر الأمطار والسيول ، وتكثر الغلات ، وتزيد على أقواتهم ، حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم .
وندرك من هذا المثال الحي قيمة الزراعة وقيمة المدخرات الزراعية وقت الجدب ..
ولعل كثير منا سمع عن المجاعة في بلاد إفريقيا والصومال وغيرها..مما يدل أن تعاليم الإسلام جاءت لإنقاذ البشرية من الفقر خلال الأعوام .. ففي أعوام الرخاء نعمل ونجتهد وندخر , وفي سنين القحط وندرة الماء نجد الغذاء المدخر..
هل أدركنا قيمة الزراعة وأهميتها ووجوب دعمها ؟؟
********
وإلى الفصل السادس إن شاء الله تعالى
الإهتمام بالتربية الحيوانية وتدعيمها
تكلمنا في اللقاءات السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
ثم تدعيم التخصص لدى الشباب.
ثم التكامل بين جميع التخصصات .
تشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات .
ثم تحدثنا عن أهمية أهمية الزراعة.
ونتناول اليوم بعون الله تعالى الإهتمام بالتربية الحيوانية.
الفصل السادس : الإهتمام بالتربية الحيوانية وتدعيمها .
كلنا يعلم أهمية الثروة الحيوانية وما تمثله من دعم للغذاء ودعم للصناعة... فمعظم الأغذية تقوم عليها سواء من اللحوم أو الألبان والدهون , وتقوم صناعة الجلود وتعليب اللحوم وغزل الصوف والغراء حتى صناعة الأدوية مثل الأنسولين فهو مستخلص من بنكرياس الحيوان.
وكثير من الدول الغنية تعتمد في ثروتها الحيوانية على دعم تلك الصناعة وخاصة صناعة الألبان الجافة والسمن الحيواني , وتعبئة اللحوم , وتدر تلك الصناعات الحيوية ثروات هائلة للدولة وللأفراد..
﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ ﴾ أي : لأجلكم ، ولأجل منافعكم ومصالحكم ، من جملة منافعها العظيمة أن لكم ﴿ فِيهَا دِفْءٌ ﴾ مما تتخذون من أصوافها وأوبارها، وأشعارها، وجلودها، من الثياب والفرش والبيوت.
﴿وَ﴾ لكم فيها ﴿ مَنَافِعُ ﴾ غير ذلك ﴿ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾
﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ أي : في وقت راحتها وسكونها ووقت حركتها وسرحها، وذلك أن جمالها لا يعود إليها منه شيء فإنكم أنتم الذين تتجملون بها، كما تتجملون بثيابكم وأولادكم وأموالكم.
أي: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ ﴾ التي سخرها الله لمنافعكم ﴿ لَعِبْرَةً ﴾ تستدلون بها على كمال قدرة الله وسعة إحسانه حيث أسقاكم من بطونها المشتملة على الفرث والدم ، فأخرج من بين ذلك لبنا خالصا من الكدر سائغا للشاربين للذته ولأنه يسقي ويغذي. فسبحان المبدع تعالى وتقدست أسماءه...
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾ في الدور والقصور ونحوها تكنُّكم من الحر والبرد وتستركم أنتم وأولادكم وأمتعتكم، وتتخذون فيها الغرف والبيوت التي هي لأنواع منافعكم ومصالحكم وفيها حفظ لأموالكم وحرمكم وغير ذلك من الفوائد المشاهدة، ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ ﴾ إما من الجلد نفسه أو مما نبت عليه ، من صوف وشعر ووبر.
********
هل أدركنا قيمة الثروة الحيوانية في حياة الشعوب التي تريد أن تحيا حياة كريمة , يجب تدعيم الشباب وتشجيعهم لمثل هذه المشاريع الهامة للإقتصاد الوطني , بتوفير السلالات الجيدة من البقر والجاموس والأبل والخراف والماعز . وتشجيع العنابر العملاقة لتربية الدجاج والطيور بكل أنواعها ..
وبمعادلة بسيطة إن تمت تلك المشاريع بعون الله تعالى . سيعم الرخاء إلى كل أفراد المجتمع ..
إن الشباب طاقة يجب استغلالها للمشاريع الأهم لإقتصاد البلاد , فهذه المشاريع تحتاج لمصانع كبيرة بجانبها مثل دبغ الجلود وصناعة الملابس والأحذية .. ومصانع تعليب اللحوم .. ومصانع تجميد الدجاج المذبوح .. ومصانع تغليف البيض ..
ومصانع ثقيلة لصناعة وسائل النقل لنقل اللحوم ومنتجاتها إلي المدن.. فالفوائد كثيرة لا تحصى من هذه الثروات الضائعة..
********
وإلى الفصل السابع إن شاء الله تعالى
الإهتمام باسطول الصيد ودعمه
الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب
تكلمنا في اللقاءات السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
ثم تدعيم التخصص لدى الشباب.
ثم التكامل بين جميع التخصصات .
وتشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات .
ثم تحدثنا عن أهمية أهمية الزراعة.
ثم الإهتمام بالتربية الحيوانية.
ونتناول اليوم بعون الله تعالى الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
الفصل السابع : الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
الثروة السمكية من أعظم النعم التي من الله بها على البشرية, حيث أنها غنية بالعناصر الهامة في بناء جسد الإنسان , ولذلك حرصت الدول على الإهتمام بعمل الأساطيل البحرية لصيد الأسماك فإن لم يكن لها سواحل كافية فإنها تستأجر سواحل من بلاد قريبة أو بعيدة للسماح لهم بالصيد..
والصيد هنا ليس فرديا أو قوارب صغيرة للصيد , ولكن تعبأ له الأساطيل مجهزة بثلاجات ضخمة للحفظ ..
تصور معي لو عمدت الدول الفقيرة إلى دعم إسطول للصيد كيف تكون النتيجة ؟؟
النتيجة المنطقية هي الرخاء والغنى لتلك الشعوب, للأسباب الأتية :
أولا – عرض سلعة غذائية ذات قيمة عالية من البروتين والفسفور بسعر رخيص لسهولة الحصول عليها عبر البحار والأنهار والمزارع السمكية , دعما للفقراء.
ثانيا – يترتب على توفير الأسماك بسعر منخفض أن تنخفض بالضرورة كل السلع الغذائية . حيث إذا توافر البديل في أي سلعة إنعكس ذلك على بقية السلع ... بشرط تنحية الفساد والإحتكار..
ثالثا – إتاحة فرص عمل للشباب في مصانع تعليب الأسماك وتصديرها .
وإتاحة الفرصة للشباب في العمل لدى الترسانات البحرية لتشيد تلك السفن العملاقة للصيد..
أي: هو وحده لا شريك له ﴿ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ ﴾ وهيأه لمنافعكم المتنوعة. ﴿ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾ وهو السمك والحوت الذي يصطادونه منه، ﴿ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ فتزيدكم جمالا وحسنا إلى حسنكم، ﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ ﴾ أي: السفن والمراكب ﴿ مَوَاخِرَ فِيهِ ﴾ أي: تمخر في البحر العجاج الهائل بمقدمها حتى تسلك فيه من قطر إلى آخر، تحمل المسافرين وأرزاقهم وأمتعتهم وتجاراتهم .
﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ الذي يسر لكم هذه الأشياء وهيأها وتثنون على الله تعالى الذي منَّ بها ، فلله تعالى الحمد والشكر والثناء ، حيث أعطى العباد من مصالحهم ومنافعهم فوق ما يطلبون ، وأعلى ما يتمنون ، وآتاهم من كل ما سألوه ، لا نحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه.
فالأنهار عذبة فراتا ، سائغا شرابها ، لينتفع بها الشاربون والغارسون والزارعون ، وأن يكون البحر ملحا أجاجا ، لئلا يفسد الهواء المحيط بالأرض بروائح ما يموت في البحر من الحيوانات ولأنه ساكن لا يجري.
فملوحته تمنعه من التغير، ولتكون حيواناته أحسن وألذ ، ولهذا قال : ﴿ وَمِنْ كُلٍ ﴾ من البحر الملح والعذب ﴿ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾ وهو السمك المتيسر صيده في البحر ، ﴿ وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ من لؤلؤ ومرجان وغيرهما ، مما يوجد في البحر، فهذه مصالح عظيمة للعباد.
ومن المصالح أيضا والمنافع في البحر، أن سخره اللّه تعالى يحمل الفلك من السفن والمراكب .
ونتعلم من الآيات أن نعم الله على البشر كثير وخيره وافر ولكن الإنسان قد يظلم نفسه حين لا يلقي إهتماما بتلك الثروات العظيمة والتي يهملها عن عمد أو غير عمد .. فالذين ذهبوا إلى بحيرة السد العالي في جنوب مصر يصفون الأسماك في تلك البحيرة بأنها كبيرة الحجم جدا وكثير جدا ولا تجد من يأخذها ليعرضها بأثمان رخيصة للفقراء .. هذا فضلا عن البحيرات الداخلية المتفرعة من نهر النيل , ثم ساحل البحر الأحمر من الشرق , ومن الشمال ساحل البحر الأبيض المتوسط..
إن المشاريع الناجحة هي التي تعتني بالثروة الحقيقية في أي أرض , وتستغل شباب الأمة في العمل بتلك المشاريع..
ولو أنك تركت إستغلال الموارد الهامة للإنسان من طعام ودواء ومسكن .. واكتفيت فقط بإستجلاب العملات من النقود بأي مشاريع .. قد تحقق مكسبا عاجلا لبعض الفئات ولكن سيعم الفقر على المجتمع كله الذي أهمل نعم الله والثروة الحقيقية للإنسان..
ياشباب المستقبل يجب أن نعي جيدا كيف ننهض ببلادنا وأن نضع نصب أعيننا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز .
وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان
الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664
خلاصة حكم المحدث: صحيح
*********
وإلى الفصل الثامن إن شاء الله تعالى
الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لمنظومة العمل المتكاملة.
تكلمنا في اللقاءات السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
ثم تدعيم التخصص لدى الشباب.
ثم التكامل بين جميع التخصصات .
وتشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات .
ثم تحدثنا عن أهمية أهمية الزراعة.
ثم الإهتمام بالتربية الحيوانية.
ثم الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
ونتناول اليوم بعون الله تعالى الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لمنظومة العمل المتكاملة.
الفصل الثامن : الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لمنظومة العمل المتكاملة.
منظومة العمل ليست منظومة عبسية غير محددة المعالم عند الدول المتحضرة .. وكما سبق القول فإن جميع التخصصات تعتبر فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط عن بقية المجتمع .. أما إذا إحتاج المجتمع إلى تخصص معين ولم يوجد من يقوم به أصبح طبقا لشريعة الإسلام فرض عين على الجميع لحين تعين من يقوم بهذا التخصص.
وبناءا على ما تقدم يجب الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لمنظومة العمل المتكاملة ..
ونبدأ من حيث إنتهت أحدث الدراسات , وهذا يتطلب جهدا كبيرا في البحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات . لكي نستوعب تصنيع مكونات الأجهزة .
وإلى الأن تحتكر الدول المتقدمة تلك التكنولوجيا ولا تسمح بتصديرها ولكن الدول التي حاولت إستيعاب وتعلم هذه العلوم التطبيقية للمعرفة نجحت وأصبحت تنافس مثل الصين وسنغافورة وكوريا والهند..
فالأمر ليس بالمستحيل ولكنه يحتاج لإرادة سياسية تتبنى تلك المبادئ وتطبقها في أرض الواقع ..
فالإسلام علمنا الرفعة والقوة والعلم المبني على الإيمان وطلب منا البحث إن كنا لا نعلم .
إن التطبيق العملي للبحث العلمي أول ما يرتبط , يرتبط بالموارد المالية والموارد الطبيعية وأهمها الحديد. ولا ننسى الكفاءات البشرية فهي المعنية أساسا بالبحث والعمل ..
ولذلك نجد التركيز على الإنفاق في سورة الحديد وعلى الحديد ذاته كأهم معدن أنزله الله تعالى ليخدم البشرية في جميع مجالات الحياة..
فكل الرسالات جاءت لتقر في الأرض وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية , لتقويم الأعمال والأحداث والأشياء والرجال ; وتقيم عليه حياتها في مأمن من اضطراب الأهواء واختلاف الأمزجة , وتصادم المصالح والمنافع . ميزانا لا يحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع , ولا يحيف على أحد لأن الله رب الجميع.
هذا الميزان الذي أنزله الله في الرسالة هو الضمان الوحيد للبشرية من العواصف والزلازل والاضطرابات والخلل الذي يصيب الإنسان.. فلا بد من ميزان ثابت يثوب إليه البشر , فيجدون عنده الحق والعدل بلا محاباة
ونلاحظ أهمية هذا المعدن ( الحديد ) للحياة على وجه الأرض, وتكاد حضارة البشر القائمة الآن تقوم على الحديد..
ولذلك سميت سورة في القرآن العظيم بالحديد لقيمة هذا المعدن
ودوره البارز في تكوينات الأجهزة التي يستخدمها الإنسان.
فيكاد لا يخلو جهاز أو أدوات أو ماكينة أو طائرة أو سفينة أو سيارة أو بناية أو كباري إلا و الحديد يدخل في تكوينها , حتى دم الإنسان يحتاج إلى هذا العنصر في تكوينه.
ويبين لنا الله تعالى أنه أنزل لنا الحديد إلى الأرض , وأوضح لنا قوة هذا المعدن الهام ومدى نفعه للناس....
ونلاحظ أن كل من أستغل هذا المعدن سواء في التصنيع أو التسليح أو التشيد والبناء أصبح في مقدمة الشعوب تقدما , وأن من أهمل الإهتمام بهذا المعدن أصبح في مؤخرة الأمم .
فلا بد لصاحب العقيدة أن يتعامل مع هذا الوجود الكبير , بنظرة شاملة موضوعية عملية ولا يحصر نفسه ونظره وتصوره واهتمامه ومشاعره في عالم الأرض الضيق .
يخبر تعالى عباده أن هذا القرآن العظيم ﴿ تَنْزِيلُ ﴾ صادر ﴿ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ الذي وسعت رحمته كل شيء، الذي من أعظم رحمته وأجلها، إنزال هذا الكتاب، الذي حصل به، من العلم والهدى، والنور، والشفاء، والرحمة، والخير الكثير، فهو الطريق للسعادة في الدارين.
ثم أثنى على الكتاب بتمام البيان فقال : ﴿ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ﴾ أي: فصل كل شيء , وهذا يستلزم من علماء المسلمين تدبر آياته والبحث في كافة العلوم التي أتى بها على الإجمال حتى يستوعبها البشر في كافة العصور.
﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴾ أي : باللغة الفصحى أكمل اللغات، فصلت آياته وجعل عربيًا. ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ أي : لأجل أن يتبين لهم معناه، كما تبين لفظه، ويتضح لهم الهدى من الضلال، والْغَيِّ من الرشاد..
وقد حافظ القرآن العظيم على اللغة العربية ونشرها في ربوع الأرض وجعلها من اللغات الحية في العالم..
وقد استوعبت اللغة العربية جميع علوم الأرض , والدليل على ذلك ما قام به علماء الإسلام بالترجمة لكتب العلوم في العصر الذهبي للدولة الإسلامية , والبحث العلمي في جميع أصول المعرفة سواء الرياضية في الجبر والهندسة أو العلوم الكيمائية أو الطبية أو علم الفلك من نجوم وكواكب أو الجغرافية أو التاريخية والشريعة والقانون...
والتفوق في العلوم الصناعية في كافة المجالات مثل صناعة السفن والأساطيل البحرية وإنشاء الترع والسدود و إنشاء المدن وما ترتب عليها من مرافق وإضاءة .
كل تلك الإنجازات في ظل دولة العدل والحرية والمساوة ..
فالظلم معول الهدم في كل الأمم.