ما هو معيار الرجولة عند سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.....؟
نحن إذا أردنا أن نحكم على زوج بأنه ناجح فهناك معيار وإذا أردنا أن نحكم على أم بأنها ناجحة فهناك معيار.
لكن كيف نحكم على هذا الإنسان بأنه ناجح وما هي معايير الحكم....؟
إن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان لديه معيار وهل تعلمون ما هو معياره....؟
لقد كان يسأل عن الرجل ويقول ما عمله....؟
فإذا قيل له إنه بلا عمل هنا يقول لقد سقط من عيني.
لا يهم ما هو العمل ولا يهم إن كان العمل بسيطا أو عظيما المهم أنك تعمل وأنك تنتج وتنفع الناس.
هذا ما كان يعنيه وهذا هو معياره في الحكم على الرجال.
انظروا إلى المعيار العمري الذي هو معيار عمر بن الخطاب كما قلنا كان يسأل عن عمل الرجل.
ومعنى هذا الكلام أنه كل إنسان لا بد أن يكون له هدف في الحياة ولا بد أن تكون له خطة وعمل أو حرفة أو صنعة حتى لو كان هذا الإنسان يبيع موزا أو تفاحا أو برتقالا.
المهم أن يكون لديه عمل وتكون لديه صنعة بحيث يعمل ويكسب من عمله وجهده.
وهكذا فإن الإنسان يكبر في عين عمر إذا كان يعمل ومن لا يعمل يسقط من عين عمر.
لا بد أن نعلم منهج دلوني على السوق ما معنى هذه العبارة...؟
معناها اتركوني في الأسواق أتحرك وأبيع وأكسب والإنسان عندما يدخل في التجارة والأسواق والمحلات فإن كثيرا من المهارات سيكسبها منها كيفية التعامل مع الناس وتعلم الحساب من جمع وطرح وضرب ونحوه.
وسيتعلم كيف يخطط للمستقبل وكيف يدخر هذه الأموال وكيف ينفقها وكيف يغير الخطط حتى يكون دخله أفضل في المستقبل.
إذن دلوني على السوق منهج في العلاقات الاجتماعية ومنهج في العلاقات الاقتصادية والسياسية لأن السوق اليوم مرتبط بالسياسة ومنهم أخلاقي وتروي.
وهكذا فإن دلوني على السوق ليست كلمة بسيطة وإنما هي منهج حياة.
لقد خلق الإنسان ورزقه اله تعالى ما يكفيه من رزق لكن هل ترك الرزق ليصل إلى أصحابه....؟
ففي هذا العالم الآن يتمتع مائتي شخص بثروة يتجاوز مجموعها ألف بليوم دولار.
ويظل أكثر من بليون ومائتي مليون إنسان لا يتعد دخل الفرد فيهم دولارا واحدا في اليوم الواحد.
تعال بنا نؤمن ساعة لنتجول ونعرف ما هو المبدأ القويم الذكي الذي أعطانا إياه ديننا الإسلامي حتى نعالج مشكلة الفقر.
يروي لنا أنس بن مالك رواية يوضح فيها كيف كان عليه السلام يحث الصحابة نحو العمل والإنجاز والكسب وهذا منهج النبي في العمل يقول أنس بن مالك:
في يوم من الأيام بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ برجل من الأنصار يسأل الناس فقال له رسول الله هل في بيتك شيء....؟
قال في بيتي قطعة جلد وقربة فقال له عليه السلام ائتني بهما فذهب الرجل وأحضرهما فأخذها رسول الله وقال من يشتري هذا قال صحابي أنا يا رسول الله.
قال بكم قال بدرهم فقال عليه السلام من يزيد قال أحدهم بدرهمين فباعها رسول الله للرجل ثم قال عليه السلام للرجل السائل خذ هذين الدرهمين واشتر بأحدهما طعاما لأهلك وبالثاني فأسا فذهب الرجل وفعل كما أمره رسول الله ثم جاء إلى رسول الله وبيده فأس فأخذ النبي عليه السلام الفأس ووضع فيه عودا وقال له اذهب بهذا الفأس واحتطب به ولا تأت إلينا إلا بعد خمسة عشر يوما.
فذهب الرجل واحتطب وباع ما احتطبه وبعد خمسة عشر يوما جاء وقد كسب عشرة دراهم.
لاحظوا كيف تحول من رجل كان يسأل الناس إلى رجل يملك في خمسة عشر يوما عشرة دراهم بدأ يشتري بها لباسا وطعاما وما يحتاجه.
وهكذا كان عليه السلام يدرب الصحابة على التجارة و الاكتساب ودخول الأسواق.
ثم إن النبي عليه السلام عندما عاد سعدا وهو مريض علما أن سيدنا سعد كان خال النبي وكان من أغنياء الصحابة.
لما عاده قال سعد من ألم الوجع ومن دنو الأجل للرسول عليه السلام يا رسول الله إنني أملك مالا كثيرا ولدي ابنة واحدة هل أوصي بثلثي مالي أي في سبيل الله فقال له رسول الله لا قال سعد شطر المال قال رسول الله لا قال سعد الثلث قال النبي الثلث والثلث كثير إنك إن تدع أبناءك أغنياء خير لك من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس.
هذا يعني أنه إذا رزقك الله بالمال والخير فهذا لا يعني بأن تتصدق بكل الأموال وتترك ذريتك فقراء يسألون الناس ومن هنا كان عليه السلام يحارب السؤال ومسألة الفقر من خلال الوصية قبل الموت.
لقد كان يعلم الصحابة كيف يخططون للأجيال القادمة وكيف يكونون متميزين في الحفاظ على المال وكيف يكونون من أهل الخير والعمل وكل هذا ينطلق من منهج دلوني على السوق.
وهذا كله من قاعدة الخلافة في الأرض لأن الله تعالى أنزل سيدنا آدم خليفة في الأرض ونحن وأنتم كلنا خلفاء في الأرض.
ومعنى الخليفة أن يدير المال إدارة جيدة وأن يستثمر المال استثمارا جيدا وأن يكسب المال كسبا حلالا وهذا كله من منطلق دلوني على السوق.
لقد جاهد سيدنا أبو بكر الصديق جهادا عظيما لكي يحافظ على اقتصاد الدولة ففي حروب الردة كان من أكبر أسباب هذه الحروب قتال مانعي الزكاة ولهذا قال:
والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه.
فالمال والنقد والزكاة والتجارة كلها من مقومات الاقتصاد ولهذا فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه حارب بإحدى عشر جيشا وكون غرفة عمليات في المدينة المنورة وكان يخطط من أجل أن تستقر الأوضاع الاقتصادية.
وهكذا فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قاد الأمة وحفظ هويتها واقتصادها ولذلك لم يرو التاريخ ولا الأديان كلها أن هنالك رجل قاتل من أجل منع حق الفقراء وهذه كانت أول خطوة يقوم بها الخليفة الراشد حتى تستقر الأوضاع في الخلافة الإسلامية.
ولهذا فإننا اليوم إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم لرأينا أن أكثر من خمس وسبعين مليون عربيا يعيشون تحت خط الفقر.
وأكثر من تسعة في المائة من الأطفال يموتون سنويا في العالم العربي والإسلامي لفقدهم الاكتفاء الغذائي وهم تحت خط الفقر.
إذن ما فعله أبو بكر الصديق كان حماية للأمة ولهذا جاء منهج دلوني على السوق حتى تكون الأمة مستقرة ومنتعشة وتنطلق من خلال التجارة وكسب المال.
ومما يروى عن محمد بن الحسن وهو من تلاميذ الإمام أبي حنيفة أنه جاءته الجارية وقالت يا سيدي ليس في بيتنا دقيق فقال لها لقد أضعت من رأسي أربعين مسألة.
انظروا كيف أن الإنسان عندما يفكر في قوت يومه فإنه لا يتفرغ حتى للعلم.
ومن هنا نعلم أن وجود الأمن الاقتصادي حاجة ومطلب من منهج دلوني على السوق.
وهنا لا بد أن نعلم أن الحاجة إلى الطعام وسد الحاجة هذا هو الأمن الذي تحتاج إليه المجتمع.
فإذا توفر الأمن الاقتصادي توفر أمن الإنسان وأمن الناس في مجتمعاتهم.
دلني على السوق أدلك على أمن المجتمع.
في زمن النبي عليه السلام كان الصحابة إذا فتحوا أرضا من الأراضي كانوا يوزعون الأرض على الفاتحين لكنه عندما جاء زمن عمر رضي الله عنه اتخذ قرارا خالف في هذا القرار النبي عليه السلام وأبي بكر الصديق لكنها كانت مخالفة بالحسنى وتقتضيه فقه الزمان والمكان ومخالفة تقتضي تطور العصر ومستجدات الحياة.
لقد اتخذ قرارا بأنه إذا فتح الفاتحون أي أرض فإنه يمسكها ولا يوزعها على الفاتحين إنما تحبس للأجيال القادمة.
لذلك اختلف الفقهاء في مسألة وهي إذا أراد الغني أن يعطي الفقير فهل يعطيه من المال ما يكفيه سنة واحدة أم يعطيه من المال ما يكفيه العمر كله.
لقد طرحت المسألة على طاولة الفقهاء ولهم مذهبان في ذلك فالأول هو مذهب عمر الفاروق رضي الله عنه وهو إذا أعطيتم فأغنوا أي أشبعوا الفقير حتى لا يسأل ولا يحتاج.
والمذهب الثاني هو إنما نعطيه لسنة وخلاصة الموضوع يعتمد على الفقير وهو هل هذا الفقير عنده أزمة مؤقتة فنعطيه لعلاج هذه الأزمة المؤقتة وقد تكون سنة.
أو يكون هذا الفقير عاطلا عن العمل ولا يوجد له منفذ أو قد يكون معاقا أو مريض بمرض دائم.
ففي هذه الحالة لا بد لنا من أن نعطيه مدى الحياة.
إذن المنهج العمري في انتعاش الاقتصاد والتجارة في البلد المسلم منهج عبقري ومنهج ذكي لذلك لم يقسم عمر الأرض إنما أوقفها وجعل خراجها للمسلمين.
دلوني على السوق كلمة قالها عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وقالها في لحظات كان محتاجا فيها إلى المال فانتقل من غني من أغنياء مكة إلى فقير من فقراء المدينة.
فلم يتقاعس ولم يتوان عن العمل إنما قال دلوني على السوق.
فهل هذا هو السوق الذي نحن فيه هو مثل السوق الذي قصده عبد الرحمن بن عوف.
لقد خرج رضي الله عنه من مكة المكرمة إلى المدينة ثم آخى النبي بينه وبين سعد من الأنصار ولما آخى بينهما قال له سعد أعطيك نصف مالي فقال عبد الرحمن كلمته المشهورة:
دلني على السوق وبارك الله في مالك.
لقد راعى الإسلام قضية المال حتى في العلاقات الأسرية فعلى سبيل المثال إذا كانت الزوجة تشتكي من زوجها المعسر أو الذي ليس لديه مال فإن الإسلام أجاز لها ووضع لها ضوابط.
لقد أجاز لها أن تطلق الفراق من هذا الزوج ويسمى هذا الطلاق طلاق الضرر والضرر هو أن الزوجة لا يوجد لديها ما يكفيها من المال.
وهكذا فإن القضية المالية قضية أساسية في الدين حتى إن الفقه راعى هذا الجانب في استقرار البيت والأسرة.
وكما تعلمون أن المال شقيق الروح وأكثر ما يحز في النفس أن يكون الزوج عاطلا عن العمل.
وأنا أعرف إحدى الزوجات تقول إن زوجي من أروع ما يكون فهو ذو خلق طيب ودين ولا يوجد فيع عيب إلى أنه عاطل عن العمل.
فأنا أذهب إلى العمل وهو يجلس داخل البيت ومن كثرة جلوسه في البيت تولدت عندنا مشاكل أسرية وزوجية وهذا الزوج هو الولد المدلل عند أبيه ووالده كان ميسور الحال فسلم لابنه خمسة عمارات وجلس الولد من دون عمل.
والآن تأتي الزوجة وتشتكي على زوجها وتطلب الطلاق.
إذن مرة أخرى فالرجل الذي يعمل هو الرجل وهنا قال تعالى وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى.
أي يسير ويمشي ويعمل وهذا هو الذي سماه القرآن رجلا.
ولو ذهبتم إلى المحاكم واطلعتم على نسب طلاق الضرر في البلاد العربية لوجدتموه كثيرة وكل هذا بسبب عدم عمل الأزواج أو دخولهم في مشاريع غير مدروسة لقلة خبرتهم في التعامل مع المال وهكذا فإن صناعة المال فن ومهارة وتحتاج إلى منهج دلوني على السوق.
وهنا نقول كم من البشر الذين ينعمون بالراحة والرخاء وكم منهم يعيشون تحت خط الفقر فبيوت الفقراء تنتشر حول العالم وأغلب أهل الأرض من الفقراء.
دلوني على السوق محاولة لإيجاد الوسيلة لرفع الفقر عن الفقراء.
وبعد هذه الجولة مع بيوت الفقراء ومنهج دلوني على السوق نعلم أن الإسلام قد وضع حلولا للفقر.
فتعال بنا نؤمن ساعة أعطتنا ساعة من الإيمان علمتنا كيف نتعامل مع هذه المشكلة التي ضج لها العالم من مؤسسات عالمية وجمعيات عالمية وغرف تجارية وشركات ورجال أعمال.
كلهم يخططون ويفكرون في كيف يعالجون الفقر وكيف يرفعون من مستوى المعيشة.
لهذا فإنه يحزني بعض الناس الذين يفهمون الأحاديث النبوية فهما خاطئا فيقولون قال عليه السلام:
دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها من الفقراء وهو حديث صحيح.
لكنهم عندما يذكرون هذا الحديث إنما يذكرونه من أجل أن تبقى فقيرا حتى تدخل الجنة والنبي عليه السلام لم يقل هذا إنما كان يستعيذ من الفقر وكان يقول دبر كل صلاة اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر.
لقد كان يستعيذ من الفقر كل يوم خمس مرات والقضية ليست قضية أن نتمنى أن نكون فقراء أبدا.
إنما المراد أن نستعيذ بالله من الفقر لكي نعيش منهج دلوني على السوق.
شكر اخي على هده مواضيع نعم لقد صدق معيار عمر ابن الخطاب في تقيمه لرجال
لقد كان يسأل عن الرجل ويقول ما عمله....؟
فإذا قيل له إنه بلا عمل هنا يقول لقد سقط من عيني.
لا يهم ما هو العمل ولا يهم إن كان العمل بسيطا أو عظيما المهم أنك تعمل وأنك تنتج وتنفع الناس.فالعمل العبادةلكن هده العبادة قد تنسها شباب المسلمين بحجج واهية.