جلست في هدوء الليل و مع نسمات الهواءالرقيقة والناس نيام في كل مكان أنظر إلى السماء المضيئة بالقمر ، والنجوم فيهاتزيّنها بألوانها البّراقة فتذّكرت حبيبي فإذا بدقات قلبي تتسارع وتزداد , وإذابنبضات القلب تهتف في اشتياق .. متي اللقاء ؟
فوجدت دموعي على وجنتيّ تنساب ، وبدأتُ بعباراتٍ متقطعة أُحدثه في رجاء أن لا يبعدني عنه وأن يرحم قلبيَ المشتاق .. فهذا حبي له , فبعدما علمت بحبه لي صار حالي هكذا ..
بدأ حبه لي منذ أن كنت جنيناً في رحمأمي .. فحماني من الدنيا وكان لي حصناً من كل شر فوضعني منذ أن أوجدني في مكانأمين وحافظ عليّ وأطعمني وسقاني وكنت لا أستطيع ، ثم خرجتُ إلى الدنيا أبكي وأصرخفي خوف شديد فإذا به يُذهب روعي بوضعي بين أحضانِ أمي لترضعني في حب ورفق فسكِنتإليها وقذف حبي في قلبها رحمة ً بي وحبا ً لي .
ومرت الأيام و بدأت أكبر وهويراقبني ويرعاني برحمته فكم من المخاطر تعرضت لها وجدته لي حاميا ً وكم من الأحزانأحاطت بي فإذا به عني مسريا ً ولكروبي مُفرجا ً .. أعطاني الكثير وما حرمني إلالخوفه علي ّ وحبه لي .. فأعطاني الأمان وغيري لا يستطيع النوم خوفا ً وهلعا ً منعدوه , أطعمني وسقاني وغيري يتضور جوعاً ويموت عطشاً..جعلني أبصر وأسمع ثم جعل ليلساناً يتكلم وجوارح تستشعر وتستلذ ما حولها .. يعيد إليّ روحي كل يوم وقد أخذها منكثيرٍ غيري ولم يُعدها لهم , يوقظني من نومي وأنا أتحرك وغيري قعيد فراشه يُمرّض ,ألهو وأمرح في صحة وغيري يبكي ويصرخ في ألم , أقرأ وأكتب وأتعلم وغيري جاهل لا يتعلم ,أكرمني بالسجود له وحده وحماني من السجود والتذلل لغيره , بعث لي برسالته لينيرطريقي لأصِلَ إليه بسلام فأرسل رسوله صلى الله عليه وسلم رحمة لي ليعلمني ويرشدنيكي لا أتيه وأضل الطريق إليه.
فحبيبي إن احتجته وجدته فهو معي دائماًوإن حدثته وجدته لي مستمعاً وإن سألته شيئاً علي الفور أعطاني بل ويحب إلحاحي عليهفي حاجتي ، إن لم أطلب منه شيئاً غضب مني , وإن أخطأت في حقه يمهلني ,فإن تبت إليهقبلني وشملني بعفوه ورحمته
فها هو ربي وربكم يتنزل كل ليلة إلى السماءالدنيا حين يبقي ثلث الليل الأخر فيقول " من يدعوني فأستجب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟من يستغفرني فأغفر له ؟ " أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه .
فهذاحبه لي وحبه لكم ؛فإلهنا كريم ورحمته وسعت كل شيء وحبه لعباده لا يُحد .. فما ذكرتهمن حبه قليل وهناك غيره كثير فاسمعوا معي قوله لي ولكم وهو ينادي علينا ويقول ( قليا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاإنه هو الغفور الرحيم ) " الزمر : 53 "