وفي إلقاء السلام... دعوات ...
ومن الدعوات التي تتكرر مع المسلم في يومه وليله .. مرات ومرات ، إلقاء السلام على الناس .
أخي المبارك : هل استشعرت وأنت تلقي السلام علي إخوانك أنك بذلك تدعو لهم بالخير والرحمة والبركة .
فإن معنى السلام : هو دعاءٌ للمُسَلَّمَ عليه بثلاثة أمور :
1ـ السلام : من أسماء الله الحسنى. فكأنك تدعو لأخيك المسلم ، أن الله تعالى يسلمه من شرور الدنيا والآخرة.
2ـ ثم دعوت له بالرحمة : أن الله تعالى يرحمه في الدنيا والآخرة.
3ـ ثم دعوت له بالبركة : أن الله تعالى يبارك فيه ، وفي عمله ، وفي أهله ، وفي ماله ، وفي كل ما أعطاه الله.
ü ولهذا كلما زدت من الدعوات.. وأكملت السلام إلى بركاته زيد في رصيدك من الدعوات والحسنات، فإنك إن قلت «السلام عليكم» فهذه دعوة واحدة فلك «10» حسنات، وإن قلت «السلام عليكم ورحمة الله» فهاتان دعوتان، فلك «20» حسنة، وإن أكملت السلام إلى بركاته ، فلك «30» حسنة، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والترمذي .
هل استحضرت دعوة المَلك ، عندما تدعو لإخوانك عن طريق إلقاء السلام عليهم ، قال المَلك آمين ولك بمثله ، فكلما دعوت لإخوانك فالمَلك يدعو لك ودعاؤه مستجاب.
فضل إفشاء السلام :
أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال: « تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» (البخاري).
تنبيه : مما شاع بين الناس أن يكون السلام إيماءة و إشارة باليد، فإن كان المسلم بعيداً ونطق مع الإشارة بالسلام فلا بأس ما دام لا يسمعك. قال صلى الله عليه وسلم : « ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصبع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف» (الترمذي).
دعوة ذي النون
قال صلى الله عليه وسلم : دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» (الترمذي) .
وذو النون : هو نبي الله يونس ، والنون : الحوت ، قال تعالى { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) الأنبياء : 88/87
وما ذلك إلا لأنه ضمنه اعترافه بوحدانيته لله عز وجل ـ واقراره بالذنب والخطيئة والظلم للنفس .
في دعوة ذي النون ثلاث ميزات:
1- الاعتراف بالتوحيد.
2- الاعتراف بالتقصير.
3- الاستغفار.
فواجب على العبد إذا ضاقت به ضائقة أو أتاه حادث، أو أتاه هم وغم، أن يكرر هذا الدعاء، فإنه بإذن اللّه فتح عظيم.
أخي المسلم : إجعل دعوة ذي النون ملازمة لك في دعائك كله ، فقبل أن تدعو بأي دعوة قَدّمها بين يديك فإنه يستجاب لك بإذن الله تعالى.
دعاء غير الله من الشرك الأكبر
لا يجوز أن نسأل غير الله: لأن الله وحده هو القادر ، وكل ما سواه عاجز ، والقادر هو الذي يجيب وليس العاجز { إن الله على كل شيء قدير } .
كيف نسأل غير الله : والله وحده هو الكريم الرحيم الرحمن فكيف تترك سؤال صاحب الرحمة الراحم بها وتسأل الذي لا يملك رحمة نفسه ولا غيره {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (فاطر : 2).
والله وحده هو القريب: فهو أقرب إليك من نفسك إذ يقول: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }(ق : 16).
هو معك دائماً لا يغيب عنك أبداً ، فكيف تترك سؤاله ، وتسأل الذي يغيب ، كيف توسط البعيد العاجز بينك وبين القريب القادر .
والله وحده هو الغني وكل ما سواه فقير قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فاطر15
فكيف تدعو من هو مثلك في الضعف والفقر والعجز والحاجة ؟! ، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } الأعراف 194.
مثال واقعي : إذا كنت في حضرة ملك من الملوك وانشغلت عنه وأنت في حضرته بمن هو دونه، وأظهرت في حضرته تعظيم غيره، مقتك ... وحرمك .. وعاقبك ... وطردك ... فلماذا تعظم الملوك وتتذلل لهم وتخضع لغير الله وتطلب من غير الله، وأنت في مناجاة الله وأنت بين يديه وهو سبحانه المتكبر العظيم .
إن الأمة كلها بأنبيهائها وأوليائها وملوكها والناس جميعاً والجن والملائكة والشياطين وجميع الأحياء والأموات وكل شيء من دون اللّه ، لا يملك لنفسه ولا لغير شيء إلا بإذن اللّه تعالى { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } (سورة سبأ: 22).
=====================================
الاعتداء في الدعاء
قال تعالى { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } (الأعراف : 55). وقال صلى الله عليه وسلم «سيكون قوم يعتدون في الدعاء» (أبو داود).
الاعتداء مجاوزة الحد، ومن صور ذلك:
1ـ طلب ما منعه الله وحرمه على عباده في الحياة الدنيا ، كما سأل أصحاب موسى عليه السلام . أن يروا الله جهرة أو يطلب الولد من غير زواج .
2ـ التنطع في سؤال تفاصيل الأمور .. مثال : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذ دخلتها
3ـ رفع الصوت في الدعاء : فوائد الإسرار بالدعاء
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ:
1ـ أنه أعظم إيمانا، لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي وأبلغ في الإخلاص والخضوع والخشوع .
2ـ أنه أعظم في الأدب والتعظيم ، لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم ، ومن رفع صوته لديهم مقتوه ، ولله المثل الأعلى .
3ـ أنه دال على قرب صاحبه للقريب، لا مسأله نداء البعيد للبعيد ، ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله { إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً } مريم : 3 .
فلما استحضر أن الله أقرب إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه .
=====================================
جوامع الدعاء
يستحب للعبد أن يسأل الله بكلام مختصر مفيد يدل على أكبر المعاني بأقل الألفاظ .
قالت عائشة رضي الله عنها « كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع في الدعاء ويدع ما سوى ذلك » (أبو داود).
من هذه الأدعية :
1ـ « اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ، ما علمت منه ومالم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ، ماعلمت منه وما لم أعلم ، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك ، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك ، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وماقرب إليها من قول أو عمل ، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا » (ابن ماجة).
قال بعض العلماء : هذا من جوامع الدعاء ، لأنه إذا دعا بهذا فقد سأل الله من كل خير ، وتعوذ به من كل شر..
2ـ «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر » (مسلم).
وقد جمع في هذا الحديث صلاح الدين والدنيا ، والآخرة.
3ـ « اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» (متفق عليه).
4- «اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني» (مسلم).
فهذه الدعوات تجمع لك مطالب دنياك وآخرتك كما قال صلى الله عليه وسلم: «فهولاء تجمع لك دنياك وآخرتك». (مسلم).
دعاء الذهاب إلى المسجد
« اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي سمعي نورا ، وعن يميني نورا ، وعن يساري نورا ، وفوقي نورا ، وتحتي نورا ، وأمامي نورا ، وخلفي نورا ، واجعل لي نورا » (مسلم).
قال العلامة الطيبي رحمه الله : معنى طلب النور للأعضاء عضوا عضوا أن يتحلى بأنوار المعرفة والطاعات ويتعرى عما عداها ، فإن الشياطين تحيط بالجهات الست بالوساوس فكان التخلص منها بالأنوار السادّة لتلك الجهات ».
إن هذا النور الذي يطلبه الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه ويعلمنا أن نطلبه لحفظ جوارحنا، لا يكون إلا من الله تعالى ، ومهما ابتغينا النور من غيره ، أو من منهج سوى منهجه أضلنا الله تعالى . قال تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} النور: 40.
ففي هذا الحديث «10» دعوات يكررها المسلم كل يوم خمس مرات في كل صلاة وهو ذاهب إلى المسجد فيكون المجموع «50» دعوة .
دعاء الدخول الى المسجد :
« بسم الله ، اللهم صل على محمد ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك » (أبو داود) .
دعاء الخروج من المسجد :
« بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم إني أسألك من فضلك» (أبو داود).
=====================================
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ } [البقرة:198]