انها مبررات تقرير الوهية الله في الارض، وتحقيق منهجه في حياة الناس. ومطاردة الشياطين ومناهج الشياطين،وتحطيم سلطان البشر الذي يتعبدالناس،والناس عبيدلله وحده،لايجوز ان يحكمهم احد من عباده بسلطان من عند نفسه وبشريعة من هواه ورايه!!وهذايكفي....مع تقرير مبدا: "لا اكراه في الدين" ....اي لا اكراه علي اعتناق العقيدة، بعد الحروج من سطان العبيد،والاقرار بمبدأ أن السلطان كله لله،او ان الدين كله لله،بهذا الاعتبار.
ولكن الباطل يتبجح ، والشر ينتفش ، والأذى يصيب المؤمنين ، والفتنة ترصد لهم؛ والصد عن سبيل الله يملكه أعداء الدعوة ويقومون به ويصرون عليه ، فوق إصرارهم على عقيدتهم وأوضاعهم وتقاليدهم وفسادهم وشرهم الذي يلجون فيه ثم هم يعرضون المصالحة ، وقسمة البلد بلدين ، والالتقاء في منتصف الطريق . . وهو عرض يصعب رده ورفضه في مثل تلك الظروف العصبية
هنا تجيء اللفتة الثانية :
{ فاصبر لحكم ربك ، ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً } . .
إن الأمور مرهونه بقدر الله . وهو يمهل الباطل ، ويملي للشر ، ويطيل أمد المحنة على المؤمنين والابتلاء والتمحيص . . كل أولئك لحكمة يعلمها ، يجري بها قدره ، وينفذ بها حكمه . . { فاصبر لحكم ربك } .حتى يجيء موعده المرسوم . . اصبر على الأذى والفتنة . واصبر على الباطل يغلب ، والشر يتنفج . ثم اصبر أكثر على ما أوتيته من الحق الذي نزل به القرآن عليك .
ولقد كانوا يضيفون إلى الإيمان بالجبت والطاغوت ، موقفهم في صف المشركين الكفار ، ضد المؤمنين الذين آتاهم الله الكتاب أيضاً :. ولو للخداع والتمويه!
إنها جبلة واحدة ، وخطة واحدة ، وغاية واحدة . . هي التي من أجلها يجبههم الله باللعنة والطرد ، وفقدان النصير . والذي يفقد نصرة الله فما له من ناصر وما له من معين ولو كان أهل الأرض كلهم له ناصر وكلهم له معين :
{ أؤلئك الذين لعنهم الله . ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً } . .
ولقد يهولنا اليوم أن نجد دول الغرب كلها نصيراً لليهود . فنسأل : وأين وعد الله بأنه لعنهم ، وأن من يلعن الله فلن تجد له نصيراً؟
«« ولكن الناصر الحقيقي ليس هو الناس . ليس هو الدول . ولو كانت تملك القنابل الأيدروجينية والصواريخ . إنما الناصر الحق هو الله . القاهر فوق عباده : ومن هؤلاء العباد من يملكون القنابل الأيدروجينية والصواريخ!
والله ناصر من ينصره . . { ولينصرن الله من ينصره } والله معين من يؤمن به حق الإيمان ، ويتبع منهجه حق الاتباع؛ ويتحاكم إلى منهجه في رضى وفي تسليم »» . .
ولقد كان الله - سبحانه - يخاطب بهذا الكلام أمة مؤمنة به ، متبعة لمنهجه ، محتكمة إلى شريعته . وكان يهوّن من شأن عدوها - اليهود - وناصريهم . وكان يعد المسلمين النصر عليهم لأنهم - اليهود - لا نصير لهم . وقد حقق الله لهم وعده . وعده الذى لا يناله إلا المؤمنون حقاً . والذي لا يتحقق إلا على أيدي العصبة المؤمنة حين تقوم .
ـــــــــ في ظلال القرآن - سيد قطب