دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم- والي خراسان – في مدرعة صوف ( جُبة مشقوقة المقدم).
فقال له: ما يدعوك إلى لباس هذه؟.فسكت.
فقال له: أكلمك فلا تجيبني؟
قال: أكره أن أقول زهدا فأزكي نفسي، أو أقول فقرا فأشكو ربي، فما جوابك إلا السكوت.
*****
قال رجل للأحنف بن قيس: بما سُدت قومك، وما أنت بأشرفهم بيتا، ولا أصبحهم وجها، ولا أحسنهم خلقا.
فقال له: بخِلاف ما فيك.
قال: وما ذاك؟
قال: تَرْكي من أمرهم ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك.
*****
لما بايع الرشيد لأولاده الثلاثة بولاية العهد، تخلف رجل مذكور من الفقهاء.
فقال له الرشيد: لم تخلفت؟
فقال: عاقني عائق.
فقال: اقرءوا عليه كتاب البيعة.
فقال: يا أمير المؤمنين، هذه البيعة في عنقي إلى قيام الساعة.
فلم يفهم الرشيد ما أراد وظن أنه إلى قيام الساعة يوم الحشر، وما أراد الرجل إلا قيامه من المجلس.
*****
قيل أن أعمى ومُقعدا كانا في قرية بفقر وضُر، لا قائد للأعمى ولا حامل للمقعد، وكان في القرية رجل يطعمهما قوتهما في كل يوم احتسابا لله تعالى، فلم يزالا في نعمة إلى أن هلك ذلك الرجل، فلبثا أياما واشتد جوعهما وبلغ الضر منهما جهده، فأجمعا رأيهما على أن الأعمى يحمل المقعد ،فيدله المقعد على الطريق ببصره، فاشتغل الأعمى بحمل المقعد ، هذا يدور به وذاك يرشده إلى الطريق، وأهل المدينة يتصدقون عليهما، فنجح أمرهما ولولا ذاك لهلكا.
*****
خطب الحجاج فأطال، فقام رجل فقال: " الصلاة، فإن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك"، فأمر بحبسه، فأتاه قومه زعموا أنه مجنون، وسألوه أن يخلي سبيله، فقال: " إن أقر بالجنون خليْته "، فقيل له، فقال: " معاذ الله، لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني"، فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه.
*****
وقع المأمون في رقعة مَوْلىً طلب كسوة:
"لو أردت الكسوة للزمت الخدمة، ولكنك آثرت الرقاد فحظك الرؤيا".
*****
حُكي أن الإمام بن حزم الأندلسي كان يلقي درسه في المسجد ذات يوم، فجاءت حمامة كان يطاردها صياد ووقعت في حِجره، كأنها تحتمي به، فقال أحد الشعراء الحاضرين على الفور:
مـن علّم الورقاء أنّ محلَّكم
حرمٌ وأنــــك ملجأ للخائف.
*****
كان الطبيب ابن سينا يقول لمريضه:
" أنظر، أنا وأنت والمريض ثلاثة، فإذا عاونتني ووقفت بجانبي فنصبح اثنين والمرض وحده فنتغلب عليه ونقهره، وأما إذا وقفت مع المرض فعندئذ تصبحان اثنين وأكون وحدي، وتغلبان علي ولا أستطيع شفاءك".