أم ريم ابنتي اقتربت من سن الحادية عشر من عمرها، وقد اعتادت على ارتداء الحجاب منذ صغرها قبل حوالي 5 سنوات أو أكثر وكانت تحب الملابس الواسعة الفضفاضة التي أرتديها، وبالفعل قررت ارتداء الحجاب في بداية العام الدراسي الحالي بل كانت تتمنى ارتداء النقاب !، ولكن بعد أقل من شهر قررت خلعه وبدأت تطلب مني شراء جيبات قصيرة وملابس ضيقة مثل صديقاتها بحجة أنها ما زالت صغيرة على الحجاب ! ولكني مرة أرفض ومرة أخرى أتناقش معها حول شرعية الحجاب وضرورة ستر الفتاة المسلمة لجسدها إلا ما أمر به الله عز وجل فقط وهو الوجه والكفين . وأنها اقتربت من السن الشرعي الذي يجب أن تتحجب اذا بلغته وهو ما جعلني أعودها على الحجاب من الصغر . لا أريد أن أجبر ابنتي على الحجاب حتى لا تمتنع منه أو تلبسه وهي مكرهة ولكني أريد أن تحب الحجاب وتقتنع به اولا وتعمل بأخلاقه ثانيا .. فماذا أفعل ؟ ولكم جزيل الشكر
الرد على الاستشارة
الأم الفاضلة أسال الله لك سعة صدر وصبر، وأسال لأبنتكِ السلامة من كل سوء، بداية أحب أن أطمئنكِ أن ما تفعله ابنتكِ من تصرفات هي طبيعية جدًا في تلك المرحلة، فقد بدأت ابنتكم مرحلة المراهقة، وهي مرحلة تتسم بالاضطراب النفسي والعاطفي والفكري للفرد سواء كان ذكر أو أنثى.
فابنتكِ تتقلب بين الخبرات لكي تنضح فكريًا، وهنا لن نحجر عليها، وفي نفس الوقت لن نترك الحبل على الغارب فليس هذا وقته، بل سنكون بمثابة ( كاميرا خفية ) في حياتها، نرصد ونراقب بعين نسر، ونتدخل تدخل مباشر في حالة الخطر او الضرورة القصوى.
أيتها الأم الفاضلة الأبنة في تلك المرحلة تحتاجكِ ايما حاجة، فما ستمر به من خبرات أنثوية، لابد لها من يد خبيرة تنقذها مما ستعانيه، وقد تكون تلك قرصتكِ كأم في زيادة القرب لأبنتكِ، وأن تتخذكِ صاحبة لا أم، فتكوني مخزن أسراراها، والحضن الذي تلجأ إليه في محنها.
فافتحي نوافذ الحوار على مصراعيها، وتكلمي في كل شيء، وكوني مصدر أمن لها للمعلومات فيما يخص مرحلة البلوغ وما شابهها من أمور تخص الفتيات، وإلا تلقت تلك المعلومات من مصادر خاطئة فينتج ما لايحمد عقباه من النتائج.
أما بالنسبة لموضوع الحجاب، فضروري أن نحبب الحجاب لبناتنا ونربيهن عليه قبل سن البلوغ، ومع أن ابنتكِ سيدتي قد تجاوزت هذه الفترة، إلا أنه من الضروري الإشارة إلى هذا الأمر والتأكيد عليه.
اما بالنسبة لحال ابنتكِ التي تعدت تلك الفترة، فبداية عليكِ بمخ العبادة، ألا وهو ( الدعاء)، فتضرعي لله – عز وجل – ان يفتح قلب ابنتكِ لكي، ويهديها لما يحب ويرضى ولا تستعجلي الإجابة فقد يدخل الشيطان من هذا الباب فيفقدك الأمل في الدعاء، فخصصي له جزءًا من وقتك، حتى يقذف الله عز وجل في قلب ابنتك وكل بنات المسلمين حب الحجاب والالتزام.
حاولي أن تشعري ابنتكِ بأنها ملكة متوجة، وتاج وقورها ( الحجاب )، ستتعلل ( بالموضة )، قولي لها الإسلام أمرنا بحسن الهندام، وليس معنى التزامنا بما أمر الله أن نظهر أقل من الناس، وهناك من تلك الموضات ما لا يخالف شرع ديننا ويظهرنا بمظهر أفضل، وشاركيها اهتماماتها بتلك الأمور، فاقتني لها ( علبة ما كياج) من أفخر الأنواع، ومعاها كتاب عن آداب الزينة في الإسلام والتزين، فستشعر معكي أنها أفضل من باقي زميلاتها، فلا تتأثر بهن ولا بأرائهن.
حدثيها عن فضل الحجاب، والعفة والحياء، ولا تتعجلي التغيير، وكوني لها قدوة في المعاملة والاخلاق والالتزام بالحجاب.
ساعدي ابنتكِ في اكتشاف نفسها، ودعيها هي تقرر، فالأكيد –سيدتي- أن الإنسان لا يريد لنفسه الضرر إلا إذا كان يجهل حقيقة الضرر من ارتكابه لفعل ما.. كما أنه ليس في مقدور أي إنسان أن يصقل شخصية إنسان آخر إذ لم يكن الطرف الآخر مقتنعًا بما يريده منه.
أخيرًا قال أحد العارفين قبل أن نمنع يجب أن نعطي أولا، فابنتكِ إن لم تجد الاحتضان والحنان في البيت، ستبحث خارجه، فشاركيها اهتماماتها وهمومها، وستجديها طوع بنانكِ بعد كل ما قدمتيه لها.