رد: ***(فوائد من كتاب رسالة الى ولدى ..)**( لابن القيم )**
ولا يؤيسك من الخير ما مضى من التفريط، فإنه قد انتبه خلق كثير بعد الغفلة والرقاد الطويل، فقد حدثني الشيخ أَبُو حكيم عن قاضي القضاة أبي الحسن [عَلِي بن محمد] الدامَغاني رحمه الله، قَالَ: كنتُ في صبوتي متشاغلاً بالبطالة غيرَ ملتفتٍ إلى العلم، فأحضرني أَبُو عبد الله [محمد بن عَلِي الدامغاني] رحمه الله، وقال لي: يا بني إني لست أبقى لك أبدًا، فخذ عشرين دينارًا وافتح دكانَ خبازٍ وتكسَّبْ ! فقلتُ: ما هذا الكلام ؟! قَالَ: فافتح دكان بزّاز ! فقلت: تقول هذا وأنا ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني ! قَالَ: فما أراك تحب العلم ! فقلت: اذكر لي الدرس َ الساعة، فذكر لي، فأقبلتُ على التشاغل بالعلم واجتهدتُ ففتح الله عَلِي.وحكى لي بعض أصحاب أبي محمد [عبدِ الرحمن بن محمد] الحلواني رحمه الله، قَالَ: مات أبي وأنا ابن إحدى وعشرين سنة، وكنتُ موصوفًا بالبطالة، فأتيتُ أتقاضى بعضَ سكان دارٍ قد ورثتُها، فسمعتهم يقولون: قد جاء المدبَّرُ؛ أي الربيطـ فقلت لنفسي: يقال عني هذا! فجئت إلى والدتي فقلت: إذا أردتِ طلبي فاطلبيني من مسجد الشيخ أبي الخطاب، ولازمتهُ فما خرجتُ إلا إلى القضاء، فصرتُ قاضيًا مدة. قلت: ورأيته أنا وهو يفتي ويناظر.