خطيب الجيش الإسلامي
في أول يوم من أيام القادسية التي شهدت أكبر هزائم الفرس أمام جيوش المسلمين كان حذيفة بن اليمان أحد فرسانها وأبطالها تحت قيادة سعد بن أبي وقاص،ولأن حذيفة من ذوي الرأي والحكمة والبلاغة والفضل، فقد اختاره سعد يوم أرمان وهو أول يوم في الحرب ضمن مجموعة من ذوي الرأي لكي يحثوا الناس على القتال والصبر في المعارك، وبعد أن انتهى كل منهم من حض المسلمين على القتال تعاهد المسلمون على نصرة الإسلام والتضحية بالأنفس في سبيل الله، وحقق الله نصره لهم على مشركي الفرس بعد قتال مرير.
وفي معركة نهاوند التي أعد لها الفرس جيشا كبيرا ليعوض هزائم قواد الفرس في المعارك التي خاضوها ضد المسلمين استعان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بحذيفة، وكتب إليه يطالبه بأن يتأمر على جيش من مسلمي الكوفة ويلحق بالنعمان بن مقرن، ثم كتب للنعمان: إن حدث بك حدث فعلى الناس حذيفة بن اليمان، فإن حدث بحذيفة حدث، فعلى الناس نعيم بن مقرن.. وبهذا الكتاب حدد سيدنا عمر رضي الله عنه اثنين ليخلفا النعمان بن مقرن في حالة استشهاده، أولهما حذيفة بن اليمان، وثانيهما نعيم شقيق النعمان بن مقرن.. ولما استشهد النعمان وتناول الراية منه شقيقه نعيم قبل أن تقع على الأرض بادر بتسليمها لقائد الجيش الجديد حذيفة بن اليمان، وأتى المكان الذي كان يقف فيه النعمان فوقف فيه حاملا الراية حتى لا يشعر الفرس بمقتل قائد جيش الإسلامي، وتكفل المغيرة بن شعبه بإخبار من حولهم من المقاتلين بأن يكتموا عن الجنود خبر وفاة النعمان بن مقرن حتى لا تضعف همة المقاتلين.
وقاد حذيفة المسلمين إلى النصر، وإن كان قد قتل النعمان وعدد غير قليل من المسلمين فإن قتلى الفرس بلغوا أكثر من مائة ألف، بينما كان عدد أفراد جيشهم يتجاوز مائة وخمسين ألفا.. وأما من بقي من جنود الفرس فقد فروا هاربين إلى مدينة همذان وخيل المسلمين في آثارهم، ثم واصل المسلمون زحفهم حتى مدينة نهاوند وقسم حذيفة الغنائم بين المقاتلين المسلمين، فكان سهم الفارس ستة آلاف درهم وسهم الراجل ألفين، ثم أعطى من شاء من أهل البلاد ورفع .