يتنافس الناس في رمضان في كثرة تلاوة القرآن وتعدد مرات ختمه، وهذا أمر حسن يثابون عليه إن شاء الله، لكن هل هو الأفضل في حقهم؟ وهل هو ما ينبغي عليهم أن يصنعوه في هذا الشهر الكريم؟
فأقول وبالله التوفيق: إنه في شهر رمضان الكريم يستحب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وهكذا كان السلف يصنعون، فقد كانت أحوالهم في قراءة القرآن الكريم عجيبة طوال السنة، ليس في رمضان فقط لكنهم إذا جاء رمضان يكثرون من التلاوة كثرة مضاعفة، فقد كانت عادة أكثر الصحابة رضي الله عنهم ختم القرآن كل أسبوع مرة، وبعضهم كل ثلاث ليال. وكانوا إذا جاء رمضان يقومون بالقرآن عامة ليلهم إلا قليلاً
وكان الإمام البخاري رحمه الله تعالى يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة، وكان يسهل على السلف كثرة الختم في رمضان لتفرغهم له وعدم انشغالهم بغيره، وكان منهم الإمام مالك إذا دخل رمضان لم يقبل إلا على القرآن وترك دروسه الحديثية وغير ذلك.
فإن قال قائل: ألم يَنه النبي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث ليال، كما صح في واقعة عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حيث طلب منه أن يختم القرآن في أقل من ثلاث فأبى عليه النبي
لكن ينبغي أن نعلم شيئاً مهماً نحقق به التوازن المطلوب، ألا وهو أن المرء في هذا الزمان قد يخفى عليه كثير من معاني القرآن وأحكامه، فمثل هذا لو تفرغ في هذا الشهر المبارك للتفهم والتدبر والتطبيق كان خيراً له من كثير من القراءة وموالاة الختم بلا فهم ولا تدبر ولا تطبيق، بل أجزم أن قراءة القرآن مرة واحدة أو نصفه أو ثلثه أو أقل طيلة رمضان بشرط التفهم والتدبر والتطبيق خير من قراءة ثلاثين ختمة يردد حروفها ولا يفقه حدودها ولا يدري معانيها، وهل ابتلينا بما ابتلينا به من غلبة الفكر الغربي والثقافة الغربية على بلادنا