{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ } [البقرة:198] الوقوف ركناً لا يصح الحج بدونه، فإنما علم بالإجماع وفيه إخبار أيضاً، فمنه ما رواه عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال:سئل النبي عليه السلام: كيف الحج؟ قال: "يوم عرفة، من جاء عرفة ليلة جمع قبل الفجر فقدتم حجه".. وروى الشعبي عن عروة بن مضرس الطائي، أن النبي عليه السلام قال بالمزدلفة:{من صلى معنا هذه الصلاة، ووقف معنا هذا الموقف، ووقف بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تفثه }. وقوله تعالى: {فَإذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُروا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ}، ولم يختلف العلماء في أن المشعر الحرام هو المزدلفةو يفهم منه تأخير صلاة المغرب، إلى أن تجمع مع العشاء بالمزدلفة، وتواترت الأخبار في جمع النبي عليه السلام بين المغرب والعشاء بالمزدلفة.واختلف فيمن صلى المغرب قبل أن يأتي المزدلفة، فالشافعي وأبو يوسف يجوزان، وأبو حنيفة ومحمد لا يجوزان. فأما الوقوف بالمزدلفة فليس بركن عند أكثر العلماء. قوله تعالى: {فَاذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُروا اللهَ}، يجوز أن يريد به الأذكار المسنونة بعرفات والمزدلفة، وعند الرمي والطواف، وقد قيل فيه: إن أهل الجاهلية، كانوا يقفون عند قضاء المناسك، ذاكرين مآثرهم ومفاخرهم، فأبدلهم الله تعالى ذلك بذكره والثناء عليه، وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظيمها للآباء، الناس من آدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ثم تلا:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات.
فضل عرفات
((إذا كان عشيةُ عرفةَ لم يبقَ أحدٌ فى قلبِهِ مثقالُ حبةٍ من خَرْدَلٍ من إيمانٍ إلا غفر له قيل يا رسولَ الله أَلأَهلِ عرفةَ خاصةً قال بل للمسلمين عامةً)) (الطبرانى عن ابن عمر)أخرجه الطبرانى كما فى مجمع الزوائد (3/252) ، قال الهيثمى : فيه أبو داود الأعمى ، وهو ضعيف جدًّا . 2604-(( إذا كان عشيةُ عرفةَ هبطَ اللهُ إلى سماءِ الدنيا فينظرُ إلى خلقِهِ فيقولُ انظروا إلى عبادى يباهى بهم الملائكةَ شُعْثا غُبْرا أَرْسلتُ إليهم رسولا فصدقوا رسولى وأنزلتُ عليهم كتابا فآمنوا بكتابى أشهدُكم أنى قد غفرتُ لهم ذنوبَهم فإذا كان غداةُ المزدلفةِ أيضًا نزل إلى سماءِ الدُّنيا فنظر إلى خلقِهِ فقال مثلَ ذلك أشهدُكم أنى قد غفرتُ لهم ذنوبَهم كلَّها )) أبو الشيخ فى الثواب عن ابن عمر) عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان عشيةُ عرفةَ لم يبقَ أحدٌ فى قلبِهِ مثقالُ حبةٍ من خَرْدَلٍ من إيمانٍ إلا غفر له قيل يا رسولَ الله أَلأَهلِ عرفةَ خاصةً قال بل للمسلمين عامةً ))الطبرانى عن ابن عمر) أخرجه الطبرانى كما فى مجمع الزوائد (3/252) ، قال الهيثمى : فيه أبو داود الأعمى ، وهو ضعيف جدًّا . 2604- إذا كان عشيةُ عرفةَ هبطَ اللهُ إلى سماءِ الدنيا فينظرُ إلى خلقِهِ فيقولُ انظروا إلى عبادى يباهى بهم الملائكةَ شُعْثا غُبْرا أَرْسلتُ إليهم رسولا فصدقوا رسولى وأنزلتُ عليهم كتابا فآمنوا بكتابى أشهدُكم أنى قد غفرتُ لهم ذنوبَهم فإذا كان غداةُ المزدلفةِ أيضًا نزل إلى سماءِ الدُّنيا فنظر إلى خلقِهِ فقال مثلَ ذلك أشهدُكم أنى قد غفرتُ لهم ذنوبَهم كلَّها (أبو الشيخ فى الثواب عن ابن عمر) ((أربعٌ لياليهُنَّ كأيامِهِن وأيامُهُنَّ كلياليهِنَّ يبرُّ اللهُ فيهن القَسَمَ ويَعْتِقُ فيهن النَّسَمَ ويعطى الجزيلَ : ليلةُ القدرِ وصباحُها وليلةُ عرفةَ وصباحُها وليلةُ النصفِ من شعبانَ وصباحُها وليلةُ الجمعةِ وصباحُها)) (الديلمى عن أنس) ((أربعٌ مسبِعات وأربعٌ ماحياتٌ فأما المسبعاتُ فنفقتُك فى سبيلِ اللهِ بسبعِمائةٍ ونفقتُك على أبويك بسبعِمائةٍ وذبيحتُك شاتَك يومَ فطرِك لأهلِك بسبعمِائةٍ وأما الماحياتُ فصيامُ شهرِ رمضانَ وحجُّ البيتِ وإتيانُ مسجدِ رسولِ اللهِ وإتيانُ مسجدِ بيتِ المقدسِ)) (أبو الشيخ فى الثواب عن أبى هريرة) أخرجه أيضًا : الديلمى (1/374 ، رقم 1509) ومن غريب الحديث : "مسبعات" : أى ثوابها يصل إلى سبعمائة درجة . "ماحيات" : أى تمحو الذنوب .(( أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة وهو شاهد ، ومشهود يوم عرفة واليوم الموعود يوم القيامة ))البيهقى فى شعب الإيمان عن أبى هريرة أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (3/356 ، رقم 3760) . قال المناوى (2/28) : إسناده حسن . ((أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر)) (ابن حبان ، والطبرانى عن عبد الله بن قرظ) والحديث أصله عند أبى داود والنسائى بطرف : "أعظم الأيام" . ومن غريب الحديث : "يوم النحر" : يوم الحج الأكبر . "يوم القر" : ثانى يوم النحر لأنهم يقرون فيه . ((أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دعاء يوم عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ قولى وقول الأنبياء من قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شىء قدير)) (البيهقى فى شعب الإيمان عن أبى هريرة) ((أما الوقوف عشية عرفة فإن الله يهبط إلى السماء الدنيا فيباهى بكم الملائكة فيقول هؤلاء عبادى جاءونى شعثا يرجون رحمتى فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل وكعدد القطر أو الشجر لغفرتها لكم أفيضوا عبادى مغفورا لكم ولمن شفعتم له ))ابن عساكر عن أنس. أخرجه أيضًا : حمزة بن يوسف السهمى فى تاريخ جرجان (1/484) . ((إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال ألست بربكم قالوا بلى)) (أحمد ، والنسائى ، والحاكم ، والبيهقى فى الأسماء عن ابن عباس) أخرجه أحمد (1/272 ، رقم 2455) قال الهيثمى (7/25) : رجاله رجال الصحيح . وأخرجه النسائى فى الكبرى. إشارة الى قوله تعالى{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (172) سورة الأعراف ((صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية )) أحمد ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن جرير ، وابن خزيمة ، وابن حبان عن أبى قتادة) (( إن الله باهى الملائكة عشية عرفة)) ابن عساكر عن عقبة بن عامر) ((إن صوم يوم عرفة يكفر العام الذى قبله ))أحمد عن عائشة.وفي روايةٍ (( صومُ يومِ الترويةِ كفارةُ سنةٍ وصومُ يومِ عرفةَ كفارةُ سنتين (أبو الشيخ ، وابن النجار عن ابن عباس) وفي روايةٍ (( صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم)) (البيهقى فى شعب الإيمان عن عائشة) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ((كان يقال في أيام العشر بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة عشرة آلاف يوم )) ( ضعيف ) قال يعني في الفضل . ((الحج عرفة من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تم حجه أيام منى ثلاثة فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه)) (أحمد ، وأبو داود ، والترمذى - حسن صحيح - والنسائى ، وابن ماجه ، والحاكم ، والبيهقى عن عبد الرحمن بن يعمر الديلمى) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( ما من يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة ))( ضعيف ) وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر فإنه رأى جبرائيل عليه السلام يزع الملائكة )) ( ضعيف ) إنَّ يومكم هذا يوم عظيم مشهود جليل، يوم كريم مبارك فضيل. عظيم جليل لأنَّ الله عزَّ وجل عظَّم حرمته، وعظَّم فيه حرمات المسلمين في دمائهم وفي أعراضهم وفي أموالهم، وجعل ثواب العمل الصالح فيه أعظم أجرا، وجعل الذنب فيه أخطر وزرا، وإنَّ يومكم هذا يوم كريم مبارك فضيل، لأنَّ فيه من البركات العظام والأيادي الجسام ما لا نظير له في سائر أيام العام، فلا جرم أن كان هذا اليوم العظيم المبارك من مفاخر الإسلام. ففيه أكمل الله الدين، وأتمَّ نعمته على المؤمنين، فقال عزَّ وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3]. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أنَّ رجلاً يهوديًّا جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتَّخذنا ذلك اليومَ عيدا، فقال عمر: أيُّ آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا}، فقال عمر: إنِّي لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بعرفة. إنَّ يومكم هذا يوم حافل بالهبات والخيرات، جمُّ المنح والبركات؛ فيه يُعتق الله عزَّ وجل من العباد من النار ما لا يعتق فيما سواه. لقد كتب الله على نفسه الرحمة، ونشر سبحانه رحمته بين العباد، وجعلها واسعة بفضله حتى وسعت كل شيء، يقول سبحانه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:156]، فما على الإنسان إلا أن يتلمس مواقع رحمة الله ومظانها، فيشدّ الرحل إليها ويعرض نفسه لها. وأبواب الرحمات التي فتحها الرحمن لعباده كثيرة تحيط بالمسلم من كل مكان، يوفّق الله إليها من أخلص وصدق، ويصرف عنها الأشقياء. فتح سبحانه أبواب الرحمة في ذاته وصفاته، فهو الرحمن الرحيم المنعم على خلقه بأجزل الثواب وأسنى العطايا التي هي خير ما يتحصل عليه العبد، {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58]. وفتح سبحانه باب الرحمة من جهة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو رحمة الله المهداة ونعمته المسداة، قال عنه مولاه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]. وفتح سبحانه باب الرحمة والفضل من جِهة الأماكن والبقاع، فجعل بعضها مهبطا للرحمات وموطنا للبركات ومكانا لمضاعفة الحسنات، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد وابن ماجة عن جابر: ((صلاةٌ في مسجدِي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه))، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها)) أخرجه الترمذي عن ابن عمر. وفتح سبحانه باب رحمته من جهة الأيام والأزمان، فجعل بعضها موسما لمضاعفة الحسنات وفرصة للتعرض للرحمات، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الآخر نزل إلى سماء الدنيا فنادى: هل من مستغفر، هل من تائب، هل من سائل، هل من داع، حتى ينفجر الفجر)) أخرجه مسلم.