( جلس العمدة على كرسيه و جلس شيخ الخفر بجواره إلى إحدى الطاولات التي افترش عليها أوراقه ، ممسكا قلمه في يده ، على الباب وقف أحد الخفر ) ـ نادي أول واحد يا غفير . ( الخفير مناديا ) ـ حســـــان أبو شــــــوشة . ( يدخل حسان ) ـ أفندم . ( يسأله شيخ الخفر ) ـ اسمك إيه ياوله ؟ ـ هههههه ، ما انت لسه مناديني دلوقتي يا شيخ الغفر ، لحقت نسيته ؟ ( عندها يضربه الخفير على قفاه ) ـ رد عدل على حضرة شيخ الغفر يا وله . ( عندها ينتفض العمدة من مكانه ممسكا (خيزرانته) ، يضرب بها الخفير) ـ أنت بتضربه قدامي يا دغف ؟ ـ مش شايف بيرد على شيخ الغفر إزاي يا عمدة ؟ ـ و أنت مالك أنت ؟ هو شيخ الغفر جابك محامي ؟ يلا بره ، تلاتة بالله العظيم لاخصم منك شهر بحاله ، يلا من هنا يلا . ( يخرج الخفير مسرعا ،فارا بنفسه من ثورة العمدة ، عندها يتجه العمدة لشيخ الخفر رافعا الخيزرانة ) ـ و أنت فاشخ لي ضبك و قاعد لي تتفرج ؟ ( يرفع شيخ الخفر يده عاليا يحمي نفسه ) ـ طب و أنا مالي يا حضرة العمدة ، ذنبي إيه بس ؟ ـ أكيد أنت اللي مأخدهم على كده ... ـ و الله ما حصل ، طب إيه رأيك لخاصم منه شهر أنا كمان عشان يعرف إن الله حق . ـ و هو أنا يعني مش قادر أخصم منه شهرين ؟ لا كفاية شهر واحد عشان يتعلم الأدب ، قوم فز هات لنا غفير تاني بداله . ـ أوامرك يا حضرة العمدة . ( يذهب شيخ الخفر ينادي ) ـ أبو سليمان . ـ أفندم يا شيخ الخفر . ـ تعالى أقف هنا على الباب عشان تنادي أنت . ـ حاضر يا شيخ الغفر . ( يعود العمدة و شيخ الخفر إلى مكانهما ، يوجه العمدة كلامه لشيخ الخفر ) ـ أنا اللي ها أسأل يا شيخ الغفر ، و أنت تكتب بس . ـ أوامرك يا حضرة العمدة . ( يوجه العمدة كلامه لحسان أبو شوشة ) ـ رد على الأسئلة اللي ها اسألها لك يا أبو شوشة ،عشان ده محضر رسمي . ـ حاضر يا عمدتنا ، انت تأمر . ـ اسمك . ـ حسان حسان أبو شوشة . ـ بتشتغل إيه ؟ ـ فلاح بالأجرة. ( يقاطعهما شيخ الخفر ) ـ و لما أنت فلاح بالأجرة بتاخد إعانة ليه من اللي عاملها حضرة العمدة ؟ ( ينظر العمدة شزرا إلى شيخ الخفر ، فيضع شيخ الخفر يده على فمه ) ـ و هو فيه حد راضي يشغلني عنده يا شيخ الغفر ، ده أنا حفيت ، كل ما أسأل واحد على شغل يقول لي جحا أولى بلحم توره و يفلح أرضه بنفسه هو وعياله . ( يسأله العمده ) ـ طب ليه ما بتدورش على شغلانة تانية تاكل منها عيش أنت و عيالك ؟ ـ أيدي على كتفك يا حضرة العمدة ، بس شغلني كده أنت في أيتها حاجة ، و أني مش ها أقول لأ . ـ ما فكرتش تزرع الشط بتاع الترعة يا أبو شوشة ؟ ـ و مين اللي ها يرضى أزرعه يا عمدة ؟ ـ انا اللي بأقولك ازرعه ، يعني عاجبك الحشيش و الهيش اللي حواليها اللي لامم تعابين و بلاوي سودة . ـ أيوة و بكرة لما أزرعها تيجوا تاخدوها مني و تأمموها ؟ ( انفجر العمدة في الضحك ) ـ ههههههه ، لا ما تخافش يا ناصح ، ها أكتبلك بيها ورقة من دلوقتي . ـ يا سلام ؟ و بعد ما تموت أنت بقى يجي عمدة تاني و يأممها ؟ (عندها ينتفض شيخ الخفر واقفا ) ـ الملافظ سعد يا وله ، إيه لما تموت دي ؟ ربنا يطول لنا في عمره . ( يشير العمدة إلى شيخ الخفر بخيزرانتة ، عندها يجلس و يضع يده على فمه ، عندها يستدرك أبو شوشة خطأه ) ـ لا مؤاخذة يا حضرة العمدة ، ربنا يديك طولة العمر ، مش قصدي و الله . ـ الأعمار بيد الله يا أبو شوشة ، بس إحنا نسعى ، و ربك يقدم اللي فيه الخير ، مش أحسن ما أنت قاعد لا شغلة و لا مشغلة ؟ ـ أيوة يا عمدة بس .... ـ و لا بس و لا حاجة ، قوم ياله توكل على الله . ـ أوامرك يا حضرة العمدة حاضر ، بس ها تكتبها لي إمتى ؟ ـ بكرة إن شاء الله تيجي تاخد منى الورقة بتاعتها ، و لا يهمك . ( ينحني أبو شوشة يقبل يد العمدة ) ـ ربنا يخليك لينا يا أبا العمدة .... ( ينزع العمدة يده ) ـ استغفر الله العظيم ، بس يلا بقى ورينا همتك . ( يخرج أبو شوشة يدعو بصوت مرتفع ) ـ روح يا شيخ إلهي لا يعري لك جسد و لا يجوع لك كبد قادر يا كريم ، ربنا يسترك دنيا و آخرة ...... ( شيخ الخفر يسأل العمدة ) ـ و المحضر و القضية يا حضرة العمدة ؟ ـ ما هو كده بنحلها يا وله . ـ أيوة بس كده لا عرفنا إذا كان هو اللي ولع في الدوار و الا لأ . ـ إنت فاكر هم بيحققوا و يعملوا قضايا ليه يا شيخ الخفر ؟ ـ عشان المجرم ياخد جزاءه . ـ أيوة و و إيه اللي إحنا كسبناه لما المجرم ياخد جزاءه ؟ ـ ما عدش حد يسجر يعملها تاني يا عمدة . ـ الله ينور عليك ، هو ده مربط الفرس ، طب و لما أنت توفر لكل واحد شغلانة ياكل منها هو و عياله لقمة عيش حلال ، تفتكر إنه يفكر ياخد إعانة أو يولع في الدوار إذا ما أخدش ؟ ـ مش عارف ، أمال هم عملوا التحقيقات و القضايا ليه بس ؟ ـ لما تسد جوعهم و تكسيهم الأول ، ساعتها بقى اللي يعمل أيتها حاجة مش و لابد ، ده يبقى يستاهل المشنقة مش الحبس ، يلا نادي لنا على التاني . ـ محمود أبو اسماعين . ( يدخل ) ـ سلام عليكم . ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته . ـ اسمك بالكامل . ـ محمود فريد أبو اسماعين . ـ بتشتغل إيه يا أبو اسماعين . ـ عاطل . ـ أيوة ، كنت بتشتغل إيه قبل ما تعطل . ـ صياد . ـ و عاطل ليه بقى يا أبو اسماعين ؟ ـ من يوم ما العيال بتوع كفر أبو حطب ولعوا لي في المركب و أنت سيد العارفين بقيت زي ما أنت شايف . ـ أيوة بس أنت و أخوك عوض اللي كنتم غلطانين . ـ ما هي كلها أرض الله يا عمدة . ـ أيوة بس إيه اللي يخليكم تسيبوا ترعتنا و تروحوا تصطادوا من هناك ؟ ـ الترعة هنا يوم ما نقعد نصطاد يوم بحاله ، يدوب يكفينا ، لكن هناك ساعة زمن واحدة و بنرجع بايعن و شارين و القاشية معدن . ـ و إيه الفرق بقى بين هنا و هناك ؟ ـ هناك الهاويس يا عمدة ، يعني كل يوم سمك داخل خارج م البحر . ـ طب ما هي ترعتنا هي نفسها ترعتهم ، و السمك بيعدي من عليهم و علينا . ـ لا يا عمدة ، الصيادين هناك بيحطوا شبكهم بعرض الترعة عشان السمك ما يعديش من عندهم و يجي هنا . ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، ده رزق يا عالم ، حد يمنع الرزق ؟ ـ تقول إيه بقى يا عمدة ؟ ـ على العموم أنا ها أقعد مع عمدتهم و أكلمه في الموضوع ده ، وبكره تيجي تاخد فلوس و تشتري لكم شبكة جديدة . ـ شبكة بس ؟ ما فيش مركب ؟ ـ لا يا أخويا هي شبكة تصطاد بيها أنت و أخوك لغاية لما تحوشوا لكم قرشين و تجيبوا مركب ، قلت إيه . ـ ماشي يا عمدة ، شبكة شبكة ، المهم نلاقي ناكل . ـ يلا ، و عدي عليا بكرة إن شاء الله . ( يخرج أبو إسماعيل ، ينظر العمدة إلى شيخ الخفر فيجده و قد علا صوت شخيره ، يصرخ العمدة ) ـ فين المتهم يا شيخ الغفر ؟ ( عندها يقفز شيخ الخفر واقفا ، يبحث حوله ، يجري خارج الدار ، يأتي و قد أمسك بأحد صبيان القرية ) ـ تمام يا جناب العمدة ، هو الواد ده اللي عملها . ( عندها يضرب العمدة كفا بكف ) ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، سمعت المثل اللي بيقول نوم الظالم عبادة ؟ ـ طبعا يا حضرة العمدة . ـ طب سيب الواد يروح لحاله ، و روح نام نامت عليك حيطة يا حضرة سعادة جناب شيخ الغفر .
( طرقات أياد قوية تدق الباب ، تدق و تدق و تدق ، فتح العمدة الباب و إذا بشيخ الخفر يخر على يديه مقبلا ، يصرخ ) ـ أبوس إيدك يا حضرة العمدة خبيني . ـ فيه إيه يا وله ؟ ـ أهالي البلد عاوزين يقتلوني . ـ نعم نعم نعم نعم ؟ إنت بتستهبل يا جدع أنت و الا إيه ؟ ـ تلاتة بالله العظيم بأكلمك جد ، أهالي البلد هاجم و اتلموا كلهم بربطة المعلم و قالبين البلد عليا عشان يقتلوني . ـ و فين القلاضيش بتوعك يا سبع البرمبة ؟ ـ ضربوهم و خدوا منهم البنادق كمان . ـ إهي ؟ دي ثورة بقى ؟ ـ و أي ثورة يا عمدة ؟ دي و لا بتاع عرابي . ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .... ( فجأة يظهر ضوء المشاعل يضيء سماء القرية من بعيد ) ـ أهم يا حضرة العمدة .... ـ إيه ده يا وله ؟ معقولة ؟ ـ مش بأقولك مش ها تصدق إلا أما تشوف بعنيك . ـ استغفر الله العظيم ، هو إنت عملت لهم إيه يا منيل على عينك ؟ ـ و هو أنا بأعمل حاجة إلا بمشورتك يا حضرة العمدة ؟ ـ إيوة إيوة يا كهين يا ابن السهن ، لزقها فيا أنا دلوقتي ، طب إيه رأيك يا له امشي انجر من هنا خليهم يقطعوك حتت . ( يخر على يديه يقبلها ) ـ لا أبوس إيديك يا عمدة ، دول مش ها يخلوا في جتتي حتة سليمة . ـ اتمسكن اتمسكن يا وله ، تعرف إن إنت صعبت عليا .... ( صوت زئير الأهالي يعلو أكثر فأكثر مع اقتراب ضوء المشاعل ) ـ أرجوك يا عمدة خبيني أنا في عرضك ... ـ طب خش استخبى أنت ورا الباب لحد ما أشوف آخرتها . ( يقف العمدة في وجه الطوفان الهادر ، بمجرد رؤية الأهالي للعمدة تتخافت الاصوات شيئا فشيئا ، حتى يسود صمت رهيب ، لحظات من الصمت تخيم على الجميع ، باغتهم العمدة ) ـ فيه إيه يا بلد ؟ خلاص ما عدلكوش كبير خلاص ؟ بقينا زي الكلاب المسعورة بننهش في لحم بعض ؟ ده اللي مالوش كبير بيشتري له كبير يا عالم ، و أنا كبير البلد دي ، و ها أفضل طول عمري كبير البلد دي غصبن عن التخين فيكم ، و اللي مش عاجبه يوريني نفسه . ( خيم الصمت على الجميع و كأن على رؤوسهم الطير ) ـ أيوة كده ، ممكن بقى نتكلم بهداوة ؟ أولا أنتم سيد العارفين إني بأحترم أقل جزمة فيكم ، إنتم أهلي و عزوتي و ضهري و لا يمكن أبدا أرضى إن حد يهينكم أو يتطاول عليكم ، فهموني براحة كده إيه الحكاية بالظبط . ـ شيخ الغفر يعيث في القرية فسادا يا حضرة العمدة . ـ و هو أنت بقى الزعيم يا شيخ جمعة ؟ ـ لا أنا بس ممكن تقول كده المتحدث الرسمي ... ـ آه المتحدث الرسمي ؟ أمال مين الزعيم فيكم ؟ ( تتكلم إحدى نساء القرية ) ـ ما فيناش زعيم يا عمدة ، كلنا كده مع بعض بربطة المعلم زي ما أنت شايف . ـ يا حلاوة يا ولاد ، دي القوالب نامت و الانصاص قامت ، ده النمل طلع له سنان أهو ، ده الحريم كمان صوتهم علي أهو و بيلعلع . ـ ما حناش بني آدميين و إلا إيه يا عمده ؟ ـ إنتي ها تركبيني الغلط من أولها يا بت يا خضرة و إلا إيه ؟ ـ العفو يا حضرة العمدة ، المقامات محفوظة برضه ..... ـ طيب قولي إنتي ، ماله شيخ الغفر ؟ ـ يا ريت شيخ الغفر بس يا عمدة .... ـ مين كمان ؟ ـ الغفر كلهم يا عمدة من أولهم لآخرهم . ( عندها يقاطعهم الشيخ جمعة ) ـ لا يا خضرة ، حرام ، الشهادة لله مش كلهم ، الغفير محسن عمرنا ما شفنا عليه حاجة كده و إلا كده ، مية مية الصراحة ، و برضه الغفير مطاوع مش بطال . ( ينفذ صبر العمدة ) ـ أنت بتنقي خيار يا شيخ جمعة ؟ هو إيه اللي ميه ميه و إيه اللي مش بطال ؟ عملوا لكم إيه بقى الغفر و شيخ الغفر يا بت يا خضرة ؟ ـ أبو سليمان بيتعرض لي في الرايحة و الجاية يا عمدة ، و لما اشتكيته لشيخ الغفر لقيت ما أسخم من ستي إلا سيدي .... ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ... ( يقاطعهم أحد رجال القرية ) ـ و أنا كمان يا عمدة ، الغفير عوضين كل يوم لازمن يقعد عندي في القهوة و يشرب له حجرين تلاتة معسل و ما يدفعش .... ـ و إنت ساكت له ليه يا فالح ؟ ـ مرة ما رضيتش قام مكسر لي القهوة . ـ وما اشتكيتش لشيخ الغفر ليه ؟ ـ ما أني رحت لشيخ الغفر ، قال لي عوضين هو اللي ماسك قياس الجودة و لازم يطمن على المعسل اللي بأشربة لأهل البلد إن كان مغشوش و إلا مش مغشوش ... ـ لا إله إلا الله . ( يقاطعهم آخر ) ـ و أنا كمان يا عمدة ... ـ فيه إيه أنت راخر يا حاج عليوة ؟ ـ الغفير خميس كمان يا عمدة يوماتي على الله ، لازم يعدي عليا ياخد بصل و فجل و جرجير . ( تقاطعه زوجته ) ـ و مراته كمان يا عمدة بتعدي عليا في البيت كل يوم تاخد مني لبن . ـ بيشتروا منكم يعني ؟ ـ هههههههه ، يشتروا مين يا عمدة ، خلي الطابق مستور ، ده كل ما نسألهم يقولوا ، معقولة تاخدوا فلوس من العمدة ؟ ـ نعم نعم نعم نعم ؟ هي الحاجات دي بياخدوها بحجة إنها رايحة لدار العمدة ؟ ـ أيوة و الله يا عمدة ، بس الكلام ده طبعا ما يخيلش علينا ، و هو إحنا لسه ها نعرفك يا عمدة ، ده أنت بتاخد من بيتك يا راجل و تدينا ، ربنا يخليك لينا يا عمدة .... ( عندها يهتف الأهالي ) ـ ربنا يخليك لينا يا عمدة ، ربنا يخليك لينا يا عمدة ... ( عندها يرفع العمدة يده ) ـ شكرا ، ألف شكرا ، طبعا أنا مش ممكن أبدا أسكت على البلاوي دي كلها ، بس برضه أحب أقول لكم كلمتين تعلقوهم حلقة في ودانكم ، الغفر دول أنا جايبهم منين ؟ ما تردوا عليا ، أنا جايب الغفر دول منين يا بلد ؟ من كفر أبو حطب ؟ و إلا من أبو زعيبل ؟ و إلا جايز م البندر ؟ الغفر دول م البلد دي و إلا مش م البلد دي ؟ ما تردوا ، ساكتين ليه ؟ شيخ الغفر ده مش يبقى ابن خالتك بهانة ياد يا حسان يا أبو شقفة ؟ و يبقى ابن عمك حصري يا حاج خضر ؟ حصل و إلا ما حصلش ؟ حد فيكم يكذبني يا بلد ، الغفير أبو سليمان ده مش عمك ياد يا حسان ؟ و جوز خالتك سعدية و إلا مش جوز خالتك سعدية ياد يا توفيق ؟ عوض ده يبقى لك إيه يا حسين يا أبو أليطة ؟ خالك و إلا مش خالك ؟ يعني شيخ الغفر ده و الغفر دول كلهم منكم و فيكم ، حد منكم يعرف يطلع لي شربات م الفسيخ ؟ حد فيكم يقدر يعمل لي من الجلة (كالونيا) ؟ طبعا مستحيل ، الفسيخ عمره ما يطلع إلا مش مملح ، و الجلة برضه عمرها ما ها تطلع إلا ريحة منيلة بستين نيلة ، و أنتم برضه لو عصرتكم كده على بعضيكم مش ها تنزلوا غير شوية غفر زي دول ، يبقى حكمكم على الغفر حكم على نفسيكم ، و طالما الغفر اللي طالعين منكم زفت يبقى أنتم زفت مقطرن يا بلد ، و يبقى أنتم اللي عاوزين رباية من أول و جديد يا بلد ، ( عندها يلوح العمدة ب (خيزرانته) في الهواء فتصدر صوتا مخيفا ) ـ و تلاتة بالله العظيم كبرت في دماغي و لازم أربيكم من أول و جديد ... ( ينطلق الناس فرارا ، بينما ينطلق العمدة خلفهم يشق الهواء بخيزرانته يصرخ ) ـ تلاتة بالله العظيم لأربيكم يا بلد ، و الله لأربيكم يا بلد .....
( اجتمع أهالي القرية عصرا ، يفترشون الأرض أمام دار العمدة ،
الجميع ينتظر و يترقب ،
خرج أحد الرجال من الداخل يحمل طاولة ، وضعها أمام ( المصطبة ) ،
يثبت فوقها ميكروفون ،
يقوم بضبط الأجهزة الخاصة بالميكروفون ،
ينقر عدة نقرات فوق الميكروفون لاختباره ،
ينحني مقربا فمه للميكروفون )
ـ إتنين أربعة ستة تمانية ، ألالووووووه .
يسأله أحد الجالسين )
ـ أمال فين أبويا العمدة يا عبد الجبار ؟
ـ جاي ورايا أهو .
( يشير عبد الجبار بخيزرانته إلى أحد النساء الواقفات ،
صرخ فيها خلال الميكروفون )
ـ انتي يا ولية انتي ، روحي اقعدي مع الحريم ورا .
( تذهب المرأة خجلى إلى حيث يجلس النساء ،
يذهب عبد الجبار و يقف أمام الباب منتصبا في انتظار خروج العمدة ،
ينفتح الباب ، فيصرخ عبد الجبار )
ـ محكمة .
( ينتفض الأهالي وقوفا ،
يخرج عليهم العمدة ، و خلفه الشيخ جمعة شيخ المسجد ، و الدكتور عادل دكتور الوحدة الصحية ،
يصفق الناس بحرارة ،
يجلس العمدة بمنتصف المصطبة إلى الطاولة ،
يجلس الشيخ إلى يمينه واضعا بعض الأوراق أمامه و يجلس الدكتور إلى يساره ،
يتزايد التصفيق و الهتافات ،
يصرخ فيهم العمدة خلال الميكروفون )
ـ ما خلاص يا خويا انته و هوه ، أم كلثوم ها تغني ؟
( يشير العمدة لعبد الجبار )
ـ هات المتهمين يا عبد الجبار .
( يدخل عبد الجبار إلى القاعة ،
ما يلبث أن يعود ساحبا حبلا مقيد إليه شيخ الخفر و الخفر من أياديهم المكبلة خلف ظهورهم ،
يرتدون ملابسهم الغير عسكرية ، مطأطئي رؤوسهم العارية ،
يصطفون أمام الناس بجوار المصطبة ،
عندها يزداد الهرج و المرج بين الأهالي ،
يدق العمدة بخيزرانته فوق الطاولة طرقات متتالية حتى هدأ الناس ،
يقف العمدة مخاطبا أهل القرية )
ـ على فكرة ، عاوز أقول لكم حاجة مهمة قبل ما نبدأ ، أي نعم إحنا ناصبين المحكمة دي النهاردة للغفر ، بس مش معنى كده إن المحكمة دي منصوبة ليهم بس ، لأ و ألف لأ ،
المحكمة دي منصوبة للبلد كلها من كبيرها لصغيرها .....
( صوت يخرج من بين الجموع )
ـ معناته إيه الكلام ده يا عمدة ؟
ـ مين ده اللي بيتكلم ؟
( يسود صمت رهيب )
ـ ما حدش يتكلم إلا لما يستأذن ، و على العموم معناته إن كل واحد فيكم عمل حاجة ها يتعاقب عليها قدام البلد ، سواء كان غفير أو وزير ، أنا ما عنديش فرق بين زيد و عبيد ، كلكم عندي زي بعض ،
كلنا قدام القانون واحد ،
أمال القانون ماسك ميزان و مغمي عنيه ليه يا بلد ؟
دلوقتي ها ننادي على كل واحد لوحده و اللي ليه عليه شكوى يقول ،
نادي أول واحد يا وله .
( يخرج عبد الجبار إحدى الأوراق من جلبابه ، يمسك بها في يده ، يقرأ بصعوبة )
ـ ع .. ز .. و .. ز .. ال .. شنو .. اني ..
( يصرخ فيه العمدة )
ـ و كمان مش عارف تقرا ؟ جتها نيلة اللي عايزة الخلف ( ينادي العمدة ) عزوز الشنواني ، شيخ الغفر سابقا .
( يرفع شيخ الخفر رأسه )
ـ أفندم .
( يشير إليه العمدة بإصبعه )
ـ اللي ليه شكوى على الراجل ده يقول .
( يرفع بعض الأهالي أصابعهم )
ـ قول أنته يا عبد العاطي ، إيه شكوتك ؟
ـ الراجل ده يا عمدة لما كان شيخ الغفر ، كان في الرايحة و الجاية يديني على قفايا ، كل ما يشوفني ينادي عليا و يقول لي تعالى خد البركة يا وله ....
( يميل العمدة إلى الدكتور يشاوره ، ثم يميل إلى الشيخ جمعة يشاوره ، و أخيرا يعتدل في جلسته ، يوجه كلامه للشاكي )
ـ طب تعالى يا عبد العاطي و اديله على قفاه لغاية لما تشبع .
( يخرج عبد العاطي من بين الناس ، يذهب خلف شيخ الخفر ،
ينهال ضربا على قفا شيخ الخفر ،
يحاول شيخ الخفر الاحتماء بين الخفر و لكنه يفشل ،
يتهرب الخفر من حمايته ،
يعود عبد العاطي يضربه بهستيريا حتى يتوقف من التعب ،
يذهب إليه العمدة )
ـ إيه ؟ شبعت يا عبد العاطي ؟
ـ كفاية عليه كده ، يا بخت من قدر و عفي ...
ـ كل اللي عملته فيه و يا بخت من قدر و عفي ؟
ـ خلاص بقى المسامح كريم ...
ـ طيب ، خدت حقك يا كريم ؟
ـ تالت و متلت .
ـ حلو قوي ، انته كده خدت حقك ، فاضل بقى حق نفسك و عيالك و مراتك و حق البلد دي كلها عليك .
ـ مش فاهم تقصد إيه يا عمدة .
ـ سيادتك بقى كنت بتعمل إيه لما كان شيخ الغفر بينادي عليك و يقول لك تعالى خد البركة و يديك على قفاك ؟
ـ كنت ها أعمل إيه يعني ؟ بأروح له و أديله قفايا ...
ـ أهو ده بقى اللي مش ممكن أسكت عليه أبدا ، عارف ليه ؟
ـ لأ مش عارف .
ـ لأن سكاتك هو السبب اللي خلت شيخ الغفر يسوق فيها ،
( يوجه كلامه لأهل البلد )
سكاتكم يا بلد هو اللي خلاه يتمادى ، انته يا وله مش برضه راجل من ضهر راجل ؟
ـ طبعا يا عمدة .
ـ و لما انته دكر كده ما كنتش بتعترض ليه على اللي بيحصل لك ؟
ـ يا سلام يا عمدة ، و كنت عاوزه بقى يموتني إن شاء الله ؟
ـ حتى لو موتك ، إيه يعني ؟ ما إحنا كلنا ها نموت يا وله ، إياك تكون فاكر إنك ها تخلل فيها ، كلنا ها نموت و إلا مش ها نموت يا بلد ؟
( يرد الأهالي في صوت واحد )
ـ ها نموت يا عمدة .
ـ بس فيه فرق ، أموت و أنا رافع راسي و لو مرة واحدة يا بلد ، و إلا أعيش ذليل طول عمري ؟
هو ده مربط الفرس يا بلد ،
لو انتم رجاله بصحيح ما كانش يسجر شيخ الغفر يديكم على قفاكم ،
و عشان كده أنا قلت و نبهت عليكم من الأول ،
المحكمة دي مش منصوبة للغفر بس ، لأ ،
دي منصوبة لكل واحد فيكم يا بلد ،
( يوجه كلامه للرجل )
و زي ما خدت حقك ، البلد كلها لازم تاخد حقها منك هي كمان ....
ـ معناته إيه الكلام ده يا عمدة ؟؟؟؟؟
( يشير إلى عبد الجبار )
ـ امسكه و اربطه هو كمان يا وله .
( يمسكه عبد الجبار )
ـ و هو أنا أجرمت في إيه بس يا عمدة ؟
ـ أجرمت ؟ طبعا أجرمت ،
أجرمت لأنك واطي يا عبد العاطي ، و كنت تملي تملي تطاطي ،
بس لو ها تطاطي يا عبد العاطي ،
إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ،
بذمتك تسوى إيه لما مراتك تشوفك و شيخ الغفر بيديلك على قفاك ؟ تسوى إيه لما بنتك و إلا ابنك يشوفك و أنته بتاخد على قفاك ؟
أني مش ها احكم عليك ، لأ ،
الناس دي هيه اللي ها تحكم عليك ،
( يوجه كلامه للأهالي )
مذنب في حق نفسه و عياله و مراته و بلده و إلا مش مذنب يا عالم ؟
( يصرخ الأهالي )
ـ مذنب يا عمدة .
( يشير العمدة لعبد الجبار )
ـ أعبطه يا وله بسرعة ....
( يلفه عبد الجبار إليه و يحتضنه ، عندها ينهال العمدة ضربا بخيزرانته على أسفل ظهره ، يصرخ الرجل )
ـ حرمـــت يا عمدة ، حرمـــــــــت و الله العظيم حرمـــــــــت ....
ـ حرمت عليك عيشتك يا شيخ ، تلاتة بالله العظيم لأعلمكم الأدب واحد واحد .....
ـ و أني أتعلمت يا عمدة خلااااااااااااااص ، و توبة أطاطي و إلا أسكت على حقي مرة تانية ، بس اعتقني لوجه اللــــــــــــــه ...
ـ لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى يشوفك إبنك و انته مطاطي ،
قول ورايا ،
لو ها تطاطي يا عبد العاطي ،إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ..
( يصرخ عبد العاطي )
لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ،
لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ،
( يشير العمدة لعبد الجبار فيتركه ، عندها ينطلق الرجل يجري ، يصرخ )
لو ها تطاطي يا عبد العاطي ، إوعى تعلم إبنك برضه يطاطي ،
( ينظر العمدة إلى عبد الجبار )
ـ نادي على اللي بعده يا وله .
ـ سليمان أبو سليمان .
( ينظر أبو سليمان إلى الأرض ، يشير العمدة بإصبعه إليه )
ـ اللي له حاجة عند الجدع ده يتفضل .
( الصمت يلف المكان ، عندها ينادي العمدة )
ـ اللي له حق عند الغفير السابق أبو سليمان يرفع إيده .
( لا يتحرك أحد )
ـ فيه إيه يا بلد ؟ مالكم ؟ معقولة أبو سليمان ما عملش لحد فيكم حاجة ؟
( تصرخ خضرة )
ـ عمل و عمل و عمل يا عمدة و قلت لك قبل كده ...
ـ الله ينور عليك يا بت يا خضرة ، عليا النعمة بت بألف راجل ، إيوة كده ،
( يوجه كلامه للأهالي ) أهي البت دي يا بلد بت من ضهر راجل بصحيح ، هي اللي فضحت الغفر و شيخ الغفر ، و ما سكتتش على الغلط ، و عشان كده لازم أبو سليمان ياخد جزاءه و يعرف إن الله حق .
( يضرب العمدة أبو سليمان بالخيزرانة على ظهره )
ـ إلا أعراض الناس يا زبالة ، إلا أعراض الناس ، تلاتة بالله العظيم ما تقعد في بلدنا يوم واحد بعد كده ، هي ليلة واحدة تلم فيها حاجتك ، و بكره بعد شروق الشمس ما أشفش وشك تاني ،
( يوجه كلامه لأهل القرية ) اللي منكم يشوف الزبالة ده في البلد بعد شروق شمس بكره يقطعه حتت ، فكه يا وله .
( يقوم عبد الجبار بفك قيده ، ينطلق أبو سليمان فارا من بين الأهالي ، يحاول الأهالي اللحاق به و لكن العمدة يقف في طريقهم )
ـ أنا قلت ها ندي له فرصة لغاية طلوع شمس بكره ، و يا ويله يا سواد ليله اللي يقرب له قبلها ..... ( يتبع )