الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، نحمده سبحانه أن وفقنا لكتابة هذه السلسلة إلى أن وصلنا إلى ختامها، فله الحمد على ذلك حمدا كثيرا. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام النبيين، سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، أما بعد:
فقد بدأت قبل عام بالضبط بكتابة هذه السلسلة التي جاءت بعنوان (خذ الكتاب بقوة) وكانت تهدف إلى طرح قيمة اعتبرته هامة جدا لكل شخص أراد أن يتفوق ويتميز ويساعد أمته ومجتمعه على النهضة، هذه القيمة هي الجدية. وقد سعيت في طرح هذه القيمة من زوايا مختلفة بدءا من التعريف بها وأهميتها وعلاماتها وعوائقها والأمور التي تساعد عليها بالإضافة إلى ذكر أمثلة فردية وجماعية للجادين من التاريخ.
كل هذا الطرح لتأكيد قيمة الجدية في حياة كل من يريد التميز والنهضة، ولسنا نأتي ببدع من القول، فقد أكّد القرآن الكريم على هذه القيمة في الآية التي وضعناها عنوانا لهذه السلسلة (خذ الكتاب بقوة)، وقد طبّق هذه الآية جميع الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انتشرت للأسف كثيرا من صور عدم الجدية كاللهو وتضيع الأوقات فيما لا ينفع وخاصة في فئة الشباب والتي تّعتبر مفتاح التميز والتفوق لأي مجتمع أو أمة، وبالتالي جاءت هذه السلسلة كمحاولة لانتشال هؤلاء الشباب من غفلتهم والسير بهم على طريق التميز الصحيح والتي تُعتبر الجدية أساسا هاما من أساساتها.
وفي الناحية الأخرى، هناك فئة رائعة من الشباب أخذوا على عاتقهم مسألة التميز والتفوق سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، فضربوا أمثلة رائعة للجدية في حياتهم. إلى هؤلاء نقول: حافظوا على هذه الجدية واستمروا في طريقكم واطلبوا التوفيق دائما من الله تعالى، وأدعوكم لقراءة هذه السلسلة لأنها بإذن الله تعالى سوف تعينكم بشكل أكير في طريقكم.
ولا يعني أبدا خطابي وتركيزي على الشباب إهمال الفئات الأخرى كالشيوخ أو الأطفال – ذكورا وإناثا – فهؤلاء لهم كذلك دور هام، ومنهم نتعلم الجدية والحكمة. ولهؤلاء كذلك دور هام في التفوق والنهضة، وأمثلة الشيوخ والأطفال الجادين في الأمة ممن تميزوا وتفوقوا كثيرة أيضا وينبغي الوقوف عندها كذلك.
أسأل الله تعالى أن أكون قد أضفت شيئا مفيدا للأمة الإسلامية ولكل مجتمع مسلم، وأن أكون ممن ساهموا في نهضة هذه الأمة، كما أسأله تعالى أن يؤجرني على هذه السلسلة وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
هذا وما كان من صواب وتوفيق فمن الله تعالى وحده، ومن كان من خطأ فمني والشيطان، وأسأل الله تعالى أن يغفر لنا خطأنا وجهلنا. والحمد لله رب العالمين.