الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد هذه خمس سنن أريد أن نحييها فيما بيننا أرى أنها منسية ومهجورة فلنطبقها ولندع الناس إليها .
السنة الأولى : عن جابر بن سمرة قال : كنا إذا انتهينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي " أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1141 ) و أبو داود ( 4825 ) و الترمذي ( 2 / 121 ) وهو في السلسلة الصحيحة. قال الشيخ في السلسلة الصحيحة : و في الحديث تنبيه على أدب من آداب المجالس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، طالما أهمله الناس اليوم ، حتى أهل العلم ، و هو أن الرجل إذا دخل المجلس ، يجلس حيث ينتهي به المجلس ، و لو عند عتبة الباب ، فإذا وجد مثله فعليه أن يجلس فيه ، و لا يترقب أن يقوم له بعض أهل المجلس من مجلسه ، كما يفعل بعض المتكبرين من الرؤساء ، و المتعجرفين من المتمشيخين ، فإن هذا منهي عنه صراحة في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ، ثم يجلس فيه ، و لكن تفسحوا و توسعوا " أخرجه مسلم و زاد في رواية :" و كان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه " قال المباركفوري في تحفة الأحوذي - (7 / 29)
قَوْلُهُ : ( كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )أَيْ مَجْلِسَهُ الشَّرِيفَ( جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي )أَيْ هُوَ إِلَيْهِ مِنْ الْمَجْلِسِ ، أَوْ حَيْثُ يَنْتَهِي الْمَجْلِسُ إِلَيْهِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ حُضَّارِهِ تَأَدُّبًا وَتَرْكًا لِلتَّكَلُّفِ وَمُخَالَفَةً لِحَظِّ النَّفْسِ مِنْ طَلَبِ الْعُلُوِّ كَمَا هُوَ شَأْنُ أَرْبَابِ الْجَاهِ .
السنة الثانية : عن أسماء بنت أبي بكر .أنها كانت إذا ثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره ثم تقول : إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنه أعظم للبركة . يعني الطعام الذي ذهب فوره " السلسلة الصحيحة. قال أبو هريرة لا يؤكل طعام حتى يذهب بخاره رواه البيهقي بإسناد حسن .
السنة الثالثة :
عن ابن عمر قال قال رسول الله : " إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة ، فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره " أخرجه أبو داود ( 1119 ) و الترمذي ( 2 / 404 ) و ابن حبان ( 571 ) وهو في السلسلة الصحيحة.
السنة الرابعة : عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ينتعل الرجل قائما.صحيح سنن ابن ماجه . قال في تحفة الأحوذي : قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا نَهَى عَنْ لُبْسِ النَّعْلِ قَائِمًا لِأَنَّ لُبْسَهَا قَاعِدًا أَسْهَلُ عَلَيْهِ يُزَالُ لَهُ وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِانْقِلَابِهِ إِذَا لَبِسَهَا قَائِمًا . فَأَمَرَ بِالْقُعُودِ لَهُ وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْيَدِ فِيهِ لِيَأْمَنَ غَائِلَتَهُ . وَقَالَ الْمُظْهِرُ : هَذَا فِيمَا يَلْحَقُهُ التَّعَبُ فِي لُبْسِهِ كَالْخُفِّ وَالنِّعَالِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى شَدِّ شِرَاكِهَا . قال المناوي : " و الأمر في الحديث للإرشاد ، لأن لبسها قاعدا أسهل و أمكن ، و منه أخذ الطيبي و غيره تخصيص النهي بما في لبسه قائما تعب ،كالتاسومة و الخف ، لا كقبقاب و سرموزة "
السنة الخامسة : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه ، فقال لهإن أردت تليين قلبك ، فأطعم المسكين و امسح رأس اليتيم.رواه أحمد وهو في السلسلة الصحيحة .
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان