إن الناظر بعين بصره وبصيرته في عالم اليوم وخاصة المسلمون منهم على مستوى أفرادهم ومجتمعاتهم فإنهم يمرون بفتن عظيمة ، تنوعت أسبابها واختلفت موضوعاتها ، وتعددت مصادرها ، في العقول والأنفس ، في الأعراض والأموال ، والأولاد والممتلكات ، تتضمن في طياتها تحسين القبيح ، وتقبيح الحسن ، تعاظم خطرها ، وتطاير شررها ، ولأجل هذا فقد جاء الشارع الكريم بالتحذير من غوائلها وشرورها ومدلهماتها ، وإليك أخي الكريم هذه الوسائل والضمانات والأسس والتي ترسم لك المسار الصحيح تجاه هذه الفتن حال ظهورها والمنهج الأرشد لأوضاعها وأحوالها ، صيانة لك من الزلل والخلل ، وعصمة لك من الهلاك والدمار بإذن الله ، ومن هذه الوسائل :
1- تحقيق التوحيد الخالص لله وإفراده جل وعلا بالعبادة
{ كل يوم هو في شأن } [الرحمن:29]
{ ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله } [التغابن:11]
2- الوحدة والإتلاف وترك التنازع والاختلاف والاعتصام بالكتاب والسنة
{ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } [آل عمران:103]
« تركت فيكم أمرين ؛ لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض »
[ قال الالبانى في كتاب " منزلة السنة " إسناده حسن ]
3- الحرص على العبادة والعمل الصالح
« الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ » [ روى مسلم 2948 ] .
4- لزوم التوبة والاستغفار والإكثار من التسبيح والدعاء
يقول ابن القيم عن دور شيخه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله في التثبيت " وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله عنا "
8- تحقيق مبدأ الأخوة الإسلامية في الله { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان .. } الآية [المجادلة:22]
« لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه » [رواه البخاري 13] .
9- التأني والرفق وعدم العجلة حال الفتن مما يجعل المسلم يبصر حقائق الأمور بحكمة ، ويقف على خفاياها وأبعادها وعواقبها و « ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه » [رواه مسلم 4698]
10- الصبر الصبر { ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [البقرة:155]
[ رواه ابن ماجه 4014 وصححه الألباني في الصحيحة 494 ]
11- البشرى العظيمة أن المستقبل للإسلام والعاقبة للمتقين
{ حَتَّى إِذَا اْسَتيئسَ الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء }
[يوسف:110]
حديث « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر »
[ رواه أحمد 16334]
12- النظر في مآلات الأمور ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
« حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ ،
وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ »
[رواه البخاري 120] .
13- اجتناب الفتن والبعد عن مواطنها والخوض فيها ..
«إنها ستكون فتن ، القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها »
[رواه البخاري 3602 ومسلم 2886]
« يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن » [رواه البخاري ح 19]
14- الحذر من النفاق وأهله خاصة في أوقات الفتن والتي تزداد فيها شوكتهم وتكثر فتنتهم { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [التوبة:47]
15- الانطراح بين يدي الله عز وجل والإلحاح عليه بالدعاء
« تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن » [رواه مسلم 2867]
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : « اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي ، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون » [ رواه الترمذي 3233 وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (408) ]
16- الاقتصاد في المعيشة والبعد عن حياة الترف ولو لفترات زمنية محدودة ، فهو أمر يساعد في مواجهة الأزمات { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } [الأعراف:31]
17- مدارسةُ الآيات وتدبّرُ البينات والعظات فهي تعين على تثبيت القلوب حال الأزمات