الشيخ محمود سيبويه البدوي عالم أزهري متقن لأصول القراءات القرآنية، درس بالأزهر وكان دائما أول دفعته متفوقا على أقرانه، جمع في دراسته بين علوم القرآن والقراءات في معهد القراءات وعلوم الفقه والسياسة الشرعية في كلية الشريعة والقانون حتى نال درجة العالمية(الدكتوراه)، قام بالتفرغ لكل ما يتصل بعلوم القراءات، ونال إجازات علمية من أشهر شيوخ القراءات وأعلاهم سندا, درّس بالمعاهد الأزهرية قبل أن يعار للتدريس في بغداد ثم إلى كلية القرآن الكريم بالمدينة، ترك طلابًا كثيرين في مصر وبغداد والمدينة صارمنهم أساتذة وشيوخا وعمداء كليات في علوم القرآن والقراءات.
كان حسن الصوت دقيق المخارج، من الله عليه بالعلم الغزير والأدب الجم الرفيع, كان مخلصًا في عمله متفانيًا في خدمة كتاب الله الكريم.
اسمه ونشأته
اسمه: محمود بن سيبويه بن أحمد بن علي بن أيوب بن فودة الخبيرالبدوي.
وُلد في قرية إِبْنَهْس مركز قويسنا محافظة المنوفية بمصر في يوم الجمعة 5 رمضان 1349هـ الموافق 23 يناير 1931م.
نشأ الشيخ في قريته وقام والده بإرساله إلى الشيخ محمد بن إبراهيم ماضي رحمه الله تعالى، وكان صاحب كتاب لتحفيظ القرآن الكريم وهو الأشهر في هذه القرية وقد أتم الشيخ محمود سيبويه على يديه حفظ القرآن الكريم وهو في التاسعة من عمره.
وكان نبيهًا مجتهدًا منذ صغره، حصل على المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم على مستوى مركز قويسنا.
وفي عام (1364 هـ، 1945م) قام والده الشيخ سيبويه بإرساله إلى الشيخ العلامة المدقق مصطفى بن محمود العنوسي رحمه الله تعالى بقرية شبرا بخوم ـ مركز قويسنا ـ محافظة المنوفية (وهي من القرى الكبيرة الشهيرة بالعلم والإقراء).
وقد قرأ القرآن الكريم من أوله إلى آخره بالقراءات السبع من طريق الشاطبية، ثم قرأ القرآن الكريم بالقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة وأجازه الشيخ مصطفى العنوسي بسنده.
إلى الأزهر
ثم ذهب الشيخ إلى القاهرة فالتحق بالجامع الأزهر في القاهرة، وحصل على إجازة التجويد في رواية حفص، من شعبة التجويد، بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام 1369هـ، وعلى عالية القراءات عام 1372هـ، ثم على التخصص في القراءات عام 1376هـ.
وفي عام 1378هـ؛ عُين مدرسًا بالمعاهد الأزهرية؛ فعمل بالمعهد الأزهري بالفيوم، ثم في شبين الكوم، ثم بمعهد قويسنا الأزهري، وكان قد رُقِّيَ إلى مدرس أول للعلوم العربية والشرعية بالمعاهد الأزهرية.
وفي عام 1388هـ حصل على الإجازة العالية في الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة الأزهر.
وفي عام 1394هـ (1974م) حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وعنوان رسالته " الأمر عند الأصوليين ".
وفي عام 1405هـ (1985م) حصل على درجة الدكتوراه في السياسة الشرعية، في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وكان عنوان الرسالة " الجزية في الشريعة الإسلامية ".
إلى بغداد
في عام 1969م أُعِير من الأزهر للتدريس بالمعهد الإسلامي في بغداد التابع لرئاسة ديوان الأوقاف بالعراق، وبوظيفة محاضر بكلية الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في بغداد وكان برفقته الشيخ عبد الرافع رضوان وظل ببغداد من عام 1969 إلى عام 1974م.
وتصدر الشيخ رحمه الله تعالى لحلقات الإقراء في مساجد بغداد وتلقى عليه الكثيرون التجويد وقراءات القرآن الكريم، وفي هذه الفترة قام الشيخ بكتابة محاضراته في مذكرات نزولًا على رغبة الطلاب و أسماها ( الوجيز في علم التجويد ).
إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
و حينما أُنشئَت كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عام 1395هـ، اختير الشيخ أمينًا لقسم القراءات بها، إضافة إلى ذلك قام بالتدريس بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية (كلية الدعوة حاليًا)، فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1401هـ.
وفي 25 محرم 1406هـ عُين رئيسًا لقسم القراءات بالكلية بعد وفاة الشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله، واختير عضوًا في اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المنورة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وبرواية ورش عن نافع من طريق الشاطبية، والاستماع لمصاحف المدينة المنورة المرتلة والمسجلة بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، كما شارك في مَحاضر إعداد اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة المنورة برواية قالون عن نافع المدني، وبرواية الدوري عن أبي عمرو البصري، كما اختير عضوًا للهيئة الاستشارية، وعضوًا للهيئة العليا بالمجمع المذكور .
وأشرف على مشروع كلية القرآن الكريم بالتسجيل الصوتي بالقراءات السبع من الشاطبية، والذي يُذاع يوميًا بإذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، تحت عنوان (دروس من القرآن الكريم) كما قام بمراجعة مصاحف عِدَّة، مطبوعة في جهات متعددة من العالم الإسلامي، وبروايات مختلفة، وقام بإصدار تقارير شاملة عنها من ناحية الرسم والضبط والفواصل وما إلى ذلك . كما شارك في مراجعة بعض الكتب والأبحاث المتعلقة بكتاب الله الكريم.
ناقش - رحمه الله - العشرات من الرسائل العلمية لدرجتي الماجستير والدكتوراه؛ المتعلقة بالقراءات وعلومها، وأشرف على عِدَّة رسائل، في عِدَّة جامعات بالسعودية.
من شيوخه:
1- الشيخ محمد إبراهيم ماضي ـ رحمه الله تعالى ـ حفظ عليه القرآن الكريم وجوَّده برواية حفص عن عاصم.
2- الشيخ مصطفى محمود العنوسي رحمه الله تعالى. وهو الذي تلقى عليه القراءات العشر من طريقي الشاطبية و الدرة و أجازه بها بسنده.
3- الشيخ عامر السيد عثمان ـ رحمه الله تعالى ـ شيخ عموم المقارئ المصرية و المستشار بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف عضو اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية.
4- الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات ـ رحمه الله تعالى ـ المدرس بمعهد القراءات بالأزهر الشريف سابقًا و المستشار بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف و هو يعد أعلى القراء المصريين إسنادًا.
5- الشيخ عبد الفتاح عبد الغني القاضي ـ رحمه الله تعالى ـ شيخ معهد القراءات و رئيس لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف بمصر ورئيس قسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
6- الشيخ إبراهيم علي شحاته السمنودي ـ رحمه الله تعالى ـ المدرس بمعهد القراءات بالأزهر الشريف سابقًا.
وغيرهم.
من تلاميذه:
قرأ على الشيخ أعداد كثيرة من الطلبة في مصر وبغداد والمدينة و نذكر هنا بعضا من البارزين منهم :
- الشيخ الدكتور سامي عبد الفتاح هلال عميد كلية القرآن الكريم ـ جامعة الأزهر فرع طنطا.
- الشيخ الدكتور أحمد علي السديس عميد كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور محمد سيدي محمد بن محمد الأمين رئيس قسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور أحمد خالد يوسف شكري أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية.
- الشيخ الدكتور حازم سعيد حيدر مدير مركز البحوث الرقمية لخدمة القرآن الكريم بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور السالم محمد محمود الجكني الشنقيطي أستاذ القراءات بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور حسين محمد العواجي أستاذ القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور محمد رزق الطرهوني أستاذ القراءات بجامعة طيبة بالمدينة المنورة، والكاتب والباحث الإسلامي.
- الشيخ الدكتور يوسف محمد شفيع أستاذ القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور عادل إبراهيم الرفاعي أستاذ القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
- الشيخ الدكتور عبد العزيز علي الحربي أستاذ القراءات بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
- الشيخ الدكتور أحمد بن أحمد معمر شرشال أحد العلماء المتخصصين في الرسم القرآني و ضبطه وعلوم القرآن .
- الشيخ الدكتور عبد القيوم عبد الغفور السندي أستاذ القراءات بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
وغيرهم الكثير.
مؤلفاته:
- الوجيز في علم التجويد وكان مقررا على طلاب كلية الإمام أبي حنيفة ببغداد.
- بحث حول بعض القراءات القرآنية ولا سيما القراءات التي كانت مثار جدل ونقاش بين النحاة (بحث علمي نشر في العدد الأول في مجلة كلية القرآن الكريم سنة 1403هـ).
- المصاحف العثمانية من حيث الرسم والضبط (نشر أيضاً في المجلة نفسها).
- الأمر عند الأصوليين رسالته للماجستير.
- الجزية في الشريعة الإسلامية رسالته للدكتوراه
- مذكرة في علوم القرآن كانت مقررة على طلبة كلية القرآن عام 1396هـ.
وفاته:
بعد حياة مباركة حافلة بخدمة كتاب الله العزيز تُوفي الشيخ محمود سيبويه البدوي بالمدينة المنورة، في مساء يوم الأحد 28 شعبان عام 1415هـ، الموافق 29 يناير عام 1995م، وصُلي عليه في المسجد النبوي الشريف، عقب صلاة الفجر من يوم الاثنين، ودُفن بالبقيع، رحم الله الشيخ رحمة الأبرار، و جمعه في دار كرامته مع الصالحين الأخيار، و جعل القرآن الكريم أنيسًا له في قبره و شفيعًا له يوم حشره اللهم آمين.