المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفــــــــــــــــــــــانوا وتقـــــــــــــــاعسنا


مالى وللدنيا
05-03-2010, 05:25 AM
عِبَـرٌ من تفاني الصليبيين في الدعوة لباطلهم/تفانوا وتقاعسنا



د سعود بن حمد الخثلان/أستاذ التاريخ الإسلامي المشارك بجامعة الملك عبدالعزيز
http://www.awda-dawa.com/photos/image/from-12-5-www.55a.net.jpg
* إن الحديث عن جهود المسيحيين لنشر المسيحية بين المسلمين حديث يطول ويتشعب. لهذا ومن أجل الفائدة سيتركز الكلام على الجانب الذي نرى فيه دليلا ناصعا على جدهم وبذلهم الغالي والنفيس من أجل معتقدهم الباطل, وبالتالي يظهر لنا جليا مدى تقصيرنا في الدعوة إلى الإسلام الدين الحق.
وقبل الولوج في المقصود نشير إلى نقطتين هامتين: الأولى أن التخطيط لتنصير المسلمين والعزم والتصميم والجدية في القيام به وكذلك التضحية في سبيله كل ذلك وجد قديما وليس كما يظن البعض أنه لم ينشأ إلا مع الكشوفات الجغرافية الأوربية وما تلى ذلك من الحركات الاستعمارية.
النقطة الثانية أن هذا المستوى من التوجه للتنصير لم يقتصر على رجال الكنيسة والإرساليات التنصيرية, بل اشتركت فيه فئات أخرى في تظافر لجهود الجميع لخدمة معتقدهم وبلدانهم. وقد ضحى أولئك من أجل هذا الهدف فكان منهم من ضحى بوقته وجهده وصحته وأعطى الشيء الكثير في بيئات صعبة. ومنهم من ضحى بماله وفكره بل كان منهم من ضحى بحياته.
وسنبدأ بطبيعة الحال بالجذور, أو بمعنى آخر المراحل الأولى للتنصير بين المسلمين بهدف تكوين خلفية للموضوع, وللتدليل أيضا على ما أشرنا إليه آنفاً من قِدَمْ هذا التوجه لدى الكنيسة ورجالها.

* شهدت أوربا منذ النصف الأول للقرن الثاني عشر الميلادي (السادس هجري) توجها واضحا للعمل الجاد على تنصير المسلمين. بل تعالت الأصوات التي اعتبرت ذلك أنجع الوسائل للتصدي للإسلام. ففي ذلك الوقت ظهر الراهب بطرس الملقب بالمحترم أو المبارك ( Peter the venerable or Blessed peter) الذي اجتهد في المناداة بأن قوة الكلمة والحجة هي الوسيلة الفعالة لمكافحة الإسلام وليس قوة السلاح التي رأى أنها لم تعد تجدي نفعاً(1).
وقد كان من نتائج جهود هذا الراهب الكبيرة لتحقيق ما نادى به, ظهور أول ترجمة للقرآن الكريم في أوربا من العربية إلى اللاتينية سنة 1143م/538هـ, والتي كان الهدف منها كما يذكر احد المصادر الأوربية هو دحض القرآن(2). كما رافق هذه الترجمة ترجمة لعدد من الكتب الإسلامية. وكان ذلك كله بعد سعي وتخطيط وبذل للمال. وسيأتي تفصيل ذلك في المقال الذي سنفرده له. وأخذ هذا التوجه يتوسع ويقوى مع مرور الزمن, يقول يوهان فوك أحد المستشرقين في وقتنا الحاضر: إن فكرة التنصير التي أدت إلى ترجمة القرآن وإلى الاهتمام باللغة العربية وعلومها, شهدت توسعا من خلال تنقلات المنصرين من طائفتي الدومنيكان والفرنسيسكان التنصيريتين(3).
وقد رافق ذلك التوسع بروز كثير من رجال الدين المسيحي في هذا المجال, سواء من أتباع هاتين الطائفتين أو من غيرهما, وذلك لما قدمه البعض منهم من جهود فكرية, وما قام به البعض الآخر من أعمال حيوية في مسيرة التنصير. فكان لذلك كله الأثر الأكيد في خدمة هذا التوجه المسيحي. وللاختصار نكتفي بإلقاء الضوء على نماذج منهم.

* كان من هؤلاء البارزين الراهب توماس الأكويني(القرن13م/7هـ) الذي يقول عنه يوهان فوك: وحين عزم الدومنيكان على تأليف كتاب يوضع تحت تصرف أعضاء الطائفة ليكون عونا لهم في مهمتهم التنصيرية, لم توكل هذه المهمة لمجرد منصر كان يعرف طبيعة العلاقات في حقل العمل الديني من خلال رؤيته الخاصة وإلمامه باللغة, بل لأحد أكبر فلاسفة الكنيسة الكاثولوكية وهو توماس الأكويني(4). وكان هذا الراهب ذو العقلية المتحجرة قد تهجم على الإسلام, فوصفه بأنه دين زائف وهرطقة, وأن أتباعه من الهمج المتوحشين, حسب ما ذكره المستشرق المعروف مونتجمري واط (5).

* ومنهم رايموند أوف بينافورت(القرن13م/7هـ). يقول عنه أدسون أحد المنصرين في الوقت الحاضر: إن الراهب المنصر رايموند بينافورت هو الذي دفع توماس الإكويني-الآنف الذكر- لتأليف كتاب مهم في الدفاع عن المسيحية. وقد فعل رايموند ذلك والمسلمون في أسبانيا في مخيلته, أي أنه قصد دعم المسيحية وحركة التنصير, فهو الذي أسس مدرسة في مدينة مرسيه شرقي أسبانيا وأخرى في تونس لتعليم الرهبان اللغة العربية ليتمكنوا من تنصير المسلمين. فقد كان مكلفا من الكنيسة بالتنصير في الوسط الإسلامي(6).

* ومن هؤلاءالرهبان رايموند مارتيني(القرن13/7م) الذي ألف كتاباً للدفاع عن المسيحية ضد اليهود والمسلمين, وأجهد نفسه في العمل التنصيري في أسبانيا وشمال افريقيا. وكان ضليعا في اللغة العربية واستغل ذلك في تهجمه على القرآن, إذ نظم كلاماً سقيم المعاني معارضا به القرآن الكريم كما زعم. والقارئ لما كتبه هذا الراهب يتذكر لأول وهلة مسيلمة الكذاب(7).

* وفي نفس القرن كان روجر بيكون المفكر الإنجليزي من المتحمسين جدا لما نادى به الراهب بطرس(المحترم) بخصوص التنصير, وبالتالي كان بيكون شديد التأكيد على أهمية تعلم لغات المسلمين لغرض تنصيرهم وتوسيع رقعة العالم المسيحي. لذا نراه يُضَمِّن رسالته التي بعث بها إلى البابا في زمنه(1266م/665هـ) توصيات أولها: وجوب إدخال اللغات الأجنبية وخاصة العربية في مناهج الدراسات الجامعية وذلك كوسيلة للتنصير والعمل ضد الإسلام(8).

* وفي نفس القرن أيضاً أصدر هوما بيرتوس كتاباً له بعنوان "نبذة عن التنصير الصليبي في الوسط الإسلامي" أيد فيه أولئك الذين يرون عدم جدوى الحرب للتنصير. وقد كان هوما بيرتوس جنرالاً من طائفة الدومنيكان التنصيرية وأحد الخبراء المسؤولين عن التنصير(9).

* ومن الذين برزوا في هذا المجال الراهب المعروف رايموند لول (القرنين 13-14م/7-8هـ), والذي تميز بتحمس للتنصير منقط النظير. وسنفرد له مقالاً خاصا به.

* وفي القرن الرابع عشر الميلادي(الثامن الهجري) وَجَدَتْ مناداة ودعوات هؤلاء الرهبان, رايموند لول ومعاصروه ومن سبقوهم صدى لدى البابوية. ففي سنة 1312م/712هـ دُعِمت حركة التنصير من المجمع الكنائسي العام. إذ في السنة المذكورة عقد هذا المجمع اجتماعا له في مدينة فينا برئاسة البابا كلمنت الخامس وأصدر ضمن قراراته قرارا صُوت له بكثرة وحضره رايموند لول نفسه, نص على إنشاء كراسي لتدريس ثلاث من اللغات الشرقية كان أهمها اللغة العربية, في خمس من كبريات جامعات أوربا في ذلك الوقت وهي: باريس وأكسفورد وبولونيا وسلمنكا وجامعة الإدارة المركزية البابوية. وأن يكون على هذه الكراسي أساتذة كاثوليك(10).

* وفي منتصف القرن الخامس عشر الميلادي(منتصف القرن التاسع الهجري) جرب بعض المنصرين القيام بعملية تنصير جماعي في وسط إسلامي ( Wholesale conversion ) فقد رأوا أن محاولة التنصير حتى ولو استمرت عشر سنوات فلن تكون أفدح ثمناً من شن حروب صليبية جديدة, حسب ما أورده الكاتب ر.و. سذرن في كتابه"وجهات النظر الغربية حول الإسلام في العصور الوسطى" (11).


وفي مقالات لاحقة, وبإذن الله تعالى سنتابع الحديث عن نماذج من هؤلاء المنصرين وجهودهم الجبارة في سبيل نشر معتقدهم.

المراجع:
1- يوهان فوك, تاريخ حركة الاستشراق, تعريب عمر لطفي العالم, دار قتيبة, دمشق, 1996م, ص14.
2- The New Ency Britannica, vol.9, p.333.
3- يوهان فوك ص 23.
4- يوهان فوك ص 23.
5- Montogmery Watt, the influence of islam on medieval Europe.p.74, نقلا عن الدكتور أحمد غراب, رؤية إسلامية للاستشراق, المنتدى الإسلامي, لندن, ص 30.
6- J.T. Addison, A christian Approach to the moslem,p.67, نقلا عن الدكتور قاسم السامرائي, الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية, دار الرفاعي, الرياض, ص ص 89 , 97 , يوهان فوك, ص 25.
7- Addison, p.67 نقلا عن السامرائي, ص89, وانظر يوهان فوك,ص25.
8- R.w.southern, western Views of Islam in the Middle Ages, pp.56-7 نقلا عن السامرائي, ص97, وانظر يوهان فوك, ص 22.
9- يوهان فوك, ص28.
10- يوهان فوك,ص31, السامرائي,ص16, د ساسي سالم الحاج, الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية, مركز دراسات العالم الإسلامي, 1991م,ص45.
11- نقلا عن د.أحمد غراب, رؤية إسلامية للاستشراق, ص30.

ياسر ابوزيد
05-03-2010, 05:49 AM
لا اله الا الله محمد رسول الله