المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما الذي يجمع العبد الصالح, الخضر, بقصة الإسراء و المعراج و بالعلم


عبيد الله التونسي
10-03-2010, 07:29 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أولا, ما أقوله هنا خواطر عبد فقير إلى رحمة ربّه, لا يدّعي علما. لست بعالم و لا أدّعي ذلك و أعوذ بالله أن أقول ما ليس لي بحقّ. إن كان صوابا فمن الله و إن كان خطأ فمن جهلي و تقصيري.

ما الذي يجمع العبد الصالح, الخضر, بقصة الإسراء و المعراج و بالعلم
(قال إنك لن تستطيع معي صبرا* وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا* قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) الكهف/ 67-69
المعلوم أنّ عدم الصبر أمر لا يستسيغه الدين. فخير العباد, الصبور الشكور.
و من أجمل النصائح في الدين, النصيحة بالصبر. و على ذكر الجمال, فعلى حسب علمي, أنّ الله, جلّ و على, لم يصف شيئا في القرآن بالجمال, إلا الصبر,"فاصبر صبرا جميلا"المعارج/ 5.
و عليه فإنّنا كنّا ننتظر من العبد الصالح أن يقول لموسى عليه و على نبّينا السلام, "تعال معي و لكن عليك بالصبر". و لكنّه قال " إنك لن تستطيع معي صبرا". و لم ينصحه بالبقاء معه و الصبر. أو على الأقل الذهاب في حال سبيله و الصبر.
في هذا المقام هنالك عدم إستطاعة تامة و يقينية, تفوق طاقة البشر, لا يجوز معها النصح بالصبر. لا يجوز النصح بالصبر في أمر غير مقدور عليه.
ما هوّ هذا الأمر الذي لا يستطيع سيدنا رسول الله, موسى, عليه و على نبّينا السلام أن يصبر عليه, وهو ما هوّ عليه من رسوخ في العقيدة و قوّة في البدن.
علما و أنّا رسول الله إبراهيم, عليه و على نبيّنا السلام لم يستطع الصبر على الأمر نفسه.
و حوّاري عيسى, عليه و على نبّينا السلام, لم يستطيعوا الصبر عليه أيضا.
ما هوّ هذا الأمر الخطير و فوق طاقة البشر الذي ينتفي معه الصبر؟
هوّ عدم أخذ الخبر بالعلم اليقين.
الأمر يقين. لأنّ الله, جلّ و على, إستعمل كلم إخبار و لم يستعمل كلمة علم. "كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا" و ليس: لم تحط به علما. فالخبر يعود على أمر يقيني واقع.

سيّدنا إبراهيم عليه و على نبيّنا السلام, يعلم يقينا بأن الله قادر على إحياء الموتى و لكنّ الصبر على الخبركان فوق طاقته (تذكروا.. "كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا". تعجب شديد من العبد الصالح, كيف يصبر مخلوق على أمر لم يحط به خبرا؟ أمعقول, أممكن هذا؟).
"واذ قال ابراهيم رب أرني كيف تحي الموتى" و قد عذره الله, جلّ و على و لم يلمه بل لبّى رغبته. و قد لام الله نبيّه يونس عليه و على نبّينا السلام على أمر يظهر للعيان أنّه أخطر من طلب سيّدنا إبراهيم, و هو الصبر في الدعوة على آلاف البشر. لام الله سيدنا يونس على عدم الصبر في ذلك الموقف و لم يلم سيّدنا إبراهيم على عدم الصبر عن الإخبار.
الحواريون لمّا طلبوا المائدة من السماء "اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا". المائدة . 114 لم يصبروا على الإخبار مع اليقين به.
و هنا.. علينا الأخذ بملاحظة هامّة: وهي أن عدم القدرة على الصبر هذه لا تنطبق على قصّة اليهود في الطور مع سيّدنا موسى عندما طلبوا مشاهدة الله جهارا. لعنة الله عليهم.
القصّة لا تنطبق لغياب عنصري الإيمان و اليقين بالخبر لديهم. فقد طلب موسى نفس الأمر من الله فلم يردعه الله و لكنّه أمره أن ينظر إلى الجبل. "قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين " الأعراف 143 (كلمة "مكانه" هذه, موضوع آخر, له ما له في الفيزياء, عسى الله أن يوّفقني فأكتب فيه).
و لم يلّبي الله طلب موسى لأن طلبه, هنا, أكبر, من الصبر على عدم الأخبار, و كلا الأمرين, أي رؤية الله و الصبر على عدم الإخبار فوق طاقة البشر. و لكنّ أحدهما, وهو رأية الله جهارا, أكبر من الآخر, فآجابه الله بآية الجبل كي يعينه على الأمر الأصغر وهو عدم الإخبار.
أمّا اليهود, لعنهم الله, فقد طلبوا رؤية الله جهارا, إمعانا في العناد, و تعجيزا لموسى, و ما كان الإخبار كما حصل مع موسى سيردعهم عن الكفر و العناد, فقد أتتهم من الله آيات لم تأتي لغيرهم, مثل الآيات مع فرعون و شقّ البحر, و المنّ سلوى, و التابوت... فما زادهم ذلك إلاّ طغيانا وكفرا. عسى الله أن يرينا فيهم يوما ننزع الكفر من رؤوسهم بقطعها.
ما علاقة هذا الموضوع بالإسراء و المعراج؟
قلت لصديقي و أخي في الله, أحمد: هل تعلم ما هوّ أعظم إبتلاء مرّ به بشر؟
سرد لي أحمد مجموعة ممّا مرّ به الأنبياء و الرسل, كقصّة سيّدنا يوسف مع الحوت, و سيّدنا سليمان مع السجن, و سيّدنا إبراهيم مع نار نمرود و غيرها.
هيّ إبتلاءات عظيمة و لكنّ أعظمها: الإسراء و المعراج.
كيف يقدر بشر على مشاهدة جهنّم عيانا؟
كيف يقدر بشر على مشاهدة الجنّة عيانا؟
كيف يقدر بشر على مشاهدة ألام عشرات المليارات من البشر كل واحد منهم تفوق آلامه فوق ما يستطيع البشر تحمّل رؤيته؟ خصوصا و أنّ أمّة الرائي (أي رسول الله صلّ الله عليه و سلم و أمّته) هيّ في الدنيا شاهدة على هؤولاء و المكلّفة بحمل الرسالة إليهم. و أنّ الرائي طبعت فيه الرحمة "و ما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين "الأنبياء 107.
كيف يقدر بشر أن يرى نعيما كالجنّة "فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" (كما قال رسول الله, صلّى الله عليه و سلّم) أنظروا معي إلى هذا الوصف. يقول لك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنّ العقل لا يستطيع تصّور ما فيها. عدم قدرة عقل البشر على ذلك. رسول الله بشر. فآنظر ما مرّ عليه. شاهد أمرا "ينفجر" أمامه العقل. و قد أعانه الله كي يتجاوز ذلك, و لولا فضل و عون من الله لما إستطاع رسول الله, صلّى الله عليه و سلّم, السلامة من عظم ما شاهد.
كيف يقدر بشر على الإطلاع على مثل هذا الخبر؟

الأرقم
11-03-2010, 08:55 AM
جزاك الله خيرا ولعلها سبق قلم منكم
كقصّة سيّدنا يوسف مع الحوت, و سيّدنا سليمان مع السجن

والصواب قصة سيدنا يونس مع الحوت وقصة سيدنا يوسف مع السجن.

عبيد الله التونسي
11-03-2010, 10:12 AM
جزاك الله خيرا أخي الأرقم و بارك الله فيك على تصحيح الخطأ, هيّ كما قلت سهو و سبق قلم, لا أجد كيف أصحّحها في المقال (لا أجد إيقونة التحرير). إعلم أنّي أحببتك في الله, فقد بيّنت لي خطأ من أخطائي.

مصطفى الديب
11-03-2010, 12:40 PM
•.♥.• جزاكم الله خيرا وبارك الله فيك •.♥.•

عبيد الله التونسي
27-03-2010, 02:50 AM
بارك الله فيك أخي مصطفى الديب على المرور الطيب.