المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيدالأم وبرالوالدين


الشيخ محمد الزعبي
19-03-2010, 02:42 PM
‏الجمعة‏، 04‏ ربيع الثاني‏، 1431/‏19‏/03‏/2010
عيدالأم وبرالوالدين
{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا} 36 سورة النساء. {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} (23) سورة الإسراء
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (8) سورة العنكبوت {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (15) سورة الأحقاف وقال تعالى حكاية عن نبيه يحيى عليه السلام:{وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا} (14) سورة مريم وقال تعالى حكاية عن نبيه عسى عليه السلام: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} (32) سورة مريم وقال عن سيدنا ابراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (41) سورة إبراهيم
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}لقمان:33. {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} (28) سورة نوح .
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ إِنَّ لِى مَالاً وَوَلَدًا وَإِنَّ وَالِدِى يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِى.فَقَالَ :« أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ إِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ ».
السنن الكبرى أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي
عن جابر بن عبد الله أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا . وإن أبي يريد أن يجتاح مالي . فقال : ( أنت ومالك لأبيك ) قال:في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري
قال الشيخ الألباني : صحيح قال أبو حاتم : معناه أنه صلى الله عليه و سلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين وأمر ببره والرفق به في القول والفعل معا إلى أن يصل إليه ماله فقال له : ( أنت ومالك لأبيك ) لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته من غير طيب نفس من الابن به
(رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة).أخرجه مسلم عن أبي هريرة.
وكنـز العمال:ج0/ص0 ح45478
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " طاعة الله طاعة الوالد ومعصية الله معصية الوالد " رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن كيسان وهو لين عن إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أبو حاتم وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح .
"العبد المطيع لوالديه ولربه في أعلى عليين. " فر - عن أنس".
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال فيهما فجاهد . رواه أحمد والأئمة الستة , قال الشيخ الألباني : صحيح ) انظر حديث رقم : 4275 في صحيح الجامع.
(من حج عن أبيه أو أمه فقد قضى عنه حجته، وكان له فضل عشر حجج الدارقطنى- عن جابر".
(من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل يوم الجمعة فقرأ عنده يس غفر له.) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال عن أبي بكر".
" الوالد أوسط أبواب الجنة. رواه الترمذي والحاكم وصححه وأقره الذهبي ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي الدرداء".
فإذا تعامل معه وأراد أن يأخذ الوالدُ من مال ولده فلُهُ الحقُ في ذلك لكن بشروط:
1- ألا يأخذ من مال الأكبر ويعطي الأصغر أو العكس؛ لأنه يكون قد ملك أحد الإخوة من مال أخيه بدون حق.
2- ألا يكون مال الولد تعلق به حق الآخرين؛ بأن دخل مع أناس في شراكة برأس المال، فلا يذهب للشريك ويقول له: آخذ من حق ولدي؟ لا؛ لأنه مرتبط بمال الغير.
3- ألا يكون الولد في حاجة لهذا المال في نفسه ولمن تلزمه مئونته.
4- أن يكون الوالد محتاجاً له، وحاجة الوالد هذه يفرع عليها المالكية: في الضروريات والكماليات، سواء في الأكل والشرب واللبس، أو في الزواج إذا كان محتاجاً للزواج، وهل الزواج ضرورة أو حاجة أو ترفيه؟ على حسب حالة الأب، وهذه تفصيلات في حديث: ( أنت ومالك لأبيك ).
عن أسماء بنت أبى بكر قالت : أتتني أمي راغبةً في عهدِ النبيِّ صلى اللهُ عليه و سلمَ فسألت النبيَّ صلى الله عليه و سلم أفأصلها قال نعم قال بن عيينة فأنزل الله عز و جل فيها { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)
قال الشيخ الألباني : صحيح
أخبرنا الحسن بن سفيان قال : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال : حدثنا خالد بن الحارث عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه : عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( رضاء الله في رضاء الوالد وسخط الله في سخط الوالد )
عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال ( أبوك )
قال : فيرون أن للأم ثلثي البر
قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين غير إبراهيم بن بشار الرمادي
أمور ترقق قلبك على والديك:
1. ذكريات الطفولة التي نحبها كلنا، وهذه طريقة القرآن في ترقيق قلبك على والديك،
2. تذكر عاطفتهم لك.
3. • اصبر على ما لا يعجبك منهما,4• استشرهم في شئونك.
5• اسأل عن أخبارهم.6• تقدم المساعدات لهما،
7 .أدخل البسمة على وجوههما.8 . • اسأل على أصحابهما.
9 • ادعوا لهما أحياء كانوا أو أمواتاً.
عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي - رضي الله عنه - قال : بينا نحن جلوسٌ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إذ جاءه رجُل من بني سَلِمة ، فقال : يا رسول الله :«هل بَقِيَ من برِّ أبَوَيَّ شَيءٌ أبَرَّهُما بعد موتهما ؟» فقال : «نعم ، الصلاةُ عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنْفَاذُ عهدهما من بعدهما ، وصِلَة الرَّحِمِ التي لا تُوصَلُ إلا بهما ، وإكرامُ صديقهما». أخرجه أبو داود. [شَرْحُ الْغَرِيبِ]
إنفاذ عهدهما : إمضاء وصيتهما ، وما عهدا به قبل موتهما .
أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد .
لا أظن أنه تخفا علينا النصوص الواردة من الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وحرمة عقوقهما وأن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب. ولكن ينقصنا العمل بما نعلم، ونغفل أحياناً كثيرة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما.
وكم نجد ونسمع من يلتمس رضا زوجه ويقدمه على رضا والديه. فربما لو غضبت الزوجة لأصبح طوال يومين حزيناً كئيباً لا يفرح بابتسامة، ولا يسّر بخبر، حتى ترضى زوجه الميمون، وربما لو غضب عليه والداه، ولا كأن شيئاً قد حصل
وبر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببرهما تتنزل الرحمات وتكشف الكربات. وما قصة الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار فلم يستطيعوا الخروج منه، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها فقال أحدهم: ((اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار، كنت أرعى عليهم، فإذا رجعت إليهم، فحلبت، بدأت بوالدي اسقيهما قبل ولدي، وإنه قد نأى بي الشجر (أي بعد علي المرعى) فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغَون عند قدمي (أي يبكون)، فلم يزل ذلك دَأْبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ففرّج الله لهم حتى يرون السماء)).
وهل أتاك نبأ أويس بن عامر القرني؟ ذاك رجل أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بظهوره، وكشف عن سناء منزلته عند الله ورسوله، وأمر البررة الأخيار من آله وصحابته بالتماس دعوته وابتغاء القربى إلى الله بها، وما كانت آيته إلا بره بأمه، وذلك الحديث الذي أخرجه مسلم: كان عمر رضي الله تعالى عنه إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم، أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس بن عامر فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد؟ قال: نعم، قال: كان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول الله يقول: ((يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)). فاستغفر لي، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي.
وعن أصبغ بن زيد، قال: إنما منع أويساً أن يَقدم على النبي صلى الله عليه وسلم برّه بأمه.
ولما علم سلفنا الصالح بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام.
فهذا محمد بن سيرين إذا كلم أمَّهُ كأنَّهُ يَتضرعُ. وقال ابن عوف: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمِهِ، فقال: ما شأنُ محمد أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.
وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
هذه بعض نماذج بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم وأمهاتهم، وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له، أو أبكى والديه وأغضبهما (وهذا من أشد العقوق) من أجل سفر هنا أو هناك أو متعة هنا أو هناك.
ولله در القائل:
أغرى أمرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً بنقودِهِ كي ما يحيقَ بـه الضـرر
قال ائتني بفـؤاد أمك يا فتـى ولك الجواهـر والدراهـمُ والدرر
فأتى فأغرز خنجراً في قلبهـا والقلبَ أخرجَـهُ وعادَ على الأثر
ولكنه من فـرط سرعته هوى فتدحرج القـلب المعفـر بالأثـر
نـاداه قلب الأم وهـو معفـر ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
ورحم الله القائل:
( لأمك حق لو علمت كثير ...كثيرك يا هذا لديه يسير )
( فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي ...لها من جواها أنة و زفير )
(و في الوضع لو تدري عليها مشقة ..فمن غصص منها الفؤاد يطير )
( و كم غسلت عنك الأذى بيمينها ..و ما حجرها إلا لديك سرير )
( و تفديك بما تشتكيه بنفسها ... و من ثديها شرب لديك نمير )
( و كم مرة جاعت و أعطتك قوتها . حنانا و إشفاقا و أنت صغير )
( فآها لذي عقل و يتبع الهوى ... و آها لأعمى القلب و هو بصير )
( فدونك فارغب في عميم دعائها ...فأنت لما تدعو إليه فقير )


وإليك أخي الحبيب هذه القصة التي أبكت سيدنا
عمرَ بنَ الخطاب رضي الله تعالى عنه' وأبكت كل من كان حوله
أمية الكناني كان رجلاً من سادات قومه وكان له ابناً يسمى كلاباً
هاجر كلاب إلى المدينة في خلافة عمر رضي الله عنه, فأقام بها مدةً ثُمَّ لقيَ ذاتَ يومٍ بعضَ الصحابة فسألهم أي الأعمال أفضل في الإسلا فقالوا: 'الجهاد'،
فذهب كلاب إلى عمر يريد الغزو, فأرسله عمر رضي الله عنه إلى جيش مع بلاد الفرس فلما علم أبوه بذلك تعلق به وقال له: 'لا تدع أباك وأمك الشيخين الضعيفين, ربياك صغيراً، حتى إذا احتاجا إليك تركتهما؟'فقال: 'أترككما لما هو خير لي
ثم خرج غازياً بعد أن أرضى أباه، فأبطأ في الغزو وتأخر.وكان أبوه وأمه يجلسان يوماً ما في ظل نخل لهم وإذا حمامة تدعوا فرخها الصغير وتلهو معه وتروح وتجئ، فرآها الشيخ فبكى فرأته العجوز يبكي فبكت ثم أصاب الشيخ ضعف في بصره، فلما تأخر ولده كثيراً ذهب إلى عمر رضي الله عنه ودخل عليه المسجد وقال: 'والله يا ابن الخطاب لئن لم ترد علي ولدي لأدعون عليك في عرفات'،فكتب عمر رضي الله عنه برد ولده إليه، فلما قدم ودخل عليه قال له عمر: 'ما بلغ برك بأبيك؟'قال كلاب: 'كنت أُفضله وأكفيه أمره, وكنت إن أردت أن أحلب له لبناً أجيء إلى أغزر ناقة في أبله فأريحها وأتركها حتى تستقر ثم أغسل أخلافها -أي ضروعها- حتى تبرد ثم أحلب له فأسقيه'فبعث عمر إلى أبيه فجاء الرجل فدخل على عمر رضي الله عنه وهو يتهاوى وقد ضعف بصره وانحنى ظهره وقال له 'عمر' رضي الله عنه: 'كيف أنت يا أبا كلاب؟' قال: 'كما ترى
قال: 'ما أحب اليوم شيئاً، ما أفرح بخير ولا يسوءني شر'فقال عمر: 'فلا شيء آخر'
قال: 'بلى, أحب أن كلاباً ولدي عندي فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت'
فبكى رضي الله عنه وقال: 'ستبلغ ما تحب إن شاء الله'.ثم أمر كلاباً أن يخرج ويحلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه فقام ففعل ذلك ثم جاء وناول الإناء إلى عمر فأخذه رضي الله عنه وقال أشرب يا أبا كلاب فلما تناول الإناء ليشرب وقربه من فمه
قال: 'والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب'فبكى عمر رضي الله عنه
وقال: 'هذا كلاب عندك وقد جئناك به' فوثب إلى ابنه وهو يضمه ويعانقه وهو يبكي فجعل عمر رضي الله عنه والحاضرون يبكون ثم قال عمر: ' يا بني الزم أبويك فجاهد فيهما ما بقيا ثم اعتنى بشأن نفسك بعدهما .

اللهم إنا نسألك أن تعيننا جميعاً على بر والدينا، اللهم قد قصرنا في ذلك وأخطأنا في حقهما، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسرفنا وما أعلنا، واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا، يا ذا الجلال والإكرام.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (41) سورة إبراهيم

ياسر ابوزيد
20-03-2010, 11:17 AM
جزاكم الله خيرا أخى الحبيب شيخ محمد