المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عشرة أعمال لها أجر الحج والعمرة


نبيل القيسي
22-09-2016, 02:25 PM
سبحان من فضل هذه الأمة وفتح لها على يدي نبيها نبي الرحمة أبواب الفضائل الجمة، فما من عمل عظيم يقوم به قوم ويعجز عنه آخرون إلا وقد جعل الله عملا يقاومه أو يفضل عليه فتتساوى الأمة كلها في القدرة عليه.

ولما كان الحج من أفضل الأعمال، والنفوس تتوق إليه لما وضع الله في القلوب من الحنين إلى ذلك البيت المعظم، وكان كثير من الناس يعجز عنه، ولا سيما كل عام شرع الله أعمالا يبلغ أجرها أجر الحج فيتعرض بذلك العاجزون عن التطوع بالحج، ومن هذه اﻷعمال:
1- التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أحدثكم بمال لو أخذتم به لحقتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين". رواه البخاري.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر يحجون ولا نحج ويجاهدون ولا نجاهد وبكذا وبكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على شيء إن أخذتم به جئتم من أفضل ما يجيء به أحد منهم: أن تكبروا الله أربع وثلاثين وتسبحوه ثلاثا وثلاثين وتحمدوه ثلاثا وثلاثين في دبر كل صلاة".
رواه أحمد في مسند والنسائي في سننه.

رأى النبي صلى الله عليه وسلم تأسف أصحابه الفقراء وحزنهم على ما فاتهم من إنفاق إخوانهم الأغنياء أموالهم في سبيل الله تقرباً إليه وابتغاء لمرضاته فطيب قلوبهم ودلهم على عمل يسير يدركون به من سبقهم ولا يلحقهم معه أحد بعدهم ويكونون به خيرا ممن هم معه إلا من عمل مثل عملهم: وهو الذكر عقب الصلوات المفروضات.

2- العمرة في رمضان:
فات بعض النساء الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم سألته عما يجزئ من تلك الحجة قال: "اعتمري في رمضان فإن عمرة في رمضان تعدل حجة أو حجة معي".
وقالت عائشة: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: "جهادكن الحج والعمرة".

3- صلاة الفجر في جماعة، ثم ذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له مثل أجر حجة وعمرة تامة" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تامة تامة تامة". أخرجه الترمذي في جامعه.

4- شهود الجمعة يعدل حجة تطوع قال سعيد بن المسيب هو أحب إلى من حجة نافلة وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم المبكر إليها كالمهدي هدياً إلى بيت الله الحرام.
وفي حديث ضعيف "الجمعة حج المساكين".

5- الخروج إلى المسجد ﻷداء صلاة مكتوبة:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تطهر في بيته ثم خرج إلى المسجد لأداء صلاة مكتوبة فأجره مثل أجر الحاج المحرم ومن خرج لصلاة الضحى كان له مثل أجر المعتمر". رواه أبو داود في سننه.

6- بر الوالدين:
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وصى رجلاً ببر أمه وقال له "أنت حاج ومعتمر ومجاهد" ويعني: إذا برها.

7- الخروج إلى صلاة العيدين:
وقال بعض الصحابة الخروج إلى العيد يوم الفطر يعدل عمرة ويوم الأضحى يعدل حجة.

8- قضاء حوائج الناس:
قال الحسن: مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة بعد حجة.

9- صلاة العشاء في جماعة:
قال عقبة بن عبد الغافر: صلاة العشاء في جماعة تعدل حجة وصلاة الغد في جماعة تعدل عمرة.
وقال أبو هريرة لرجل: بكورك إلى المسجد أحب إلي من غزوتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره الإمام أحمد.

10- أداء الواجبات كلها أفضل من التنفل بالنفل بالحج والعمرة وغيرهما فإنه ما تقرب العباد إلى الله تعالى بأحب إليه من أداء ما افترض عليهم، وكثير من الناس يهون عليه التنقل بالحج والصدقة ولا يهون عليه أداء الواجبات من الديون ورد المظالم وكذلك يثقل على كثير من النفوس التنزه عن كسب الحرام والشبهات ويسهل عليها إنفاق ذلك في الحج والصدقة قال بعض السلف: ترك دانق مما يكرهه الله أحب إلي من خمسمائة حجة.

11- كف الجوارح عن المحرمات أفضل من التطوع بالحج وغيره وهو أشف على النفوس قال الفضيل بن عياض: ما حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حبس اللسان، ولو أصبحت يهمك لسانك أصبحت في هم شديد ليس الاعتبار بأعمال البر بالجوارح، وإنما الاعتبار بلين القلوب وتقواها وتطهيرها عن الآثام.

سفر الدنيا ينقطع بسير الأبدان، وسفر الآخرة ينقطع بسير القلوب.
قال رجل لبعض العارفين: قد قطعت إليك مسافة قال: ليس هذا الأمر بقطع المسافات فارق نفسك بخطوة وقد وصلت إلى مقصودك. سير القلوب أبلغ من سير الأبدان، كم من واصل ببدنه إلى البيت وقلبه منقطع عن رب البيت وكم من قاعد على فراشه في بيته وقلبه متصل بالمحل الأعلى.

جسمي معي غير أن الروح عندكم ...
فالجسم في غربة والروح في وطن

قال بعض العارفين: عجبا لمن يقطع المفاوز والقفار ليصل إلى البيت فيشاهد فيه آثار الأنبياء كيف لا يقطع هواه ليصل إلى قلبه فيرى فيه أثر: "ويسعني قلب عبدي المؤمن" أيها المؤمن: إن لله بين جنبيك بيتا لو طهرته لأشرق ذلك البيت بنور ربه وانشرح وانفسح أنشد الشبلي:
إن بيتا أنت ساكنه
غير محتاج إلى السرج

ومريضا أنت عائده
قد أتاه الله بالفرج

وجهك المأمول حجتنا
يوم يأتي الناس بالحجج

تطهيره تفريغه من كل ما يكرهه الله تعالى من أصنام النفس والهوى ومتى بقيت فيه من ذلك بقية فالله أغنى الأغنياء عن الشرك وهو لا يرضى بمزاحمة الأصنام قال سهل بن عبد الله: حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله.

أردناكم صرفا فلما مزجتم
بعدتم بمقدار التفاتكم عنا
وقلنا لكم لا تسكنوا القلب غيرنا
فأسكنتم الأغيار ما أنتم منا

قال ابن رجب:
إخواني إن حبستم العام عن الحج فارجعوا إلى جهاد النفوس فهو الجهاد الأكبر.
أو أحصرتم عن أداء النسك، فأريقوا على تخلفكم من الدموع ما تيسر،
فإن إراقة الدماء لازمة للمحصر.
ولا تحلقوا رؤوس أديانكم بالذنوب؛ فإن الذنوب حالقة الدين ليست حالقة الشعر!
وقوموا لله باستشعار الرجاء والخوف مقام القيام بأرجاء الخيف والمشعر.
ومن كان قد بعد عن حرم الله فلا يبعد نفسه بالذنوب عن رحمة الله فإن رحمة الله قريب ممن تاب إليه واستغفر.
ومن عجز عن حج البيت أو البيت منه بعد فليقصد رب البيت فإنه ممن دعاه ورجاه أقرب من حبل الوريد.

إليك قصدي رب البيت والحجر
فأنت سؤالي من حجي ومن عمري

وفيك سعيي وتطوافي ومزدلفي
والهدي جسمي الذي يغني عن الجزي

ومسجد الخيف خوفي من تباعدكم
ومشعري ومقامي دونكم خطري

زادي رجائي لكم والشوق راحلتي
والماء من عبراتي والهوى سفري
انظر في كل ما تقدم: ‏لطائف المعارف لابن رجب (ص: 239)

د. عبدالسميع الأنيس