المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زيادة الإيمان ونقصانه


المراقب العام
21-02-2017, 04:00 AM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :



الأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه عند أهل السنة والجماعة







بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين :

يتميز أهل السنة والجماعة دون غيرهم من الطوائف انهم أمة وسط وهذه الوسطية تتجلى في أمور الإيمان والعقيدة والسلوك وغير ذلك
وكما أن هذه الأمة عموما جعلها الله تبارك وتعالى أمة وسطآ فأهل السنة والجماعة هم وسط أهل هذه الأمة وخيارها وهم أصحاب المنهج الوسط في هذه الأمة بين الفرق وهم المتبعون ومن أمثلة وسطية أهل السنة : في باب اﻹيمان :
نجد أن بعض طوائف الأمة قد غلت حتى كفرت من يرتكب ذنبا من الذنوب دون الكفر أو الشرك أخرجته من الملة أو حكمت عليه بالخلود في النار
وعلى الجهة الاخرى نجد من الطوائف من استهان وفرط في الأمر حتى جعل أهل المعاصي والكبائر والفجور مؤمنين كاملي الإيمان

وأهل الغلو هم الخوارج و المعتزلة يقولون أن مرتكب الكبيرة كافر ( كما تقول الخوارج ) أو هو في منزلة بين الإيمان والكفر ( كما تقول المعتزلة ) فاﻹيمان عندهم واحد وكل لا يتجزأ وإذا ذهب فإنه يذهب جملة واحدة
وفي الجهة المقابلة المرجئة وهم طوائف شتى قالوا أن العبد إذا قال لا اله إلا الله وشهد لله بالوحدانية واقر لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة فانه مؤمن كامل الإيمان وان عمل ما عمل وأنكروا أن الإيمان يزيد وينقص وكل من الطرفين خرج عن المنهج الصحيح وعن الوسطية

والصحيح ما عليه أهل السنة و الجماعة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة والتابعون لهم وهو : ان الايمان اعتقاد بالجنان و قول باللسان وعمل بالجوارح واﻷركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية

ومعنى الإيمان في اللغة: مصدر آمن يؤمن إيماناً فهو مؤمن وأصل آمن أأمن بهمزتين لينت الثانية وهو من الأمن ضد الخوف

قال الراغب: أصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف (1)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن اشتقاقه من الأمن الذي هو القرار والطمأنينة وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق والانقياد.(2)

وقد عرف الإيمان بعدة تعريفات: فقيل: هو التصديق وقيل:هو الثقة وقيل:هو الطمأنينة وقيل:هو الإقرار .(3)

عرفنا أن من معاني الإيمان لغة: التصديق وأن التصديق يكون بالقلب واللسان والجوارح وهكذا الإيمان الشرعي عبارة عن تصديق مخصوص وهو ما يسمى عند السلف بقول القلب وهذا التصديق لا ينفع وحده بل لابد معه من الانقياد والاستسلام وهو ما يسمى بعمل القلب ويلزم من ذلك قول اللسان، وعمل الجوارح وهذه الأجزاء مترابطة لا غنى لواحدة منها عن الأخرى ومن آمن بالله عز وجل فقد أمن من عذابه .(4)

اﻷدلة على زيادة اﻹيمان ونقصانه عند أهل السنة : من الكتاب والسنة وإجماع السلف

● اﻷدلة من القران الكريم :

قال تعالى {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون}(5)


وقوله تعالى{الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }(6)

وقوله تعالى { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانآ فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانآ وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون } (7)

وقال تعالى {ولما رأي المؤمنون اﻷحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانآ وتسلميا } (8)

وقوله تعالى {وهو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } (9)

وقوله تعالى { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا } (10)

● اﻷدلة من السنة :

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينهب نُهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها بأبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ] .(11)
فنفى عنه كمال الإيمان الواجب بفعل هذه الكبائر مما دل على نقص الإيمان بفعلها وهكذا كل ما ورد من نفي كمال الإيمان الواجب أو المستحب تدل على زيادته ومن ثمَّ نقصانه


و قوله صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس وهو [ آمركم بالإيمان بالله وحده ] وقال [ هل تدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تعطوا من الغنائم الخمس... ] (12) .

ففي هذا الحديث فسر الرسول صلى الله عليه وسلم للوفد الإيمان هنا بالاعتقاد و بقول اللسان وأعمال الجوارح
ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيماناً بالله بدون إيمان القلب .

و من اﻷدلة حديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه [ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ] (13)

وما رواه أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ] (14)

فدل ما سبق على أن الإيمان لا يزال يضعف بتخلف تلك المراتب وهو النقصان وتحصيلها هو زيادته واﻷدلة في ذلك كثيرة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما إذا قرن الإيمان بالإسلام فإن الإيمان في القلب والإسلام في الظاهر كما في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ الاسلام علانية واﻹيمان في القلب والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره ](15)
ومتى حصل له هذا الإيمان وجب ضرورة أن يحصل له الإسلام الذي هو الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج لأن إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله يقتضي الاستسلام لله والانقياد له وإلا فمن الممتنع أن يكون قد حصل له الإقرار والحب والانقياد باطنا ولا يحصل ذلك في الظاهر مع القدرة عليه كما يمتنع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون وجود المراد
وبهذا تعرف أن من آمن قلبه إيمانا جازما امتنع أن لا يتكلم بالشهادتين مع القدرة فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء الإيمان القلبي التام وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه في زعمهم أن مجرد إيمان بدون الإيمان الظاهر ينفع في الآخرة فإن هذا ممتنع إذ لا يحصل الإيمان التام في القلب إلا ويحصل في الظاهر موجبه بحسب القدرة فإن من الممتنع أن يحب الإنسان غيره حبا جازما وهو قادر على مواصلته ولا يحصل منه حركة ظاهرة إلى ذلك .(16)

وقال رحمه الله :
فإذا قرن الإيمان بالإسلام كان مسمى الإسلام خارجا عنه كما في حديث جبريل وإن كان لازما له . (17)

يتبين لنا في مسألة تلازم اﻹيمان واﻹسلام إنه لا إسلام لمن لا إيمان له ولا إيمان لمن لا إسلام له إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصحُّ إسلامه ولا يخلو المؤمن من إسلام به يُحققُ إيمانه لما بين الباطن والظاهر من ارتباط وتلازم فإذا افترقآ اجتمعا وإذا اجتمعا افترقآ .

● ومن أقوال السلف في أن الإيمان اعتقاد و قول و عمل يزيد وينقص وهي مثبتة ﻷجماع أهل السنة على زيادة اﻹيمان ونقصانه وفيها رد على أهل البدع :

١- قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأصحابه: هلموا نزداد إيمانا و في لفظ: تعالوا نزداد إيمانا .(18)

٢- وقول الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: اجلسوا بنا نزداد إيمانا (19)

٣- وعن مجاهد بن جبر رحمه الله قال:
الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص (20)

٤-وقال اﻹمام الأوزاعي رحمه الله : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فمن زعم أن الإيمان يزيد ولا ينقص فاحذروه فإنه مبتدع . (21)

٥ - وقال عبدالرزاق الصنعاني:سمعت معمرا وسفيان الثوري ومالك بن أنس وابن جريج وسفيان بن عيينة يقولون:الإيمان قول وعمل يزيد وينقص (22)

٦- قال اﻹمام الشافعي رحمه الله : وكان اﻹجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركنا يقولون إن اﻹيمان قول وعمل ونية لا تجزىء واحدة من الثلاثة إلا باﻷخرى . (23)

فيتلخص لنا أن أهل السنة والجماعة يقولون : الإيمان هو قول باللسان وقول بالقلب وعمل بالجوارح وعمل بالقلب ومن أقوالهم :وعمل ومن أقوالهم : وعمل ونية فالإيمان لا بد أن يكون بهذه الأمور الأربعة :
▪ قول اللسان وهو النطق باللسان
▪ قول القلب وهو الإقرار والتصديق
▪ عمل القلب وهو النية والإخلاص
▪ عمل الجوارح

فالعمل جزء من أجزاء الإيمان الأربعة فلا يقال : العمل شرط كمال أو أنه لازم له فإن هذه أقوال المرجئة ولا يعلم لأهل السنة قولا بأن العمل شرط كمال .


كتبه / سعيد بن ناصر آل بحران

---------------------------------------
(1) الصحاح للجوهري ج٥ ص٢٧١ المفردات ٣٥
(2)الصارم المسلول ٥١٩
(3)زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه لعبد الرزاق البدر 17
(4)نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد الوهيبي
(5)سورة الأنفال اﻵية ٢
(6)سورة آل عمران اﻵية ١٧٣
(7)سورة التوبة اﻵية ١٢٥
(8)سورة الأحزاب اﻵية ٢٢
(9) سورة الفتح اﻵية ٤
(10)سورة المدثر اﻵية ٣١
(11)متفق عليه "" البخاري ٢٤٧٥ ومسلم ٥٧""
(12) متفق عليه وهو في البخاري رقم ٥٣ ومسلم ١٧ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
(13)رواه مسلم ج١ ص ٦٩
(14)رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رقم ٤٩
(15)رواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ١٣٤
(16)الفتاوى ج٧ ص ٥٥٣
(17)الفتاوى ج٥ ص ٥٥٥]
(18) اﻵجري في الشريعة ١٠٩
(19) البيهقي في شعب اﻹيمان ج ١ ص ١٧٣
(20)ابن بطة في اﻹبانة ج٢ ص ٨٥٩
(21)اﻵجري في الشريعة ١١٤
(22)اﻵجري في الشريعة ١٢٩
(23) مجموع الفتاوى ج ٧ ص ١٧٠ .



http://krrar2007.googlepages.com/faselward2.gif