المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شجاعة الصحابيات وأمهات المؤمنين في قول الحق


romisaa
02-03-2017, 08:06 AM
شجاعة الصحابيات وأمهات المؤمنين في قول الحق

والروايات في هذا الصدد مشهورة ومنها أن:

السيدة حفصة أم المؤمنين رضى الله عنها حينما توفى عمر بن الخطاب أبوها خطبت في الناس مذكرة إياهم بفضائله وحثهم على طاعته فيما اتفق عليه من أمر الخليفة عثمان بعده والبيعة له دراءا للفتنة وسأكتفي ببعض من أقوالها: "بعد الثناء على الله: أما بعد فكل العجب من قوم زين الشيطان أفعالهم حتى همّ عدو الله. بإحياء البدعة ونبش الفتنة وتجديد الجور بعد دروسه وإراقة الدماء وانتهاك محاور الله بعد تحصينها .. فأخسأ الشيطان وأقام دعائم الإسلام واحتذى في الناس بأخيه فأخرجها من نسله وصيرها شورى بين إخوته فبأي أفعاله تتعلقون وبأي مذاهبه تتمسكون بطرائفه القويمة في حياته أم بعدله فيكم بعد وفاته ألهمنا الله وإياكم طاعته" وهكذا فكان لأمهات المؤمنين مشاركتهم السياسية فيما يتعلق بالبيعة وشئون الخلافة

والسيدة أسماء والتي كانت مثالا نادرا في الشجاعة والصبر يوضح ذلك مجابهتها للحجاج حين دخل عليها بعد مقتل ابنها قائلا: كيف رأيتني صنعت بعدوالله ؟ قالت:رأيتك قد أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا(1) ومبيرا فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا إخالك إلا إياه فقام عنها ولم يراجعها"(2)

والصحابية خولة بنت ثعلبة تنصح عمر بن الخطاب قائلة: "اتق الله في الرعية واعلم أن من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن خاف الموت خشى الفوت"(3)

والشجاء الخارجية وهي من ربات العبادة والدرع والزهد وقفت مناهضة لسياسة يزيد بن معاوية في مجلسه.. حتى أشار عليه جلسائه بقتلها فردت عليهم بقولها "عليكم لعنة الله كان جلساء فرعون خيرا منكم استشارهم في موسى فقالوا أرجه وأخاه فخلى سبيلها"(4)

وأم البنين بنت عبد العزيز بن مروان تهاجم الحجاج بن يوسف الثقفي بكلام شديد بسبب قسوته وجبروته وولغه في دماء المؤمنين فتقول له: "إيه ياحجاج أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير وابن الأشعث أما والله لولا أن الله جعلك أهون خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين وأول مولود في الإسلام وأما ابن الأشعث فقد والله وإلى عليك الهزائم حتى لذت بأمير المؤمنين عبد الملك فأغاثك بأهل الشام قاتل الله الشاعر وقد نظر إليك وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك حيث يقول:
أسد على وفي الحروب نعامة ربذاء تفزع من صغير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغي أم كان قلبك في جناحي طائر
اخرج عني فدخل إلى الوليد من فوره قائلا: والله يأمير المؤمنين ماسكتت حتى كان بطن الأرض أحب إلىّ من ظهرها فضحك الوليد ثم قال: إنها بنت عبد العزيز.(5)

وأهل مصر كانوا يأتون السيدة نفيسة كي ترفع عنهم مظالم حاكمها حينذاك –فكانت لها مشاركتها في حل مشاكل الشعب وذلك حين كتبت إليه قائلة: "ملكتم فأسرتم وقدرتم فقهرتم وخولتم ففسقتم ودرت عليكم الأرزاق فعظمتم وقد علمتم سهام الأقدار نافذة غير مخطئة لاسيما الصادر منه من قلوب أوجمعتموها وأكباد أذقتموها قسوة الجوع.." إلى ما هنالك من كلمات تعكس من خلالها مدى ظلمة وترهبه من عذاب الله وتنهى رسالتها بقولها: "اظلموا ما طاب لكم الظلم فنحن إلى الله متظلمون وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون" فأثر فيه قولها وسار في الناس بسيرة العدل (6)

وقبل هؤلاء النساء الفضليات وقفت السيدة زينب رضى الله عنها تعنف أهل الكوفة لخذلانهم أل البيت قائلة: "يأهل الكوفة ياأهل الختل والخذل..إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أتبكون!! إي والله فابكوا وإنكم والله أحرياء بالبكاء فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وأني ترحضون قتل سليل خاتم النبوة"(7)

ومن أشهر المواقف السياسية التي شاركت فيها المرأة المسلمة بفاعلية في ظل الفتنة التي ألمت المسلمين موقف السيدة عائشة رضى لله عنها من على بن أبي طالب فقد خرجت عليه ومعها كبار الصحابة كالزبير وطلحة طلبا للثأر لمقتل عثمان بن عفان والتي أبصرت قتلتة يذهبون إلى ديارهم موفورين فانصدع قلبها وكانت موقعة الجمل نسبة إلى الجمل الذي ركبته.. وأعادها على مكرمة إلى بيتها فهى وإن لم تنكر عليه أمر خلافته حيث إنها كانت تدعو الناس يوم قتل عثمان لبيعته لأنها تعلم بأحقيته للأمر ولقرابته من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها رأت دما مطلولا فتعجلت ما رأته واجبا وإنما الأعمال بالنيات"(8)

كما شهدت الساحة الإسلامية حينذاك الكثير من نصراء على من النساء ومن الواقفين ضده متعجلين الثأر منهن نائلة بنت الفرافصة" زوجة عثمان بن عفان التي بعثت بأصابعها الممزقة وقميص عثمان المخضب بالدماء إلى معاوية وأمرته أن يعلق كل ذلك في المسجد وأن يقرأ على المجتمعين كتابها التي تحث فيه مستصرخة المسلمين للقصاص من قتلة عثمان واجتمع لسماعه خمسون ألفا من الشام يصيحون بالبكاء ويتقاسمون فيما بينهم ألايمسوا غسلا حتى يقتلوا عليا أو تفنى روحهم(9)

وعلى ضوء ما تقدم يتضح كيف أن بيئة المسلمين هيأت للمرأة قول الحق في شجاعة منقطعة النظير سواء كان من خلال الإسلام وتعاليمه التي دفعتها لذلك أم من الرجال الذين لم يجدوا غضاضة في تناولها لهذا الشأن فكان ذلك أمر مألوف للنساء حتى منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كما نستطيع أن نتبين كيف ساهمت المرأة بشخصيتها المؤمنة الواثقة الشجاعة سياسيا فقامت تخطب في الناس في الشدائد وفي كل مايعن للمسلمين وكانت قدوتهن أمهات المؤمنين كعائشة وحفصة وأم سلمة رضى الله عنهن واستمرت على ذلك النهج فلم تتوان عن ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل أدوار حياتها أما وزوجة وبنتا ومعلمة حيث بقيت الشرارة الأولى من النساء والصحابيات وأمهات المؤمنين توقظ فيها هذا الشعور من نصرة الحق في جميع الأحوال والظروف والمشاركة لمجتمع المسلمين أفراحه وأحزانه وأنها أسهمت في كافة الأنشطة عندما كان مفهوم العبادة يمارس بالمعنى الصحيح الشامل لكل جوانب الحياة.(10)

بالإضافة إلى أن آيات الله كانت تجد التطبيق العملي في واقع المسلمين حيث أكدت على أحقية المرأة بالقيام بهذا الدور يتضح من خلال ما أقره سبحانه وتعالى في القرآن من تساويها مع الرجل في قاعدة العمل والجزاء وخطاب التكليف فقال تعالى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخيرويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" آل عمران:104 وهناك نصوص تصرح بتكليف النساء كقوله سبحانه عن نساء النبي _وهن خير قدوة تقتدي بها المرأة المسلمة عبر العصور_ "وقلن قولا معروفا" الأحزاب:32 "واذكرن ما يبلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة" الأحزاب:34 والولاية في قوله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.." تشمل الأخوة والصداقة والتعاون على كل خير والأمر بامعروف والنهي عن المنكر واجب يشمل ضروب الإصلاح في كل نواحي الحياة والمرأة في ذلك كالرجل كما تشير الأية بشرط الإلتزام بشرع الله وتنفيذ تعاليمه..(11)

المراجع :

(1) الكذاب: هو المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي تنبأ وحورب هو واتباعه حتى قتل
(2) رواه مسلم : كتاب فضائل الصحابة ج7/ ص190
(3) الرواية الكاملة في أعلام النساء: عمر رضا كحالة ج1 /382
ويسجل لنا التاريخ العديد من النساء اللاتي وقفن يجابهن الظلم والاستبداد في قمة عنفوانه لايخشون في ذلك أحد إلا الله منهن:
الزرقاء بنت عدي قال لها معاوية أتحفظين كلامك يوم صفين تحضين على القتال.. قائلة" أيها الناس ارعوا وارجعوا إنكم قد أصبحتم في فتنة عمياء صماء بكماء.. إن المصباح لايضئ في الشمس ولاتنير الكواكب مع القمر ولايقطع الحديد إلا الحديد إلا من استرشدنا أرشدناه ومن سألنا أخبرناه أيها الناس إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها فصبرا يامعشر المهاجرين والأنصار فكأن قد اندمل شعب الشتات والتأمت كلمة العدل.. إلا وإن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء ولهذا اليوم ما بعده والصبر خير في الأمور عواقبه"
(4)ينظر إلى البيان والتبين ج2/ ص331 ج3/ ص386 مشار إليه في حضارة العرب في صدر الإسلام" ص120
(5) أعلام النساء ج2/ ص82 مقتبس من الأمالي للفالي- الحيوان للجاحظ
(6) أعلام النساء ج1/ 151، 152
(7) مسلمات خالدات: سنية قراعة ص449 مكتب الصحافة الدولي
(8) بلاغات النساء: لطيفور ج27 / 27-29 تحقيق محمد طاهر الدين، مكتبة السندس- الكويت
9) العقد الفريد : لابن عبدربه ج2/ ص275-283، وابن جرير الطبري ج5/ ص3025-3226
(10) المرجع السابق ص272
(11) ينظر إلى دور المرأة في التصوف الإسلامي"عبير عبد الرحمن، رسالة ماجستير كلية دار العلوم2001 ص30، 300