المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحث على طلب العلم


المراقب العام
01-05-2017, 06:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

الحمد لله الذي عم برحمته جميع العباد ، وخص أهل طاعته بالهداية إلى سبيل الرشاد ، ووفقهم بلطفه لصالح الأعمال ، ففازوا ببلوغ المراد
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة أدخرها ليوم الميعاد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، موضع طريق الهدى والسداد ، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أمرنا ديننا الحنيف بالحث على طلب العلم والإجتهاد فيه .

الحث على طلب العلم
لعله من البديهيات الفطرية أن أحداً لا يشك ، في أن العلم نور وضياء ، وأن الجهل ظلم وظلمات ، فقد كانت رسالة الإسلام حريصة كل الحرص في الحث على طلب العلم ، وشق طرقه ، وتحصيل العلوم والمعارف ، بكل الوسائل ، ويجب ألا يدخر جهد من أجل إزاحة ستار الجهل عن هذه اللؤلؤة الغالية ، والجوهرة الثمينة ، التي كرمنا بها الله تعالى ، ألا وهى جوهرة العقل .
يقول الله تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر
وقال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة
قال ابن عباس رضي الله عنهما : للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ، ما بين كل درجة مسيرة خمسمائة عام .
وقال الله تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28) سورة فاطر
وفى " الصحيحين " من حديث معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "
ومن فضائل التعليم ما أخرجاه في " الصحيحين " عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلى رضي الله عنه : " لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمرٌ النعم " .
وقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " رواه أحمد في "العلل " .
والمراد بطلب العلم الذي هو فرض عين : ما يتعين وجوبه على الشخص ، وأما فرض الكفاية ، فهو كل علم لا يستغنى عنه في قوام أمور الدنيا ، كالطب والحساب وغيرهم من سائر العلوم ، وأن أصول الصناعات من فروض الكفاية ، كالفلاحة والحياكة وغيرها من الصناعات الأخرى ، أما العلوم الشرعية ، فكلها محمودة .
وأعلم أن العلوم المحمودة تنقسم إلى قسمين :
الأول : محمود إلى أقصى غاياته ، وهو العلم بالله تعالى ، وبصفاته ، وأفعاله ، وإن هذا العلم مطلوب لذاته ، والتوصل به إلى سعادة الآخرة .
الثاني : العلوم التي لا يحمد منها إلا مقدار مخصوص ، وهى التي ذكرناها من فروض الكفايات ، فإن في كل علم منها اقتصارا واقتصادا ، واستقصاءا .
فكن أحد الرجلين : إما مشغولاً بنفسك ، وإما متفرغاً لغيرك بعد الفراغ من نفسك .
وإياك أن تشتغل بما يصلح غيرك قبل إصلاح نفسك ، واشتغل بإصلاح باطنك وتطهيره من الصفات الذميمة ، كالحرص ، والحسد ، والرياء ، والكبر وغيرها من الصفات الذميمة
فإن تفرغت من نفسك وتطهيرها ، فإشتغل بفروض الكفايات وراع التدريج في ذلك .
فإبتدىء بكتاب الله عز وجل ، ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بعلوم القرآن من التفسير وإلى غير ذلك .
وكذلك في السنة ، إشتغل بالفروع ، وأصول الفقه ، وهكذا .
ولا تستغرق عمرك في فن واحد منها طلباً للاستقصاء ، فإن العلم كثير ، والعمر قصير ، وهذه العلوم آلات يراد بها غيرها .
أوصيكم إخواني في الله ، وأوصى نفسي قبلكم : تفقهوا .. تعلموا ، اطلبوا العلم في شتى مضامير الحياة ، وقفوا على أسبابه ، وخذوا بها في مجالاته وفنونه وأجمعوا بين خيري الدارين : الدنيا الفانية ، والآخرة الباقية .
تعرفوا على روح الإسلام الخالد بحنفيته السمحة ، لتعلموا حدود الله فلا تتجاوزوها ، وحلاله فتحلوه ، وحرامه فتحرموه .
ابحثوا عن منهج الإسلام لتعبدوا الله كما علمكم الله وشرع لكم .
اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ، لا تضيعوا أعماركم سدى ، اطلبوه واحرصوا عليه صغارا وكبارا .
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير الخير ، وهدانا جميعا إلى طريقه المستقيم ، وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

جزانا الله وإياكم خيراً
نسألكم الله الدعاء لنا وللمسلمين أجمعين
إعدادأخوكم : الفقير الراجي عفو ربه الكريم
محمود زكى الشريف