المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين الزوجين


النهر الأزرق
28-04-2010, 03:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحب والرضا بين الزوجين ، هما صمام الأمان والعاصم من ريب الزمان ، ولا يُعيب الزوج أنه غير وسيم ، فالجمال جمال الدين ، والخلق ، ورقة الشمائل ، والبشر ، وطلاقة الوجه ، وطهارة النفس ، ولين العريكة ، فلا ينبغى أن تفخر الزوجة عليه بجمالها ، أو تزدريه لدمامته ، قال الأصمعى : - دخلت البادية فإذا إمرأة من أحسن الناس وجها ، متزوجة رجل من أقبحهم وجها ، فقلت لها : أترضين أن تكونى زوجة لمثله ؟ فقالت :- يا هذا : لقد أسأت فى سؤالك ، لعله أحْسَنَ بينه وبين الله فجعلنى ثوابه ، أو لعلى أسأت فيما بينى وبين خالقى ، فجعله عُقوبتى ، أفلا أرضى بما رضى الله لى، قال الأصمعى : فأسكتتنى المرأة .
ومن آداب الزوجة أن تظهر لزوجها فى زينة وبهجة وانشراح ، حتى يشعر باهتمامها به ، وانعطافها نحوه ، فلا تنصرف نفسه عنها ، ولا يمنعها صلاحها ودينها من ذلك قال تعالى ك " ولا يُبدين زينتهن إلا لبعولتهن "
وقال الأصمعى رأيت فى البادية امرأة ، عليها قميص أحمر مُتخضِّبة ، وبيدها مسبحة ، فقلت ما أبعد هذا من ذاك ، فقالت : ولله منى جانب لاأضيعه وللهو منى والبطالة جانب .
قال الأصمعى : فعلمت أنها امرأة صالحة ، لها زوج تتزين له .
وهذه وصية حكيمة من أم لإبنتها : فقد خطب عمرو بن حجر ملك كِنده ، أم إياس بنت عوف بن ملحم السيبانى ، فلما تزوجت نصحتها أمها أسماء بنت خارج الفزارى بالنصيحة الآتية ، وقد عملت بها ، وأنجبت منه أبناءه السبعة الذين حكموا اليمن بعده وفيما يلى خُلاصة النصيحة : " أى بنية : إنك فارقت الجو الذى منه خرجت ، وخلفت العش الذى فيه درجت ، إلى وكر لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فاحفظى له خصالا عشرة ، يكن لك ذُخرا . كونى له أرضا يكن لك سماء، وكونى له مهادايكن لك عمادا ، وعليك بالقناعة وحسن السمع والطاعة ، وبالتفقد لموقع عينه وأنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولايشم منك إلا طيب ريح . وعليك بالتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإن تواتر الجوع ملهبه ، وتنغيض النوم مغضبه ، وعليك بالاحتراس فى بماله ، والإرعاءعلى حشمة وعياله– وملاك الأمر فى المال حسن التقدير ، وفى العيال حسن التدبير – ولا تعصين له أمرا ، وإن أفشيت سره لم تأمنى غدره . ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مُهتما – أى به كآبة أوحُزن – والكآبة بين يديه إن كان فرحا ً.
هذه كانت حقوق الزوج على زوجته ، أما عن حقوق الزوجة على زوجها فأول هذه الحقوق أن يتزوجها بصداق مُعجل كله أو بعضه ، أو مؤجل ، قال تعالى : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " فإذا زفت إليه عاشرها بالمعروف لأن الزواج شرع ليدوم ، ولا يدوم إلا مع العِشرة الهنيئة ، حتى تزول الوحشة بينه وبينها ، وتحل الألفة محلها . وقد أوصى الحق سبحانه وتعالى بحسن عشرتهن بقوله : " وعاشروهن بالمعروف " وعليه ألا يُديم مؤاخذتها على الهفوات ، فمن من الناس لايُخطئ ، ولا بأس أن يعظها بالقدوة الحسنة وبالمعروف عندما تخطئ . وجاء فى الحديث الصحيح توصية بهن فى قوله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شئ فى الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تُقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا . "
ومن حسن العشرة البشاشة فى وجه الزوجة والعناية بها ، واحترام مكانتها كزوجة وكأم ، وحسن الحديث معها ، واستشارتها فى شئون المنزل ، واستعمال الكلام اللين الوديع معها ، دون غلظة ليس لها مُبرر ، وأن يكون نظيف الخلق نظيف الثياب ، طيب الريح ، فىكل أحواله .
ولا ينبغى أن يُبالغ الزوج فى الدعابة ولين الخلق مع الزوجة حتى لاتجترئ عليه ، وتسقط هيبته ، فخير الأمور الوسط ، والإعتدال بين الإفراط والتفريط .
فإذا رأى ما يخالف الشرع أو الأدب ، أظهر الجدَّ وامتعض ، حتى تثوب إلى رشدها ، ولا تندفع فى سوء الأدب أو مخالفة الشرع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعس عَبْدُ الزوجة " ، وهو الذى تسيره زوجته على هواها ، فلا ينبغى أن يٌُمكن رجل لزوجته من نفسه ، فينعكس الوضع الذى شرعه الله بقوله سبحانه وتعالى : " الرجال قوامون على النساء " .
وعليك أن تدرس طباع زوجتك ، وتعاملها بما يصلحها وفق حالها ، وعليك بالإعتدال فى الغيرة فلا تستعملها إلا فى موضعها فقد قال صلى الله عليه وسلم : " إن من الغيرة غيرة يبغضهاالله عز وجل وهى غيرة الرجل على أهله من غير ريبة " أخرجه أبو داود والنسائى وابن حيان – لأن ذلك من سوء الظن الذى نهينا عنه بقوله تعالى : " إن بعض الظن إثم "
وقد أشار على – كرم الله وجهه – إلى آثار الغيرة بلا مبر بقوله : " لاتكثر الغيرة على أهلك ، فتُرمى بالسوء من أجلك "
وكما أن الزوج مكلف بأن لا يغار على زوجته ، إلا فى مواطن تحسن فيها الغيرة شرعا ، حتى لايُفسدها بكثرة الشك فيها ، فكذلك هى مأمورة أن لاتغار فى مثل ذلك حتى لا تفسده .
وإذا حدث خلاف بين الزوجين فليجتهد كلا منهما أثناء الخلاف ، فى كف لسانه عن الآخر ، وكثرة الكلام ، حتى لاتتسع الشقة بيهما ، وأعود فأذكر الزوجين بقوله تعالى : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " والله يقول الحق وهو يهدى السبيل .