المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وفي إنتظارك .. يبقى الأمل .. { قصة قصيرة }..!!


حنين المغازي
28-04-2010, 08:18 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه قصة قصيرة تحاكي واقع شباب مصر بشكل خاص وشباب الامة الإسلاميه بشكل عام .. فهي قصة تسرد لنا قصص كثيرة لكثير جداً من شباب مصر وشباب العرب ..فهي تتكرر كل يوم مع إختلاف بعض التفاصيل , لكن طعم مرارتها لم يتغيربعد فجميعنا يتذوقه سواء في مصر أو خارجها

أسأل الله سبحانه أن تنال إستحسانكم ,كما أرجوا منكم بأن لا تحرموني نقدكم البناء .. حتي أعرف نقاط ضعفي الكثيرة ..



/

/

/



وفي إنتظارك .. يبقى الأمل .. !!





غابت الشمس لساعاتٍ طوال وأخفت بوشاحها الثقيل نسمات أمل رقيقة عن مساء قريح معذب ينتظر غدٍ يصدح بنوره الدافيء ويذوب بين أضلع الصفاء ذوبان لا يعرف الهجر , ليعلن عن حقيقة لطالما إنتظرتها تلك الأمواج الثائرة
وحبات الرمال الصامتة الباردة التي أنهكتها آهات المارين وأحزنتها ضحكات الساخرين ,وبهدوءٍ شديد وبعد وقت ليس بقليل وعلى مقربة من ذلك البيت الصغيرإستفاقت الشمس وأرسلت على الفور شعاعها الطويل وانحنت هنيهة لتصافح وجه السماء الصافية وسحبها الرهوة ؛ لتترك خلفها خيط رفيع من حلم سماوي صافي انبثق من وجه نهار شاحب نحيل يضمر أكثر مما يظهر ,فصار كطفل صغير يزحف ببطء فوق الرمال الناعسة ليضمها ويغمرها دفئ وحنان,حتى أنتهي به المطاف حيث نافذة كبيرة يحتضنها ذلك البيت الصغير,ودلف بصعوبة عبر ثقب صغير يسكنها , ليداعب عينان سودواتان ثابتة متعبة ذابلة لشابٍ لم تزُر عيناه الراحة منذ أعوام طوال ,ولم يحفل بشيئ عن أمر ذلك الخيط ولا غياب الشمس وعودتها .. صافح بصيص النور وجهه فعكس ما بداخل قلبه من حزن وقلق وبؤس وشقاء , عيناه ثابتتان وجسده نحيل رغم قوة بنيانه ..

وظل صامت لا ينطق بكلمة فلا يشكو هماً ولا يبكي غماً
وفجأة وهو بداخل تلك الدوامة الثابتة جاءه من خلف ذلك الباب الموصد صوت رقيق حنون يطلب منه الإذن بالدخول ,..لم ينتبه لبصيص النور حينما دلف الى حجرته وآنسه وداعب وجهه وزوايا حجرتة ,فقط سرت بجسده رعشة خفيفة حينما سمع ذلك الصوت العذب يناديه ( بني ) هل صحوت ..؟

لم تنتظر صاحبة ذلك الصوت الحنون أن يأذن لها بالدخول ودخلت مسرعة حيث يجلس ذلك الشاب وأقبلت عليه بلهفة والعبرات تسبق خطوات رجليها ,وسعادتها لكونه مازال باق ولم يرحل كانت تتدفقق بقوة نحوه لتملأ قلبة ألماً .. وقفت تطالعه هنيهة ثم ضمته إليها وهي تبكي وتأن قائلة فى ألم لا يشبهه ألام الكثيريون ( بني ) هل تسمع صوت أمك ..؟ هل تشعر بالم وحزن أوشك على أن يفتك بما بقي منها ..؟ ألم يخبرك قلبي المكلوم الذي تسكنه عن حالى ..؟

رفع رأسه ونظر اليها وتعلقت عيناه بعينيها ولم ينبت ببنت شفه , فلقد بلغ الحزن منه مبلغه ولم يستطيع النطق وكأنه نسي الكلام ..! ذلك الشاب المفوه ,المثقف صاحب الفكر المتقد والعقل الراجح والقلب الجريء والروح الحلوة ..
ظلت أمه تطالع تقاسيم وجهه تفتش بداخل ملامحه عنه
لكنها سرعان ما أدركت الحقيقة , فمن أمامها ما هو إلا شبح بلا روح وعقل بلا هوية وقلب بلا نبض وجسد بلا مأوى .. انهمرت دموعها الحارة وسقطت من جفنيها على وجهه فجرت مجرى الدموع من خده وعانقت دموعها دموع عينيه التي ركضت لتسابق أخواتها حتى لحقت بهم فصارت مزيجا واحداً , كما أمتزجت من قبل دمائهما مذ كان بين أحشائها يركض ويلعب ولا يعبء بشيء ؛ ولا يحمل للحياة هما ولا ينتظر منها فرحاً ولاغماً ..

نظر إلي أمه نظرة طويلة وتأمل ملامحها الصغيرة وخطوط وجهها البسيطة ..فوجد أمه الجميلة قد أكتهلت مبكراً ويبست أطرافها وأحدودب ظهرها ورق عظمها وما زالت على أمل تنتظره حتى تتوكأ عليه وتشد ظهرها بقربه وتتخذه عضداً وسنداً في زمن عصيب لم يمنحها بقدر ما سرق منها ,فألم بسريرة نفسها وضمها إليه بقوة ..

وشرد بعيداً في رحلة قصيرة إسترجع فيها سنوات عمره
وتذكر كم قهرته تلك المدينة الكبيرة وشوارعها وزواياها الحزينة ..و كم عشقها حتي صار العشق ذنب لا يغتفر وجريمة عظمي يعاقب عليها المحب إما بالقتل أو النفي أو السجن ..!

كم حلم بتغير حال تلك المدينة وحال أهلها ومن يتولى أمرها ..كم تمنى أن يجعل منها جنة على الأرض يملؤها الحب و العدل والأمان ..
لكن سرعان ما أدرك بأن الأحلام بتلك المدينة القاسية تموت قبل ان تبدأ
...حياة يتفتت الجسد فيها قبل خلاياه وتتمزق الروح قبل دبيبها وتلتهم كل ما تبقي بلا هوادة وبلا رحمة ,تنبه قليلاً من غصصه والامه وحاول أن يزيح عنه ضعفه وعجزه ونظر إلي وجه أمه وقال لها في حب وحزن شديدين ..
أمآه لم أحب أحد بالكون بقدر حبي لكِ , فقد نفترق اليوم أو غدٍ ,لكنني على ثقة تامة بأن الله سبحانه سيجمعنا يوماً ما بالدنيا أو بالجنة فقري عينا يا آماه ولا تكدري صفو يومك يا أمي ولا تخشي علي الموت , فكلنا موتى وإن كنتِ تريدين لي النجاة فإني لن أنجو إلا برضا الله سبحانه ثم رضاكِ ..
ثم أردف مكملاً ما بدأه وعيناه مخضلتّان من البكاء
أمآه .. لم يعد لي في تلك المدينة أمل ,ولا حلم, ولا أمن ولا صبابة أرتشف منها الرزق ؛ فدعيني أصالح نفسي والحياة , خارج تلك المدينة الظالم أهلها علني أجد لي عملاً يحفظ ماء وجهي من ذل السؤال وأنقذ نفسي ونفسك من طول العناء وصنوف الشقاء .. فدعيني يا أمي أذهب قبل أن يستقظ إخوتي ويزيد عبئي وتتفتق جروحي ويثقل على عاتقي رؤيتهم يبكون فيدكه الهم دكا ..

نظرت إليه أمه وقد انهمرت دموعها ودارت بعينيها باحثة بكل زوايا الغرفه حتي أستقرت عيناها على حقيبة صغيره قد أغلقت بإحكام , فعلمت أن الوقت قد حان لرحيل روحها بعيداً عن جسدها , فهو ليس فقط ولدها بل شقيق الروح ومنيته ,ورفيق الدرب وصاحبه , وحبيب القلب ومؤنسه
وأخبرتها نفسها بأن لا خيار لها اليوم إلا الرضوخ لقراره والرضا التام بما قدره الله لهما..

تحركت يداه نحو الحقيبة بصعوبة بالغة وحاول أن يحملها فدارت به الدنيا وشعر بأنه يحمل جبال يصعب على البشرية كلها حملها , فقد وضع بداخلها سنوات عمره ,وأحلامه وآماله التي دفنت هنا بيد الآخرين ,وأخذ معه ودموعه وضحكاته ولوعة أمه وبراءة إخوته , ونظر إلي أمه وضمها بعينيه وجرت دموعه كفيضان ثائر يزيح كل من أمامه
و أبتلت الأرض تحت قدميه ويبست عيناه , ولبست وجهه سحابة رمادية فأخفت تقاسيم وجهه فأصبح كشبح بلا ملامح ,وزفر زفرة قوية مزّقت حجاب قلبه وارتطمت مسرعة بحنايا روح تلك المرأة المكلومة وأفضت إليها بخبيئة نفسه , مما زادها لوعة ,فهرولت إليه مسرعة فضمته وشمته وقالت في صوت متهدج حزين بني .. أراك قد عقدت العزم على الرحيل ولن تهدأ نفسك إلا به ,فلن أهجم على ما طابت به نفسك وارتضاه عقلك وارتاح له قلبك ..ولن أثقل عليك بدموعي وآهاتى فيكفيك ما عانيته هنا من ظلم وظلمة وأمل كاذب ورجاء خائب ..فمضي يا بني حيث قدر الله لك ..

وسأنتظرك دائما .. سأنتظرك ,عندما تشرق شمس كل صباح , سأنتظرك عندما يسامر القمر كبد السماء ويضمها إليه ..سأنتظرك ما دامت روحي بداخل جسدي تنبض برجوعك لتسكن بجوار ما تبقي منها ,وإن فاضت روحي إلي بارئها ستبقى دائماً في إنتظارك .




بقلم / حنين المغازي

21 / إبريل / 2010 م ـــــــ 7 / 5 / 1431 هــ

e-mysarah
29-04-2010, 07:22 AM
جميله ياحنين ماشاء الله عليكى بلاغه لغويه وأسلوب رائع فى السرد وهى والله أصبحت قصه فى كل بيوت الشباب المسلم لا يجد ما يكفيه وأهله وقد إستحوزت الزبانيه والطغاه على القوت وسدت الطرق فى وجه الشباب فتركوا ديارهم وأوطانهم مخلفين وراءهم أباء وأمهات كهولا يحتاجون إلي أبنائهم فى هذا السن أكثر مما مضى

جزاكى الله خيرا

أم عمار
29-04-2010, 08:02 AM
ما شاء الله رائعة أختي الحبيبة بارك الله فيك

وهذا هو واقعنا المر الذي نعيشه وتعيشه أمتنا

ولكن يبقى الأمل إن شاء الله والظلم لا يدوم

جزاكي الله الجنة

الحنين للذكريات الجميلة
30-06-2010, 06:21 AM
ما شاء الله

ينبغى على طلاب العلم أن يفقوا فى تواضع ٍ جم وادب غفير ٍ للثناء على هذا العمل الأدبى الرفيع


أخذتنى المشاعر وانا أقرأ لأستذكر ما مضى من عمرى الزهيد

وفى انتظار الأمل يبقى الأمل بإذن الله

مرة ً أخرى بارك الله فيكم اختنا الكريمة على هذا الموضوع


*******************
ومن باب ((الخوف من الرياء رياء)) :

فقط التركيز فى الكتابة لسلامة الحروف والكلمات ( والكمال لله وحده ، وإلا كيف سننقد الأديبة الفاضلة الأخت حنين للجنة )

الاسدالحزين
30-06-2010, 03:05 PM
جزاكم الله خيرا

حنين المغازي
07-11-2010, 01:31 PM
رائعه حبيبتي في الله أبكتني

اللهم حسن الأحوال

دائماً مبدعه غاليتي

جزيتِ الجنة

الأروع هو حضورك يا حبيبتى في الله
لا حرمني الله خيرك:154:

فوزية محمد
08-11-2010, 07:08 AM
ما هذا الجمال والتألق غاليتي حنين..

سلّم الله قلمك وبوحك الذي تحدث بلسان الحال..

دام إبداعك وتألقك..

وفي انتظار جديدك بكل شوق...

تقبلي مروري وتحياتي

ريهام محمود
04-02-2011, 09:23 AM
جزاك الله خيراياحبيبتي أنا قلبي
أنتي بكيتني لحدماأرتحت